مغروور قطر
16-12-2006, 05:59 AM
رئيس مجموعة «الزامل»: هناك تطور في مناخ الاستثمار في العالم العربي
عبد الرحمن الزامل أكد لـ«الشرق الأوسط» عدم قلقه من تأثير دخول السعودية لمنظمة التجارة العالمية على أعمال المجموعة
هبة القدسي
التقت «الشرق الأوسط» رجل الأعمال السعودي البارز الدكتور عبد الرحمن الزامل خلال وجوده في القاهرة للمشاركة في فعاليات ملتقى القاهرة للاستثمار، وأجرت معه حوارا مطولا، أكد خلاله انه يتمنى لوأن مصر قللت من بيع الغاز للخارج والتركيز على تصنيعه، وقال انه يتحدى أن يثبت احد قيام أي مستثمر سعودي بالتعامل مع إسرائيل، وأعرب رئيس مجموعة الزامل عن رضاه عن تطور مناخ الاستثمار في مصر والوطن العربي، موضحا انه يتمنى التركيز على الصناعة لأنها هي التي تخلق الصادرات وفرص العمل والنقد الاجنبي، وطالب بتوفير الاراضي التي تسمح بالتوسع في مصر، معتبرا ان الاستثمار العقاري لا يعدد استثمارا بالمعنى الحقيقي.. وهذا نص الحوار:
* ماذا عن بدايتكم في المملكة، ومن اين تأتي لكم الاهتمام بالصناعات الثقيلة في هذا الوقت المبكر؟
ـ نحن 12 أخا، وبعد تخرج 11 منا من الجامعات بالولايات المتحدة الأميركية، وتخصص كل منا في مجالات بعضها هندسة وبعضها تسويق وبعضها ادارة اعمال، قررنا ان تدخل في قطاع الصناعة، رغم انه حتى ذلك الوقت لم يكن معروفا أهمية القيام بدراسة الجدوى الاقتصادية والاستعانة بالمكاتب الاستشارية، لذلك قررنا ان نذهب الى إيران، وكانت إيران أيام الشاه قبل الثورة منفتحة وبها مناطق صناعية كبيرة ومزدهرة، فزرنا إيران لبحث المجالات الصناعية التي يمكننا الدخول بها مثل صناعات الألمونيوم وصناعات الكرتون. وقررنا ان نكرر نفس الصناعات التي نجحت في ايران، باعتبار انها تتشابه إلى حد كبير مع المملكة، فهي دولة نفطية مثلنا، وهناك تشابه في كافة الظروف الاقتصادية لذلك قررنا البدء في صناعات في السعودية بالمشاركة مع الشركات العالمية، لكن اهم مشكلة واجهتنا ان كل الشركات الأميركية الكبيرة كانت ترفض التعاون أومجرد التفكير في اقامة صناعات في السعودية، وكان غير وارد ان تقوم السعودية بصناعات بهذا الحجم، لذلك اتجهنا الى اصغر الشركات في الولايات المتحدة وتعاونا معها ونجحنا، وبعد فترة امتلكنا التقنيات وانطلقنا. وشجعنا على ذلك التوجه الصناعي، ان حكومة المملكة بدأت تطرح الخيار الصناعي كخيار استراتيجي عام 1975 وتقدم له الحوافز، بالإضافة الى الحماس، فكنا شباب كل ما نملكه لا يتعدي 200 ألف دولار، وأول حافز شجعنا أن المملكة قدمت لنا الأرض في المنطقة الصناعية مجانا، وأوجدت المملكة صندوق التنمية الصناعية لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقدمت الحكومة ما يقرب من نصف التكلفة للمستثمر بدون فوائد تحت المراقبة والتدقيق، وهذه الحوافز مهمة وهي ضرورية للدول التي تسعى لجذب المستثمرين وهذا التوجه لا علاقة له بوجود أموال نفط، وإنما يرتبط بوضوح الرؤية، وبدأت مجموعة الزامل بهذه الطريقة ونحجت وعززت نجاحها بانطلاقها إلى باقي دول العالم.
