تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التوترات السياسية قد توصل سعر برميل النفط إلى 150 دولاراً



مغروور قطر
17-12-2006, 04:50 AM
التوترات السياسية قد توصل سعر برميل النفط إلى 150 دولاراً

عبدالله الطياري - جدة

ستعلن الميزانية العامة للدولة خلال 72 ساعة تقريباً، ويعتقد عدد من المراقبين الماليين محلياً ودولياً بأن ميزانية هذا العام من المنتظر ان تكون الأكبر ارقاما .. لما سجلته أسعار النفط على مدى عام 2006م .. وفي المقابل هناك من يرى بأن العام القادم سيشهد استقراراً في أسعار النفط مما يجعله في تذبذب سعري كبير يؤثر على العديد من الخطط الاستراتيجية للتنمية، ومن هنا استضفنا الدكتور عيد بن مسعود الجهني الخبير النفطي المعروف في دهاليز النفط الإقليمي والدولي وتوليه للعديد من المواقع التي عمل خلالها.

** سألته بداية عن رؤيته للأسعار الحالية للبترول .. وقلت له: هل ترى انها منطقية؟

** في السنوات الثلاث الماضية شهدت أسعار النفط ارتفاعاً تدريجياً حتى وصلت الى 78 دولاراً في أغسطس الماضي أبان الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان الشقيق بل لامست 80 دولاراً ، ولو بحثنا عن الأسباب التي أدت الي هذه الأسعار لوجدنا ان السبب الرئيسي الحروب والصراعات التي شهدتها المنطقة وبعض من المناطق من العالم، ومن أهمها الاحتلال الأمريكي للعراق، والعراق بلد نفطي مؤثر في أسعار النفط بسبب الاحتياطي والإنتاج الكبير لذلك البلد .. وبسبب ما تؤدي اليه الحروب من أسباب في ارتفاع النفط بالإضافة الى بعض الأسباب الأخرى التي كانت تواجه الإنتاج في فنزويلا ونيجيريا ودول أخرى منتجة للنفط وهذه ايضا من الاسباب وكلها تجمعت لكي تكون عوامل هامة لارتفاع اسعار النفط وان كانت أهمها الحروب ، بالإضافة الى الأعاصير التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض المشاكل التي شهدها العالم وهذه كلها أسباب اخرى تؤدي الى ارتفاع النفط، بالإضافة الى برودة الطقس وإن كنت لا أميل الى أن برودة الطقس سبب رئيسي لارتفاع أسعار النفط لأنه عامل زمني والدول الغربية تعد نفسها دائماً لذلك.

** وهل هذه الأموال التي دخلت خزائن الدول المنتجة للنفط في حقيقتها ما كانت تحصل عليه هذه الدول المنتجة على سبيل المثال في عام 1981م عندما كان برميل النفط 33 دولاراً ؟ ..

