المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خذها ولا تخف يا سيدي



Abdulla Ahmed
14-12-2006, 06:20 AM
(( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ))

بســـم الله الرحـــمن الرحيــــــــم
من الفقير إلى رحمة ربه إلى كل أمير صغيراً كان أو كبيراً على رهط من الناس أو كثير من المسلمين إن الحمد لله وحده خالق السموات والأرضين ورب الخلق أجمعين ، مالك يوم الدين الذي نعبد ونستعين ، والذي أرسل النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقرآن الكريم وبالسنة التي نحن بها مقرون ولها متبعون اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن قومه ورسولاً عن العالمين.
أما بعد :
فهذه نصيحة من الفقير إلى رحمة ربه إلى كل أمير صغيراً كان أو كبيراً وليّ على رهط من الناس أو كثير من المسلمين ، فأبدأ بما قاله سيد المرسلين ، عن أبي عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفّر عن يمينك )) متفق عليه .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم " رواه مسلم .
وعنه قال : قلت : يا رسول الله ألا تستعملني ؟ فضرب بيده على منكبي ثم قال : " يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها " رواه مسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة " رواه البخاري .
أرجو من الله رب العالمين أن تعيد قراءة مقالة " سيد المرسلين " صلى الله عليه وسلم حتى تستوعبها استيعاب الرزين فتدخل في التفاصيل وأنت من الواعين .
أول ما أذكر به أن العلماء أجمعين وأخص منهم الإمام العظيم ابن تيمية رضي الله عنهم أجمعين قد قال : " والواجب شرعاً اتخاذ الإمارة ديناً وقربة إلى الله تعالى " أي أن الأمر لا يستقيم إلا بإمارة الدنيا والدين مجتمعين ، ولا يصلح حال الرعية قلوّا أو كانوا أكثرية إلا أن يكون لهم أمير أجمعين ، يكون أغلبهم عنه راضين ولرأيه مطيعين ، على أن يشترط فيه العلم بالدنيا والدين بالمستوى الذي يليق بإمارة الرعية وإدارة شئونهم بما يعود عليهم بالخير ويحفظ لهم الدنيا والدين … فهل أنت لهذه الصفات من المتحلين ؟ أم أنك ضعيف من الذين هم للإمارة سائلون ؟ وعليها من الحريصين ؟ وفي الآ خرة( نسأل الله العافية لنا ولك ) من النادمين ؟ .
فإن كنت ممن تولاها عن جدارة فنعم الإمارة وإن شاء الله الكل لك فيها بالإعانة .
فلنبدأ النصيحة :
اعلم أن لله سنناً دوارة فادرسها بأناة وجدارة ، ولا تحد عنها فإنك تصادم الجبل وتأكل الهواء وتظن أنها مهارة ، وأول ما يهمك في الإمارة . . البطانة والشورى والوزارة .
فأما عن البطانة فاسمع قول الحبيب صلى الله عليه وسلم :
عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما بعث الله نبياً ولا استخلف خليفة إلا كانت له بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصمه الله "
فاعلم أن البطانة هي الخاصة التي تحيط بك باستمرار وتراك في كل حال ، فاتق شر من أحسنت إليه بألا تجعل أمورك كلها بين أيديهم ، ولكن اجعل لكل منهم عملاً محدداً لا يتعداه إلى غيره من الأعمال ، فإن غفل وظن أنه لخطورة عمله يكون من المغفور لهم مهما صنعوا فأقصه قليلاً لعله يكون من العاقلين ، فإن أرجعته وعاد إلى ما كان عليه من تعدي عمله إلى أعمال الآخرين فابتره فإنه ليس من الصالحين واعلم أن من نقل إليك أخبار الآخرين بدون أن يكون عيناً من العيون المكلفين ، فاعلم أنه من المتملقين ويريد القرب منك وأنه من شر الخلق أجمعين لأنه من الواشين النمامين وإن أظهر أنه من الناصحين ، وعليك أن تجعللطانتك على ثلاث أقسام : -
القسم الأول : هم المعاونون ( من الكتبة والسعاة والحراس والخادمين ) فاحذرهم أجمعين وإن تلطفت لهم باللين .
