المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ارتفاع التضخم لن ينال من قوة الاقتصاد القطري



سيف قطر
27-12-2006, 06:25 AM
مصرفي يدعو إلى تحرير سعر الفائدة ... رجال الأعمال: ارتفاع التضخم لن ينال من قوة الاقتصاد القطري

تاريخ النشر:يوم الأربعاء ,27 ديسمبر 2006 1:34 أ.م.



فخرو: تأثير التضخم على تدفق الاستثمارات محدود جداً
الشهواني: نتوقع تراجعاً في التضخم خلال الأشهر الستة المقبلة
وليد الدرعي :
لا أحد يحبذه.. الحكومات تراقبه وبالسياسيات المختلفة تعالجه و القطاع الخاص يسحب صفارات الإنذار في صورة تجاوزه الخطوط الحمراء.. هو بلا شك أحد آفات الاقتصاد هو التضخم الذي بلغ مستويات قياسية في الاقتصاد القطري في الفترة الأخيرة والجميع في سباق مع الزمن لكبح من جماحه.

تقول الإحصائيات المتعلقة بهذه الظاهرة في الاقتصاد القطري إن سنة 2005 قفلت بنسبة تعتبر مرتفعة بلغت نحو 12.6 بالمائة سنة 2005 ومن المرشح أن تقفل سنة 2006 على نسبة تناهز 9 بالمائة في تقديــــــرات الهيئات المــالية الدولية.

وضعية قال عنها السيد إبراهيم فخرو رجل أعمال في حديث لـ الشرق إنها طبيعية ومرتبطة بالنمو الاقتصادي وهي في تراجع عن تلك النسبة المسجلة في السنة الماضية ومضيفا في هذا الصدد قائلا:" إن الاقتصاد القطري رغم وجود نسب مرتفعة من التضخم فإنه يبقى الأقوى في المنطقة".

ولعل المتأمل في السلاسل الإحصائية للاقتصاد القطري منذ ثمانينيات القرن الماضي يلاحظ وجود ثلاث دورات تضخمية تراوحت نسب هذه الأخيرة بين مستويات عليا وأخرى دنيا وأحيانا سالبة عرفت أوجها في السنتين الماضيتين.

فقد ارتفع التضخم المتوسط السنوي لمعدل التضخم من 1.11% في عام 1986 ليصل إلى حد أقصى عند 4.56% سنة 1988 ثم يتناقص ليصل إلى سالب 0.81% سنة 1993، أما الدورة الثانية فقد وصل فيها مستوى التضخم إلى حدود 7.84 سنة 1996 ثم تناقص إلى سالب 0.21% سنة 2002

أما الدورة الثالثة التي مازالت لم تكتمل بعد فقد شهدت مستويات مرتفعة من التضخم انطلقت بنحو 3.21% سنة 2003 وو صلت إلى 12.62 سنة 2005
وتعود أسباب الارتفاع في نسبة التضخم في الفترة الماضية إلى الحركية التي شهدها الاقتصاد القطري وفق إبراهيم فخرو الذي بين أن مختلف المجالات كالبناء والتشييد والبنية الأساسية وغيرها من الأنشطة تعرف طفرة غير مسبوقة.

على صعيد آخر أكد السيد عبدالهادي بن نايف رجل أعمال ما ذهب إليه فخرو مضيفا أن نسب التضخم التي وجدت في الاقتصاد القطري طوال السنوات الثلاث الماضية تعود إلى تزامن الطفرة الاقتصادية مع الاستعدادات لتنظيم الدورة الخامسة عشرة للألعاب الآسيوية وما رافقها من ضغط على جميع المجالات المعنية بهذه الاستعدادات من قطاع البناء والتشييد والتجهيزات والمرافق العمومية بحيث تكون هذه الأخيرة جاهزة في ظرف ثلاث سنوات.

ويقول محدثنا إن التضخم دليل على هذه الطفرة بمعنى أن الأشياء التي تشهد طلبا كبيرا عليها في ظرف وجيز ستؤدي حتما إلى ارتفاع أسعارها لذلك عرفنا في السنوات الثلاث الماضية ارتفاع أسعار مواد البناء واليد العاملة وغيرها من المنتجات ذات الصلة.

وتؤكد آراء رجال الأعمال سالفة الذكر الأرقام الواردة من البنك المركزي القطري لتبين أن نسبة التضخم الموجودة في الاقتصاد القطري تحوم حول نسبة3.4 بالمائة خارج إطار قطاع البناء والتشييد وهي نسبة أقل بكثير من النسبة العامة.