* وكيف كانت البداية في مصر؟ ـ بدأت مجموعة الزامل القابضة منذ ثلاثين عاما بالسعودية، في عدة قطاعات مختلفة، اولها صناعات الحديد وقطاع التكييف وقطاع البتروكيماويات، وكان هدف المجموعة من البداية ان يتم توجيه 50% من الانتاج الى التصدير، لكي لا يكون السوق فقط محليا، وعندما بدأنا نفكر في التصدير الى العالم، اتجهنا ناحية افريقيا تمركزا من مصر وناحية آسيا الى لبنان والمناطق المجاورة وطورنا اسواقنا في هذه المناطق، وكناقد قررنا أولا ان تقيم مشروعنا في مصر عام 1978 مدفوعين بأننا نتملك التقنية وامامنا السوق الواسع، وبدأنا نصنع الحديد بطاقة 1200 طن شهريا، والآن وصلنا الى 3600 طن، ونستهدف ان نصل الى 6 آلاف طن، ويعمل لدينا الآن 550 عاملا فنيا مصريا، كما أن 60% من الانتاج، يتم توجيهه للتصدير الى الدول الأفريقية وجنوب أوروبا، والميزة الثانية ان المواد الخام كلها من مصر.
* ماذا عن العوائق في تلك الفترة المبكرة والآن؟ ـ لم نواجه عوائق فالتعاملات مع مصر جيدة، لكن اهم عائقين هما عائق إمكانية التوسع لعدم وجود أراض في المناطق الصناعية، واعتقد ان هذا يرجع الى خطأ إداري ارتكب في مصر، لأن الحكومة المصرية استجابت لكل طلب لشراء أراض، بدعوى إقامة مصانع أو مشروع من دون تحديد مدة زمنية، يلتزم خلالها المستثمر بتنفيذ المشروع، مما أدى لوجود مضاربات على الاراضي والعائق الثاني هو ندرة العمالة المدربة اختيار الصناعة في هذا الوقت المبكر بالسعودية، لم يكن هناك اهتمام بهذه المجالات بصفة خاصة، السبب الرئيسي في اختيارنا.
* بدأتم في مصر منذ ثماني سنوات، في تقديرك ما هي أهم الملامح التي تغيرت في مصر، منذ عام 1998 وحتى الآن؟ ـ بدأنا عام98، ورأينا التطورات في اتجاه جيد ثم تراجع ثم استعادة للصعود مرة أخرى وتحملنا، والآن في مصر الاستثمارات الحقيقية محدودة بمعني الاستثمارات الموجودة على الأرض بالفعل، فأنا لا اعتبر الاستثمار في العقارات استثمارات حقيقية، ففي مصر 1.5 مليون شقة مغلقة تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات، لذا مصر بحاجة إلى صناعات يجب ان تسعى الحكومة المصرية الى جذبها وإعطائها الحوافز اللازمة لتطويرها وإنجاحها والتأكيد على نوعيات هذه الصناعات، فمصر ارتكبت خطأً مثلها مثل جميع الدول الاخرى في بيع الغاز الطبيعي مقدما. الآن مصر ليس لديها القدرة لتوفير الغاز الطبيعي للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.. هذه وجهة نظري، فأنا أتمنى الخير لهذا البلد، وأشير الى تجربتنا في السعودية، اذ المملكة على استعداد لدفع مليارات الدولارات لتطوير صناعات البتروكيماويات، التي نجحت فيها، واليوم تمثل 7% من الصناعات العالمية، وسنصل الى15% أى إلى المرتبة الاولى، ونحن قادرون ومفروض أن نحتفظ بالغاز للصناعات المحلية والامكانات موجودة. التغير الثاني أن اقتصاديات عربية كثيرة تطورت في الفترة الأخيرة، وكلها ترغب في الاستثمار في مصر أو في الجزائر، فهناك رغبة حقيقية للاستثمار الداخلي في الدول العربية، ورأيت حماس زملائي للاستثمار في مشروعات كثيرة في مصر، وهذه فرصة ليجب ألا تضيع.