القسم الثاني : وهم الوزراء المنفذون فهؤلاء يختارون من الأكفاء الأقوياء الصالحين واضرب عليهم ثلاث ثلاث اختبارات ، فاختبار الكفاءة حتى تعرف قر كفاءتهم ، واختبار الثقة فلا يفشي لك سراً ولا يخالف لك أمراً إلا لمصلحة راجحة جداً للمسلمين والثالث فتستمر فيه إلا أن يشاء الله بأن يواليك بأموره وأمور وزارته فتتأكد من أن ولايته تفيد وتسير على الوجه السديد ، فهذه ثلاث لا تنساها مع كل وزير ولا تبدل وزرائك حتى تتأكد تماماً أنهم لايفيدون بل يضرون فقلما تعرف الرجل حتى تعاشره ، واجعل قرارات الشورى سراجاً يهديه بعد أن يكون من المقرين لذلك السراج ومن المشاورين .
القسم الثالث : وهم أهل الشورى فوجودهم لازم ورأيهم ملزم فإن لم تفعل فقد عدلت عن قوله تعالى " وأمرهم شورى بينهم " وكذلك " وشاورهم في الأمر " ولا تخالف أمرهم أبداً إلا لمصلحة راجحة ، ولكي تجعل أهل مشورتك مفيدين فعليك أن ترفع من مستواهم أجمعين فتجعلهم باستمرار مطلعين على أمر الدنيا والدين بعد أن تختارهم من أهل الذكر في الدنيا والدين ، وأن يكونوا من العقلاء ذوي الخبرات النابهين فتأمن الزلل لك ولهم أجمعين .
وأما كيف تدير الأمر بين هؤلاء الثلاثة أجمعين فإليك ما وعيت من خبرات الأولين والآخرين .
وأول حال البائعين أن يشتروا الموازين التي بها يزنون ، وسلاح المساحين المسطرة التي بها يقيسون ، فيجب أن يكون لك ولأهل مشورتك والوزراء أجمعين مرجع لا تختلفون عليه فإن ذلك يحسم كثيراً من الأمور فلا تكونوا مختلفين ويوفر لكم ذلك كثيراً من الوقت والاجتهاد وذلك هو قانون المشرعين ( الكتاب والسنة وإجماع أهل الأمة ومذهب شرعي سديد ) فإن لم تفعل فاعلم أنك ستضيع وسط الخلاف والمتخاصمين . وإياك أن تترك الكتاب والسنة المطهرين فإنه الضلال المبين ، وقبل أن تبحث في كتب المحْدَ ثين المضللين من مبتدعة وعلمانيين فانظر أولاً في الكتاب والسنة المطهرين فإن لم تستطع فكلف من يجمع لك ما تريد ، ولقد أنذرتك فلا تكن ممن يحيد عن الدين .
واعلم أن كما نظاماً مع البطانة والمحكومين فلا تنس حقاً لربك عليك وحقاً لأهلك عليك وحقاً لنفسك عليك فآتهم حقهم أجمعين .
فاعلم أن ربك فرض عليك فروضاً فلا تكن لها من المضيعين وألزم بها المحيطين واجعل لك حاجباً لصلاة الفجر فإنها أهم صلاة ينام عنها الغافلون ويكرهها المنافقون ، ولاتنس وردك اليومي من القرآن وكن من الذاكرين ، فإنها أشياء لو علمت قدرها لتركت الإمارة من أجل عدم تضييعها ولا تعاد لله ولياً ، وكن لأهل التقوى والصلا ح في المعية .
وأما عن أهلك فاجعل لهم من يومك ساعة ، فإن خسارتك فيهم أكبر خسارة إن أهملتهم وتركتهم للبطانة .
وأماعن نفسك فاعلم أنه إن لم يكن لك مكان تخلو فيه فإنك لن تقرأ ولن تفكر وستصبح ولا حول ولا قوة إلا بالله في تيه ، فاتخذ لنفسك غرفة هادئة مرتبة تخلو فيها لنفسك أكثر من ساعة لا يزعجك فيها إلا الضروري من أمر المسلمين .
وأما كيف تسير الولاية وأعمال الرعية فقسم هذه الأعمال إلى أمور ثلاثية ، فأولها أمور الرعية ، وثانيها الأمور الإدارية ، وثالثها الترتيبات المستقبلية ، ولا تنفك عن مراعاة هذه الثلاثة وإن طغت إحداها على البقية .