** لو استعرضنا تحليل تدهور أسعار صرف الدولار الذي يسعر به النفط سنجد أن هذا السعر رغم وصوله الى 80 دولاراً واليوم أكثر من 61 دولاراً نجد انه لا يساوي ما كان عليه السعر في عام 81م بل لم يساو السعر الذي كان عليه في عام 79 م من القرن الماضي . لانه في أواسط الثمانينيات كان سعر صرف الدولار الأمريكي ضد الين الياباني مثلاً 265 واليوم 118 وضد الجنيه الأسترليني كان 1.3 ايضاً اليوم فقد من قيمته ضد اليورو حوالي 35% ، وبحساب بسيط نجد أنه فقد حوالي 60% من قيمته ضد الين و 57% من أمام الجنيه، وهنا نقيم ما نسميه بالتضخم وهناك أموال كثيرة ولكن عندما تحسبها فإن عائدها قليل، بمعنى أن لديك أموالا كثيرة ولكن عندما تحسبها في شرائك من الأسواق الدولية تجد أن العائد قليل جداً على هذه الأموال، وبعودتنا الى الاقتصاد السعودي، وما هو العائد على الاقتصاد السعودي وعلى دخل المواطن؟ لاشك بأن الدولة تمكنت من خلال ما أسميها السنوات السمان وهي سنوات انتعاش أسعار النفط ، بأن تمكنت -خلال سلسلة الاجراءات الجيدة- من عجز الميزانية و تخفيض الدين العام من حوالى 630 مليار ريال الى حوالى 450 مليار ريال وهذه حقيقة مجهود كبير من الدولة بل ان الاقتصاد السعودي سجل حوالى 4.5% كمتوسط نمو سنوي في انتعاش أسعار النفط ، وإذا نظرنا الى الناتج المحلي الإجمالي سنجد هذا الناتج قفز من 700 مليار ريال الى أكثر من 1.2 تريليون وهذا يساوي أكثر من الناتج المحلي بما يقارب 8 الى 9 دول عربية تقربياً، وأتوقع أيضا من جانبي بأن الإجمالي الناتج المحلي السعودي إذا استمرت أسعار النفط ما بين 55 دولاراً الى 60 دولاراً وهذا ما تضع أوبك عينيها عليه وتدعمه، أن يصل الناتج المحلي الى أكثر من هذا وقد يصل مجمل الناتج المحلي الإجمالي لـ 15 دولة عربية ولو نظرنا الى المواطن السعودي سنجد ان دخل المواطن السعودي ارتفع من حوالى 9000 دولار الى حوالى أكثر من 13000 دولار تقريباً ، وهذا يعيدنا الى أوائل الثمانينيات عندما كان دخل الفرد السعودي حوالى 14000 دولار عندما كان سعر البرميل في ذلك الوقت 33 دولاراً للبرميل الواحد، وهذه نقاط جوهرية ولو نظرت اليوم الى الدول المنتجة للنفط (دول أوبك) تجد انه يقدر لها أن ترتفع عام 2006م بحوالى 10-12% عما كانت عليه في عام 2005م ، اي انها تقفز الى حوالى 550 مليار دولار في عام 2006م ، وكانت في عام 2005م 450 الى 460 مليار دولار ، وللممكلة من هذه الأرقام نصيب الأسد ، وهذا سينعكس على الميزانية وفوائضها لهذا العام ، خاصة إذا عرفنا بأن فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات لهذا العام بلغ 338 مليار ريال وفي عام 2005م بلغ حوالى 199 مليار ريال خلال العامين الماضيين سجلت الميزانية فائضاً يزيد على 220 مليار ريال ، وأسعار هذا العام تجاوزت 78 دولاراً للبرميل الواحد قبل أن تعود إلى مستوى ما بين 55- 60 دولاراً ولسلة أوبك 55 دولارا، ولذلك نتوقع بإذن الله فائضاً كبيراً، خاصة مع الإجراءات الجيدة التي اتبعتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله.

** وكم تتوقع أن يكون الفائض؟

** نحن لا نستطيع أن نتوقع شيئاً لان هذا يعود الى وزارة المالية فهي التي تعد الميزانية الخاصة لأن الميزانية توزع حسب بنودها ولا نريد أن نتحدث عن المستقبل لأنه بيد الله سبحانه وتعالى، ولكن مع هذه الفوائض ومع هذا الارتفاع المتواصل لأسعار النفط فإن الفائض يكون كبيراً إن شاء الله.