ويمضي عبدالهادي بن نايف أبعد من هذا، ليبين أن نسبة التضخم ستتراجع في غضون الستة الأشهر القادمة نتيجة تراجع الطلب على الإيجارات فـمئات الفلل التي كانت محجوزة لفائدة الألعاب الآسيوية سيتم عرضها في سوق الإيجارات وبالتي تساهم في تعديل العرض مقابل الطلب وبالتالي المساهمة في هدوء الأسعار..إضافة إلى عودة نسبة هامة من اليد العاملة في المشاريع المرتطبة بالآسياد ستكون لها الأثر المهم على الأسعار.

نفس الطرح ذهب إليه إبراهيم فخرو في رده على سؤال الشرق المتعلق بالسياسات التي يمكن اعتمادها لكبح جماح ارتفاع أسعار الإيجارات قائلا: إن الحكومة تسعى إلى السيطرة على هذه الوضعية من خلال عدة مشاريع لعل أبرزها مشروع بروة الذي سيعزز قاعدة العرض بالنسبة للمساكن المعدة للإيجار.
ويؤكد فخرو ضرورة حماية المستهلك من بعض الممارسات والالتزام بما أقره القانون، مضيفا في هذا المجال أن تحديد نسبة الزيادة في الإيجارات السنوية بسقف 10 بالمائة يأتي للتحكم في انزلاق الأسعار لهذا النشاط.

ويعتبر التضخم ونسبه المرتفعة من احد الأسباب التي تعيق جلب الاستثمار الخارجي خشية أن يفقد المستثمرون القيمة الحقيقية لاستثماراتهم.
وحول هذه الإشكالية وتأثيرها على الاقتصاد القطري قال فخرو: إن النسبة الموجودة في الاقتصاد القطري ظرفية وستتم معالجتها في القريب وإن تأثيرها على التدفقات الاستثمارية نحو قطر جد محدود نظرا للإمكانيات الاستثمارية الكبرى التي يقدمها الاقتصاد في جميع المجالات كالصناعة والسياحة.. إضافة إلى ما تقدمه قطر من مناخ استثماري ومستوى معيشي من النادر أن يوفره اقتصاد آخر.

وقد عرفت مختلف المدارس الاقتصادية التضخم على انه الارتفاع المتواصل لمؤشر الأسعار عند الاستهلاك والتي ينتج عنها اختلال بين الحلقة الحقيقية للسلع والخدمات وحلقة الكتلة النقدية.
ويضيف تقرير البنك المركزي القطري الصادر مؤخرا بخصوص التضخم إلى نهاية سنة 2005 أن أسباب هذا الأخير تعود إلى ثلاثة مصادر رئيسة؛ أولها: التضخم المستورد وهذا يعود إلى ارتفاع أسعار الواردات في بلد المصدر و/أو انخفاض قيمة الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية كاليورو والين وهذا يؤدي إلى ارتفاع المنتجات المستوردة.
السبب الثاني لارتفاع التضخم في قطر. يعود أيضا إلى السياسة المالية التوسعية في ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز وما رافقها من توسع في الزيادة في الطلب الكلي نتيجة ارتفاع الإنفاق سواء كان العمومي أو الخاص.

النقطة الثالثة المساهمة في ارتفاع التضخم تتعلق بتوقعات السوق المحلي بشأن التضخم. فتوقع المتعاملين لمعدلات تضخم مرتفعة يقود إلى زيادة في الأسعار تغذي آلية التضخم.
وتعتبر التوقعات التضخمية وفق الخبراء عاملا حاسما يؤدي انفلاته إلى تسارع معدلات التضخم.
ويرى عدد من الاقتصاديين أن وجود نسبة تضخم معقولة في أي اقتصاد تعد حيوية وتعكس مدى الدينامكية التي يتمتع بها الاقتصاد لتفادي حالة الركود الاقتصادي مع ضرورة تفويض البنوك المركزية لاتخاذ السياسات الصالحة للخفض من نسق ارتفاع الاسعار.