وعن كل واحدة من الثلاث الآ نفة فإني أحدثك إن شاء الله حديثاً طويلاً فتحملني وتحمل طول السالفة .
شئون الرعية :
فمن الرعية تأتي البلية وإن حسنت الإدارة تأتي البركة في البرية فاختر لهم الأكفاء ، وإياك واختيار الأ قرب إن لم يكن الأكفأ فستغلي عليك قلوب الرعية ولن يمحي رضا البطانة والأ قارب غضب الرعية ، وأشغل الناس بالخيرحتى لا يشغلوك بالشر ، وأعنهم على أعمال الخير حتى لا يعجزو فتكثر الشكوى (والبلية ) والفراغ فينقلبواعليك بالشر والدمار .
وكن للناس والرعية يكن الله معك والرعية ، ولا تكن دائماً مطيعاً لبطانتك فيستعبدوك ويجلبوا عليك غضب الله بالإضافة لغضب الرعية ، وكن جاداً حازماً في حل مشاكل الرعية ولو أغضب ذلك حاشيتك المرعية ، وإذا خالفك عاملك في مكان فعاقبته بقدر منع مظلمته ولا تستعديه عليك فإن كثرة الأعداء مهلكة والعدل لك منقبة ( ما بعدها منقبة ) ، ومالا يدرك كله لا يترك كله ، فإن لم تحط بطاعة الناس أجمعين فلا تكسب عداوتهم مجتمعين .
وإذا أردت من رعيتك مالاً فاستطيب كرائم أهلك وأهل الإسلام في بلدتك ولا تفرض عليهم المكوس ولا تسلبهم نعمة ربهم فيكرهوك وينخروا ملكك كالسوس ، وإن خفت طغيانهم فوازن بهم غيرهم من غير أن تضر بأموالهم فيكونوا بهم مشغولين وعن ضرك ملهيين.
وإن أردت أن تفرض عليهم الضرائب فلا تضيق عليهم في عيشهم ، فافرض ما يطيقون وبالتسامح والتساهل يدفعون ، واعلم أن الجار أولى بالشفعة فلا تضن على أهل الإسلا م الموسرين من أن يكونوا للفقراء والعاطلين معينين وذلك بإحياء الموات وعمل الصناعات والزراعات ، وراقبهم مراقبة الوالد الحنون حتى يستمروا منتجين ولما بدأوا متمين وينشغلوا فيماهم منشغلون .
وإن أردت تلمس أحوال الرعية ومنع كيد المكيدين فأرسل عيونك المخلصين لتتبع الشبهات لا العورات ، ولا تطلق لهم الحبلفيضروك بدلاً منأن يفيدوك ، واجعل لهم في كل شخص ينرصدوه حدوداً وأمراً لا يتعدوه ، ولا تكثر في أرضك من الأعداء الكفار والمنافقين فإنهم شر الخلق أجمعين ودأبهم إفساد العاملين وتأليب الرعية المطيعين فاهرش قريحتك الزكية للتخلص التدريجي من هؤلاء الدخلا ء على الرعية .
وإياك والنساء فإن كلا مهن كثير وفعلهن قليل وفتنتهن كبيرة وكيدهن عظيم ، فلا يكن لك وزراء ، وأما الذين تواترت عنهن الأخبار أنهن من النابهات وصحت سيرتهن وثقابة نظرهن فلك أن تقبل منهن نصيحة الناصحين .
واعلم أن أهل مكة أدرى بشعابها فاستشر أهل كل منطقة من الرعية فيما يصلح شئون البرية وإلا فقدت المعية ، وإن فعلت ذلك عرفوك من المتواضعين ونفوا عنك صفات المتكبرين وصدقني أنك أول المستفيدين .
واحذر من خلخلة الأمن والإستقرار فحينما تخفق الحيلة وتطيب نفوس الرعية تستخدم الحزم والقوة الذكية ولاتنس أن لكل شيء حدوداً ( فللحم حدود وللقوة حدود ) ، ومن يصرفه دينار لا تقتله بجيش جرار ، ومن يعارضك بأهله فاستعدي عليه أهل الأرض أولاً ثم احصره فإن رجع فلا تضربه وإن بغى فاقتله ، ولا تلن بالحبس والتسجين ، واعلم أن الرعية إن أعطيتهم أهم ما يريدون أعطوك كل ما تريد ، ولا تستخدم الدعاية في كل حالة واحرص على ودهم واجعلهم لك داعين ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس ، وازهد في الدنيا يحبك الله وقلبي معك وأنا لك من الداعين إن شاء الله رب العالمين .
