المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السعودية تؤمن الريال ضد المضاربة وتضمن تدفق الواردات



سيف قطر
21-12-2006, 05:44 AM
تقارير اقتصادية ومحللون: بناء الميزانية العامة على أساس 38 دولارا لبرميل النفط
السعودية تؤمن الريال ضد المضاربة وتضمن تدفق الواردات

- "الاقتصادية" من الرياض - 30/11/1427هـ
أكدت تقارير اقتصادية تلت صدور الميزانية العامة للسعودية, أن تحويل 100 مليار ريال للاحتياطي من فائض العام المالي 2006, يعزز بناء الاحتياطيات من العملات الصعبة, وهو ما يؤدي بالتالي إلى تأمين الواردات لسنوات مقبلة, فضلا عن حماية الريال من المضاربات في الأسواق العالمية. ووفق التقارير, فإن الخطوة تحمي أيضا الخزانة العامة من الدين في حالة تراجع أسعار النفط.
وفي شأن الإيرادات المتوقعة للدولة للعام المالي المقبل، قدر تقرير صدر أمس عن بنك ساب أن تكون السعودية قد بنت هذه التوقعات على أساس 38 دولارا لبرميل النفط مقارنة بسعر 35 دولارا للبرميل عام 2006. ويذهب تقرير "ساب" إلى القول إن أداء الاقتصاد الشامل السعودي ووضع المركز المالي قويان، حيث يمتلك الاقتصاد القدرة للمحافظة على هذا المستوى حتى وإن انخفضت أسعار النفط إلى مستويات أقل من حدود 50 دولارا للبرميل.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:


