سيف قطر
24-12-2006, 05:55 AM
القيمة الخفية وراء محرك النمو الاقتصادي
2.9 تريليون ريال القيمة السوقية المحتملة لأسهم "أرامكو"
فرانسيسكو جويريرا من لندن - 03/12/1427هـ
تصدرت شركة أرامكو السعودية قائمة أكبر 150 شركة عالمية غير مساهمة وفقا لتقديرات الرسملة السوقية المحتملة للأسهم في نهاية العام الماضي. وحسب القائمة الخاصة بـ "فاينانشيال تايمز" التي تنشرها "الاقتصادية" اليوم حصريا, تقدر القيمة السوقية لـ "أرامكو السعودية" بنحو 781 مليار دولار (2.9 تريليون ريال). وحلت ثانية " بيميكس" المكسيكية التي تعمل في حقل الغاز والنفط أيضا بقيمة 415 مليار دولار, ثم شركة النفط الفنزويلية بـ 388 مليار دولار, وفي المركز الرابع شركة النفط الكويتية بقيمة 378 مليار دولار.
واعتمدت التقديرات على المعلومات العامة فقط, ويعتقد أنه تمت إعادة هيكلة الشركات لتكون لديها هياكل رأسمالية مماثلة لنظيراتها في الشركات المدرجة في أسواق المال.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
هذه الشركات التي تكون إما مملوكة للدولة، أو لإحدى العائلات، أو للأسهم الخاصة، هي محرك مهم للنمو الاقتصادي، ومع ذلك فإن وضعها على أنها شركات "غير عامة" يجعل من الصعب تحديد تأثيرها بصورة كمية. ولقد أعدت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، استناداً إلى أبحاث من مؤسسة ماكينزي للاستشارات الإدارية، قائمة تشتمل على 150 شركة غير عامة، بهدف التعرف بصورة أفضل على الوضع. وهذه الدراسة هي أول دراسة شاملة لأكبر الشركات غير المساهمة في العالم، وتهدف إلى إلقاء ضوء مباشر على جزء أساسي، ومهمل بصورة أساسية، من النظام الرأسمالي العالمي.
كشفت دراسة جديدة من إعداد "فاينانشيال تايمز" ومؤسسة ماكينزي للاستشارات الإدارية عن أن أكبر شركة في العالم هي شركة أرامكو السعودية، وليست مسجلة في البورصة.
وتشير الدراسة إلى أن شركة أرامكو السعودية، التي تتولى مسؤولية احتياطيات النفط الهائلة للسعودية، تقدَّر قيمتها بنحو 781 مليار دولار، بحيث تتضاءل إلى جانبها شركة إكسون موبيل المنافسة، التي تبلغ رسملتها السوقية 454 مليار دولار.
وقد حسبت الدراسة القيمة السوقية للشركات غير المدرجة في البورصة كما لو أنه تم تعويمها في عام 2005. وتبين الدراسة نفوذ وتأثير الشركات الخاصة والمملوكة للدولة على مساحات واسعة من الاقتصاد العالمي.
وتأتي هذه الدراسة في الوقت الذي تقتتل فيه البورصات في الولايات المتحدة وأوربا وآسيا في معركة قوية لاجتذاب شركات جديدة للتسجيل فيها، كما أن انتشار الشراء الكامل للشركات العامة يثير جدالاً واسعاً حول المزايا النسبية لملكية الشركات الخاصة والعامة.
ووجدت الدراسة أن إجمالي القيمة السوقية لأكبر 150 شركة غير مسجلة في البورصة تقدر بنحو سبعة آلاف مليار دولار، أي تقريباً نصف الرقم الذي يمثل القيمة السوقية للشركات المسجلة في البورصة، وهو 13, 100 مليار دولار.
إن الفرق بين التقييمين يشير إلى ضعف أساسي في الملكية الخاصة وملكية الدولة لموجودات الشركات، وهو أن من الصعب التوسع عن طريق الاستحواذ، على اعتبار أن معظم هذه الشركات لا تملك سبيلاً مباشراً إلى الأسواق الرأسمالية، كما أن مالكيها يشعرون بالقلق من فقدان سيطرتهم عليها.