ويتدخل البنك المركزي عادة وفي مثل هذه الحالات التي تكون فيها نسبة التضخم عالية عن طريق سياسات متعددة لعل ابرزها تلك المتمثلة في رفع سعر الفائدة الموظفة على القروض الاستهلاكية للحد من السيولة الكبيرة الموجودة في الاقتصاد بمعنى آخر التقليص من الكتلة النقدية الموجودة في السوق النقدية حتى تتلاءم كمية النقود الموجودة في السوق مع كمية السلع والخدمات وبالتالي يتم إمتصاص نسبة من التضخم.

البنك المركزي يتدخل ايضا في صورة تواصل ارتفاع نسب التضخم في الاقتصاد عن طريق رفع احطياطيات العملة لدى البنوك لحد من هامش تصرفها في القروض المسداة للحرفاء، وقد اعتمد عدد من الدول هذا المنهج مثل تركيا والأرجنتين عقب فقدان عملاتها الكثير من قيمتها أمام تلك المرتبطة بها مثل الدولار واليورو.

وفي هذا الإطار وتعقيبا على سؤال الشرق في خصوص كيفية تعامل البنوك المركزية مع مثل هذه الظاهرة قال مصرفي رفض ذكر اسمه: إن الحل يكمن في سعر الفائدة فإذا كانت نسبة التضخم مرتفعة في الاقتصاد فيستحسن الترفيع من هذه النسبة لامتصاص السيولة الموجودة في السوق أما إذا كان هناك انكماش اقتصادي فيستحسن التخفيض من سعر الفائدة لتحفيز الاستثمار من خلال الاقتراض.

وعلى هذا الأساس يضيف المصرفي ان أي عملية تثبيت لسعر الفائدة لا يوفر للقائمين على السياسة المالية هامشا للتصرف للحد من التضخم بصفة مباشرة.

في الواقع تختلف المذاهب الاقتصادية الرأسمالية كثيرا في مسألة التضخم فمنهم من يراها العدو الذي يجب القضاء عليه مهما كان الثمن ولو تم ذلك على حساب معالجة مشكلة البطالة، حيث يقر النقديون وعلى رأسهم الاقتصادي الأمريكي فريدمان بضرورة الوصول بنسبة التضخم إلى الحدود الدنيا حتى لا تدخل الاقتصاديات في مرحلة الانكماش الاقتصادي، بمعنى آخر ألا تلتهم نسبة التضخم نسبة النمو الحقيقية وفي أحيانا كثيرة يصبح النمو سلبي وبالتالي تدفع المجموعة الوطنية الكثير من مدخراتها في السنوات التي تسبق فيها نسبة النمو الاقتصادي نسبة التضخم.

واستند اقتصادي هذه المدرسة إلى عدة تحليلات ومعادلات اقتصادية ليبرهنوا على أن تحفيز النمو الاقتصادي عن طريق ضخ المزيد من العملة في الاقتصاد لا يؤدي إلا لارتفاع نسبة الكتلة النقدية في الاقتصاد وبالتالي عدم التوافق بين ماهو موجود حقيقة في الاقتصاد من سلع وخدمات وكمية النقود بمختلف اشكالها انطلاقا من العملة المحسوسة وصولا إلى العملة الالكترونية.. وكنتيجة طبيعية لهذا الاختلال يرتفع التضخم.

وفي هذا الاطار تمكن النيوزيلندي "فيليبس" عن طريق طريق رسمه الشهير من البرهنة على أن الزيادة في الطلب المفتعل لايؤدي إلا للتضخم في المدى البعيد دون تقديم حل لمشكلة البطالة.
ففي سوق شغل حرة وشفافة أي زيادة في الأجور غير خاضعة لقواعد معينة مثل الانتاجية يؤدي في البداية إلى الإقبال على التشغيل من قبل المؤسسات لتلبية الطلبات الموجودة في سوق السلع والخدمات الناتجة عن ارتفاع الأجور وبالتالي تتقلص نسب البطالة -وهو تصور كاينز في معالجته للركود الاقتصادي- استجابة لعروض الشغل التي تقدمه المؤسسات لطالبيها تلبية لاستثماراتها الجديدة.

هذا التحليل صالح فقط وفق الكلاسكيين الجدد والنقديين لاقتصاد يعرف حالة سوء استغلال لموارده أما بالنسبة لاقتصاد جاوز هذه المرحلة ودخل في طور الاستغلال التام للموارد سواء التي تتعلق بالموارد البشرية أو الاستثمارية فإن أي تصرف خارج عن مجارات نسق سوق السلع والخدمات سيؤدي حتما إلى التضخم دون حل لمشكلة البطالة.