المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المشروعات العمرانية مهددة بالتوقف بسبب أزمة الرمل



أبوتركي
10-02-2007, 11:57 PM
المشروعات العمرانية مهددة بالتوقف بسبب أزمة الرمل

الشركات تتكبد خسائر بالملايين وأصحابها يبحثون عن حلول عاجلة

عبدالله سعيد: المكان الحالي لا توجد به حياة برية أو فطرية
بعض شركات الردي مكس بدأت تستخدم رملاً غير مغسول وهذا خطر جداً علي عمر المباني


تحقيق - أحمد عبداللطيف : الذي يحدث الآن في قطاع البناء والإنشاء مثير للعجب والدهشة.. ففي ظل التوسع الكبير الذي تشهده الدولة في النهضة العمرانية ومشروعات البنية الأساسية وحركة التحديث العمراني تقابلها مشاكل مصطنعة مصدرها قرارات تصدرها بعض الجهات المختصة تتسبب في حدوث مشاكل بالجملة تؤثر علي حركة العمل وتتنافي مع اتجاه الدولة في البناء والتعمير!

فمنذ اسبوعين صدر قرار بمنع العمل في محاجر الرمل في منطقة مسيعيد بحجة ان هذه المحاجر تؤثر علي البيئة والحياة الفطرية والبرية!!.

هذا القرار تسبب في وقف العمل بالمشروعات العمرانية الكبري وكبد الشركات خسائر كبيرة بسبب تعطل العمل ودخولها في غرامات التأخير فضلا عن تأثيره علي ارتفاع أسعار الرمل وقلة المعروض منه وعدم كفايته لسد الاحتياجات المتزايدة من الرمل الذي يدخل في صناعة الردي مكس والبناء والبلاستر.

فما تأثير هذا القرار علي شركات المقاولات؟ ولماذا تصدر القرارات بدون دراسة كافية؟ وهل فعلا المنطقة التي تم وقف العمل بها في مسيعيد تخضع للمحميات الطبيعية؟ وهل بها حياة برية أو فطرية؟ ولماذا لا تفتح الدولة الباب أمام الاستثمارات في مجال انتاج الرمل المغسول والبلاستر؟

الراية وفي هذا التحقيق تحاول الإجابة عن هذه الاسئلة.

في البداية توجهنا الي منطقة مسيعيد التي تم وقف العمل بها فهالنا ما شهدناه من مئات الشاحنات التي تصطف في طابور طويل للحصول علي تريب رمل من المنطقة.

وهناك التقينا عددا من السائقين والمسؤولين عن شركات المقاولات يقول راغب الحسن: سائق شيول : فوجئنا بمسؤولين من البلدية يمنعوننا من العمل في هذا المكان بحجة أنه ضمن المحميات الطبيعية وأعطونا مكانا آخر غير صالح للعمل ويتسبب في إعاقة الشاحنات مما أدي إلي تعطل العمل في الموقع وبالتالي تعطل العمل في المشروعات الكبري في المطار الجديد وباقي المشروعات الأخري وقد أدي ذلك إلي خسائر كبري للشركات التي تنفذ هذه المشروعات وتتعرض لغرامات تأخير بالآلاف يوميا فضلا عن ارتفاع الأسعار بسبب قلة المعروض من الرمل البلاستر وعدم كفايته لتلبية احتياجات الشركات.

ويقول أحمد عبدالكريم وأحمد عبدالعزيز ومحمد الفضيل وأحمد جاسم سائقين .

ننتظر هنا منذ الخامسة صباحا ونظل طوال اليوم حتي نحصل علي تريب واحد فقط. في حين كنا نحصل علي 3 تريبات قبل صدور هذا القرار وقد تسبب ذلك في حدوث أزمة في العمل داخل المطار الجديد وباقي المشروعات الأخري.

ويضيف هؤلاء: في السابق كانت هناك ثلاث شركات تعمل في انتاج الرمل البلاستر ولكن الآن شركة واحدة فقط وانتاجها غير كافٍ مما سبب خسائر كبري للشركات وبالنسبة لنا كسائقين لأننا نعمل بنظام الراتب والاضافي وبعد أن حدثت هذه الأزمة أصبحنا لا نحقق أي اضافي مما أدي إلي انهيار المدخول المادي لنا وأصبح الراتب وحده لا يكفي خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة الذي تشهده الدوحة حاليا.