يقول ريتشارد دوبس، وهو شريك أول لدى مؤسسة ماكينزي: "من الممكن أن الشركات غير المساهمة تَعقد عدداً قليلاً للغاية من صفقات الاندماج والاستحواذ. ويعود بعض السبب في ذلك إلى أن حملة أسهم هذه الشركات يشعرون بالقلق من فقدان ملكيتها."
حين أخذنا بإعداد القائمة، رحنا نبحث عن الشركات التي اجتازت ثلاثة اختبارات. الأول هو أن أسهمها غير مسجلة في البورصات العامة. الثاني هو أنها ليست من شركات المشاريع المشتركة ولا من الشركات التابعة لشركات أخرى أكبر منها. الثالث هو أنها تنتج البضائع والخدمات وتبيعها في الأسواق التجارية. ويفسر الاختبار الثالث السبب وراء عدم اشتمال القائمة على أسماء الجيوش، والأنظمة الصحية الحكومية، والمنظمات الدينية، والجمعيات الخيرية، رغم أن بعضها يمتلك قوة اقتصادية هائلة.
من جانب آخر، لا تهدف قائمة "فاينانشيال تايمز" لأكبر 150 شركة غير مساهمة إلى ترتيب الشركات من حيث الأداء. ذلك لأن وضع تصور لمقدار القيمة النسبية التي تخلقها الشركات الموجودة على القائمة يحتاج إلى قدر من المعلومات يفوق بكثير المعلومات المتاحة للعموم بالنسبة لمعظم الشركات المذكورة. وللسبب نفسه لا تعتبر التقييمات التي رُتبت على أساسها القائمة دقيقة تماماً. فالأرقام الواردة في التقديرات لا تزيد على كونها "أفضل التخمينات" للقيمة السوقية لتلك الشركات لو أن أسهمها سجلت في البورصات العامة في نهاية العام الماضي، وهي بهذا تستند فقط إلى معلومات عامة تكون ناقصة في الغالب
"إن الشركة المساهمة العامة، وهي المحرك الرئيسي للتقدم الاقتصادي في الولايات المتحدة خلال قرن، لم تعد مفيدة كما كانت في كثير من قطاعات الاقتصاد، وتأخذ أهميتها بالاضمحلال."
هذه الكلمات قالها مايكل جنسن، الذي كان أستاذاً في جامعة هارفارد، في مقالة مثيرة للجدل نشرت عام 1989. ووقتها قابل بعض الخبراء توقعاته بنوع من عدم التصديق.
ولكن بعد مرور ما يقرب العقدين على ذلك، فإن الأشخاص الذين يدعون إلى سيطرة الشركات المساهمة العامة لم يعد في إمكانهم أن يكونوا على هذا القدر من الثقة في موقفهم. ففي الولايات المتحدة وأوربا، حدثت طفرة في عمليات الاستحواذ، نتيجة لرخص تكاليف الاقتراض، وأدت إلى قيام مجموعات الأسهم الخاصة بشراء الشركات العامة في قطاعات بعيدة عن بعضها البعض تراوح بين المستشفيات والإنتاج الموسيقي.
وفي الوقت نفسه عمل الارتفاع الحاد في أسعار النفط على تحويل شركات الموارد الطبيعية المملوكة للحكومة في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية إلى شركات عملاقة. ففي بلدان مثل الصين والهند، حيث الاقتصاد ينمو بسرعة، ومع رغبة المستثمرين الأجانب التي يبدو أنه لا حد لها لتقديم رأس المال والاستثمار، أعطى ذلك الشركات الكبيرة ثقيلة الحركة التي تحتكر الحكومة ملكيتها والشركات النائمة المملوكة لعائلات معينة، أعطاها فرصة لا مثيل لها في توسعة أعمالها وإصلاح شؤون الحوكمة بداخلها.
