سهم متذبذب
23-12-2006, 03:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال : ((يا أيها الناس أي يومٍ هذا ؟ قالوا: يوم حرام . قال:فأي بلدٍ هذا ؟ قالوا: بلدٌ حرام. قال: فأي شهرٍ هذا ؟ قالوا: شهرٌ حرام. قال :"فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا " فأعادها مراراً ثم رفع رأسه فقال " اللهم هل بلغت ، اللهم هل بلغت " قال ابن عباس رضي الله عنهما: والذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته . فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)) رواه البخاري
* مثلت الخطبة التي صدح بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين نحو عشرة آلاف من أصحابه في حجة الوداع جملة من القواعد التي بتحقيقها نصل إلى مجتمع موحد ومتكافل وآمن ، و هي باختصار : (حفظ الأنفس) (حفظ الأموال) (حفظ الأعراض) وتحريمها بين المسلمين ، ولا ينقض هذه الأسس سوى حمية الجاهلية ( العصبية القبلية ، والسعي للمناصب ، والتخلي عن الشرف).. فوقاية الدماء والأموال والأعراض لا تكون إلا بنبذ حميات الجاهلية الأولى .. أما إتاحة الفرصة للحميات العصبية لتظهر في الساحة فالنتيجة ستكون سلبية بكل المقاييس والوقاية خير من العلاج وفي كل خير..
* وفي خطبته عليه الصلاة والسلام قد أكد على وضع حمية الجاهلية بكل أشكالها ، وتعدى الأمر ما يتصوره الجميع عندما قام - صلى الله عليه وسلم - أعلن أن الربا موضوع تحت أقدامه وأول ربا وضعه كان (ربا عمه العباس) ، وقد أشار صلوات ربي وسلامه بذلك إلى التأسي به في وضع الربا تحت الاقدام حتى وإن تولى كبره أولوا القربى ..والآيات التالية تبين ضرورة اتباع الرسول في وضع الربا واجتناب الشبهات والشاهد قوله تعالى : (واطيعوا الرسول)..والله أعلم
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (130-132) سورة آل عمران
* وبما أننا في ثنايا أيام مباركة تجتمع فيها الوفود لزيارة بيت الله عز وجل وأداء فريضة الحج فحري بنا أن نوضح أسمى معاني الحج وعلى رأسها معاني الأخوة بين المؤمنين ، فالمؤمنون وإن تقاتلوا فذلك لا يخرجهم من من دائرة الأخوة الإسلامية إلا بفعل كفري صريح خالي من الشبهة (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، وأهم شعائر الأخوة في الدين على الاطلاق هي فريضة (الصلاة) ، وفي آية اقتتال المؤمنين مع بعضهم فسحة لنا ، فقد سماهم الله في كتابه (مؤمنين ، وأخوة) بالرغم من المعارك التي حدثت وستحدث بينهم .. ولكن يضل الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين قاعدة لا ينقضها إلا هالك ..
قال تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ - الْمُؤْمِنِينَ - اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ - إِخْوَةٌ -فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (10) سورة الحجرات
* في مقابل الولاء بين المؤمنين رغم بعض الخلافات العارضة ، يلزمنا ذكر البراءة من المشركين خصوصاً وأنه من أسمى معاني الحج ، ذلك لأن الحج يعتبر شاهداً عملياً على صحة الاسلام وخلوه من الشوائب الشركية .. من أجل هذا المعنى السامي تعتبر الأعمال الصالحة بكافة أشكالها أفضل في ايام العشر من بقية أيام السنة .. وقد أمرنا بتطهير البيت من كل رجس أو نجس حتى لا يبقى شعار يناهض شعار التلبية بالتوحيد..
قال تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (26) سورة الحـج
وقال تعالى : {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة
* وإذا علمنا أننا قد بلينا بشر من وطء الحصى وهم (الرافضة) وفي كل حجة يريدون خلخلة أمن هذا الجمع المبارك بتوجيه ممن يسمون أنفسهم بعلماء الشيعة وهم ضلاّلهم ، يرهبون الحجيج ليس لشيء إلا لأن هذا الحج يرفع شعار التوحيد الخالص ويبطل عقائدهم المجوسية من جذورها ، لذلك يجب على الجميع مسئولين وغير مسئولين استشعار هذا خطر التهديدات المحدقة بركن الحج وحفظ الأمن من هؤلاء الغوغائيين ، فلا خوف ولا كسل في مقابل حفظ امن البلد الحرام وقد ابتلانا الله بهم حتى يرى صنيعنا معهم..ويمحص ما في صدور المؤمنين !!!
