المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحليل اقتصادي - الطاقة النووية: شد الحبل بين السياسة والاقتصاد



سيف قطر
20-12-2006, 06:12 AM
تحليل اقتصادي - الطاقة النووية: شد الحبل بين السياسة والاقتصاد


تاريخ النشر:يوم الأربعاء ,20 ديسمبر 2006 12:24 أ.م.



وليد الدرعي :
"لن نسمح بدخول السلاح النووي إلى منطقة الشرق الأوسط" تصريحات لكبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، لتلخص السباق الحاصل في المنطقة لامتلاك الطاقة النووية حتى لا نقول شيئا آخر، فتقريبا أعلنت العديد من الدول العربية في الآونة الأخيرة عن نيتها تطوير أنشطة سلمية للطاقة النووية.. وإسرائيل أثارت بروتوكوليا حفيظة أوروبا القديمة حول برنامجها النووي الذي يعود إلى خمسينيات القرن الماضي.. أما إيران فمشروعها بين أخذ ورد في كواليس مجلس الأمن ومجموعة الست لتفتح أبواب المنطقة على مصارعيها لمختلف الاحتمالات.

وبين هذا وذاك يبرز العنصر السياسي كواجهة رئيسية للصراع على النفوذ في المنطقة من قبل القوى الكبرى في العالم تغذيه لغة المصالح والتحالفات.
إيران المدعومة بروسيا وضمنيا من الصين تسعى من خلال ربط مشروعها النووي بالمختبرات الروسية يعني ضمان تدخل روسي حازم لكل محاولة لفرض عقوبات مهما كان نوعها على النظام الإيراني الذي تعلم الكثير من التجربة العراقية وبدأ يتقن فن المناورة السياسية بشكل جيد.

الرغبة الإيرانية في امتلاك الطاقة النووية تقاطعت مع رغبة الدب الروسي المتحفز لوضع حد للهيمنة الأمريكية في منطقية تبدو ظاهريا تحت النفوذ الروسي والتي تنطلق من منطقة بحر قزوين وصولا إلى تخوم أوروبا الشرقية.

على صعيد آخر تجنح إسرائيل إلى التعتيم الكلي لبرنامجها النووي مدعومة في ذلك من قبل الدول الغربية وأساسا الولايات المتحدة الأمريكية ليبقى هذا البرنامج الشبح الذي تضغط به على جيرانها العرب. وهو في الواقع ليس شبحا إلا في خيال العرب فقط، فالكل يعلم تقريبا أن لإسرائيل ليس برنامجا بل سلاحا نوويا هددت به القوى الكبرى في حرب 1973 لتوقف تقدم الجيوش المصرية نحو تل أبيب حين قالت رئيسة الوزراء السابقة غولدا مايير لخرتشوف أنها ستخرج الأسود من عرينها إن لم توقف الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي هذا التقدم.

"تقليعة" الطاقة النووية المتجددة والموجودة حاليا في العــــالم لها وجه آخر، هو الظل للوجه السياسي ألا وهو الجانب الاقتصادي الذي يقدم على أنه الذريعة لتطوير البرامج النووية للأغراض السلمية فعديد الدول حاليا في المنطقة تتجه نحو استثمارات ضخمة في هذا المجال سواء كانت هذه الدول لها موارد طاقة متكونة اساسا من النفط ومشتقاته أو تلك الفقيرة في هذا المجال.

وتقدم هذه الدول حجة ارتفاع تكاليف أسعار النفط على أنه الحجة لهذا التوجه فالبنسبة للدول المنتجة للطاقة مثل ايران تبرهن على اختيارها هذا برغبتها في توجيه الجزء الأكبر من انتاج النفط لديها إلى التصدير وبالتالي تهدئة الأسواق، أما إنتاجها من الغاز إلى تلبية جزء بسيط من استهلاكها المحلي مفيدة في هذا الصدد أنها تورد نسبا متزايدة من حاجياتها من هذه المادة من تركمستان لتزويد الغرب الإيراني.

على صعيد آخر تهتم الدول الفقيرة طاقيا إن صح التعبير بالمجال النووي باعتباره نشاطا يمّكن من تخفيف فاتورة استهلاك الطاقة وتعويض تدريجي لمصادر الطاقة التي دخلت طور النضوب.
وتشير الدراسات الى أن احتياطيات النفط لن تكفي للـ40 سنة القادمة في صورة تواصل استهلاك الصين والهند للنفط ومشتقاته على النحو الحالي، أما في صورة ارتفاع وتيرة الاستهلاك في هذه البلدان فإن المخزون لن يكفي إلا للـ20سنة فقط لذلك نلاحظ هذا التسابق نحو استعمال الطاقة النووية.

ولعل المتضرر الأكبر وفق العديد من الملاحظين الشركات الكبرى العاملة في قطاع النفط والتابعة في غالبيتها للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان...والتي أقدمت على استثمارات ضخمة قدرت بمليارات الدولارات لتستفيد من ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية،والتي من الممكن أن تخسر الكثير بتوجه عديد الدول إلى الطاقة النووية قبل ان تسترجع استثماراتها والذي يقاس عادة وفق المنظور الاقتصادي بحجم الاستثمار على المردودية المترقبة من الاستثمار لنعرف عدد السنوات التي يمكن لشركة ان تسترجع فيها استثمارها.

وعادة ما تكون الاستثمارات في هذه المجالات طويلة الأمد لضخامتها لذلك نلاحظ الدول الغربية علاوة على عدم رغبتها في وجود مثل هذه الطاقة عند بعض الدول التي قد تسيء استخدامها فإنها ترغب في غطاء شركاتها المزيد من الوقت حتى تسترجع استثماراتها وأرباحها.