ولم يعد المراقبون ينظرون إلى الشركات الخاصة غير المسجلة في البورصة على أنها الفرع الفقير من العائلة الغنية للشركات العامة المساهمة. والسؤال الذي يدور الآن على ألسنة المستثمرين والمديرين والعاملين في الأسواق الرأسمالية إن كان الاقتصاد العالمي يشهد الآن تحولاً هيكلياً ليبتعد عن الشركات العامة، بمعنى "كسوف" الشركة العامة المساهمة.
يتساءل بيل ميهان، مدير مكتب مؤسسة ماكينزي في وادي السليكون في غرب ولاية كاليفورنيا: "هناك عدة طرق لامتلاك الشركات وهناك تنافس بينها. فما هو السبيل الأمثل لامتلاك وإدارة النشاط التجاري؟"
كان أكثر الجوانب سطحية في نتيجة الدراسة هو واحد من أكثر الجوانب اللافتة للنظر. فمن جانب معين، فإن الشركات الخاصة تتمتع بقوة ونفوذ جماعي يقارب ما تتمتع به الشركات المنافسة المسجلة في البورصة. على سبيل المثال تبين أن الشركات الـ 150 الموجودة في القائمة توظف نحو 13 مليون شخص، وهو وإن كان دون الرقم 19 مليون شخص، الذي يمثل عدد الأشخاص العاملين لدى أكبر 150 مجموعة من الشركات العامة، ولكنه يبقى مع ذلك تذكرة بأن قسماً لا يستهان به من الرأسمالية العالمية يقع خارج أسواق الأسهم.
ولكن هناك موضوعا أساسيا تحتل فيه الشركات الخاصة أو المملوكة للدولة مرتبة أدنى من الشركات المساهمة العامة. إذ تقدر مؤسسة ماكينزي أنه لو تم تسجيل أكبر 150 شركة غير عامة في العالم في البورصات العامة في عام 2005، فإن من الممكن أن تبلغ قيمتها الإجمالية سبعة آلاف مليار دولار (3, 569 مليار جنيه إسترليني، 5, 313 مليار يورو)، أي ما يعادل تقريباً نصف القيمة السوقية للشركات المساهمة. وتعتبر هذه الفجوة الكبيرة في القيمة السوقية تذكرة بأن الملكية غير العامة ليست بحد ذاتها البلسم الذي يشفي من جميع الأمراض التي تصيب الشركات، بل ويمكن في أغلب الأحيان استخدامها لإخفاء الأداء الضعيف في مجال المالية والإدارة.
وتبدو هذه النقطة واضحة حين ننظر إلى قمة القائمة، وسنرى أن 12 شركة من أصل أكبر 13 شركة هي مجموعات نفطية مملوكة للدولة في البلدان النامية. فهذه الشركات الحكومية تسيطر على ثلاثة أرباع احتياطي النفط في العالم، ولذلك فهي تتجنب البورصات لسبب في غاية الأهمية، وهو أن البلدان التي تخدمها الشركات المذكورة تريد الاحتفاظ بالسيطرة على أثمن مواردها الطبيعية. ومع ذلك فإن دورها باعتبارها البقرة الحلوب التي تدر ذهباً لحملة الأسهم الذي يتمتع بقوة مطلقة (أي الدولة) هو منبع مواطن الضعف التي تصيب الاقتصاد الكلي والشركات، والتي نادراً ما تصيب الشركات المساهمة العامة.
الفرق الرئيسي بين الشركات التي من هذا القبيل وبين الشركات العامة هو أن معظم عوائدها تذهب مباشرة إلى الدولة بدلاً من استثمارها من جديد في عالم الأعمال. فضلاً عن ذلك، فإنه يتعين على المديرين حين يريدون اتخاذ قرارات استراتيجية كبيرة أن ينزلوا عند إرادة أسيادهم السياسيين الذين لا يكون هدفهم تعظيم أرباح الشركة.