** هل هناك تحديات تواجه الاقتصاد السعودي؟!

** الحجم الكبير لانفاق الدولة، ايضاً النمو السكاني الذي يصل الى 3% سنويا ، وكذلك النمو البطيء لبعض قطاعات الدولة، ولكن أعتقد مع استمرار زيادة أسعار النفط، والإنتاج الأكبر في العالم بواقع 9 ملايين برميل يومياً ، فإن هذا دعم للاقتصاد السعودي ،وايضاً للدين العام للدولة كما ذكرته لك سابقاً أنه انخفض الى 450 مليار ريال ، وهذا أقل من 60% من الناتج الإجمالي المحلي وهي نقطة جوهرية، ويتفق تماما مع اتفاقية ماسترخ العالمية وهذا مهم جداً لان الدولة استطاعت في وقت وجيز أن تقلص الإنفاق وايضا تقلص الدين العام ، وتسيطر على عجز الميزانية ، وتحقق فوائض كبيرة وهذا لم يحدث في تاريخ الميزانية السعودية ، وأيضاً كما قلت بأن معدل التضخم السنوي بدأ ينحدر وأصبح اليوم بحدود 2.1% أو 2.2% ، هذه كلها عناصر تصب في خانة القطاع العام والخاص في الدولة وهي أمور مهمة، خاصة إذا عرفنا بأن الودائع اليوم في المصارف حتى منتصف هذا العام 2006م تقارب حوالى 540 مليار ريال ، تتحدث عن أرقام كبيرة للقطاع العام.

** اشرت في حديثك الى ان بعض القطاعات الحكومية تسجل بطئا في نموها ، ماهي ، وكيف يمكن لنا تفعيلها؟

** عندما نتحدث عن بطء لا نتحدث عن كل القطاعات، وانا أتكلم عن المشاريع، وأنا أقول بأن الدولة رغم هذا الإنفاق كله، وانا أعطيك الآن مثالاً كم أنفقت على المشاريع حيث انفقت الدولة أكثر من تريليون على هذه المشاريع، والتحديات التي نتحدث عنها بشكل عام ولا نقول بأن هذا القطاع ضعيف أو الآخر قوي ، أقصد أن هناك اجهزة في الدولة تعنى بالخدمات ، كالتعليم والصحة وكل ماله ارتباط بخدمة المواطن تحتاج الى إعادة هيكلة، وإعادة تنظيم لكي تستطيع أن تقدم خدمات أفضل للمواطن، ايضاً الدولة في طريق الخصخصة ، ومن أهم شروط الخصخصة أن تقدم الخدمة للمواطن بشكل أفضل وسعر أقل ، والدولة تسير في الخصخصة وفق أسلوب منهجي وعلمي، والاقتصاد الكلي للدولة ينمو ، ولكن هذا الاقتصاد ايضاً لا نستطيع أن نقول بأنه بديل لكل شيء ، ورغم الاستثمارات الكبيرة التي تضخ في عروق الاقتصاد من مستثمرين أجانب، ومستمرين سعوديين ، الا أن الاقتصاد لا يزال يواجه بعض التحديات ، وهذا ديدن كل اقتصاد ، فالاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصاد بالعالم يواجه تحديات كبيرة ومعقدة أكثر من الاقتصاد السعودي.

** اليوم توجد رؤيتان لمستقبل أسعار النفط العالمي في 2006م ، وهي بأن اسعار النفط ستصل الى 50 دولاراً للبرميل أو أقل في حال استقرار المنطقة وإمكان إنتاج النفط ، والرؤية الأخرى تقول بأنه سيرتفع الى 80 دولاراً وأكثر في حال نشوب اضطرابات وتوترات هنا أو هناك في أماكن إنتاج النفط .. كيف ترى أنت عام 2007م نفطياً ؟

