ضوى
18-12-2006, 11:17 AM
القولُ بأنَّ مدةَ الحملِ تسعةُ أشهرٍ ، هوَ أمرٌ منَ المعروفِ عنْ تكاثرِ الإنسانِ .
أجلْ ، فالغالبُ في المرأةِ الحاملِ أنْ تضعَ أوزارَها في تسعةِ أشهرٍٍ . وقدْ استنتجَ الفقهاءُ منْ آياتِ الذكرِ الحكيمِ - وفي ذلكَ يؤيّدُهم الواقعُ - أنَّ أقلَّ مدةٍ للحملِ الموصلِ للجنينِ إلى مولدٍ مرشِّحٍ للحياةِ ، هيَ أشهرٌ ستةٌ . وأمَّا بالنسبةِ للمدةِ القصوى للحملِ ، فقدْ أوصلَها البعضُ منَ الفقهاءِ إلى أربعِ سنينَ ، ولكنَّ الذينَ أخذوا بالسنتينِ كانوا أقوى دليلاً . والأمرُ فقهيُّ بحتٌ وموضعُ اختلافٍ ومناظراتٍ . وفي تفسيرِ القرطبيِّ مزيدٌ لمنْ أرادَ أنْ يتوسَّعَ أو أرادَ شمولاً .
الحملُ بالمسيحِ
كثيراً ما يثيرُ الناسُ السؤالَ عنْ مدَّةِ حملِ مريمَ البتولِ بالمسيحِ ، على رسولِنا وعليهما السلامُ .. فكمْ كانَ ما حملتْ بهِ ؟.. هلْ حملتْ بهِ بعضَ ساعةٍ ؟.. أمْ حملتْ بهِ بعضَ يومٍ ؟.. أمْ عددَ ليالٍ ؟.. أمْ عدةَ شهورٍ ؟
مثلُ عيسى كمثلِ آدمَ
آدَمُ لمْ يمرَّ في مراحلِ التخلَّقِ الجنينيّةِ ؛ فقدْ صار منَ الترابِ بشراً كاملاً سويّاً بـِ"كنْ فيكون" .. هيَ نقلةٌ واحدةٌ ، خطوةٌ واحدةٌ ؛ فما منْ حملٍ . وأمَّا عيسى فقدْ كانَ لأمَّهِ بهِ حملٌ . والظاهرُ أنَّ هذا الحملَ كانَ بعضاً منْ نهار .. فكيفَ نستدلُّ على ذلكَ منَ القرآنِ المجيدِ ؟
منَ المحرابِ إلى النخلةِ
أرسلَ اللهُ تعالى الروحَ إلى مريمَ فتمثَّلَ لها بشراً سويّاً ، وبشِّرَها بكلمةٍ منَ اللهِ اسمُهُ المسيحُ عيسى بنُ مريمَ . وكانتْ قدْ أحصنتْ فرجَها ، فلا يطراُ في بالِها أبداً أنَّ أحداً قدْ عاشرَها على حالٍ منْ نومٍ ثقيلٍ ، أوْ على حالٍ منْ إسكارٍ أوْ تخديرٍ . . فهيَ تلبسُ منْ أحزمةِ العفّةِ ما إنَّ أحداً منَ الناسِ يعرفُ أنْ يحلَّها أبداً .. وفوقَ ذلكَ فهيَ لمْ تكنْ تحيضُ ، وَفْقَ قولِ بعضٍ منَ المفسرينَ، وهذا معناهُ أنَّها لا تطلقُ البويضاتِ التي لا بدّ منها لتكوينِ الأجنةِ بعدَ أنْ تُخصَبَ بالحيواناتِ المنويّةِ . ولكنَّها حملتْ بأمرِ اللهِ تعالى بنفخِ الروحِ فيها ، وبدونِ خرقِ الإحصانِ .. فما كانَ خطابُ الروحِ لها إلّا تبشيراً وإعلاماً وتأنيساً، فهيَ لمْ تخضعْ لعمليّةِ النفخِ كما يخضعُ البشرُ مثلاً لعمليّةِ جراحيّةٍ ، أوْ لعمليّةِ زراعةِ طفلِ الأنابيبِ .. هيَ علمتْ بجريانِ عمليّةِ النفخِ منْ إعلامِ الروحِ لها ولكنَّها لمْ تشهدْها ، ولمْ تعرفْ كيفَ تجري ، هيَ علمتْ أنَّها ستجري لها ، لكنَّها ما رأتْ كيفَ جرتْ . وسرعانَ ما شعرتْ بالجنينِ ، فانتبذتْ بحملِها مكاناً قصيّاً ، فأخذها الطلقُ المخاضُ إلى جذعِ النخلةِ ، فوضعتْ طفلَها .