* لكن هناك مخاوف من تكرار المشروعات في الوطن العربي؟ ـ أبدا لا يوجد تكرار فهذا الكلام غير صحيح، كل الاقتصاديات الاشتراكية التي وضعت تحديدا وتوجيها صارما لعدد الصناعات وتنوعها، كلها فشلت، فكلما تنافست عدة مشروعات في صناعة معينة او قطاع محدد، كان ذلك أفضل للسوق وللمستهلك، ان لدينا نقص اليوم في صناعة الحديد في مصر والسعودية، وبعدما قدمت السعودية الترخيص لثلاثين مصنع اسمنت، لا يزال هناك نقص بهذه الصناعة. أنا قناعتي أن الإمكانات موجودة، وهناك رغبة في الاستثمار، وكل ما تحتاجه مصر ان تذهب الأجهزة الحكومية للمستثمر، وان تقنعه وتجذبه وتقف بجواره، وهذا ما يقود إلى التنمية، وإلى رفع مستوى معيشة المواطن المصري، الذي تبغي الحكومة تحقيقه.
* في رأيك، أي الصناعات التي يمكن أن تخلق تنمية حقيقية في مصر، وما هي الصناعات التي يجب أن يكون لها الأولوية في الاهتمام؟ ـ كل القطاع الصناعي، يمكنه أن يخلق فرص عمل، فالقطاع العقاري جيد، لكن آثاره في الاقتصاد محدودة وهولا يخلق وظائف كثيرة، الا في مرحلة البناء فقط، لكن القطاع الصناعي ابرز فوائده، إنه يوفر العملة الأجنبية بعد تصدير الإنتاج، إلى جانب خلق فرص عمل متزايدة ومستمرة، لذا اثاره الاقتصادية كبيرة، ففي المملكة اليوم الصناعات الوطنية وصلت مبيعاتها الى 200 مليار ريال وصادراتها 80 مليار، وهذا معناه انه لولا هذه الصناعات لارتفعت الواردات الى السعودية من 200 مليار إلى 320 مليارا، مما يعني وجود عجز. إنني أرى أن الصناعات المتعلقة بالغاز والنفط تقع في مقدمة الصناعات التي تحقق نموا للدولة، تليها الصناعات المكملة أو التابعة، وأرى أن صناعة النسيج يجب ان يتم توفير الحماية اللازمة لها، وان تساندها الحكومة المصرية، لأنها توظف عمالة كبيرة. على مصر ألا تتأثر بالكلام عن تحرير التجارة والصناعة، فالعائق الرئيسي الآن أمامنا للسوق الموحدة بين الخليج وأوروبا هو أن أوروبا لا تريد التنازل فى جمارك البتروكيماويات الخليجية، لكن البترول يصل لأوروبا من دون جمارك، وهذا يعني أن نتنازل عن الميزة النسبية لنا، وهم يريدون حماية القطاع الذي يخصهم وهم أوجدوا لأنفسهم المنطق للحماية، ويجب على الحكومة المصرية، ان تقوم بحماية بعض القطاعات.
* السعودية منخرطة في مفاوضات للدخول في منظمة التجارة العالمية، الا تشعر بالقلق كمستثمر من أن يؤثر ذلك علي أعمالك الصناعية؟ ـ أبدا، هذا سيؤدي الى إزالة الحواجز والأسوار، لكي انطلق الى كل أسواق العالم من دون جمارك، فقد كانت الجمارك في المملكة تصل إلى 8%، وقيام المملكة بتقديم الأراضي مجانا، ليس اعانة فالإعانة تعني أن تقدم الارض لقطاعات معينة فقط، فالأراضي تقدم للسعودي، كما تقدم للأجنبي والمملكة تعامل كل مستثمر موجود بالسعودية بالتساوي، ولا تقدم المملكة دعما أو إعانة للكهرباء فهي تكلف 11 هللة للكيلووات، ونسبة كبيرة من القطاع الصناعي تدفع 12 هللة أي تحقق 8% ارباحا للحكومة السعودية. اننا كنخبة مسؤولة بالمجتمعات العربية قبلنا بها، انظروا الى أوروبا كم تدفع من اعانات للقطاع الزراعي تصل الى 50 مليار دولار كدعم مباشر، لذلك يجب ان تقدم الحكومة الدعم لقطاعات محددة بشكل مباشر، وهذا ليس عيبا ولا يعيب الصناعة، ولا يتناقض مع تحرير التجارة والاسواق.