بعد ذلك توجهنا إلي السيد عبدالله سعيد العلي رئيس مجلس إدارة إحدي شركات المقاولات الحاصلة علي ترخيص للعمل من انتاج الرمل البلاستر بمنطقة مسيعيد والذي قال: المشكلة بدأت حين منحت البيئة تصاريح للمواطنين بالتخييم في المنطقة بالقرب من موقع تحميل الرمل خاصة والمكان به طرق ممهدة تسمح بمرور السيارات العادية وقد نبهنا هؤلاء الأشخاص بعدم جواز التخييم بالقرب من الموقع وبالفعل استجاب عدد منهم ورحل عن المكان والبعض منهم رفض الرحيل .ومن هنا بدأت المشكلة حيث فوجئنا بقرار وقف العمل ونقلنا الي منطقة الخرارة علما بأن الموقع الحالي والذي يقع بالقرب من مدينة مسيعيد وفي بداية طريق سيلين يعمل منذ 30 عاماً فأين كانت البيئة طوال هذه الفترة؟ خاصة وهذا المكان لا يوجد به أية حياة برية أو فطرية وهو بعيد تماما عن منطقة خور العديد التي صدر بشأنها قرار من سمو ولي العهد باعتبارها محمية طبيعية. فلماذا خلط الأوراق واعتبار المكان الحالي ضمن المحمية الطبيعية؟ وهل تم ضم هذه المنطقة الي خور العديد ونحن لا نعرف؟ خاصة وقرار سمو ولي العهد واضح جداً ويقتصر علي منطقة خور العديد ولماذا ظهرت البيئة الآن للحديث عن المحميات الطبيعية؟.

ويضيف: الحقائق العلمية تؤكد ان هذه الرمال متحركة ومتجددة وهناك رمال تأتي بفعل الرياح من المملكة العربية السعودية وبعض منها يذهب الي البحر. وقد لاحظنا ان هناك كثبانا رملية أزيلت ثم تكونت مرة أخري بفعل الرياح وكما قلت المكان لا توجد به أي نوع من الحياة البرية أو الفطرية لأن الأرض مالحة جداً وعازلة للماء.

ويؤكد أيضا ان المنطقة الجديدة التي تم نقل العمل اليها والتي تسمي مرخية منطقة معروفة بتربية الإبل وتنمو بها الأعشاب والنباتات كونها منطقة غير ذات جدوي اقتصادية للعمل في انتاج الرمال حيث انها صغيرة الحجم ولا تفي بالغرض وحرام إزالة هذه الكثبان الرملية التي تنمو بها الاعشاب وتعيش بها الطيور والحيوانات البرية التي يجب الحفاظ عليها بدلاً من إزالة كثبانها الرملية وبناء مساكن للعمال عليها. فما هي الجدوي الاقتصادية من وراء ذلك؟ خاصة وان هذه المنطقة بها ايضا عزب عمرها أكثر من 50 عاما، وهناك ايضا مخيمات خاصة بالمواطنين.

ويؤكد ان الموقع الذي حددته البيئة يحتاج دراسة كافية نظرا لتأثير هذا القرار علي ارتفاع أسعار الرمل بشكل خيالي مما يساعد علي رفع الأسعار من 50 ريالا للتريب الي حوالي 300 ريال لأن المكان بعيد تماما والمتضرر الوحيد من ذلك هو المستهلك وقد تسبب ذلك في وقوع خسائر كبيرة علي شركات المقاولات وأنا أعرف مقاولا يخسر يوميا اكثر من 200 الف ريال بسبب هذا القرار.

