مغروور قطر
19-11-2006, 01:41 PM
اتفقوا على الأثر واختلفوا على مداه:
مخاوف من انعكاس الأداء الضعيف لسوق الأسهم السعودي على اقتصاد المملكة
الأثر بين السطور
مركز راسخ
المحصلة صفر لا تعني صفرا
الرياض - نضال حمادية
منذ أن دخلت السوق السعودية مرحلة التراجع، والحيرة تكاد تسيطر على أذهان المستثمرين في محاولة لإيجاد تفسير للتناقض الواضح بين حالة السوق في تقهقرها، والأداء الاقتصادي العام للبلاد في نموه وارتفاع مؤشراته.
كيف ولماذا تفشل سوق في بلاد تتمتع بنهضة اقتصادية ملفتة.. سؤال يتردد في أغلب المجالس، تتبعه أسئلة كثيرة عن حقيقة ارتباط الاقتصاد بسوق المال، وهل يمكن أن يبقيا معزولين عن بعضهما.. وهل من الطبيعي أن لا تستجيب السوق لأرقام النمو في مختلف القطاعات؟.
الدكتور يوسف الزامل أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود قال إن سوق المال هو وجه من وجوه الاقتصاد، فلا يمكن لنا أن نتصور حدوث انهيار أو تقلبات قوية في سوق المال دون أن تؤثر على الاقتصاد، ومن هنا فإن وقف كل من هيئة السوق ومؤسسة النقد السعودي في موقف شبه حيادي مما يجري في السوق والابتعاد عن لعب دور مؤثر ومحوري فيها، هو أمر غير مجد حتى على المدى الطويل، وفق قول الزامل.
الأثر بين السطور
وحول السرعة التي يمكن لأوضاع السوق غير المستقرة أن تنعكس فيها على الاقتصاد، بين الزامل أن هذا يختلف باختلاف حجم الخلل الحاصل في السوق، لكن من المعروف أن انهيار فبراير/شباط الماضي على سبيل المثال لا زال له تداعيات وآثار امتدت لتطال سوق الاستهلاك والدخول وعلى مستوى الادخار والديون وغيرها من المظاهر والمكونات الاقتصادية، وبحسب الزامل فإن التأثير وصل إلى العمل الخيري، حيث كان لبعض الجمعيات الخيرية استثمارات في بعض المحافظ، خسرت جزءا صغيرا أو كبيرا منها.
وأضاف الزامل أن الانعكاسات السلبية لحالة سوق المال على الاقتصاد كبيرة ومتشعبة، ولا يمكن أن تقارن ببعض ما يذكرونه من إيجابيات مثل انصراف فئة من المستثمرين إلى نشاطات اقتصادية أخرى، وعودة آخرين إلى قطاعات عملهم السابقة التي كانوا ينتجون فيها ويحققون من خلالها الأرباح.
واعترض الزامل على من يقللون من تأثير السوق على الاقتصاد إجمالا، متعللين بضآلة حجم السوق إلى حجم الاقتصاد، قائلا إن حجم سوق المال يقدر بحوالي تريليون ريال وهو نفس حجم الناتج الإجمالي للمملكة تقريبا، مبينا أن سوق الأسهم تشكل نسبة جيدة من سوق المال، والسيولة التي تدار فيه هي عصب المبادلات القائمة على عمليات البيع والشراء.
وفسر الزامل قوة اقتصاد المملكة ونموه المتسارع على الرغم من تراجع السوق بأن هذا الاقتصاد يعتمد على عدة عوامل، منها سعر برميل النفط الذي ارتفع فرفع معه إيرادات الدولة، علاوة على استقرار معدل التضخم نسبيا، ولكن تأثير ضعف السوق على الاقتصاد يظل غير مرئي إلا بالنسبة لأهل الاختصاص، الذي يعرفون أن هذا التأثير يمكن أن يقلل من حجم نمو الاقتصاد فيجعله عند 5% مثلا بدل أن يكون 6 أو 7%، علما أن انخفاض النمو بمعدل 2 أو 3% يعد هائلا، إذا ما علمنا أن مقدار هذا الانخفاض يساوي معدل النمو لكثير من الدول المتقدمة منها والنامية، ومن هنا فإن الأخذ بظواهر الأمور هو الذي يبدي لنا وكأن الاقتصاد بعيد عما يحصل في السوق من نكسات.