عبد الرحمن الزامل أكد لـ«الشرق الأوسط» عدم قلقه من تأثير دخول السعودية لمنظمة التجارة العالمية على أعمال المجموعة
هبة القدسي
التقت «الشرق الأوسط» رجل الأعمال السعودي البارز الدكتور عبد الرحمن الزامل خلال وجوده في القاهرة للمشاركة في فعاليات ملتقى القاهرة للاستثمار، وأجرت معه حوارا مطولا، أكد خلاله انه يتمنى لوأن مصر قللت من بيع الغاز للخارج والتركيز على تصنيعه، وقال انه يتحدى أن يثبت احد قيام أي مستثمر سعودي بالتعامل مع إسرائيل، وأعرب رئيس مجموعة الزامل عن رضاه عن تطور مناخ الاستثمار في مصر والوطن العربي، موضحا انه يتمنى التركيز على الصناعة لأنها هي التي تخلق الصادرات وفرص العمل والنقد الاجنبي، وطالب بتوفير الاراضي التي تسمح بالتوسع في مصر، معتبرا ان الاستثمار العقاري لا يعدد استثمارا بالمعنى الحقيقي.. وهذا نص الحوار:
* ماذا عن بدايتكم في المملكة، ومن اين تأتي لكم الاهتمام بالصناعات الثقيلة في هذا الوقت المبكر؟
ـ نحن 12 أخا، وبعد تخرج 11 منا من الجامعات بالولايات المتحدة الأميركية، وتخصص كل منا في مجالات بعضها هندسة وبعضها تسويق وبعضها ادارة اعمال، قررنا ان تدخل في قطاع الصناعة، رغم انه حتى ذلك الوقت لم يكن معروفا أهمية القيام بدراسة الجدوى الاقتصادية والاستعانة بالمكاتب الاستشارية، لذلك قررنا ان نذهب الى إيران، وكانت إيران أيام الشاه قبل الثورة منفتحة وبها مناطق صناعية كبيرة ومزدهرة، فزرنا إيران لبحث المجالات الصناعية التي يمكننا الدخول بها مثل صناعات الألمونيوم وصناعات الكرتون. وقررنا ان نكرر نفس الصناعات التي نجحت في ايران، باعتبار انها تتشابه إلى حد كبير مع المملكة، فهي دولة نفطية مثلنا، وهناك تشابه في كافة الظروف الاقتصادية لذلك قررنا البدء في صناعات في السعودية بالمشاركة مع الشركات العالمية، لكن اهم مشكلة واجهتنا ان كل الشركات الأميركية الكبيرة كانت ترفض التعاون أومجرد التفكير في اقامة صناعات في السعودية، وكان غير وارد ان تقوم السعودية بصناعات بهذا الحجم، لذلك اتجهنا الى اصغر الشركات في الولايات المتحدة وتعاونا معها ونجحنا، وبعد فترة امتلكنا التقنيات وانطلقنا. وشجعنا على ذلك التوجه الصناعي، ان حكومة المملكة بدأت تطرح الخيار الصناعي كخيار استراتيجي عام 1975 وتقدم له الحوافز، بالإضافة الى الحماس، فكنا شباب كل ما نملكه لا يتعدي 200 ألف دولار، وأول حافز شجعنا أن المملكة قدمت لنا الأرض في المنطقة الصناعية مجانا، وأوجدت المملكة صندوق التنمية الصناعية لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقدمت الحكومة ما يقرب من نصف التكلفة للمستثمر بدون فوائد تحت المراقبة والتدقيق، وهذه الحوافز مهمة وهي ضرورية للدول التي تسعى لجذب المستثمرين وهذا التوجه لا علاقة له بوجود أموال نفط، وإنما يرتبط بوضوح الرؤية، وبدأت مجموعة الزامل بهذه الطريقة ونحجت وعززت نجاحها بانطلاقها إلى باقي دول العالم.