واذا تخيلنا وجود المشكلة منذ 15 يوماً فكم تصل الخسائر المادية وهناك شركات جاءت من الخارج للعمل بالدولة فهل سوف تستمر هذه الشركات؟ وما هو تأثير هذه الخسائر التي تتكبدها الشركات علي مستقبل الاستثمار في الدولة؟

ويضيف: هناك موقعان فقط للرمل البلاستر وهما شركة علي عبدالله الذهبية للمقاولات وشركة قطر سيرفس ولكن المشكلة في قلة مصادر الرمل المغسول حيث يوجد مصنعان فقط أحدهما تابع للدولة والآخر قطاع خاص ولكن الكميات المنتجة منهما لا تكفي لأنه يدخل في مكونات الريدي مي كس والبناء ونظراً لقلة المعروض منه بدأت بعض شركات الريدي مكس تستخدم الرمل غير المغسول في العمل وهذا أمر خطير وله مشاكل مستقبلية تؤثر علي عمر المنشآت والمباني في الدولة وهناك شركات وطنية تقدمت بطلبات لانشاء مصانع للرمل المغسول وحتي الآن لم يبت في الطلبات حيث جاء الرد شفوياً بالرفض حيث لم يتسلم المسؤولون الطلبات وهذان المصنعان لا يكفيان حاجة شركات المقاولات في ظل النهضة العمرانية الكبري التي تشهدها البلاد حالياً.

واكد السيد علي عبدالله ان مسؤولي محاجر الرمل البلاستر تقدموا بكتب رسمية لسعادة وزير الشؤون البلدية لشرح ابعاد المشكلة ولكن لم نتلقرداً حتي الآن، وحين ذهبنا إلي البلدية للاستفسار عن دوافع هذا القرار المفاجيء بنقل المحاجر الي مكان آخر قال لنا المسؤولون هناك ان البيئة هي المسؤولة فتوجهنا الي البيئة وهناك قال لنا المسؤولون ان البلدية هي المسؤولة ومن البيئة الي البلدية ذهاباً واياباً لم نتلق جواباً شافياً حتي الآن!.

وقال ايضا: هناك قرار من المكتب الفني بالبلدية يقضي بوقف العمل في الموقع الحالي من الخامسة مساءً حتي الخامسة صباحاً ثم يبدأ من الخامسة صباحاً حتي الخامسة مساءً علماً بأن الفترة الصباحية التي يسمح القرار بالعمل بها تشهد زحاماً مرورياً كبيراً علماً بأن هناك قرار من ادارة المرور والدوريات بوزارة الداخلية بمنع دخول الشاحنات الي مدينة الدوحة من السادسة صباحاً وحتي العاشرة مساءً فلماذا هذا التضارب في القرارات؟

ولماذا يمنع العمل في الفترة المسائية وهي من انسب الأوقات للعمل خاصة واغلب المشروعات الكبري التي يتم تنفيذها تقع في مدينة الدوحة!

فهل يعقل هذا؟ ومن المسؤول عن هذا القرار؟

ويؤكد علي عبدالله ان هناك شركات تستأجر شاحنات لإنجاز الأعمال وفي ظل هذه القرارات تتكبد هذه الشركات خسائر بالملايين وأنا شخصياً اعرف شركة تستأجر 450 شاحنة إيجار الواحدة في اليوم 760 ريالا بمجموع 342 ألف ريال يومياً فمن يتحمل هذه الخسائر اذا كانت هذه الشاحنات لا تستطيع العمل منذ 15 يوماً فكم تكون خسائر هذه الشركة؟!

وفي النهاية يطالب علي عبدالله بضرورة اعادة النظر في هذه القرارات وفتح الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار في انتاج الرمل بكافة انواعه لتلبية احتياجات الدولة من هذه المادة الحيوية وانقاذ الشركات من خسائر بالملايين بسبب هذه القرارات.

بعد انتهاء جولتنا في منطقة مسيعيد توجهنا إلي منطقة أم باب حيث يوجد مصنع قطر لمعالجة الرمل وحاولنا التحدث مع احد المسؤولين هناك والذي رفض الحديث تماماً واحالنا الي مكتب احد المسؤولين وعندما اتصلنا بمكتبه أفادت السكرتيرة انه في اجتماع وعلينا ترك الاسم ورقم التلفون للاتصال بنا فيما بعد.

خرجنا من مكاتب المسؤولين وتوجهنا الي مسؤولي شركات المقاولات القابعين في الخارج منذ اكثر من اسبوع للحصول علي تريب رمل مغسول وكذلك سائقي الشاحنات.