الشئون الإدارية :
بعد ما فصلنا ما هدانا الله إليه في أمور الرعية ننتقل إلى الشئون الإدارية ، وأذكرك أولاً أنها ليست لحي وطناً ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك ، فاتخذ لك من العقلاء الصالحين نواباً ولا تورثها لقريب إلا أن يكون أواباً .
واعلم يا من ثقل حملك وكثر ولدك وزاد طلا بك أن الأمر لا يستقيم إلا بترتيب الأمور الإدارية فأنت عادل بين الرعية وموجه ومحاسب لوزراء الشئون الإدارية ، فإياك أن تضيف إلى ما ينوء به كتفاك شيئاً من المسؤليات الإدارية أو الوزارية ولكن ارفع من كتفيك إلى أكتاف الأكفاء من الرعية ممن شهد له بالحكمة والروية في شأن من شئون الرعية الإدارية أو الصناعية أو الزراعية ، وكن أنت المحاسب والمراجع ولا تكن أنت المكلف بالتنفيذ وحل المشاكل ، وكن مع وزرائك الناصح الأمين ولا يشقى أحد منهم كونه لك في بعض الرأي من المخالفين ولكن العبرة بالنتيجة ومصلحة المسلمين .
.يتبع

Abdulla Ahmed
14-12-2006, 06:22 AM
واعلم أن التسجيل لأمور العمال والرعية من أهم مصادر التحليل لما يدور من أمور عادية وغير عادية ، فلا تنس التسجيل ، وكن دقيقاً في التسجيل حتى تدرك إن أردت التحليل أين وقع الخلل والتعليل ، وبوب في ذلك أبواباً واجعله نظاماً يأتيك منه ما يفيد حتى تدرك ما فاتك وآفاتك .
وأما كيف تدير أمورك المالية والاقتصادية (( فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) .
واعلم أن للأمور المالية معادلة عادية :
( أن ما يدخل في الخزينة الأميرية لا يجوز أن يقل عن المصاريف الادارية ) فإن اختلت المعادلة فاعلم أن هناك مسألة : إما أن تزيد إيراد الخزينة الأميرية أو تخفف المصاريف الإدارية ( أو الاثنين معاً ) .
واعلم أن كثرة العمال من سوء النظام ولي تدير الأمور فيجب أن تقتصد في المال والمكان والعاملين ، ولوأمنت أهل كل دائرة ( زراعة – صناعة – تجارة ) على أموالها فإن كفوا مما يأتيهم ولا يزيد فهم مقتصدون ، وإن نقص فهم مبذرون مقصرون ، وإن زاد فاحذرهم فإنهم مغالون في الجباية فكن بالناس من جورهم رحيماً ، واستشر أهل الذكر من القريبين والبعيدين في نظامهم وحالهم هل على الجادة يسيرون أم عن الطريق هم منحرفون ؟ .
وإن لم تكن إمارتك ناصعة وسياستك واضحة بأن يكون همك الأول والأخير مصلحة المسلمين فستعض أصابعك أجمعين وتكون من النادمين ، وإن أغضب ذلك بعض الوزراء العاملين ، وإن أدى إلى إقصاء بعض العاملين ، فلا تكن شديداً فتكن من المكسورين أو ليناً فتكن من المحنيين ولك أن تشهد الوزراء الآخرين على من فيهم من المقصرين وتعطي فرصة لكل منهم وتعين ، قبل أن يصل السيل الزبى فلن تكون في هذه الحالة من المدانين في تغيير من ترى من الوزراء المقصرين .
