الــجــزيــرة
12-02-2007, 12:48 AM
http://www.al-watan.com/images_2005/banner/editor.jpg
لماذا يخشى «وضاح» توضيح موقفه.. ويتهرب من الرد على أسئلتي؟
لا تفاوض .. لا تنازل .. لا تفريط في حقوق القطريين في «الجزيرة»
أصبحت قضيتي مع «مدير شبكة الجزيرة» قضية مصيرية.
فإما أن «يُفَنِّشني»، وتعني باللهجة القطرية «يزيحني» من موقعي، فلا أخسر في مثل هذه الحالة غير جلوسي اليومي على «كرسي» مكتبي في دار الوطن، وحينها سأتوجه إلى مقاهي «سوق واقف»، الذي صار «معلماً» تراثياً و«مزاراً» سياحياً، للجلوس على أحد الكراسي، وسماع «أصوات» المطرب الشعبي الراحل «محمد زوَّيد»، مع الاستمتاع بتناول «رشفات» من «استكانة» الشاي.
وإما أن «أُفَنِّشه» فيخسر فخامة المدير كل «العز» الذي يحيط به، وكل أضواء «المهرجان»، وبريق «الهيلمان»، ولمعة «الصولجان» الذي يمسك به، بل يسيطر عليه في «جزيرة الكنز».
.. وهكذا في كلتا الحالتين، إما أن «يَفْتَك» ــ يعني يخلص أو يتخلص ــ من مقالاتي «الاستفزازية».
.. أو «نَفْتَك» نحن من سياساته «الاضطهادية» الموجهة ضد القطريين، الذين من المحتمل «انقراضهم» في «الجزيرة»، مع حلول عام «2010»!
وكما تعلمون فقد مر أكثر من أسبوع على نشر مقالاتي، وطرح تساؤلاتي حول «شبكتنا الفضائية»، ولم يصلني حتى الآن أي «توضيح» منه، مما يعني أن فخامة المدير يتجاهل الرد، وهذا يؤكد ضعف موقفه، وعدم قدرته على مواجهة «الرأي العام»، ليفسر لماذا عدد القطريين في «الشبكة» لا يزيد على عدد مستشاريه ومعاونيه ومساعديه في «الجزيرة»؟
فهو يحيط نفسه بعدد من «المستشارين» الذين يزيدون قليلاً على مستشاري الرئيس الأميركي «جورج دبليو بوش» قائد أقوى دولة في الدنيا، وطبعاً كلهم يتقاضون رواتب وامتيازات خيالية!
ولم يبق سوى أن يُعيّن له مستشاراً لمتابعة «حالة الطقس»..
أو لشؤون «الجالية القطرية» التي «سحق» ماضيها وحاضرها ومستقبلها في «الجزيرة».
وبطبيعة الحال فإن تجاهل المشكلة ــ أية مشكلة ــ لا يعني عدم وجودها.
فالأسلوب «الساكت» أو«الصامت» الذي يتبعه في إدارة هذه «الأزمة»، التي تكبر في أدراج مكتبه، مثل «كرة الثلج»، يذكرني بأسلوب «النعامة» التي ــ كما يقولون ــ تدفن رأسها في الرمال عندما تواجه «الخطر»، اعتقاداً منها أنها أصبحت في أمان، وفجأة تجد «غضنفراً» وليس «خنفراً» ينقض عليها «هوووووب» ويفترسها في لمح البصر!
وعلى هذا الأساس لا مجال لأية «وساطات» أو «تسويات» أو «صفقات» معه حول هذه المسألة، حتى لو كان من يقود هذه الاتصالات «بان كي مون» الأمين العام للأمم المتحدة شخصياً!
وبصراحة لا أريد «إحراج» هذا المسؤول العالمي وإقحامه في المشكلة، فهو جديد في منصبه، وأنا متصلب في موقفي، ولن أتزحزح عنه قيد أنملة.
فقد تعلمت درساً لا ينسى من «التنازلات السياسية العربية»، وهو كلما تنازلت «شبراً» يطلبون منك «ذراعاً»، وكلما «طأطأت» رأسك، يطلبون منك أن «تنبطح» على الأرض «انبطاحاً»، ونحن نريد أن يكون كل موظف قطري في «الجزيرة»، أو غيرها من المؤسسات رأسه مرفوع عالياً.
.. ولهذا لن أتنازل «سنتيمتراً» واحداً عن هذا الموقف، ومستمتع بـ «الأصداء الهائلة» لهذه الحملة، رافعا خلالها شعاري الذي استوحيته من «قرارات» قمة «الخرطوم» العربية الرابعة، التي انعقدت قبل نحو أربعين عاماً في العاصمة السودانية، وبالتحديد خلال الفترة من 29/8/1967، وحتى الفاتح من سبتمبر من نفس العام، وهي «لا تفاوض.. لا صلح.. لا اعتراف».
وعلى غرار هذه «اللاءات» الثلاثة الشهيرة، اضطررنا اضطرارا أن نرفع شعاراً يحمل عنواناً واحداً، هو «لا تفريط في حقوق القطريين في قناة الجزيرة»..
فإلى متى سيبقى القطريون العاملون فيها على الهامش.. أقصى طموحاتهم أن يكونوا عُمَّالاً في «البدالة»، بينما الوظائف «القيادية» تُمنح لغيرهم من المنتمين إلى «التيار الخنفري».. الذي يتحكم في «الجزيرة»؟!
وأود أن أوضح أنني عندما أتبنى هذه القضية لست ضد الكفاءات العربية، التي تعلمنا منها «أبجديات القراءة والكتابة»، ولهذا نعتز بها كل الاعتزاز، ونفخر بعطائها السخي لقطر كل الفخر، لأنها ساهمت ولا تزال في مسيرة النهضة القطرية.