والفاءاتُ تفيدُ انعدامَ المهلةِ ، وتُظهرُ الفوريّةَ في التعاقبِ والتتابعِ : "فارسلْنا إليْها روحَنا فتمثّلَ لها بشراً سويّاً" ، وما أظنُّ أبداً أنَّ ليلاً واحداً قدْ جنَّها وهيَ خارجَ بيتِ أهلِها ، أثناءَ انتباذِها مكاناً شرقيّاً. وقدْ فوجئَ القومُ بابنِها تحملُهُ ، ممَّا يعني أنَّهم منْ قبلُ ما رأوا عليها أبداً أيَّ أماراتِ للحملِ ، وهذا يشعرُ بأنَّ الحملَ لمْ يتطاولْ ، بلْ كانَ في بعضِ يومٍ .
وقدْ ذهبَ ابنُ عباسٍ إلى أنَّها حملتْ ووضعتْ في الحالِ . وهذا القولُ يحتاجُ إلى توضيحٍ أوْ قليلٍ منَ التعديلِ ، وهوَ أنْ نذهبَ إلى القولِ ببعضِ اليومِ بدلاً منَ القولِ :"في الحالِ" ؛ وذلكَ لأنَّ ذهابَ مريمَ بحملِها إلى مكانٍ قصيٍّ لا بدَّ أنَّهُ قد استغرقَ بعضَ النهارِ .
وهناكَ منْ قالَ بأنَّ حملَ مريمَ بعيسى كانَ تسعةَ أشهرٍ ، وذهبَ آخرونَ إلى أنَّهَ كانَ منْ ثمانيةٍ ، ورأى قومٌ غيرُهم أنَّهُ كانَ منْ ستةِ أشهرٍ .
وتحملُ النخلةُ تسريةً وتغذيةً
فصلُ الشتاءِ في فلسطينَ هوَ فصلُ ميلادِ المسيحِ . والشهرُ الأخيرُ منَ السنةِ الشمسيةِ ، شهرُ كانونَ الأولِ ، ليسَ موسمَ حملٍ للنخلِ ، فلا أزهارَ أنثويةً ولا حبوبَ لقاحٍ .
وجاءتْ مريمُ إلى نخلةٍ بلا قطوفٍ ولا حتَّى أزهارٍ ، وأكثرُ منْ ذلكَ قيلَ بأنَّها كانتْ نخلةً مواتاً بلا سَعَفٍ ولا أغصانٍ.. وتلدُ مريمُ بعيسى ، ومنْ أجلِ أنْ تطمئنَّ إلى أنَّ الأمرَ آيةٌ بأمرِ اللهِ تعالى كانَ مَثَلُ حملِها كمثَلِ حملِ تلكَ النخلةِ .. فقدْ وصلتْها وليسَ عليها أزهارٌ ولا قطوفٌ ، ولا بقربِها نخلةٌ ذكريّةٌ ، وما أنْ وضعتْ مريمُ المسيحَ فورَ وصولِها تحتَها ، فإذا بتلكَ النخلةِ حاملةٌ برُطَبٍ جنيٍّ ، مما تشتهيهِ الأنفسِ .. فكانَ لها منْ تلكَ النخلةِ تسريةٌ وتغذيةٌ . والتمرُ بالنسبةِ للنُّفَساءِ ولرضيعِها ذو فوائدَ قدْ أشبَعها المفسرونَ تفصيلاً .
ووُلِدَ المسيحُ كالرُّطَبَ نُضْجاً
وقبلَ أنْ يأخذَ مريمَ الحزنُ ناداها المسيحُ أنْ تشربَ منْ نبعٍ تدفَّقَ لتوِّهِ : "فناداها مِنْ تحتِها ألاّ تحزني قدْ جعلَ ربُّكِ تحتَكِ سَريّاً" (مريم : 24) ، وأنْ تأكلَ منْ نخلةٍ حملتْ منْ فورِها برُطَبٍ ناضجٍ لذيذٍ : "وهُزّي إليْكِ بجِذْعِ النخلةِ تُساقِطْ عليْكِ رُطَباً جَنِيّاً" (مريم : 25) ، وما ذلكَ إلَّا بـِ"كنْ فيكون".. فقدْ آنسَ الطفلُ أمَّهُ ، واستبشرتْ بأنَّ كلامَهُ سيكونُ خيرَ شهادةٍ لتبرئتِها .. ففورَ اتِّهامِ قومِها لها أشارتْ إليهِ في المهدِ : "فأشارتْ إليْهِ قالوا : كيفَ نكلِّمُ مَنْ كانَ في المهدِ صبيّاً ؟" (مريم :29) ، فظنّوها تهزأ بهم ، وتراوغُ ، فقالَ لهمْ : "إنَّي عبدُ اللهِ آتانيَ الكتابَ وجعلني نبيّاً" .. فليسَ منَ الخارقِ أنّني أتحدَّثُ في المهدِ فحسْبُ ، بلْ وفوقَ ذلكَ فأنا نبيٌّ متحدِّثٌ بالحقِّ والحكمةِ وأنا في المهدِ أيضاً.. فقدْ وُلِدْتُ بالغَ الرُّشدِ ولا أنتظرُ أنْ أكتسبَ العلمَ اكتساباً .