ويقول مدحت عبدالعزيز مسؤول باحدي شركات المقاولات: شاحناتنا تنتظر هنا منذ اكثر من اسبوع للحصول علي تريب رمل مغسول وهذه كارثة بكل المقاييس حيث تسبب ذلك في تعطل العمل في المواقع الإنشائية التي تعتمد بشكل مباشر علي هذه النوعية من الرمال.

ويضيف هذه المشكلة بدأت منذ 3 شهور تقريباً لأن المعدات الخاصة بانتاج الرمل غير كافية ولا تكفي لتلبية الاحتياجات المتزايدة من الرمل الامر الذي ادي الي تكدس اكثر من 4 آلاف سيارة خارج المصنع وكلها في انتظار الحصول علي تريب واحد علي الأقل مما ادي الي ارتفاع اسعار الرمل وبالتالي ارتفاع تكاليف الانشاء وهذا بدوره يؤثر علي عمل الشركات ويكبدها خسائر كبري فضلاً عن غرامات التأخير التي لحقت بالشركات بسبب عدم قدرتها علي التنفيذ لأن الرمل غير متوفر والعمال في المواقع جالسون بلا عمل في انتظار الفرج.

ويضيف المشكلة ان هذه النوعية من الرمال تدخل في عمل الردي مكس والمباني ولا يوجد بديل آخر لذلك نحن نناشد المسؤولين بالدولة سرعة التدخل لانقاذ الشركات العاملة في المشروعات الكبري من الخسائر الفادحة التي تتكبدها يوميا بسبب هذا النقص الخطير في انتاج الرمل المغسول والذي لا يوجد منه في قطر الا في مصنعين فقط وانتاجهما لا يكفي لاحتياجات المشروعات.

ويقول سائق سوداني طلب عدم ذكر اسمه: قبل 6 شهور كانت الشاحنة تحصل علي تريب يوميا وكان هذا كافيا ويلبي الاحتياجات ثم بدأ الانخفاض حيث بدأت الشاحنات تحصل علي تريب يوما بعد يوم ثم تريب كل أربعة أيام والآن اصبحت تحصل علي تريب كل 8 أيام وهذا سبب أزمة كبيرة للشركات.

ويضيف: ان هذه المشكلة نشأت بعد التوسع في المشروعات العمرانية الكبري في ظل عدم التوسع في انتاج الرمل المغسول مما أدي الي ارتفاع اسعار الرمل من 15 ريالا للطن الي أكثر من 50 ريالا في الوقت الحالي.

وهذا بالطبع سوف يؤثر علي تكاليف الانشاء ويسبب خسائر كبري للشركات العاملة في تنفيذ المشروعات.

وفي مدينة الدوحة التقينا السيد مجدي توفيق مسؤول بإحدي شركات المقاولات والذي أكد لنا ان هناك أزمة طاحنة في مواد البناء خاصة الرمل البلاستر والمغسول وقد تسببت هذه الأزمة في تكبد الشركات خسائر كبيرة جدا بسبب ارتفاع أسعار هذه المنتجات فضلا عن غرامات التأخير التي تم توقيعها علي الشركات بعد عجزها عن التنفيذ بسبب صعوبة الحصول علي الرمل بأنواعه.

ويضيف: الشركات محملة بأعباء كثيرة مثل العمالة والمعدات ومصاريف التشغيل وإذا اضفنا اليها ارتفاع اسعار الرمل وصعوبة الحصول عليه فسوف تنهار هذه الشركات في وقت قصير جدا لعدم قدرتها علي الصمود في هذه الاجواء.

وتساءل مجدي: كيف يستقيم هذا الوضع مع رغبة الدولة في إنشاء المشروعات الكبري؟ وهل هذا المناخ في العمل قادر علي جذب الشركات العالمية؟

بالطبع هذا المناخ طارد للاستثمارات ولا يصب في مصلحة أحد ويسبب خسائر كبيرة للشركات ولاقتصاد الدولة وسمعتها الاقتصادية لذلك يجب البحث عن حلول لهذه المشكلة وفتح منافذ جديدة لانتاج الرمل خاصة وهو متوفر بكميات كبيرة في البلاد.