العبيـدلي
05-12-2006, 08:27 AM
أيها المستثمرون "الصغار" اتحدّوا في وجه العاصفة!!
تحطّم تحت أقدام عاصفة سوق الأسهم الراهنة أكثر من 1.8 تريليون ريال، وتحطّمت مع عنفها أحلام ملايين المستثمرين في السوق ومدخراتهم. أصبحنا لا نرى سوى بقايا أشلاء سوقٍ تعملق في أقل من ثلاث سنوات، ليهوي صريعاً في غرفة الإنعاش بأكثر من 61 في المائة من الخسائر.
قاد كثير من العوامل والأسباب إلى حلول أكبر كارثةٍ مالية تاريخية على مرابع أحد أكبر الأسواق الناشئة في العالم، وقد تطرقتُ في مقالات أخرى إلى بعض تلك الأسباب بهدف تشخيص الوضع الراهن، والخروج بما يمكن من الحلول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل تحول ساحة السوق إلى قاعٍ صفصف.
ودون الخوض في تفاصيل تلك القضية التي بدأتُ منذ السبت الماضي في تناولها ورقة ورقة، ورقماً رقماً، فإنني أوجّه الحديث هنا إلى عموم المستثمرين في السوق المالية وتحديداً إلى أصحاب المحافظ الصغرى، تلك الفئة الأكثر فداحةً على مستوى الخسائر التي فاقت أكثر من 90%، من مدخراتها المحدودة مصدراً وحجماً، بهدف الخروج سريعاً من ربْق تلك الخسائر المريرة، وحماية أموالهم ومدخرات أسرهم ومن يعولونهم.
إنني أدعو تلك الشريحة المتناثرة إلى الاتحاد القائم على أسس من الوعي والمنهجية المثلى، لتكتسب قوة التأثير في السوق بما يحافظ على مصالحها بالدرجة الأولى، والسوق المالية بالدرجة الثانية. كما أن اتحادّها وفق منظومة استثمارية وعقلانية؛ كفيلٌ بقطع دابر كل من تسوّل له نفسه بتحويل صغار المستثمرين إلى "قطيع" تؤكل وتسرق حقوقه في وضح النهار.
وعليه، هناك حقائق مغيبة تماماً يجب أن تتوضح لتلك الشريحة المتناثر أفرادها في السوق من صغار المستثمرين، تلك الحقائق التي متى ما ترسخت في الأذهان تماماً فإن عودة السوق إلى الاستقرار والنمو المعقول، وعودة ما خسره الجميع لا تتعدّى كونها مسألة وقت لا أقل ولا أكثر.
الحقيقة الأولى: إن عدد صغار المستثمرين في السوق يشكّل الأغلبية التامّة، ولك أن تتخيل حجم القوة التي ستتشكل في السوق المالية إذا علمت أن نسبة هذه الشريحة تصل إلى 96.7%، من إجمالي مستثمري السوق! وللعلم فأنا أتحدّث عن شريحة لا يتجاوز عدد أسهمها المملوكة في أي شركة مساهمة أكثر من 500 سهم.
الحقيقة الثانية: إن اجتماع أو اتحاد تلك الشريحة سيحولها إلى القوة الأكبر مما عداها في السوق، فلن يقف في وجهها "حيتان" أو "هوامير" أو "قروبات" أو أي قوةٍ أخرى سوى سلطة النظام، والذي سيتضح فيما يأتي من المقال أن الأرضية التي يقف عليها "اتحاد صغار المستثمرين" تتكون من مفردات لا تتعارض أصلاً مع مواده ولوائحه التنفيذية!
الحقيقة الثالثة: إن الأسس الجامعة لهذا الاتحاد تقوم تحديداً على مبادئ الاستثمار الصحيحة والسليمة، تلك الأسس التي تنظر بعين الاعتبار إلى متانة وملاءة الشركة المالية، وإلى قوة المؤشرات الأساسية لأي شركة على سبيل المثال مضاعف السعر السوقي للعائد، ومضاعف السعر السوقي للقيمة الدفترية، والعائد على السهم، والربح الموزع لكل سهم، ونمو صافي دخل الشركة، والعائد على كل من حقوق المساهمين وموجودات الشركة، إلى آخر المؤشرات الأساسية اللازم أخذها بعين الاعتبار قبل اتخاذ أي قرار بالشراء أو البيع.
