المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «الشفافية»... عنوان المصائب



مغروور قطر
04-12-2006, 05:27 AM
«الشفافية»... عنوان المصائب
كتب المحرر الاقتصادي: الساعة الثامنة صباحاً...
كان المتداولون لا يزالون يجسون نبض السوق، في جو من القلق. يرن فاكس إدارة سوق الكويت للأوراق المالية، إنه فاكس من شركة المخازن العمومية (أجيلتي).
الموضوع: التوضيح بشأن قرارات فسخ العقود، الذي لم تطلبه إدارة السوق يوم كان من واجبها أن تفعل ذلك، حين تسرب خبر الفسخ إلى الصحافة، منها إلى قاعة المتداولين.
البورصة لم تفعل إلا أمس، لكن رد الشركة كان جاهزاً. مع ذلك لم تنشر البورصة الرد على شاشة التداولات ولا على موقعها على الانترنت إلا في الساعة الثانية إلا ربعاً، أي بعد نحو خمس ساعات و45 دقيقة.

من يدري لماذا حصل هذا التأخير؟
قلة يدرون، لكن كثيرين من المراقبين باتوا يشيرون إلى حجم المشكلة وموضعها. فيوماً بعد يوماً، يتضح حجم المأزق الذي دخله السوق من جراء القرارت المرتجلة من لجنة السوق ورئيسها وزير التجارة والصناعة فلاح الهاجري، وكأن المتداولين في بورصة الكويت، صغاراً وكباراً، تركوا لقدرهم، ولم يؤخذوا في اعتبار المؤتمنين على سوقهم.
انهار السوق أمس، من دون أدنى مبرر، سوى تلك القرارات التي تهبط فجأة، من دون إنذار أو تمهيد أو شرح للمبررات، والأخطر من ذلك غياب الشفافية. ويكفي ما حصل أمس دليلاً.
صدر قرار مجلس الوزراء بفسخ عقود «أجيلتي» و«الوطنية العقارية» الأحد الماضي. مر الأحد وبعده الاثنين؛ انتشر الخبر؛ مر الثلاثاء، وبعده الأربعاء، جاءت عطلة نهاية الأسبوع؛ الخميس ثم الجمعة، وجاء السبت بتراجع فاق المئتي نقطة. كل هذا ولم يشعر رئيس لجنة السوق الذي وقع قرار فسخ العقود أن من حق عشرات آلاف المتداولين عليه أن يخبرهم ماذا يجري، لا أن يعدهم أن «السوق طالع»!
تحت شعار الشفافية والالتزام بقواعد الإفصاح، وقعت مجزرة بحق حصص بمليارات الدولارات في 10 شركات مدرجة، وكانت لجنة السوق فيها الخصم والحكم. فماذا يسمى هذا الضباب الكثيف المحيط بالقرارات؟ ولماذا تركت البورصة نهباً للشائعات طيلة الأيام الماضية؟
وتتوقف مصادر مراقبة عند مفارقة غريبة. ففي حين أن معظم ملاحظات ديوان المحاسبة التي بني عليها قرار الفسخ موجه إلى الجهة الحكومية المتعاقدة (الهيئة العامة للصناعة أو وزارة التجارة) فإن من يدفع الثمن هي الشركات. وحتى الآن لم يصدر أي توضيح عن الوزير أو سواه، لناحية من يتحمل الضرر، وهل من تعويض للعشرين ألف مساهم في «أجيلتي»، ولـ14 ألف مساهم في «الوطنية العقارية».