* وكيف كانت البداية في مصر؟ ـ بدأت مجموعة الزامل القابضة منذ ثلاثين عاما بالسعودية، في عدة قطاعات مختلفة، اولها صناعات الحديد وقطاع التكييف وقطاع البتروكيماويات، وكان هدف المجموعة من البداية ان يتم توجيه 50% من الانتاج الى التصدير، لكي لا يكون السوق فقط محليا، وعندما بدأنا نفكر في التصدير الى العالم، اتجهنا ناحية افريقيا تمركزا من مصر وناحية آسيا الى لبنان والمناطق المجاورة وطورنا اسواقنا في هذه المناطق، وكناقد قررنا أولا ان تقيم مشروعنا في مصر عام 1978 مدفوعين بأننا نتملك التقنية وامامنا السوق الواسع، وبدأنا نصنع الحديد بطاقة 1200 طن شهريا، والآن وصلنا الى 3600 طن، ونستهدف ان نصل الى 6 آلاف طن، ويعمل لدينا الآن 550 عاملا فنيا مصريا، كما أن 60% من الانتاج، يتم توجيهه للتصدير الى الدول الأفريقية وجنوب أوروبا، والميزة الثانية ان المواد الخام كلها من مصر.
* ماذا عن العوائق في تلك الفترة المبكرة والآن؟ ـ لم نواجه عوائق فالتعاملات مع مصر جيدة، لكن اهم عائقين هما عائق إمكانية التوسع لعدم وجود أراض في المناطق الصناعية، واعتقد ان هذا يرجع الى خطأ إداري ارتكب في مصر، لأن الحكومة المصرية استجابت لكل طلب لشراء أراض، بدعوى إقامة مصانع أو مشروع من دون تحديد مدة زمنية، يلتزم خلالها المستثمر بتنفيذ المشروع، مما أدى لوجود مضاربات على الاراضي والعائق الثاني هو ندرة العمالة المدربة اختيار الصناعة في هذا الوقت المبكر بالسعودية، لم يكن هناك اهتمام بهذه المجالات بصفة خاصة، السبب الرئيسي في اختيارنا.
* بدأتم في مصر منذ ثماني سنوات، في تقديرك ما هي أهم الملامح التي تغيرت في مصر، منذ عام 1998 وحتى الآن؟ ـ بدأنا عام98، ورأينا التطورات في اتجاه جيد ثم تراجع ثم استعادة للصعود مرة أخرى وتحملنا، والآن في مصر الاستثمارات الحقيقية محدودة بمعني الاستثمارات الموجودة على الأرض بالفعل، فأنا لا اعتبر الاستثمار في العقارات استثمارات حقيقية، ففي مصر 1.5 مليون شقة مغلقة تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات، لذا مصر بحاجة إلى صناعات يجب ان تسعى الحكومة المصرية الى جذبها وإعطائها الحوافز اللازمة لتطويرها وإنجاحها والتأكيد على نوعيات هذه الصناعات، فمصر ارتكبت خطأً مثلها مثل جميع الدول الاخرى في بيع الغاز الطبيعي مقدما. الآن مصر ليس لديها القدرة لتوفير الغاز الطبيعي للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.. هذه وجهة نظري، فأنا أتمنى الخير لهذا البلد، وأشير الى تجربتنا في السعودية، اذ المملكة على استعداد لدفع مليارات الدولارات لتطوير صناعات البتروكيماويات، التي نجحت فيها، واليوم تمثل 7% من الصناعات العالمية، وسنصل الى15% أى إلى المرتبة الاولى، ونحن قادرون ومفروض أن نحتفظ بالغاز للصناعات المحلية والامكانات موجودة. التغير الثاني أن اقتصاديات عربية كثيرة تطورت في الفترة الأخيرة، وكلها ترغب في الاستثمار في مصر أو في الجزائر، فهناك رغبة حقيقية للاستثمار الداخلي في الدول العربية، ورأيت حماس زملائي للاستثمار في مشروعات كثيرة في مصر، وهذه فرصة ليجب ألا تضيع.