ونبه الزامل على أن قوة الاقتصاد لا يجوز اختصارها في قوة المال، إلا أن استمرار التذبذبات القوية في سوق الأسهم قد يؤثر على تصنيف المملكة اقتصاديا، فالفوضوية والضبابية الموجودتان منذ فترة في السوق، هما عائقان أمام التقدم في حقل الفعالية الاقتصادية المبنية على أسس التنظيم والشفافية، علما -والحديث للزامل- أن مؤسسة النقد وصلت إلى السيطرة شبه التامة على وضع سوق النقود، بعد فترات من الهزات والاضطرابات، وذلك عبر التنظيم الدقيق والإجراءات الصارمة، بعكس سوق الأسهم الذي يبدو مطلق العنان، ومفتقدا لكثير من عوامل السيطرة والضبط التي تجعله يسير في خط مواز لمعظم القطاعات في بناء الاقتصاد الكلي للبلاد، كما هو المفترض والمأمول.
مركز راسخ
من جهته اعتبر مدير تحرير الشؤون الاقتصادية في جريدة المدينة "حسن الصبحي" أن هناك حيرة في أوساط الكثيرين من عدم انعكاس المؤشرات الاقتصادية الإيجابية للمملكة على سوق الأسهم فيها، فهناك استثمارات ومشاريع ضخمة ترى النور كل فترة، في حين تبدو سوق الأسهم معزولة عن هذه الأخبار وغير معنية بالتفاعل معها. ووصف الصبحي القطيعة الملموسة بين سوق المال على ضعفه الحالي، والاقتصاد على قوته بأنها حالة غريبة تكاد المملكة تتفرد بها.
واستبعد "الصبحي" من ناحية أخرى أن يبقى الاقتصاد معزولا عن التأثيرات السلبية لتدهور السوق، فالشركات المتداولة في سوق المال هي جزء فاعل ومؤثر في الاقتصاد، بل إن نتائج هذه الشركات تحمل في طياتها دلائل على متانة الاقتصاد أو ضعفه، وخلافا للدكتور الزامل رأى الصبحي أن مركز المملكة الاقتصادي إقليميا ودوليا راسخ ولا يمكن أن يهتز بفعل ما يحدث في السوق المالية من تقلبات.
المحصلة صفر لا تعني صفرا
وفي إطار ردود فعل المستثمرين على مقولة بأن السوق لا تعكس حال الاقتصاد، أبدى العديد منهم انزعاجهم حيالها، لأنها حسب تعبيرهم "الأسطوانة" ذاتها والتي لا تزال تردد على المسامع مع كل هبوط للسوق.
واستغرب المستثمر وليد السناني من التجاهل الخطير لتفسير هبوط السوق بشكل منطقي، والاكتفاء باللجوء إلى عبارات عامة حفظها الجميع عن ظهر قلب، ولا تقدم جوابا للسؤال بقدر ما هي التفاف عليه، وتابع السناني قائلا إن من يتابع أخبار العالقين في سوق الأسهم وحجم خسائرهم المادية والمعنوية، وتأثير ذلك على مسار أعمالهم وحياتهم الخاصة والعامة، يعلم يقيناً أن اقتصاد هؤلاء على الأقل أصبح في مرحلة حرجة، ويمكن أن يزداد حرجا إذا ما استمرت عجلة السوق في التباطؤ.
في حين أشار المستثمر عبدالرحمن الغفيلي إلى إعادة توزيع لأموال تم سحبها من جيوب عشرات وربما مئات الآلاف لتصب في رصيد عشرات الأشخاص، وهذا التوزيع الجديد فيه مخاطر كبيرة لأنه حول بعض محدودي الدخل والثروة إلى مفلسين، وعطل قدرتهم على الإنتاج والمشاركة في الاقتصاد، لا بل إنه صاروا عبئا على التنمية بعد أن كانوا من أدواتها، مذكرا بأن التداول في سوق الأسهم محصلته صفر، حيث يربح الرابحون أموال الخاسرين، ولكن هذا لا يعني أن اقتصادنا لم يخسر شيئا، حيث يكفي التفكير بمسألة إعادة توزيع المال لندرك أننا أمام مشاكل متعددة الوجوه.