الحقيقة الرابعة: أن غياب "الرشد الاستثماري" ومن بعض معالمه ما تقدّم ذكره أعلاه؛ قد لعب دوراً كبيراً في الإطاحة بمقدرات السوق المالية، وبالتالي تكبيد ملايين المستثمرين آلاف المليارات من الخسائر المريرة. وأيضا جعل تلك الشريحة من صغار المستثمرين "لقمةً سائغة" للحيتان والهوامير في السوق، يصدّرون فيها ويوردون دون أدنى مقاومة تذكر، ومن عجبٍ ما رأيته فيما مضى من عمر السوق المحلية قبل وبعد الانهيار, أن الأغلبية أقبلت بكل مقدراتها المالية وقوت أسرها على أسهم لا تغني ولا تسمن من جوع، فيما أعرضت عن أسهمٍ أخرى تملؤها القوة والأرباح! وماذا كانت النتيجة؟ سوى خسائر مريرة ودمار شامل للأخضر واليابس.
الحقيقة الخامسة: إن هذا "الاتحاد" سيخلق قوة عملاقة في السوق، تعيد العدالة والمكاسب المفقودة إلى السوق، وتطرد "اللعب والنصب والاحتيال" منه، كيف سيتم ذلك؟ سيحول اجتماع المدخرات الصغيرة إلى ما يشبه المحفظة الاستثمارية الكبرى في السوق، ووفقاً لما ذكرت في الحقيقة الثالثة أعلاه؛ ستتجه سيولة تلك المحفظة العملاقة إلى أسهم الشركات ذات العوائد والمتانة المالية، التي تشكل الوزن الأكبر في السوق بما يفوق الـ 96% من القيمة السوقية.
وسيؤدي ذلك إلى عودة الاستقرار إلى السوق، ومن ثم سيتخذ منحى صاعداً بطريقةٍ هادئة ومتئدة تعكس الأداء المالي لتلك الشركات القوية، يحفظ معه مكاسب السوق ومصالح المستثمرين، ويوفر لها مجتمعة أسباب النمو الحقيقي غير المفتعل أو المتضخم. كما أنه سيعزل "الحيتان" و"الهوامير" في زوايا ضيقة من السوق تحد من خطرهم الداهم وتعزلهم تماماً.
الحقيقة السادسة: إن الازدهار الاقتصادي الراهن والمتوقع استمراره لفترة طويلة مستقبلاً, بإذن الله، كفيلٌ بدعم انتعاش ونماء السوق المالية إذا سارت وفق العقلانية الاستثمارية الرشيدة أعلاه، وهذا أمرٌ جوهري لا يمكن تجاهله على الإطلاق، بما يقتضي ضرورة استفادة "اتحاد صغار المستثمرين" منه فيما يخدم أهدافهم ومصالحهم هنا، التي تلتقي مع المصالح العامّة للوطن والاقتصاد الكلي، وسوى ذلك فلا يعدو كونه عرقلةً "جاهلة" لمسيرة نمو الاقتصاد الوطني والسوق المالية.
في الختام أؤكد أن "الحل السحري" لإنقاذ السوق المالية ليس بيد جهةٍ واحدة! سواء هيئة السوق المالية أو مؤسسة النقد أو كليهما. الحل الشامل لنكبة السوق تتوزّع مهامه على جميع أطراف السوق المالية من جهاتٍ رسمية وشركات مساهمة وعموم المستثمرين صغارهم وكبارهم، وأنا هنا أركّز على دور صغار المستثمرين بأخذ زمام المبادرة لإنقاذ أموالهم قبل حصادها المؤلم تماماً، خاصّة أن اتحادهم في ضوء ما سبق سيجعل منهم القوة الأكبر تأثيراً في السوق. فهل بعد اكتشاف تلك القوة الضاربة لصغار المستثمرين مجالٌ للتأخير؟
* نقلاً عن صحيفة الاقتصادية السعودية.