تشير القراءة الأولية لموازنة العام المقبل التي أعلنها الملك عبد الله بن عبد العزيز البارحة الأولى، إلى تلازم عاملين: الاستفادة من استمرار أسعار النفط المرتفعة، والاستعداد لأي مفاجآت قد تأتي في العام الجديد.
ويتمثل العامل الأول في توجيه فائض ميزانية العام الحالي التي سينتهي العمل بها خلال الأيام القليلة المقبلة إلى تمويل تنفيذ بعض المشاريع، وتقليص حجم الدَّين العام، الذي بلغ في بعض المراحل 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبكل ما يعنيه ذلك من عبء حتى على الميزانية نفسها في باب توفير تدفقات مالية لخدمة ذلك الدَّين، ودعم اتجاه بناء الاحتياطيات من العملات الصعبة، التي أصبحت في وضع مريح يؤمن واردات البلاد لسنوات عديدة مقبلة، وفوق هذا دعم الريال في وجه أي مضاربات مستقبلية.
وهذه في حد ذاتها تشكل مسندة لامتصاص أي مفاجآت يمكن أن تأتي بها السوق النفطية، خاصة والمؤشرات بدأت بقيام منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) الإعلان عن خفض في سقفها الإنتاجي للمرة الثانية خلال شهرين. الخفض الأول الذي أعلن في الاجتماع الطارئ الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أدى إلى خفض في الحصة الرسمية للسعودية بنحو 380 ألف برميل يوميا إلى 8.719 مليون، الأمر الذي يعني تقليصا لحجم الإنتاج النفطي السعودي الذي استقر في حدود 9.4 مليون برميل يوميا في المتوسط خلال العامين الماضيين.
الخفض الجديد الذي يفترض تنفيذه في مطلع شباط (فبراير) المقبل سيعني تقريبا إزاحة 120 ألف برميل يوميا أخرى حال تنفيذه ومنذ بداية العام، الأمر الذي سيدفع بحجم الإنتاج السعودي إلى نحو 8.6 مليون، وهو أقل حجم إنتاجي خلال فترة السنوات القليلة الماضية.
لكن يعوض عن هذا أن سعر برميل النفط يظل مرتفعا، وفي التقدير السائد في أوساط الصناعة النفطية، أن سعر 50 دولارا للبرميل يكاد يماثل 20 دولارا كانت معتمدة قبل ثلاث أو أربع سنوات على أساس أنه الأرضية السعرية التي لا يمكن النزول إلى ما تحتها.
على أن الأهم أن السعودية تتبنى دائما موقفا محافظا في تقديراتها لسعر البرميل الذي تعد على أساسه الموازنة. ورغم أن هذا التقدير لا ينشر قط بصورة رسمية، إلا أن السائد في الأوساط الاقتصادية أن موازنة العام الحالي بنيت على أساس 38 دولارا لبرميل النفط السعودي، بينما كان العائد الفعلي خلال هذا العام في حدود 62 دولارا للبرميل. وهذا هو تفسير الحجم الكبير للفائض، وهو ما يوفر في الوقت ذاته هامشا لامتصاص أي تراجع في سعر البرميل أو حجم الصادرات النفطية السعودية لأسباب تعلق بسياسات "أوبك" مثلا.
من الناحية الأخرى، فإن اقتصادات الدول المستهلكة خاصة الصناعية منها أبرزت قدرة على التواؤم مع الأسعار العالية خلال الأعوام الماضية، ويرجع هذا في جانب إلى زيادة فاعلية استخدام الطاقة والحاجة إلى بقاء سعر برميل النفط فوق 40 دولارا حتى من وجهة نظر المستهلكين.
الميزانية الجديدة، وهي الأعلى في تاريخ السعودية، تقوم على الأداء الجيد لموازنة العام المالي السابق، الذي حققت فيه الإيرادات زيادة بلغت 265 مليار ريال، كما أن المنصرفات الفعلية حققت من جانبها نموا في حدود 55 مليارا، تم استخدامها فعلا في خفض حجم الدَّين العام الحكومي وكله داخلي ومقوم بالريال ليصبح في حدود 366 مليار ريال، أو ما يعادل 28 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كانت النسبة 40 في المائة العام الماضي.
وكما ورد في "الاقتصادية" قبل أيام، فإن مؤسسة النقد العربي السعودي اتجهت إلى شراء السندات التي تم استخدامها من قبل لتمويل العجز في الموازنة خلال فترة العشرين عاما الماضية، الأمر الذي سيسمح بإطلاق قدرات مالية جديدة يمكن استخدامها لدفع الحركة الاقتصادية.
بناء على هذا الوضع، فإن الموازنة الجديدة تبدأ بتحقيق فائض في حدود 20 مليار ريال، كما أنها تتجه إلى تكثيف الإنفاق على مجالات الخدمات متابعة لما تم خلال العام الماضي تحديدا، وعليه فسيحصل قطاع التعليم والتدريب على 96.7 مليار ريال، الصحة 39.5 مليار، الخدمات الاجتماعية والإسكان الشعبي عشرة مليارات.
لكن أهم من هذا أن الحركة الاقتصادية ستستمر مدفوعة بمجموعة من المشاريع الضخمة يصل عددها إلى 37 مشروعا، أطلقت عليها مجموعة "سامبا" المالية صفة العملاقة، وهي إما دخلت مرحلة التنفيذ، وإما الإعداد للبدء في التنفيذ، وإما في مراحل تخطيطية متقدمة، وتمتد خلال الفترة حتى نهاية العقد الأول من هذا القرن، أو حتى عام 2010 في غالبيتها. إجمالي تكلفة هذه المشاريع يبلغ 283 مليار دولار، نصيب التمويل الحكومي المباشر فيه لا يتجاوز الثلث، بينما البقية إما لمؤسسات شبه حكومية لها قدراتها المالية الخاصة وإما للقطاع الخاص، الأمر الذي يوفر قوة دافعة حتى إذا اضطرت الظروف الحكومية إلى تقليل إنفاقها العام لأي سبب من الأسباب.
ومع بقاء أسعار النفط مرتفعة، وجود هامش مريح للحركة من خلال فائض في الميزانية والميزان التجاري، بقاء معدل التضخم منخفضا وإدارة الوضع الاقتصادي بصورة محفزة للنمو واستمرار تصاعد أداء القطاع غير النفطي، فإن السعودية تدخل العام المالي الجديد وهي أكثر قدرة على مواجهة تحدياته.