حسناً ، منَ المفيدِ أنْ نعرفَ أنَّ اللهَ تعالى قدْ هيّأَ لمريمَ مجموعةَ مؤنساتٍ تطمئنُها أنَّ حملَها آيةٌ منْ آياتِ اللهِ تعالى ، وكلُّها منَ الخوارقِ التي تناسبُ حالتَها :
1- مجيئُ الأرزاقِ إليها وهيَ في المحرابِ في كفالةِ زكريّا ، عليهِ السلامُ : "إنَّ اللهَ يرزقُ مَنْ يشاءُ بغيرِ حسابٍ".
2- ولادةُ يحيى عليهِ السلامُ منَ امرأةٍ عاقرٍ ورجلٍ قدْ توقّفَ عنْ إنتاجِ المنيِّ منذُ سنينَ .
3- إثمارُ النخلةِ الميتةِ ونضجُ ثمارِها في وقتٍ غيرِ محسوسٍ ، وفي زمنٍ لا يحملُ فيهِ النخيلُ ، ودونَ أنْ يكونَ بجوارِها نخلةٌ مذكّرةٌ .
4- حديثُ عيسى وهوَ صبيٌّ في المهدِ ، منْ ساعةِ ولادتِهِ . وما مثلُهُ عندَ اللهِ إلّا كمثلِ آدمَ خلقَهُ منْ ترابٍ ثمَّ قالَ لـهُ : "كُنْ فيكونُ" . فسلامٌ عليْهِ يومَ وُلِدَ ويومَ توفّاهُ اللهُ تعالى ويومَ يُبعَثُ حيّاً .
منقوووووووووووووووووووووووووووووووووول
أجلْ ، فالغالبُ في المرأةِ الحاملِ أنْ تضعَ أوزارَها في تسعةِ أشهرٍٍ . وقدْ استنتجَ الفقهاءُ منْ آياتِ الذكرِ الحكيمِ - وفي ذلكَ يؤيّدُهم الواقعُ - أنَّ أقلَّ مدةٍ للحملِ الموصلِ للجنينِ إلى مولدٍ مرشِّحٍ للحياةِ ، هيَ أشهرٌ ستةٌ . وأمَّا بالنسبةِ للمدةِ القصوى للحملِ ، فقدْ أوصلَها البعضُ منَ الفقهاءِ إلى أربعِ سنينَ ، ولكنَّ الذينَ أخذوا بالسنتينِ كانوا أقوى دليلاً . والأمرُ فقهيُّ بحتٌ وموضعُ اختلافٍ ومناظراتٍ . وفي تفسيرِ القرطبيِّ مزيدٌ لمنْ أرادَ أنْ يتوسَّعَ أو أرادَ شمولاً .