تحطّم تحت أقدام عاصفة سوق الأسهم الراهنة أكثر من 1.8 تريليون ريال، وتحطّمت مع عنفها أحلام ملايين المستثمرين في السوق ومدخراتهم. أصبحنا لا نرى سوى بقايا أشلاء سوقٍ تعملق في أقل من ثلاث سنوات، ليهوي صريعاً في غرفة الإنعاش بأكثر من 61 في المائة من الخسائر.
قاد كثير من العوامل والأسباب إلى حلول أكبر كارثةٍ مالية تاريخية على مرابع أحد أكبر الأسواق الناشئة في العالم، وقد تطرقتُ في مقالات أخرى إلى بعض تلك الأسباب بهدف تشخيص الوضع الراهن، والخروج بما يمكن من الحلول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل تحول ساحة السوق إلى قاعٍ صفصف.
ودون الخوض في تفاصيل تلك القضية التي بدأتُ منذ السبت الماضي في تناولها ورقة ورقة، ورقماً رقماً، فإنني أوجّه الحديث هنا إلى عموم المستثمرين في السوق المالية وتحديداً إلى أصحاب المحافظ الصغرى، تلك الفئة الأكثر فداحةً على مستوى الخسائر التي فاقت أكثر من 90%، من مدخراتها المحدودة مصدراً وحجماً، بهدف الخروج سريعاً من ربْق تلك الخسائر المريرة، وحماية أموالهم ومدخرات أسرهم ومن يعولونهم.
إنني أدعو تلك الشريحة المتناثرة إلى الاتحاد القائم على أسس من الوعي والمنهجية المثلى، لتكتسب قوة التأثير في السوق بما يحافظ على مصالحها بالدرجة الأولى، والسوق المالية بالدرجة الثانية. كما أن اتحادّها وفق منظومة استثمارية وعقلانية؛ كفيلٌ بقطع دابر كل من تسوّل له نفسه بتحويل صغار المستثمرين إلى "قطيع" تؤكل وتسرق حقوقه في وضح النهار.
وعليه، هناك حقائق مغيبة تماماً يجب أن تتوضح لتلك الشريحة المتناثر أفرادها في السوق من صغار المستثمرين، تلك الحقائق التي متى ما ترسخت في الأذهان تماماً فإن عودة السوق إلى الاستقرار والنمو المعقول، وعودة ما خسره الجميع لا تتعدّى كونها مسألة وقت لا أقل ولا أكثر.
الحقيقة الأولى: إن عدد صغار المستثمرين في السوق يشكّل الأغلبية التامّة، ولك أن تتخيل حجم القوة التي ستتشكل في السوق المالية إذا علمت أن نسبة هذه الشريحة تصل إلى 96.7%، من إجمالي مستثمري السوق! وللعلم فأنا أتحدّث عن شريحة لا يتجاوز عدد أسهمها المملوكة في أي شركة مساهمة أكثر من 500 سهم.
الحقيقة الثانية: إن اجتماع أو اتحاد تلك الشريحة سيحولها إلى القوة الأكبر مما عداها في السوق، فلن يقف في وجهها "حيتان" أو "هوامير" أو "قروبات" أو أي قوةٍ أخرى سوى سلطة النظام، والذي سيتضح فيما يأتي من المقال أن الأرضية التي يقف عليها "اتحاد صغار المستثمرين" تتكون من مفردات لا تتعارض أصلاً مع مواده ولوائحه التنفيذية!
الحقيقة الثالثة: إن الأسس الجامعة لهذا الاتحاد تقوم تحديداً على مبادئ الاستثمار الصحيحة والسليمة، تلك الأسس التي تنظر بعين الاعتبار إلى متانة وملاءة الشركة المالية، وإلى قوة المؤشرات الأساسية لأي شركة على سبيل المثال مضاعف السعر السوقي للعائد، ومضاعف السعر السوقي للقيمة الدفترية، والعائد على السهم، والربح الموزع لكل سهم، ونمو صافي دخل الشركة، والعائد على كل من حقوق المساهمين وموجودات الشركة، إلى آخر المؤشرات الأساسية اللازم أخذها بعين الاعتبار قبل اتخاذ أي قرار بالشراء أو البيع.