* لكن هناك مخاوف من تكرار المشروعات في الوطن العربي؟ ـ أبدا لا يوجد تكرار فهذا الكلام غير صحيح، كل الاقتصاديات الاشتراكية التي وضعت تحديدا وتوجيها صارما لعدد الصناعات وتنوعها، كلها فشلت، فكلما تنافست عدة مشروعات في صناعة معينة او قطاع محدد، كان ذلك أفضل للسوق وللمستهلك، ان لدينا نقص اليوم في صناعة الحديد في مصر والسعودية، وبعدما قدمت السعودية الترخيص لثلاثين مصنع اسمنت، لا يزال هناك نقص بهذه الصناعة. أنا قناعتي أن الإمكانات موجودة، وهناك رغبة في الاستثمار، وكل ما تحتاجه مصر ان تذهب الأجهزة الحكومية للمستثمر، وان تقنعه وتجذبه وتقف بجواره، وهذا ما يقود إلى التنمية، وإلى رفع مستوى معيشة المواطن المصري، الذي تبغي الحكومة تحقيقه.
* في رأيك، أي الصناعات التي يمكن أن تخلق تنمية حقيقية في مصر، وما هي الصناعات التي يجب أن يكون لها الأولوية في الاهتمام؟ ـ كل القطاع الصناعي، يمكنه أن يخلق فرص عمل، فالقطاع العقاري جيد، لكن آثاره في الاقتصاد محدودة وهولا يخلق وظائف كثيرة، الا في مرحلة البناء فقط، لكن القطاع الصناعي ابرز فوائده، إنه يوفر العملة الأجنبية بعد تصدير الإنتاج، إلى جانب خلق فرص عمل متزايدة ومستمرة، لذا اثاره الاقتصادية كبيرة، ففي المملكة اليوم الصناعات الوطنية وصلت مبيعاتها الى 200 مليار ريال وصادراتها 80 مليار، وهذا معناه انه لولا هذه الصناعات لارتفعت الواردات الى السعودية من 200 مليار إلى 320 مليارا، مما يعني وجود عجز. إنني أرى أن الصناعات المتعلقة بالغاز والنفط تقع في مقدمة الصناعات التي تحقق نموا للدولة، تليها الصناعات المكملة أو التابعة، وأرى أن صناعة النسيج يجب ان يتم توفير الحماية اللازمة لها، وان تساندها الحكومة المصرية، لأنها توظف عمالة كبيرة. على مصر ألا تتأثر بالكلام عن تحرير التجارة والصناعة، فالعائق الرئيسي الآن أمامنا للسوق الموحدة بين الخليج وأوروبا هو أن أوروبا لا تريد التنازل فى جمارك البتروكيماويات الخليجية، لكن البترول يصل لأوروبا من دون جمارك، وهذا يعني أن نتنازل عن الميزة النسبية لنا، وهم يريدون حماية القطاع الذي يخصهم وهم أوجدوا لأنفسهم المنطق للحماية، ويجب على الحكومة المصرية، ان تقوم بحماية بعض القطاعات.
* السعودية منخرطة في مفاوضات للدخول في منظمة التجارة العالمية، الا تشعر بالقلق كمستثمر من أن يؤثر ذلك علي أعمالك الصناعية؟ ـ أبدا، هذا سيؤدي الى إزالة الحواجز والأسوار، لكي انطلق الى كل أسواق العالم من دون جمارك، فقد كانت الجمارك في المملكة تصل إلى 8%، وقيام المملكة بتقديم الأراضي مجانا، ليس اعانة فالإعانة تعني أن تقدم الارض لقطاعات معينة فقط، فالأراضي تقدم للسعودي، كما تقدم للأجنبي والمملكة تعامل كل مستثمر موجود بالسعودية بالتساوي، ولا تقدم المملكة دعما أو إعانة للكهرباء فهي تكلف 11 هللة للكيلووات، ونسبة كبيرة من القطاع الصناعي تدفع 12 هللة أي تحقق 8% ارباحا للحكومة السعودية. اننا كنخبة مسؤولة بالمجتمعات العربية قبلنا بها، انظروا الى أوروبا كم تدفع من اعانات للقطاع الزراعي تصل الى 50 مليار دولار كدعم مباشر، لذلك يجب ان تقدم الحكومة الدعم لقطاعات محددة بشكل مباشر، وهذا ليس عيبا ولا يعيب الصناعة، ولا يتناقض مع تحرير التجارة والاسواق.