توضيح «أجيلتي»
مساهمو «أجيلتي» كانوا في انتظار «توضيح» الشركة الذي أعلنت فيه أنها «ستطالب بالإضرار التي لحقت بالسادة المساهمين أخيراً وبأثر رجعي»، مشيرة إلى أن «المواقع التي صدر قرار بفسخها (تتسبب) بأضرار جسيمة مباشرة وضياع ‏المردود المالي عن باقي مدة العقود بالإضافة إلى اضرار تتمثل في ضياع الفرص ‏الاستثمارية التي لحقت بالسادة المساهمين». وأضافت: «لا يمكن تقدير الأضرار المترتبة على القرار في الوقت الحالي إلا بعد تسلم نسخة رسمية من القرار ودراسة جميع جوانبه بالتفصيل».
وجاء في كتاب الشركة إلى إدارة البورصة ما يلي :‏
«تفيد الشركة بأنه قد نما إلى علمها صدور قرار من السيد وزير التجارة والصناعة بفسخ العقود الخاصة بالقسائم أرقام (1،2،18) في منطقة ميناء عبدالله.
وتفيد الشركة بأنه لا يمكن تقدير الأضرار المترتبة على القرار في الوقت الحالي إلا بعد تسلم نسخة رسمية من القرار ودراسة جميع جوانبه بالتفصيل وعند ‏الانتهاء من دراسة مطالباتنا سنوافي إدارة السوق بنسخة منها وذلك للإفصاح.
ونظرا إلى تعقيد عملية احتساب تلك الخسائر والتعويضات لإرتباطها بأنشطة ذاتية وغير ذاتية بأطراف اخرى والتزمات ناتجة عن عقود أخرى فسوف تقوم إدارة الشركة ‏بموافاة السوق بتلك النتائج فور انتهاء الإدارتين المالية والقانونية منها، وبذلك تؤكد الشركة عدم تمكنها من احتساب هذه الاضرار او التوقع بتأثيرها على ‏المركز المالي الحالي أو المستقبلي للشركة.
وتؤكد الشركة بأن عملياتها الخاصة بتنفيذ عقودها لن تتأثر بهذا القرار ولكن ‏بالنسبة للمواقع التي صدر قرار بفسخها يوجد بها اضرار جسيمة مباشرة وضياع ‏المردود المالي عن باقي مدة العقود بالإضافة إلى اضرار تتمثل في ضياع الفرص ‏الاستثمارية التي لحقت بالسادة المساهمين وذلك عند الانتهاء من حساب إجمالي الاضرار سواء مباشرة او غير مباشرة والتي تقدر بمبالغ مالية ضخمة بالإضافة ‏إلى ذلك فان الشركة ستطالب بالأضرار التي لحقت بالسادة المساهمين أخيراً وبأثر رجعي علما بأن هذه العقود كانت من ضمن أصول الشركة قبل خصخصتها».

إلى أين من هنا؟
وسط هذا الضباب، لا تبدو الصورة واضحة لما ستكون عليه الأمور، لكن الأكيد أن الشركتين المعنيتين، «أجيلتي» و«الوطنية العقارية» تدرس خياراتها، ولا تفصح عن أي اتجاهات محددة. لكن القلق الواضح يبقى من أسلوب التعاطي من الجهات الحكومية، والذي بات يبدد الإيجابية التي استقبل بها سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد شكوى الشركتين، وتظلمهما من «التعسف» الذي طالهما من لجنة غير قضائية.
ومن الواضح أن الشركتين تعملان على توضيح موقفهما في الإعلام والاعلان، ليكون الجميع أمام مسؤولياتهم، إزاء كل التداعيات السلبية الناجمة عن القرارات، تجاه السوق وتجاه الاقتصاد الوطني بشكل عام.
ولعل ما يدفع بهذا الاتجاه أن الأيام القليلة الماضية لم تتمخض عن تغير في تعاطي اللجنة الوزارية التي بني على تقريرها قرار الفسخ، ولا في تعاطي ديوان المحاسبة. والغريب أن كل ما تطلبه «أجيليتي» مثلاً، ليس إعطاءها فرصة لتصحيح أوضاعها، بل فرصة لتقديم المستندات التي لم يطلبها أحد منها، والتي تثبت عدم صحة ملاحظات ديوان المحاسبة، كما لو أن القرار الحكومي مبرم وغير قابل للنقض أو الاستئناف، وممنوع فيه تقديم المرافعات أو دفع التهم، على الرغم من كون الكثير منها موجه إلى الجهة الحكومية المتعاقدة وليس إلى الشركة.