قال تعالى : {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (3) سورة التوبة
* أيام الحج تغيض أهل الشرك وبالذات يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر لأن الهدي فيه يقدم لله وحده دون أن يشرك معه في ذلك صنم أو ولي أو ضريح ، وقد جاءت كلمة (أذان) في الآية السابقة كأمر مباشر لإستخدام الحج في تقوية التوحيد وإغاضة أهل الشرك ، ويتعين من جراء ذلك أن تعرض جموع الحجيج الغفيرة على الشاشات والصحف كوسيلة تغني عن المناورات العسكرية في وقتنا الحالي ، وقد هابت العرب قديماً عدد الحجيج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتناقلوا ذلك بينهم ..حتى ساروا بأمان مطمئنين إلى أن دخلوا البلد الحرام..والدور ملقى على عاتق وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة رسمية كانت أو غير رسمية بالدرجة الأولى في رفع هذا النوع من الأذان (للناس) كافة على اختلاف أديانهم ..
* وسنحاول بإذن الله رفع النوع من الأذان من هذا المنبر ونعرف بالشرك وننقض كافة مبرراته بحول الله وقوته ، فالشرك يعرّف بأنه : أعظم الظلم ، والظلم هو: وضع الشيء في غير موضعه ، والمشركون قد وضعوا العبادة والدعاء في غير موضعها عندما صنعوا الاصنام والأضرحة والقدرة لأوليائهم أحياء كانوا أم أموات.. فهل هناك ظلم أشد من الشرك بالله تعالى؟؟؟
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (13) سورة لقمان
* أما من يقول بأن أهل الشرك في زماننا متأولين وأتباع مخدوعين فإن قوله فيه (نظر شديد) ذلك لأن صريح الكتاب والسنة لم يعذر المشرك لا بالتأويل ولا بالضعف ولا بالجهل ولا بالاتباع ، بل إن القرآن بأسره ما أنزل إلا لإثبات وحدانية الله ولدحض شبهات المشركين.. والآيات الدالة على ذلك كثيرة ..
* فإن قال مشركي زماننا بأنهم لا يعبدون صنماً منحوتاً ولا ولياً حياً بل إنهم يتقربون من الله عن طريق الأولياء الميتين لمكانتهم العظيمة عند الله ، لقلنا إذا افترضنا بأنهم فعلاً كانوا أولياء لله هذا الشرك بعينه ، لأن مبدء الشرك وأول ظهوره لم يكن إلا لموت الصالحين فزين الشيطان ان يصنع لهم أقوامهم صوراً يتذكرونهم بها ، حتى إذا هلك الجيل جاء بعده جيل يعبدون هذه الصور او الاصنام أو الأضرحة .. أما ما يخص الأحياء وكون الولي منهم يرقى لمرتبة تخوله أن ينوب عن الله في الأرض فهي شرك أيضاً وقد سبقهم النصارى في هذا الشأن.. ولعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون !!!
قال تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (31) سورة التوبة
وقال تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ - مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ - وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} (26) سورة الكهف
* يحقدون على الاسلام وأهله لأنه أخرج أجدادهم المجوس من عبادة النار والطواف حولها بعواءات شركية إلى عبادة الله وحده والطواف حول بيته بالتوحيد وهذا ما أقض مضاجع أجدادهم من قبلهم ، وهم في وقتنا الحاضر لم يبنوا بناءً في فناء إحدى أضرحتهم المعروفة ليضاهون به بناء الكعبة المشرفة حتى يصرفوا الناس او على الأقل عامتهم عن الحج .. وبهذا يتضح أن السر في كراهيتهم لنا وللحج بالذات هو (التوحيد)..
قال تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء - شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ - مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (21) سورة الشورى ، وقد أشارت خاتمة هذه الآية بأن هذا الفعل من أشد الظلم كما هو ظاهر..