واستناداً إلى ما يقوله نادر السلطان، كبير التنفيذيين السابق في شركة البترول الوطنية الكويتية، التي تحتل المرتبة الرابعة في قائمة "فاينانشيال تايمز"، فإنه حين أنشئت تلك الشركة في ثمانينيات القرن العشرين كانت إيراداتها تراوح بين 28 و30 مليار دولار، أي في نطاق الإيرادات نفسه تقريباً التي كانت تحصلها شركة بريتيش بتروليوم BP، التي تعتبر الآن ثالث أكبر مجموعة دولية في مجال الطاقة بين الشركات المساهمة العامة. ويتساءل السلطان: "في العام الماضي كان إجمالي إيرادات BP نحو 250 مليار دولار، في حين لم يزد إجمالي إيرادات شركة البترول الوطنية على خمسين إلى ستين مليار دولار. فكيف يستطيع المرء تفسير ذلك؟ ما الذي فعلته BP من أشياء تعجز عنها الشركة الكويتية؟" جدير بالذكر أن السلطان يدير الآن مؤسسة استشارية باسمه.
الجواب عن السؤال السابق هو أن BP استطاعت النمو من خلال عمليات الاستحواذ، ووسعت عملياتها إلى منتجات وبلدان مختلفة، عن طريق إعادة استثمار حركة النقد لديها وشحذ مهاراتها الفنية. أما شركة البترول الكويتية فإنها في المقابل واصلت اعتمادها على حقل برقان الكبير في الكويت مع بعض الاستثمارات الإضافية القليلة للغاية.
جدير بالذكر أن النمو المحدود والافتقار إلى الاستثمار ليسا من نصيب جميع شركات النفط الوطنية. إذ تتصدر القائمة أرامكو السعودية بقيمة تقديرية تبلغ 781 مليار دولار، أي أن رسملتها السوقية تزيد تقريباً 80 في المائة على الرسملة السوقية لشركة إكسون موبيل الأمريكية. ورغم أن السبب الرئيسي وراء الحجم الكبير لشركة أرامكو هو أنها تمتلك أكبر احتياطي للنفط التقليدي في العالم، إلا أنها كذلك من الشركات الوطنية القليلة التي أفلحت في توسعة إنتاجها وموارد دخلها.
2.9 تريليون ريال القيمة السوقية المحتملة لأسهم "أرامكو"
فرانسيسكو جويريرا من لندن - 03/12/1427هـ
تصدرت شركة أرامكو السعودية قائمة أكبر 150 شركة عالمية غير مساهمة وفقا لتقديرات الرسملة السوقية المحتملة للأسهم في نهاية العام الماضي. وحسب القائمة الخاصة بـ "فاينانشيال تايمز" التي تنشرها "الاقتصادية" اليوم حصريا, تقدر القيمة السوقية لـ "أرامكو السعودية" بنحو 781 مليار دولار (2.9 تريليون ريال). وحلت ثانية " بيميكس" المكسيكية التي تعمل في حقل الغاز والنفط أيضا بقيمة 415 مليار دولار, ثم شركة النفط الفنزويلية بـ 388 مليار دولار, وفي المركز الرابع شركة النفط الكويتية بقيمة 378 مليار دولار.
واعتمدت التقديرات على المعلومات العامة فقط, ويعتقد أنه تمت إعادة هيكلة الشركات لتكون لديها هياكل رأسمالية مماثلة لنظيراتها في الشركات المدرجة في أسواق المال.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
هذه الشركات التي تكون إما مملوكة للدولة، أو لإحدى العائلات، أو للأسهم الخاصة، هي محرك مهم للنمو الاقتصادي، ومع ذلك فإن وضعها على أنها شركات "غير عامة" يجعل من الصعب تحديد تأثيرها بصورة كمية. ولقد أعدت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، استناداً إلى أبحاث من مؤسسة ماكينزي للاستشارات الإدارية، قائمة تشتمل على 150 شركة غير عامة، بهدف التعرف بصورة أفضل على الوضع. وهذه الدراسة هي أول دراسة شاملة لأكبر الشركات غير المساهمة في العالم، وتهدف إلى إلقاء ضوء مباشر على جزء أساسي، ومهمل بصورة أساسية، من النظام الرأسمالي العالمي.