واعلم أن الربا مهلكة والزكاة مطهرة ، فلا تستجلب عداوة رب العالمين " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذرو ما بقي من الربى إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " فلا ترض بالربا أياً كان ، وخذ الزكاة ممن كان وأين كان ، واجعل عمالك مؤدبين حازمين وعن أموال الناس عفيفين واكفهم بفضلك عن فضول الآخرين ، وأما عن الرعية أجمعين صانعين كانوا أو زارعين أو غير ذلك من المهنيين فلا تتركهم كسالى قاعدين ورغبهم في الأعمال أجمعين واجعل جعلك للناشطين ، وعن الكسالى ممنوع حتى يعملوا ناشطين ، ولا تنس أبداً أن هيبة السلطان بالفعل والتأثير وليس بأمور المظاهر والتبذير ، فاجعل لوزرائك هدفاً لكل عام يلزم أن يتبعه كالإمام ويكون له من المنفذين فيحترمك وزرائك والأ قربين والأ بعدين .
وإذا أردت أن تقرر ماهو جديد فالشورى الشورى يا أمير ، وقرر دائماً ما يحقن الدم ويحفظ العرض والمال وإن كان الجهاد قبل أن تخاف وتقرر العكس ياأمير .
وأعد ما استطعت ( واشد على ما استطعت ) من قوة ومن رباط الخيل ولا تستهن بأي فكرة أو اقتراح أمين فإن العدو لن يلين ودائماً بالضعيف يستهين فأرهبه بقوة البأس والدين وإن صنحت فرصة فاضربه ولاتلن فأنت على الحق المبين ، واعلم أن القوة كالبضاعة صفاتها واضحة نصاعة ألا وهي الرجال والرأي والصناعة ( السلاح ) فخذ من كل واحدة مايقيك ما عند العدو مناعة ، واعلم أن الحرب على أوجه ثلااثة فإن كنت في الدفاع فالنار والمناعة (السد) وإن كنت في الهجوم فالنار والخرق والشجاعة ( الصبر والتضحية ) والأ خيرة فهي الحرب بالاقتصاد والسياسة ، واعلم أن الكتمان أصل في قضاء الحاجات ومن المناعة ، واعلم أن الفجاءة تذهب اللب والشجاعة فاجعلها لك في الحرب بضاعة ولا تنس الكر والفر والسراعة فإنها أساليب إيقاع الفجاءة ، واحذر فإن الحرب خداعة فاستلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم فتوقع بعدوك الطامة وتأ من رجالك الفجاءة .
وكن إن لا قيت من الداعين لضرب الرقاب ولا تلن وإياك والأطفال والنساء والمسنين فإنك قد نهيت عنهم في الدين وكذلك المثلى في القتلى والمأسورين ، واستعن بهدي سيد المرسلين لتكون من الفائزين في الدنيا والدين ، ولا تكشف ما لديك لعدوك يا أمير فإن ما تخفيه عنه يخيفه أكثر مما تبديه له فكن ياأمير من الفاطنين .
وأما عن جندك المسلمين المجاهدين في سبيل رب العالمين فكن بهم من الراحمين فلا تقحمهم في شيء إلا وهم راضين راغبين ، فإن كانوا من المضطرين لأ مرك في الدين فسيكونوا مترددين ولن يكونوا مقبلين وسيهلك منهم والله أعلم كثيرين فتكون من النادمين .
وأما عن أعدائك فهم معروفون فالكفار والمنافقون فإياك أن تأمنهم
أجمعين " لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة " فأما عن الكفار فاجهدهم بالقول والمخالفة كما في الدين طوعاً لرب العالمين فإن أخذتهم أو قاتلتهم فبالدين وللدين فإما الإسلام أو الجزية أو يكونوا من المقاتلين ولا تنم عنهم " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون " والنصر حليف المتيقظين وإياك أن تخافهم أبداً أجمعين إن كنت من المؤمنين ، فإذا نصرت الله كنت من المنصورين " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة " " وإن جندنا لهم المنصورون " فكن من جند الله وحزب الله المعروفين .
وأما عن المنافقين والمبتدعين فإن الجهد والجهاد فيهم باللسان والبيان والدين إلا أن يكونوا طائفة ممتنعين (عن شيء ظاهر في الدين ) فإجماع علماءالأمة المتقين أن تقاتلهم أجمعين مسلمين (إدعاءً ) كانوا أو مرتدين ، ولن يقيك شر أمرهؤلاء أجمعين إلا القدوة الحسنة والعدل والدعوة المدروسة للدين وإشغال الرعية بأعمال الخير في الدين والاستعداد ليوم الرحيل .