مخاوف من انعكاس الأداء الضعيف لسوق الأسهم السعودي على اقتصاد المملكة
الأثر بين السطور
مركز راسخ
المحصلة صفر لا تعني صفرا
الرياض - نضال حمادية
منذ أن دخلت السوق السعودية مرحلة التراجع، والحيرة تكاد تسيطر على أذهان المستثمرين في محاولة لإيجاد تفسير للتناقض الواضح بين حالة السوق في تقهقرها، والأداء الاقتصادي العام للبلاد في نموه وارتفاع مؤشراته.
كيف ولماذا تفشل سوق في بلاد تتمتع بنهضة اقتصادية ملفتة.. سؤال يتردد في أغلب المجالس، تتبعه أسئلة كثيرة عن حقيقة ارتباط الاقتصاد بسوق المال، وهل يمكن أن يبقيا معزولين عن بعضهما.. وهل من الطبيعي أن لا تستجيب السوق لأرقام النمو في مختلف القطاعات؟.
الدكتور يوسف الزامل أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود قال إن سوق المال هو وجه من وجوه الاقتصاد، فلا يمكن لنا أن نتصور حدوث انهيار أو تقلبات قوية في سوق المال دون أن تؤثر على الاقتصاد، ومن هنا فإن وقف كل من هيئة السوق ومؤسسة النقد السعودي في موقف شبه حيادي مما يجري في السوق والابتعاد عن لعب دور مؤثر ومحوري فيها، هو أمر غير مجد حتى على المدى الطويل، وفق قول الزامل.
الأثر بين السطور
وحول السرعة التي يمكن لأوضاع السوق غير المستقرة أن تنعكس فيها على الاقتصاد، بين الزامل أن هذا يختلف باختلاف حجم الخلل الحاصل في السوق، لكن من المعروف أن انهيار فبراير/شباط الماضي على سبيل المثال لا زال له تداعيات وآثار امتدت لتطال سوق الاستهلاك والدخول وعلى مستوى الادخار والديون وغيرها من المظاهر والمكونات الاقتصادية، وبحسب الزامل فإن التأثير وصل إلى العمل الخيري، حيث كان لبعض الجمعيات الخيرية استثمارات في بعض المحافظ، خسرت جزءا صغيرا أو كبيرا منها.
وأضاف الزامل أن الانعكاسات السلبية لحالة سوق المال على الاقتصاد كبيرة ومتشعبة، ولا يمكن أن تقارن ببعض ما يذكرونه من إيجابيات مثل انصراف فئة من المستثمرين إلى نشاطات اقتصادية أخرى، وعودة آخرين إلى قطاعات عملهم السابقة التي كانوا ينتجون فيها ويحققون من خلالها الأرباح.
واعترض الزامل على من يقللون من تأثير السوق على الاقتصاد إجمالا، متعللين بضآلة حجم السوق إلى حجم الاقتصاد، قائلا إن حجم سوق المال يقدر بحوالي تريليون ريال وهو نفس حجم الناتج الإجمالي للمملكة تقريبا، مبينا أن سوق الأسهم تشكل نسبة جيدة من سوق المال، والسيولة التي تدار فيه هي عصب المبادلات القائمة على عمليات البيع والشراء.
وفسر الزامل قوة اقتصاد المملكة ونموه المتسارع على الرغم من تراجع السوق بأن هذا الاقتصاد يعتمد على عدة عوامل، منها سعر برميل النفط الذي ارتفع فرفع معه إيرادات الدولة، علاوة على استقرار معدل التضخم نسبيا، ولكن تأثير ضعف السوق على الاقتصاد يظل غير مرئي إلا بالنسبة لأهل الاختصاص، الذي يعرفون أن هذا التأثير يمكن أن يقلل من حجم نمو الاقتصاد فيجعله عند 5% مثلا بدل أن يكون 6 أو 7%، علما أن انخفاض النمو بمعدل 2 أو 3% يعد هائلا، إذا ما علمنا أن مقدار هذا الانخفاض يساوي معدل النمو لكثير من الدول المتقدمة منها والنامية، ومن هنا فإن الأخذ بظواهر الأمور هو الذي يبدي لنا وكأن الاقتصاد بعيد عما يحصل في السوق من نكسات.