كشفت دراسة جديدة من إعداد "فاينانشيال تايمز" ومؤسسة ماكينزي للاستشارات الإدارية عن أن أكبر شركة في العالم هي شركة أرامكو السعودية، وليست مسجلة في البورصة.
وتشير الدراسة إلى أن شركة أرامكو السعودية، التي تتولى مسؤولية احتياطيات النفط الهائلة للسعودية، تقدَّر قيمتها بنحو 781 مليار دولار، بحيث تتضاءل إلى جانبها شركة إكسون موبيل المنافسة، التي تبلغ رسملتها السوقية 454 مليار دولار.
وقد حسبت الدراسة القيمة السوقية للشركات غير المدرجة في البورصة كما لو أنه تم تعويمها في عام 2005. وتبين الدراسة نفوذ وتأثير الشركات الخاصة والمملوكة للدولة على مساحات واسعة من الاقتصاد العالمي.
وتأتي هذه الدراسة في الوقت الذي تقتتل فيه البورصات في الولايات المتحدة وأوربا وآسيا في معركة قوية لاجتذاب شركات جديدة للتسجيل فيها، كما أن انتشار الشراء الكامل للشركات العامة يثير جدالاً واسعاً حول المزايا النسبية لملكية الشركات الخاصة والعامة.
ووجدت الدراسة أن إجمالي القيمة السوقية لأكبر 150 شركة غير مسجلة في البورصة تقدر بنحو سبعة آلاف مليار دولار، أي تقريباً نصف الرقم الذي يمثل القيمة السوقية للشركات المسجلة في البورصة، وهو 13, 100 مليار دولار.
إن الفرق بين التقييمين يشير إلى ضعف أساسي في الملكية الخاصة وملكية الدولة لموجودات الشركات، وهو أن من الصعب التوسع عن طريق الاستحواذ، على اعتبار أن معظم هذه الشركات لا تملك سبيلاً مباشراً إلى الأسواق الرأسمالية، كما أن مالكيها يشعرون بالقلق من فقدان سيطرتهم عليها.
يقول ريتشارد دوبس، وهو شريك أول لدى مؤسسة ماكينزي: "من الممكن أن الشركات غير المساهمة تَعقد عدداً قليلاً للغاية من صفقات الاندماج والاستحواذ. ويعود بعض السبب في ذلك إلى أن حملة أسهم هذه الشركات يشعرون بالقلق من فقدان ملكيتها."
حين أخذنا بإعداد القائمة، رحنا نبحث عن الشركات التي اجتازت ثلاثة اختبارات. الأول هو أن أسهمها غير مسجلة في البورصات العامة. الثاني هو أنها ليست من شركات المشاريع المشتركة ولا من الشركات التابعة لشركات أخرى أكبر منها. الثالث هو أنها تنتج البضائع والخدمات وتبيعها في الأسواق التجارية. ويفسر الاختبار الثالث السبب وراء عدم اشتمال القائمة على أسماء الجيوش، والأنظمة الصحية الحكومية، والمنظمات الدينية، والجمعيات الخيرية، رغم أن بعضها يمتلك قوة اقتصادية هائلة.
من جانب آخر، لا تهدف قائمة "فاينانشيال تايمز" لأكبر 150 شركة غير مساهمة إلى ترتيب الشركات من حيث الأداء. ذلك لأن وضع تصور لمقدار القيمة النسبية التي تخلقها الشركات الموجودة على القائمة يحتاج إلى قدر من المعلومات يفوق بكثير المعلومات المتاحة للعموم بالنسبة لمعظم الشركات المذكورة. وللسبب نفسه لا تعتبر التقييمات التي رُتبت على أساسها القائمة دقيقة تماماً. فالأرقام الواردة في التقديرات لا تزيد على كونها "أفضل التخمينات" للقيمة السوقية لتلك الشركات لو أن أسهمها سجلت في البورصات العامة في نهاية العام الماضي، وهي بهذا تستند فقط إلى معلومات عامة تكون ناقصة في الغالب
"إن الشركة المساهمة العامة، وهي المحرك الرئيسي للتقدم الاقتصادي في الولايات المتحدة خلال قرن، لم تعد مفيدة كما كانت في كثير من قطاعات الاقتصاد، وتأخذ أهميتها بالاضمحلال."