وإن أردت أن تكون مسالماً من المعاهدين ( الاتفاقات – الهدنة – السلام ) فلا يمنعك ذلك من أن تكون للحرب من المستعدين ولقوتك من الزائدين فإنك لا تأمن لعدو أن يكون من الغادرين .
واعلم أن اليهود والنصارى أجمعين لن يكونوا لك أبداً ناصحين فإنهم بتدمير المسلمين منشغلون " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " وإن أعطوك مال قارون أجمعه فإنهم على هلكتك عاملين ومن أسفلك مؤتمرين ليسلبوك الدنيا والدين … فاحذرهم أجمعين إني لك من الناصحين وهذا رأي الدين ،
فإن دأبهم أن يشغلوك عما يحيكون لك أو على الأ قل حتى لا تتفرغ لشأنك ورعيتك فاجعل التأجيل في استقبالهم دأبك وفي عدم الوصول معهم لشيء دربك حتى تدرس ما يريدون وتقومه في الدنيا والدين فتكون إن شاء الله من الناجين مما يدبره هؤلاء الحاقدون .
أما عن الترتيبات المستقبلية :
فإنها تحضير السهم قبل الرمية ، وتجهيز اللا زم للاحتياجات المستقبلية ويدور على أمور هي : -
1- تهيئة الرعية .
2- تهيئة الأمور الإدارية .
3- تطوير الوسائل المادية .



1- تهيئة الرعية :
فأما تهيئة الرعية للأمور المستقبلية فهي كلزوم المشغل للآ لية ( الماكينة ) فلا تفلح خطة مستقبلية إلا بتوافر الخبرات الفنية والكوادر العلمية ، وكل ما ذكرنا يحتاج إلى تهيئة الرعية من خلال المعاهد العلمية والمدارس الفنية ، واحذرمن الغلو في تهيئة الرعية إلا بقدر ماتحتاج إليه من الكوادر البشرية والتخصصات الفنية لتأدية الأعمال الأساسية ، ولا تسر مع أحلام الرعية والكوادر الفنية في بلوغ القمم التكنلوجية والعلمية إلا بعد بناء البنية التحتية .
واعلم أن أهم قاعدة أساسية في تهيئة الرعية للإحتياجات المستقبلية هي العمل على تراكم الخبرات الفنية ، وإياك والتفريط في خبراتك الفنية ( الخبراء من الرعية ) فإنهم ثروة حقيقية أغلى من الذهب والبندقية ، وإن كانت خبرته في أبسط الامور العادية ولا تقطع أمراً أو تول أحداً شيئاً من أمور تهيئة الرعية إلا بعد الرجوع إلى أهل الذكر في الخبرات العلمية أو الأمور الفنية فهذا أمر رب البرية ، وإياك إياك وإزاحة الخبرات الفنية لخلا ف في الرأي أو في الشئون العادية فإن النجارلايصلح الكسور العظيمة ، ولكن لك أن تحاسب الكوادر الفنية على النتائج الختامية( النهائية ) واجعل منشحن الرعية لتكون نشيطة قوية غاية قومية وتوفير الأعمال للرعية وسيلة حقيقية لتهيئة الرعية للأمور المستقبلية .
2- تهيئة الأمور الإدارية :
والحتياجات المستقبلية تحتاج إلى نظم إدارية تيسر أمور تهيئة الرعية وتسهل توافر الأسباب المادية وتنظم العمل بالكلية فإن ثبات النظم الإدارية ( من وحدات التسجيل الإدارية وتتطابق النظم الإدارية في مختلف الهيئات المعنية وانتظام وفعالية جهات الرقابة الإدارية ) يجعل الأمور الإدارية تنتظم في يسر وجدية وفي مواعيد محددة عادية ، وكلما ثبتت الأمور الإدارية ( النظام الحسابي – النظام الإداري – النظام الرقابي ) وطورت بجدية لتقليل الوقت والأعمال الإدارية كانت الأمور مهيئة للاحتياجات المستقبلية .