ونبه الزامل على أن قوة الاقتصاد لا يجوز اختصارها في قوة المال، إلا أن استمرار التذبذبات القوية في سوق الأسهم قد يؤثر على تصنيف المملكة اقتصاديا، فالفوضوية والضبابية الموجودتان منذ فترة في السوق، هما عائقان أمام التقدم في حقل الفعالية الاقتصادية المبنية على أسس التنظيم والشفافية، علما -والحديث للزامل- أن مؤسسة النقد وصلت إلى السيطرة شبه التامة على وضع سوق النقود، بعد فترات من الهزات والاضطرابات، وذلك عبر التنظيم الدقيق والإجراءات الصارمة، بعكس سوق الأسهم الذي يبدو مطلق العنان، ومفتقدا لكثير من عوامل السيطرة والضبط التي تجعله يسير في خط مواز لمعظم القطاعات في بناء الاقتصاد الكلي للبلاد، كما هو المفترض والمأمول.
مركز راسخ
من جهته اعتبر مدير تحرير الشؤون الاقتصادية في جريدة المدينة "حسن الصبحي" أن هناك حيرة في أوساط الكثيرين من عدم انعكاس المؤشرات الاقتصادية الإيجابية للمملكة على سوق الأسهم فيها، فهناك استثمارات ومشاريع ضخمة ترى النور كل فترة، في حين تبدو سوق الأسهم معزولة عن هذه الأخبار وغير معنية بالتفاعل معها. ووصف الصبحي القطيعة الملموسة بين سوق المال على ضعفه الحالي، والاقتصاد على قوته بأنها حالة غريبة تكاد المملكة تتفرد بها.
واستبعد "الصبحي" من ناحية أخرى أن يبقى الاقتصاد معزولا عن التأثيرات السلبية لتدهور السوق، فالشركات المتداولة في سوق المال هي جزء فاعل ومؤثر في الاقتصاد، بل إن نتائج هذه الشركات تحمل في طياتها دلائل على متانة الاقتصاد أو ضعفه، وخلافا للدكتور الزامل رأى الصبحي أن مركز المملكة الاقتصادي إقليميا ودوليا راسخ ولا يمكن أن يهتز بفعل ما يحدث في السوق المالية من تقلبات.
المحصلة صفر لا تعني صفرا
وفي إطار ردود فعل المستثمرين على مقولة بأن السوق لا تعكس حال الاقتصاد، أبدى العديد منهم انزعاجهم حيالها، لأنها حسب تعبيرهم "الأسطوانة" ذاتها والتي لا تزال تردد على المسامع مع كل هبوط للسوق.
واستغرب المستثمر وليد السناني من التجاهل الخطير لتفسير هبوط السوق بشكل منطقي، والاكتفاء باللجوء إلى عبارات عامة حفظها الجميع عن ظهر قلب، ولا تقدم جوابا للسؤال بقدر ما هي التفاف عليه، وتابع السناني قائلا إن من يتابع أخبار العالقين في سوق الأسهم وحجم خسائرهم المادية والمعنوية، وتأثير ذلك على مسار أعمالهم وحياتهم الخاصة والعامة، يعلم يقيناً أن اقتصاد هؤلاء على الأقل أصبح في مرحلة حرجة، ويمكن أن يزداد حرجا إذا ما استمرت عجلة السوق في التباطؤ.
في حين أشار المستثمر عبدالرحمن الغفيلي إلى إعادة توزيع لأموال تم سحبها من جيوب عشرات وربما مئات الآلاف لتصب في رصيد عشرات الأشخاص، وهذا التوزيع الجديد فيه مخاطر كبيرة لأنه حول بعض محدودي الدخل والثروة إلى مفلسين، وعطل قدرتهم على الإنتاج والمشاركة في الاقتصاد، لا بل إنه صاروا عبئا على التنمية بعد أن كانوا من أدواتها، مذكرا بأن التداول في سوق الأسهم محصلته صفر، حيث يربح الرابحون أموال الخاسرين، ولكن هذا لا يعني أن اقتصادنا لم يخسر شيئا، حيث يكفي التفكير بمسألة إعادة توزيع المال لندرك أننا أمام مشاكل متعددة الوجوه.