الحملُ بالمسيحِ
كثيراً ما يثيرُ الناسُ السؤالَ عنْ مدَّةِ حملِ مريمَ البتولِ بالمسيحِ ، على رسولِنا وعليهما السلامُ .. فكمْ كانَ ما حملتْ بهِ ؟.. هلْ حملتْ بهِ بعضَ ساعةٍ ؟.. أمْ حملتْ بهِ بعضَ يومٍ ؟.. أمْ عددَ ليالٍ ؟.. أمْ عدةَ شهورٍ ؟
مثلُ عيسى كمثلِ آدمَ
آدَمُ لمْ يمرَّ في مراحلِ التخلَّقِ الجنينيّةِ ؛ فقدْ صار منَ الترابِ بشراً كاملاً سويّاً بـِ"كنْ فيكون" .. هيَ نقلةٌ واحدةٌ ، خطوةٌ واحدةٌ ؛ فما منْ حملٍ . وأمَّا عيسى فقدْ كانَ لأمَّهِ بهِ حملٌ . والظاهرُ أنَّ هذا الحملَ كانَ بعضاً منْ نهار .. فكيفَ نستدلُّ على ذلكَ منَ القرآنِ المجيدِ ؟
منَ المحرابِ إلى النخلةِ
أرسلَ اللهُ تعالى الروحَ إلى مريمَ فتمثَّلَ لها بشراً سويّاً ، وبشِّرَها بكلمةٍ منَ اللهِ اسمُهُ المسيحُ عيسى بنُ مريمَ . وكانتْ قدْ أحصنتْ فرجَها ، فلا يطراُ في بالِها أبداً أنَّ أحداً قدْ عاشرَها على حالٍ منْ نومٍ ثقيلٍ ، أوْ على حالٍ منْ إسكارٍ أوْ تخديرٍ . . فهيَ تلبسُ منْ أحزمةِ العفّةِ ما إنَّ أحداً منَ الناسِ يعرفُ أنْ يحلَّها أبداً .. وفوقَ ذلكَ فهيَ لمْ تكنْ تحيضُ ، وَفْقَ قولِ بعضٍ منَ المفسرينَ، وهذا معناهُ أنَّها لا تطلقُ البويضاتِ التي لا بدّ منها لتكوينِ الأجنةِ بعدَ أنْ تُخصَبَ بالحيواناتِ المنويّةِ . ولكنَّها حملتْ بأمرِ اللهِ تعالى بنفخِ الروحِ فيها ، وبدونِ خرقِ الإحصانِ .. فما كانَ خطابُ الروحِ لها إلّا تبشيراً وإعلاماً وتأنيساً، فهيَ لمْ تخضعْ لعمليّةِ النفخِ كما يخضعُ البشرُ مثلاً لعمليّةِ جراحيّةٍ ، أوْ لعمليّةِ زراعةِ طفلِ الأنابيبِ .. هيَ علمتْ بجريانِ عمليّةِ النفخِ منْ إعلامِ الروحِ لها ولكنَّها لمْ تشهدْها ، ولمْ تعرفْ كيفَ تجري ، هيَ علمتْ أنَّها ستجري لها ، لكنَّها ما رأتْ كيفَ جرتْ . وسرعانَ ما شعرتْ بالجنينِ ، فانتبذتْ بحملِها مكاناً قصيّاً ، فأخذها الطلقُ المخاضُ إلى جذعِ النخلةِ ، فوضعتْ طفلَها .
والفاءاتُ تفيدُ انعدامَ المهلةِ ، وتُظهرُ الفوريّةَ في التعاقبِ والتتابعِ : "فارسلْنا إليْها روحَنا فتمثّلَ لها بشراً سويّاً" ، وما أظنُّ أبداً أنَّ ليلاً واحداً قدْ جنَّها وهيَ خارجَ بيتِ أهلِها ، أثناءَ انتباذِها مكاناً شرقيّاً. وقدْ فوجئَ القومُ بابنِها تحملُهُ ، ممَّا يعني أنَّهم منْ قبلُ ما رأوا عليها أبداً أيَّ أماراتِ للحملِ ، وهذا يشعرُ بأنَّ الحملَ لمْ يتطاولْ ، بلْ كانَ في بعضِ يومٍ .
وقدْ ذهبَ ابنُ عباسٍ إلى أنَّها حملتْ ووضعتْ في الحالِ . وهذا القولُ يحتاجُ إلى توضيحٍ أوْ قليلٍ منَ التعديلِ ، وهوَ أنْ نذهبَ إلى القولِ ببعضِ اليومِ بدلاً منَ القولِ :"في الحالِ" ؛ وذلكَ لأنَّ ذهابَ مريمَ بحملِها إلى مكانٍ قصيٍّ لا بدَّ أنَّهُ قد استغرقَ بعضَ النهارِ .
وهناكَ منْ قالَ بأنَّ حملَ مريمَ بعيسى كانَ تسعةَ أشهرٍ ، وذهبَ آخرونَ إلى أنَّهَ كانَ منْ ثمانيةٍ ، ورأى قومٌ غيرُهم أنَّهُ كانَ منْ ستةِ أشهرٍ .
وتحملُ النخلةُ تسريةً وتغذيةً
فصلُ الشتاءِ في فلسطينَ هوَ فصلُ ميلادِ المسيحِ . والشهرُ الأخيرُ منَ السنةِ الشمسيةِ ، شهرُ كانونَ الأولِ ، ليسَ موسمَ حملٍ للنخلِ ، فلا أزهارَ أنثويةً ولا حبوبَ لقاحٍ .