* يفعلون الأفاعيل بأهل السنة والتوحيد في العراق من قبل حتى تخلو لهم الساحة ليشركوا بالله الغني الحميد، فإن كانت هناك مصلحة شرعية (ظاهرة) من دخولهم للمسجد الحرام كمتأولين رغم التحفظ على هذا المبرر (بناء على الكتاب والسنة) فليكن ذلك تحت متابعة وحرص شديدين من أهل السنة جميعاً مسئولين وغير مسئولين حتى لا يعكر الأمن في بيت الله الحرام هؤلاء الأنجاس ..
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (28) سورة التوبة
* هم يكرهون قراءة القرآن بتجرد ذلك لأنه يحرق مبرراتهم الشركية التي تقوم عليها عقائدهم .. هذه الملاحقة مستمرة ولم يسلم منها حتى بالأحياء الذين يدعون بأنهم أولياء لله وباستطاعتهم فعل شيء من أفعاله تعالى ؟؟ كيف يسلموا هم من الملاحقة وقد علموا أن الله قد توعد ملائكته البررة الكرام بالعذاب إن أدعى أي أحد منهم بأنه إله أو يشارك الله في أحد أفعاله أو صفاته ؟؟؟
قال تعالى : {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} (29) سورة الأنبياء
* بعد أن تعرضنا للمشركين وذكرنا حقيقة حقدهم على الاسلام وأهله ، وجب ذكر أن الكفار والمنافقين والمشركين يشتركون في الحقد على معاني الحج العظيمة ، وهنا يتوجب علينا القيام برسالة الحج على مستوى محلي وإقليمي وعالمي ، تنفيذا لما يريده الله عز وجل منا ، (وقل لله الحجة البالغة ولو شاء لهداكم أجمعين)..
قال تعالى : {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (27) سورة الحـج
* جاءت آية (وأذن في الناس بالحج..) بعد آية (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً) مباشرة لتؤكد على الدور الاعلامي لذكر الحج ونشر معانيه العظيمة لكل الناس بشتى الوسائل والطرق .. وقد بدئت الآية بواو العطف(وأذن).. ومن ذلك ذكر التسهيلات المتاحة للحج من طرق ووسائل نقل مريحة لأن بعض الناس يظن مع كثرة الازدحام أن الحج والتنقل بين المناسك من الصعوبة بمكان فهو لا يريد من أحد أن يزاحمه لزيارة الله عز وجل وكأن الله قد دعاه للزيارة لوحده ..
يتبع
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال : ((يا أيها الناس أي يومٍ هذا ؟ قالوا: يوم حرام . قال:فأي بلدٍ هذا ؟ قالوا: بلدٌ حرام. قال: فأي شهرٍ هذا ؟ قالوا: شهرٌ حرام. قال :"فإن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا " فأعادها مراراً ثم رفع رأسه فقال " اللهم هل بلغت ، اللهم هل بلغت " قال ابن عباس رضي الله عنهما: والذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته . فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)) رواه البخاري
* مثلت الخطبة التي صدح بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين نحو عشرة آلاف من أصحابه في حجة الوداع جملة من القواعد التي بتحقيقها نصل إلى مجتمع موحد ومتكافل وآمن ، و هي باختصار : (حفظ الأنفس) (حفظ الأموال) (حفظ الأعراض) وتحريمها بين المسلمين ، ولا ينقض هذه الأسس سوى حمية الجاهلية ( العصبية القبلية ، والسعي للمناصب ، والتخلي عن الشرف).. فوقاية الدماء والأموال والأعراض لا تكون إلا بنبذ حميات الجاهلية الأولى .. أما إتاحة الفرصة للحميات العصبية لتظهر في الساحة فالنتيجة ستكون سلبية بكل المقاييس والوقاية خير من العلاج وفي كل خير..
* وفي خطبته عليه الصلاة والسلام قد أكد على وضع حمية الجاهلية بكل أشكالها ، وتعدى الأمر ما يتصوره الجميع عندما قام - صلى الله عليه وسلم - أعلن أن الربا موضوع تحت أقدامه وأول ربا وضعه كان (ربا عمه العباس) ، وقد أشار صلوات ربي وسلامه بذلك إلى التأسي به في وضع الربا تحت الاقدام حتى وإن تولى كبره أولوا القربى ..والآيات التالية تبين ضرورة اتباع الرسول في وضع الربا واجتناب الشبهات والشاهد قوله تعالى : (واطيعوا الرسول)..والله أعلم
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (130-132) سورة آل عمران
* وبما أننا في ثنايا أيام مباركة تجتمع فيها الوفود لزيارة بيت الله عز وجل وأداء فريضة الحج فحري بنا أن نوضح أسمى معاني الحج وعلى رأسها معاني الأخوة بين المؤمنين ، فالمؤمنون وإن تقاتلوا فذلك لا يخرجهم من من دائرة الأخوة الإسلامية إلا بفعل كفري صريح خالي من الشبهة (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، وأهم شعائر الأخوة في الدين على الاطلاق هي فريضة (الصلاة) ، وفي آية اقتتال المؤمنين مع بعضهم فسحة لنا ، فقد سماهم الله في كتابه (مؤمنين ، وأخوة) بالرغم من المعارك التي حدثت وستحدث بينهم .. ولكن يضل الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين قاعدة لا ينقضها إلا هالك ..