هذه الكلمات قالها مايكل جنسن، الذي كان أستاذاً في جامعة هارفارد، في مقالة مثيرة للجدل نشرت عام 1989. ووقتها قابل بعض الخبراء توقعاته بنوع من عدم التصديق.
ولكن بعد مرور ما يقرب العقدين على ذلك، فإن الأشخاص الذين يدعون إلى سيطرة الشركات المساهمة العامة لم يعد في إمكانهم أن يكونوا على هذا القدر من الثقة في موقفهم. ففي الولايات المتحدة وأوربا، حدثت طفرة في عمليات الاستحواذ، نتيجة لرخص تكاليف الاقتراض، وأدت إلى قيام مجموعات الأسهم الخاصة بشراء الشركات العامة في قطاعات بعيدة عن بعضها البعض تراوح بين المستشفيات والإنتاج الموسيقي.
وفي الوقت نفسه عمل الارتفاع الحاد في أسعار النفط على تحويل شركات الموارد الطبيعية المملوكة للحكومة في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية إلى شركات عملاقة. ففي بلدان مثل الصين والهند، حيث الاقتصاد ينمو بسرعة، ومع رغبة المستثمرين الأجانب التي يبدو أنه لا حد لها لتقديم رأس المال والاستثمار، أعطى ذلك الشركات الكبيرة ثقيلة الحركة التي تحتكر الحكومة ملكيتها والشركات النائمة المملوكة لعائلات معينة، أعطاها فرصة لا مثيل لها في توسعة أعمالها وإصلاح شؤون الحوكمة بداخلها.
ولم يعد المراقبون ينظرون إلى الشركات الخاصة غير المسجلة في البورصة على أنها الفرع الفقير من العائلة الغنية للشركات العامة المساهمة. والسؤال الذي يدور الآن على ألسنة المستثمرين والمديرين والعاملين في الأسواق الرأسمالية إن كان الاقتصاد العالمي يشهد الآن تحولاً هيكلياً ليبتعد عن الشركات العامة، بمعنى "كسوف" الشركة العامة المساهمة.
يتساءل بيل ميهان، مدير مكتب مؤسسة ماكينزي في وادي السليكون في غرب ولاية كاليفورنيا: "هناك عدة طرق لامتلاك الشركات وهناك تنافس بينها. فما هو السبيل الأمثل لامتلاك وإدارة النشاط التجاري؟"
كان أكثر الجوانب سطحية في نتيجة الدراسة هو واحد من أكثر الجوانب اللافتة للنظر. فمن جانب معين، فإن الشركات الخاصة تتمتع بقوة ونفوذ جماعي يقارب ما تتمتع به الشركات المنافسة المسجلة في البورصة. على سبيل المثال تبين أن الشركات الـ 150 الموجودة في القائمة توظف نحو 13 مليون شخص، وهو وإن كان دون الرقم 19 مليون شخص، الذي يمثل عدد الأشخاص العاملين لدى أكبر 150 مجموعة من الشركات العامة، ولكنه يبقى مع ذلك تذكرة بأن قسماً لا يستهان به من الرأسمالية العالمية يقع خارج أسواق الأسهم.
ولكن هناك موضوعا أساسيا تحتل فيه الشركات الخاصة أو المملوكة للدولة مرتبة أدنى من الشركات المساهمة العامة. إذ تقدر مؤسسة ماكينزي أنه لو تم تسجيل أكبر 150 شركة غير عامة في العالم في البورصات العامة في عام 2005، فإن من الممكن أن تبلغ قيمتها الإجمالية سبعة آلاف مليار دولار (3, 569 مليار جنيه إسترليني، 5, 313 مليار يورو)، أي ما يعادل تقريباً نصف القيمة السوقية للشركات المساهمة. وتعتبر هذه الفجوة الكبيرة في القيمة السوقية تذكرة بأن الملكية غير العامة ليست بحد ذاتها البلسم الذي يشفي من جميع الأمراض التي تصيب الشركات، بل ويمكن في أغلب الأحيان استخدامها لإخفاء الأداء الضعيف في مجال المالية والإدارة.