وجاءتْ مريمُ إلى نخلةٍ بلا قطوفٍ ولا حتَّى أزهارٍ ، وأكثرُ منْ ذلكَ قيلَ بأنَّها كانتْ نخلةً مواتاً بلا سَعَفٍ ولا أغصانٍ.. وتلدُ مريمُ بعيسى ، ومنْ أجلِ أنْ تطمئنَّ إلى أنَّ الأمرَ آيةٌ بأمرِ اللهِ تعالى كانَ مَثَلُ حملِها كمثَلِ حملِ تلكَ النخلةِ .. فقدْ وصلتْها وليسَ عليها أزهارٌ ولا قطوفٌ ، ولا بقربِها نخلةٌ ذكريّةٌ ، وما أنْ وضعتْ مريمُ المسيحَ فورَ وصولِها تحتَها ، فإذا بتلكَ النخلةِ حاملةٌ برُطَبٍ جنيٍّ ، مما تشتهيهِ الأنفسِ .. فكانَ لها منْ تلكَ النخلةِ تسريةٌ وتغذيةٌ . والتمرُ بالنسبةِ للنُّفَساءِ ولرضيعِها ذو فوائدَ قدْ أشبَعها المفسرونَ تفصيلاً .
ووُلِدَ المسيحُ كالرُّطَبَ نُضْجاً
وقبلَ أنْ يأخذَ مريمَ الحزنُ ناداها المسيحُ أنْ تشربَ منْ نبعٍ تدفَّقَ لتوِّهِ : "فناداها مِنْ تحتِها ألاّ تحزني قدْ جعلَ ربُّكِ تحتَكِ سَريّاً" (مريم : 24) ، وأنْ تأكلَ منْ نخلةٍ حملتْ منْ فورِها برُطَبٍ ناضجٍ لذيذٍ : "وهُزّي إليْكِ بجِذْعِ النخلةِ تُساقِطْ عليْكِ رُطَباً جَنِيّاً" (مريم : 25) ، وما ذلكَ إلَّا بـِ"كنْ فيكون".. فقدْ آنسَ الطفلُ أمَّهُ ، واستبشرتْ بأنَّ كلامَهُ سيكونُ خيرَ شهادةٍ لتبرئتِها .. ففورَ اتِّهامِ قومِها لها أشارتْ إليهِ في المهدِ : "فأشارتْ إليْهِ قالوا : كيفَ نكلِّمُ مَنْ كانَ في المهدِ صبيّاً ؟" (مريم :29) ، فظنّوها تهزأ بهم ، وتراوغُ ، فقالَ لهمْ : "إنَّي عبدُ اللهِ آتانيَ الكتابَ وجعلني نبيّاً" .. فليسَ منَ الخارقِ أنّني أتحدَّثُ في المهدِ فحسْبُ ، بلْ وفوقَ ذلكَ فأنا نبيٌّ متحدِّثٌ بالحقِّ والحكمةِ وأنا في المهدِ أيضاً.. فقدْ وُلِدْتُ بالغَ الرُّشدِ ولا أنتظرُ أنْ أكتسبَ العلمَ اكتساباً .
حسناً ، منَ المفيدِ أنْ نعرفَ أنَّ اللهَ تعالى قدْ هيّأَ لمريمَ مجموعةَ مؤنساتٍ تطمئنُها أنَّ حملَها آيةٌ منْ آياتِ اللهِ تعالى ، وكلُّها منَ الخوارقِ التي تناسبُ حالتَها :
1- مجيئُ الأرزاقِ إليها وهيَ في المحرابِ في كفالةِ زكريّا ، عليهِ السلامُ : "إنَّ اللهَ يرزقُ مَنْ يشاءُ بغيرِ حسابٍ".
2- ولادةُ يحيى عليهِ السلامُ منَ امرأةٍ عاقرٍ ورجلٍ قدْ توقّفَ عنْ إنتاجِ المنيِّ منذُ سنينَ .
3- إثمارُ النخلةِ الميتةِ ونضجُ ثمارِها في وقتٍ غيرِ محسوسٍ ، وفي زمنٍ لا يحملُ فيهِ النخيلُ ، ودونَ أنْ يكونَ بجوارِها نخلةٌ مذكّرةٌ .
4- حديثُ عيسى وهوَ صبيٌّ في المهدِ ، منْ ساعةِ ولادتِهِ . وما مثلُهُ عندَ اللهِ إلّا كمثلِ آدمَ خلقَهُ منْ ترابٍ ثمَّ قالَ لـهُ : "كُنْ فيكونُ" . فسلامٌ عليْهِ يومَ وُلِدَ ويومَ توفّاهُ اللهُ تعالى ويومَ يُبعَثُ حيّاً .
منقوووووووووووووووووووووووووووووووووول