قال تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ - الْمُؤْمِنِينَ - اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ - إِخْوَةٌ -فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (10) سورة الحجرات
* في مقابل الولاء بين المؤمنين رغم بعض الخلافات العارضة ، يلزمنا ذكر البراءة من المشركين خصوصاً وأنه من أسمى معاني الحج ، ذلك لأن الحج يعتبر شاهداً عملياً على صحة الاسلام وخلوه من الشوائب الشركية .. من أجل هذا المعنى السامي تعتبر الأعمال الصالحة بكافة أشكالها أفضل في ايام العشر من بقية أيام السنة .. وقد أمرنا بتطهير البيت من كل رجس أو نجس حتى لا يبقى شعار يناهض شعار التلبية بالتوحيد..
قال تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (26) سورة الحـج
وقال تعالى : {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة
* وإذا علمنا أننا قد بلينا بشر من وطء الحصى وهم (الرافضة) وفي كل حجة يريدون خلخلة أمن هذا الجمع المبارك بتوجيه ممن يسمون أنفسهم بعلماء الشيعة وهم ضلاّلهم ، يرهبون الحجيج ليس لشيء إلا لأن هذا الحج يرفع شعار التوحيد الخالص ويبطل عقائدهم المجوسية من جذورها ، لذلك يجب على الجميع مسئولين وغير مسئولين استشعار هذا خطر التهديدات المحدقة بركن الحج وحفظ الأمن من هؤلاء الغوغائيين ، فلا خوف ولا كسل في مقابل حفظ امن البلد الحرام وقد ابتلانا الله بهم حتى يرى صنيعنا معهم..ويمحص ما في صدور المؤمنين !!!
قال تعالى : {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (3) سورة التوبة
* أيام الحج تغيض أهل الشرك وبالذات يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر لأن الهدي فيه يقدم لله وحده دون أن يشرك معه في ذلك صنم أو ولي أو ضريح ، وقد جاءت كلمة (أذان) في الآية السابقة كأمر مباشر لإستخدام الحج في تقوية التوحيد وإغاضة أهل الشرك ، ويتعين من جراء ذلك أن تعرض جموع الحجيج الغفيرة على الشاشات والصحف كوسيلة تغني عن المناورات العسكرية في وقتنا الحالي ، وقد هابت العرب قديماً عدد الحجيج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتناقلوا ذلك بينهم ..حتى ساروا بأمان مطمئنين إلى أن دخلوا البلد الحرام..والدور ملقى على عاتق وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة رسمية كانت أو غير رسمية بالدرجة الأولى في رفع هذا النوع من الأذان (للناس) كافة على اختلاف أديانهم ..
* وسنحاول بإذن الله رفع النوع من الأذان من هذا المنبر ونعرف بالشرك وننقض كافة مبرراته بحول الله وقوته ، فالشرك يعرّف بأنه : أعظم الظلم ، والظلم هو: وضع الشيء في غير موضعه ، والمشركون قد وضعوا العبادة والدعاء في غير موضعها عندما صنعوا الاصنام والأضرحة والقدرة لأوليائهم أحياء كانوا أم أموات.. فهل هناك ظلم أشد من الشرك بالله تعالى؟؟؟
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (13) سورة لقمان
* أما من يقول بأن أهل الشرك في زماننا متأولين وأتباع مخدوعين فإن قوله فيه (نظر شديد) ذلك لأن صريح الكتاب والسنة لم يعذر المشرك لا بالتأويل ولا بالضعف ولا بالجهل ولا بالاتباع ، بل إن القرآن بأسره ما أنزل إلا لإثبات وحدانية الله ولدحض شبهات المشركين.. والآيات الدالة على ذلك كثيرة ..