2- تطوير الوسائل المادية :
3- واعلم أيها الأمير أن تطوير الوسائل المادية لا يكون إلا لحاجة ضرورية ولضرورة فعلية لتوفيرالوقت والمادية وليست لتسهيل الأمور المعيشية فيكون هذا التطوير مهلكاً للرعية ومضيعاً للفطرة الأصلية فيكون وبالاً علينا في الأحوال المستقبلية ، واعلم أن الفطرة الأصلية يلزمها دائماً التوازن بين استهلا ك القوة البدنية والطاقة العقلية ( الفكرية ) فلا تجعل تطوير الوسائل المادية مخلاً للتوازنات الفطرية بين القوة البدنية والطاقة العقلية فتجنب نفسك والرعية أخطار مستقبلية ، وعليك بالتدرج في الوسائل المادية فإنك بذلك تدرك فوائدها الحقيقية وعيوبها المخفية فتأمن الزلل وإفساد فطرة الرعية ، بقي لك يا أمير عندي هدية ألا وهي :
القاعدة الكلية في النجاة(بإذن الله)
من المزالق النفسية
وأما أهم المزالق النفسية فهي عندي جلية وهو الإعتقاد بأن نفسك زكية (الغرور) وأن ما عداها دنية ، وأن كل ما تفعله مزية ، وكل ما تأباه رزية ، فاحذر فإنك تعتقد في نفسك ميزة علية فتكون كقارون إذ قال (( إنما أوتيته على علم عندي )) أو كفرعون إذ قال (( ما أوريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد )) فتنزلق في هاوية مردية لا ترى إلا نفسك ورأيك وباقي النفوس حولك دنية لا ترتفع إلى قياس رأيك ونفسك الأبية ، ولا يختلف معك رأي إلا من نفس دنية لا تريد إلا مخالفة نفسك العلية وهي بعيدة كل البعد عن مصالح الرعية .
ومن المزالق النفسية الانشغال بنفسك وما في رأسك العلية وتهمل شئون الرعية فيكون بينك وبينهم من الفروق ما بين الأرض والسماء العلية ، فتختلف عن خير البرية ونبي الأمية الذي كان يربط الحجر والحجرين على بطنه ويجوع أكثر من الرعية ، أو تنوء بنفسك أن تشابه الخليفة الثاني الذي كان يطوف بالليل على الرعية يستطلع أحوالهم الحقيقية ويقول (( لو عثرت دابة في الشام لسئلت عنها ياعمر لمَ لمْ تمهد لها الطريق )) ، وطلب من المرأة التي فطمت ابنها لتستحق حصة من بيت المال ورقة يبرأ منها من ذمة القضية فلا تشتغل بمطالب نفسك العلية عن مشاكل وهموم الرعية فتسأل يوم القيامة وتندم الندامة الأبدية ، وإياك وجمع الناس حولك ليوافقوك فيكونوا أول من يهلكوك ولا تكن كمن تنسيه خلة واحدة من الإساءة ألف خلة من الإحسان فالكريم تنسيه خلة واحدة من الإحسان ألف خلة من الإساءة .
وختاماً لأخطر المزالق النفسية لا تجعل أذنك مطية لكل وشية فتختلف أخلا قك ويتغير كلامك ، ولا تنس ما حدث لداوود عليه وعلى نبينا السلام فتحكم لطرف دون سماع كلام الطرف الآخر من الأنام فتكون من الظلم أخذت وعن العدل ابتعدت ، وختاماً لما أردت إليك عني ما وعيت :
ياأيها الأمير صغيراً كنت أو كبيراً
إن كنت تؤمن بالله وبيوم القيامة فلا تجعلها عليك خزي وندامة واتخذ لك قدوة تحذو حذوه وتتبعه خطوة خطوة ، فمن أفضل قدوة من سيد المرسلين الذي نحن لسنته متبعين وبه مقتدين ، وهو لنا يوم القيامة من الشافعين ؟
يا أمير هل وعيت رسالتي … أسأل الله أن أكون قد أديت أمانتي.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
* *

مغروور قطر
14-12-2006, 03:15 PM
بارك الله فيك اخوي

قـــــــــــ44ــــــطر
14-12-2006, 03:19 PM
جزاك الله خيرا..

ABO MUBARAK
14-12-2006, 03:47 PM
جزاك الله خيرا

ROSE
14-12-2006, 04:12 PM
يزاك ربي كل خير ان شاء الله وجعله في ميزان حسناتك

كل الشكر والتقدير لك

malmesaifri
18-12-2006, 10:00 PM
جزيت عن الاسلام و المسلمين خير الجزاء ان شاء الله يوم لا ينفع مال و لا بنون ال من اتى الله بقلب سليم