الحقيقة الرابعة: أن غياب "الرشد الاستثماري" ومن بعض معالمه ما تقدّم ذكره أعلاه؛ قد لعب دوراً كبيراً في الإطاحة بمقدرات السوق المالية، وبالتالي تكبيد ملايين المستثمرين آلاف المليارات من الخسائر المريرة. وأيضا جعل تلك الشريحة من صغار المستثمرين "لقمةً سائغة" للحيتان والهوامير في السوق، يصدّرون فيها ويوردون دون أدنى مقاومة تذكر، ومن عجبٍ ما رأيته فيما مضى من عمر السوق المحلية قبل وبعد الانهيار, أن الأغلبية أقبلت بكل مقدراتها المالية وقوت أسرها على أسهم لا تغني ولا تسمن من جوع، فيما أعرضت عن أسهمٍ أخرى تملؤها القوة والأرباح! وماذا كانت النتيجة؟ سوى خسائر مريرة ودمار شامل للأخضر واليابس.
الحقيقة الخامسة: إن هذا "الاتحاد" سيخلق قوة عملاقة في السوق، تعيد العدالة والمكاسب المفقودة إلى السوق، وتطرد "اللعب والنصب والاحتيال" منه، كيف سيتم ذلك؟ سيحول اجتماع المدخرات الصغيرة إلى ما يشبه المحفظة الاستثمارية الكبرى في السوق، ووفقاً لما ذكرت في الحقيقة الثالثة أعلاه؛ ستتجه سيولة تلك المحفظة العملاقة إلى أسهم الشركات ذات العوائد والمتانة المالية، التي تشكل الوزن الأكبر في السوق بما يفوق الـ 96% من القيمة السوقية.
وسيؤدي ذلك إلى عودة الاستقرار إلى السوق، ومن ثم سيتخذ منحى صاعداً بطريقةٍ هادئة ومتئدة تعكس الأداء المالي لتلك الشركات القوية، يحفظ معه مكاسب السوق ومصالح المستثمرين، ويوفر لها مجتمعة أسباب النمو الحقيقي غير المفتعل أو المتضخم. كما أنه سيعزل "الحيتان" و"الهوامير" في زوايا ضيقة من السوق تحد من خطرهم الداهم وتعزلهم تماماً.
الحقيقة السادسة: إن الازدهار الاقتصادي الراهن والمتوقع استمراره لفترة طويلة مستقبلاً, بإذن الله، كفيلٌ بدعم انتعاش ونماء السوق المالية إذا سارت وفق العقلانية الاستثمارية الرشيدة أعلاه، وهذا أمرٌ جوهري لا يمكن تجاهله على الإطلاق، بما يقتضي ضرورة استفادة "اتحاد صغار المستثمرين" منه فيما يخدم أهدافهم ومصالحهم هنا، التي تلتقي مع المصالح العامّة للوطن والاقتصاد الكلي، وسوى ذلك فلا يعدو كونه عرقلةً "جاهلة" لمسيرة نمو الاقتصاد الوطني والسوق المالية.
في الختام أؤكد أن "الحل السحري" لإنقاذ السوق المالية ليس بيد جهةٍ واحدة! سواء هيئة السوق المالية أو مؤسسة النقد أو كليهما. الحل الشامل لنكبة السوق تتوزّع مهامه على جميع أطراف السوق المالية من جهاتٍ رسمية وشركات مساهمة وعموم المستثمرين صغارهم وكبارهم، وأنا هنا أركّز على دور صغار المستثمرين بأخذ زمام المبادرة لإنقاذ أموالهم قبل حصادها المؤلم تماماً، خاصّة أن اتحادهم في ضوء ما سبق سيجعل منهم القوة الأكبر تأثيراً في السوق. فهل بعد اكتشاف تلك القوة الضاربة لصغار المستثمرين مجالٌ للتأخير؟
* نقلاً عن صحيفة الاقتصادية السعودية.