** أوبك عينها كما قلت على 55 الى 60 دولاراً للبرميل الواحد ، ولذلك نجدها بأنها خفضت إنتاجها الى 500 الف برميل يومياً اعتباراً من فبراير القادم ، حيث خفضت لأن المعادلة عند أوبك والحقيقة بانه لا يوجد حل سحري للأسف رغم أن عمرها طويل وخبرتها طويلة، حيث ان خفض الإنتاج أو رفع الإنتاج في حالة تخفيض الأسعار وفي حال ارتفاعها وهذا ما تفعله أوبك، ولكن الدول خارج أوبك تنتج كل برميل تستطيع الانتاج، واذا خفضت أوبك 500 الف برميل مثلاً تقوم هذه الدول بزيادة إنتاجها بـ 500 الف برميل، وهذه للأسف لم تسيطر عليه أوبك حتى الآن لأنه يحتاج الى حوار مع الدول المنتجة خارج أوبك، هنا السؤال هل الأسعار تنخفض الى 50 دولاراً أو تصل الى 80 دولاراً طبعاً الذي يحكم هذا هو الاستقرار العالمي من عدمه، ورؤيتي التي أراها هي أن العالم يشهد حروبا طاحنة ويشهد حروبا أهلية ونزاعات في منطقة الشرق الأوسط ، ايضاً في أفريقيا مثلا في نيجيريا هناك ثورات، وايضاً هناك عدم استقرار فيما يتعلق بتعطيل بعض المنشآت البترولية وايضاً ما يشهد العالم من أعاصير وهذه تؤثر على الأسعا ر ، ونأتي الآن على الملف النووي الإيراني أنا قلت قبل ذلك أنه اذا نشب حرب بين الولايات المتحدة و دول أخرى وإيران فإن أسعار البترول ستتخطى 100 دولار بل ستصل الى150 دولاراً، ولكن إذا بقي الموضوع كما هو وفرضت عقوبات على إيران وحدث إن إيران خفضت إنتاجها أو منع جزء منه وهذا ما أشك فيه أن يستخدم ، وهنا تتأثر الأسعار لكن تأثير طبيعي لأن السوق النفطية العالمية اليوم متخمة ، رغم أن أوبك اليوم خفضت حوالى 500 الف برميل يومياً تبدأ من فبراير كما ذكرت ،إلا أن السوق النفطية فيها فائض يزيد على 2 مليون برميل يومياً ، بالإضافة الى زيادة المخزونات الأستراتيجية بأوروبا وأمريكا موجود ، وانخفاض البترول الى 50 دولاراً تحكمه هذه العوامل ، وما نراه اليوم أمامنا أن العالم يشهد تكتلات وصراعات وهذه كلها تدفع بأسعار الطاقة الى الأعلى وتؤثر على السوق الدولية في أسعار النفط.

** ولكن من الواضح انك تميل الى الرؤيا بأن انخفاض الأسعار لن يحدث .. اليس كذلك ؟

** لا أعتقد لأن سقف أوبك حاليا 26 مليون برميل يومياً دون نفط العراق ، لان العراق خارج الكوتة (مجموعة اوبك) واعتقد بأن أوبك مصممة على تخفيض الإنتاج أكثر إذا أصبح هناك تدن في الأسعار ، لذا نجد أن وزير الطاقة الأمريكي مؤخراً أبدى امتعاضه الشديد من تخفيض المنظمة لإنتاجها، فالدول الصناعية التي تستهلك مايقارب 75% من الإنتاج النفطي العالمي ، طبعاً يهمها أن تكون السوق النفطية العالمية مغرقة بالنفط ووكالة الطاقة الدولية التي تمثل الدول الصناعية ، يهمها بل حريصه علي زيادة الإنتاج ولكن الدول المنتجة تحاول أن تحافظ على إنتاج متوسط سعر وأنا قلت إن أوبك عينها على 55 الى 60 دولاراً ، وأرى أن الأسعار تدور ما بين 50 الى 60 دولاراً لكي يكون هناك مساحة للتحرك بالسعر ولكي لا تكون أوبك أمام مشكلة إن نزلت عن 55 دولاراً ، كما كان في السابق من 22 دولاراً الى 28 دولاراً سقطت النظرية هذه وانتهت ، ونجحت أوبك الحقيقة بسبب العوامل التي تجمعت لصالحها كما قلت لاسباب سياسية واستراتيجية ، وصراعات وايضاً أسباب تتعلق بإنتاج الأوبك بعض الدول خفضت الإنتاج كما نجد اليوم أن نيجيريا هبط إنتاجها الى مليوني برميل ومرشحة للهبوط دول أخرى في إنتاجها، تجعلنا نتوقع أن الأسعار تستقر ما بين 50 دولاراً الى 60 دولاراً.