وتبدو هذه النقطة واضحة حين ننظر إلى قمة القائمة، وسنرى أن 12 شركة من أصل أكبر 13 شركة هي مجموعات نفطية مملوكة للدولة في البلدان النامية. فهذه الشركات الحكومية تسيطر على ثلاثة أرباع احتياطي النفط في العالم، ولذلك فهي تتجنب البورصات لسبب في غاية الأهمية، وهو أن البلدان التي تخدمها الشركات المذكورة تريد الاحتفاظ بالسيطرة على أثمن مواردها الطبيعية. ومع ذلك فإن دورها باعتبارها البقرة الحلوب التي تدر ذهباً لحملة الأسهم الذي يتمتع بقوة مطلقة (أي الدولة) هو منبع مواطن الضعف التي تصيب الاقتصاد الكلي والشركات، والتي نادراً ما تصيب الشركات المساهمة العامة.
الفرق الرئيسي بين الشركات التي من هذا القبيل وبين الشركات العامة هو أن معظم عوائدها تذهب مباشرة إلى الدولة بدلاً من استثمارها من جديد في عالم الأعمال. فضلاً عن ذلك، فإنه يتعين على المديرين حين يريدون اتخاذ قرارات استراتيجية كبيرة أن ينزلوا عند إرادة أسيادهم السياسيين الذين لا يكون هدفهم تعظيم أرباح الشركة.
واستناداً إلى ما يقوله نادر السلطان، كبير التنفيذيين السابق في شركة البترول الوطنية الكويتية، التي تحتل المرتبة الرابعة في قائمة "فاينانشيال تايمز"، فإنه حين أنشئت تلك الشركة في ثمانينيات القرن العشرين كانت إيراداتها تراوح بين 28 و30 مليار دولار، أي في نطاق الإيرادات نفسه تقريباً التي كانت تحصلها شركة بريتيش بتروليوم BP، التي تعتبر الآن ثالث أكبر مجموعة دولية في مجال الطاقة بين الشركات المساهمة العامة. ويتساءل السلطان: "في العام الماضي كان إجمالي إيرادات BP نحو 250 مليار دولار، في حين لم يزد إجمالي إيرادات شركة البترول الوطنية على خمسين إلى ستين مليار دولار. فكيف يستطيع المرء تفسير ذلك؟ ما الذي فعلته BP من أشياء تعجز عنها الشركة الكويتية؟" جدير بالذكر أن السلطان يدير الآن مؤسسة استشارية باسمه.
الجواب عن السؤال السابق هو أن BP استطاعت النمو من خلال عمليات الاستحواذ، ووسعت عملياتها إلى منتجات وبلدان مختلفة، عن طريق إعادة استثمار حركة النقد لديها وشحذ مهاراتها الفنية. أما شركة البترول الكويتية فإنها في المقابل واصلت اعتمادها على حقل برقان الكبير في الكويت مع بعض الاستثمارات الإضافية القليلة للغاية.
جدير بالذكر أن النمو المحدود والافتقار إلى الاستثمار ليسا من نصيب جميع شركات النفط الوطنية. إذ تتصدر القائمة أرامكو السعودية بقيمة تقديرية تبلغ 781 مليار دولار، أي أن رسملتها السوقية تزيد تقريباً 80 في المائة على الرسملة السوقية لشركة إكسون موبيل الأمريكية. ورغم أن السبب الرئيسي وراء الحجم الكبير لشركة أرامكو هو أنها تمتلك أكبر احتياطي للنفط التقليدي في العالم، إلا أنها كذلك من الشركات الوطنية القليلة التي أفلحت في توسعة إنتاجها وموارد دخلها.