* فإن قال مشركي زماننا بأنهم لا يعبدون صنماً منحوتاً ولا ولياً حياً بل إنهم يتقربون من الله عن طريق الأولياء الميتين لمكانتهم العظيمة عند الله ، لقلنا إذا افترضنا بأنهم فعلاً كانوا أولياء لله هذا الشرك بعينه ، لأن مبدء الشرك وأول ظهوره لم يكن إلا لموت الصالحين فزين الشيطان ان يصنع لهم أقوامهم صوراً يتذكرونهم بها ، حتى إذا هلك الجيل جاء بعده جيل يعبدون هذه الصور او الاصنام أو الأضرحة .. أما ما يخص الأحياء وكون الولي منهم يرقى لمرتبة تخوله أن ينوب عن الله في الأرض فهي شرك أيضاً وقد سبقهم النصارى في هذا الشأن.. ولعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون !!!
قال تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (31) سورة التوبة
وقال تعالى: {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ - مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ - وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} (26) سورة الكهف
* يحقدون على الاسلام وأهله لأنه أخرج أجدادهم المجوس من عبادة النار والطواف حولها بعواءات شركية إلى عبادة الله وحده والطواف حول بيته بالتوحيد وهذا ما أقض مضاجع أجدادهم من قبلهم ، وهم في وقتنا الحاضر لم يبنوا بناءً في فناء إحدى أضرحتهم المعروفة ليضاهون به بناء الكعبة المشرفة حتى يصرفوا الناس او على الأقل عامتهم عن الحج .. وبهذا يتضح أن السر في كراهيتهم لنا وللحج بالذات هو (التوحيد)..
قال تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء - شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ - مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (21) سورة الشورى ، وقد أشارت خاتمة هذه الآية بأن هذا الفعل من أشد الظلم كما هو ظاهر..
* يفعلون الأفاعيل بأهل السنة والتوحيد في العراق من قبل حتى تخلو لهم الساحة ليشركوا بالله الغني الحميد، فإن كانت هناك مصلحة شرعية (ظاهرة) من دخولهم للمسجد الحرام كمتأولين رغم التحفظ على هذا المبرر (بناء على الكتاب والسنة) فليكن ذلك تحت متابعة وحرص شديدين من أهل السنة جميعاً مسئولين وغير مسئولين حتى لا يعكر الأمن في بيت الله الحرام هؤلاء الأنجاس ..
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (28) سورة التوبة
* هم يكرهون قراءة القرآن بتجرد ذلك لأنه يحرق مبرراتهم الشركية التي تقوم عليها عقائدهم .. هذه الملاحقة مستمرة ولم يسلم منها حتى بالأحياء الذين يدعون بأنهم أولياء لله وباستطاعتهم فعل شيء من أفعاله تعالى ؟؟ كيف يسلموا هم من الملاحقة وقد علموا أن الله قد توعد ملائكته البررة الكرام بالعذاب إن أدعى أي أحد منهم بأنه إله أو يشارك الله في أحد أفعاله أو صفاته ؟؟؟
قال تعالى : {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} (29) سورة الأنبياء
* بعد أن تعرضنا للمشركين وذكرنا حقيقة حقدهم على الاسلام وأهله ، وجب ذكر أن الكفار والمنافقين والمشركين يشتركون في الحقد على معاني الحج العظيمة ، وهنا يتوجب علينا القيام برسالة الحج على مستوى محلي وإقليمي وعالمي ، تنفيذا لما يريده الله عز وجل منا ، (وقل لله الحجة البالغة ولو شاء لهداكم أجمعين)..
قال تعالى : {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (27) سورة الحـج
* جاءت آية (وأذن في الناس بالحج..) بعد آية (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً) مباشرة لتؤكد على الدور الاعلامي لذكر الحج ونشر معانيه العظيمة لكل الناس بشتى الوسائل والطرق .. وقد بدئت الآية بواو العطف(وأذن).. ومن ذلك ذكر التسهيلات المتاحة للحج من طرق ووسائل نقل مريحة لأن بعض الناس يظن مع كثرة الازدحام أن الحج والتنقل بين المناسك من الصعوبة بمكان فهو لا يريد من أحد أن يزاحمه لزيارة الله عز وجل وكأن الله قد دعاه للزيارة لوحده ..
يتبع