فنحن في كل موقع نرحب بالكفاءة العربية، التي تشارك معنا جنبا إلى جنب، وكتفا بكتف في بناء الوطن، فتلقى كل الترحيب منّا في كل مجال من مجالات العمل الإعلامي، أو الصحفي، أو الصحي، أو التعليمي، أو التجاري، أو الصناعي وغيرها من المجالات المهنية المتعددة.
ولا أنسى ــ ما حُييت ــ أن اليد الأولى التي امتدت لي مع بداية انطلاقتي الصحفية، لتمنحني «الثقة»، عندما كنت «أحبو» في بلاط صاحبة الجلالة، كانت يد أحد الكفاءات العربية، وهو أستاذي ومعلمي المرحوم «محمد شاهين» رئيس القسم الرياضي الأسبق في مدرستي وصحيفتي الأولى «الراية».
فهذا الصحفي العربي، تعلمت منه أصول المهنة، وعندما ذهبت إليه في أحد أيام شهر نوفمبر عام 1981، في مكتبه ــ وكان وقتها ــ بالمنطقة الصناعية، والذهاب اليه هناك أشبه بمغامرة لعبور «الربع الخالي»، وأعطيته «أعمالي الصحفية»، وهو لا يعرفني، رفع رأسه ونظر في وجهي نظرة ثاقبة وقال لي:
«أنا عاوزك، ما تروحش .. إنت فين عني من زمان»!
ومن يومها لم أغادر هذه المهنة، بفضل التشجيع الكبير الذي لقيته من هذا الصحفي العربي الكبير.
وعندما أطرح هذا النموذج الذي رحل عن عالمنا، تاركا في رأسي أجمل الذكريات والانطباعات عن الكفاءات العربية، فإنني أريد التأكيد على احترامي الكبير لكل الخبرات العربية، ولكن المشهد «الخنفري» الذي نراه داخل شبكة «الجزيرة» بجميع قنواتها يختلف عن هذه الصورة البرّاقة.
فهناك نجدهم «يَسْحقون» أي كفاءة قطرية، ولا يعطونها الفرصة للظهور، ولا يمنحونها الحافز للمرور، ولا يفتحون لها الأبواب للعبور، حتى تنطفئ ولا يعرفها الجمهور.
ووسط هذه الأجواء «الخنفرية» تختفي، بل تختنق، المواهب والقدرات القطرية، لأنها تشعر بالإحباط، ولا أبالغ عندما أقول «الاختناق»، حيث لا تجد يداً تشجعها، ولا مسؤولاً يوجهها، ولا شخصاً يساندها، فيكون مصيرها الاندثار!
وأتصور أنه لو استمرت هذه «السياسة الخنفرية» فسيختفي العنصر القطري في «الجزيرة»، وسيكون مصيره مهدداً بالانقراض مثل حيوان «الباندا»، الذي يواجه مصيراً مجهولاً نتيجة تدمير الغابات، التي يعيش فيها، باعتبارها مكانه الطبيعي ، بالإضافة الى عدم نجاح تجارب التلقيح الصناعي، أو التناسل خارج «الصين» موطنه الأصلي.
وتحسباً من «اللغط»، ومنعاً لـ «الغلط» وحتى أحسم الجدل حول هذه المسألة، أقولها بأعلى صوتي، إنني أؤكد اعتزازي الكبير بجميع «الزملاء العرب» الذين ساهموا في نجاح «الجزيرة» منذ تأسيسها عام 1996 وحتى الآن، سواء أولئك الذين ما زالوا في مواقعهم، ولم «يُهمشهم» فخامة المدير، ويركنهم «على الرف»، أو الذين غادروها إلى قنوات أخرى، فلهم كل الشكر والتقدير، فلولا مشاركاتهم وإبداعاتهم لما كبرت «الجزيرة» ونجحت وتصدرت، لتكون القناة الفضائية الإخبارية الأولى في العالم العربي.
ولكن ما أريد أن أقوله بوضوح..
إننا نحترم الكفاءة العربية التي تحترم عقولنا.
.. ونرحب بالخبرة العربية التي لا تلغي شخصيتنا.
.. ونساند الشخصية العربية التي لا تزاحمنا على وظائفنا، ولا تسعى لتهميشنا، ولا تقوم «بتَطْنِيشنا»، أو «تَطْفِيشنا»، ودفعنا إلى خارج إطار المشهد القطري، لنكون مجرد مشاهدين له، وليس مشاركين فيه.
وأستغرب كيف أن كفاءاتنا القطرية تجد الترحيب والتقدير في القنوات الفضائية الأخرى، ولا تجد لها مكاناً في «الجزيرة»!
وسأعطيكم مثالاً حياً على ذلك، وهو المذيع المتألق الناجح «طلال السادة»، الذي عَبَر بموهبته «المحيط الأطلسي» ليكون واحداً من «الطيور المهاجرة»، التي غادرت «الدوحة» لتستقر في «واشنطن»، بعد أن وجد الفرصة لقراءة النشرة الإخبارية في قناة «الحرة»، في حين أنه لا يجد له مكاناً حتى ليأكل «ساندويتشاً» من «الفلافل» في كافتيريا «الجزيرة» ، بالدور الثاني مباشرة، فوق مكتب فخامة المدير «وضاح خنفر»!
وما من شك في أن ما حدث للموظفين القطريين الخمسة، الذين تم إيقافهم عن العمل في قناة «الجزيرة» الرياضية، آلمنا جميعا، لأنهم لم يرتكبوا جريمة يُعاقب عليها القانون، وكل ما فعلوه أنهم تجرأوا وقالوا رأيهم بصراحة في مديرهم، اعتقادا منهم أنهم يملكون الحق مثله في «حرية التعبير» التي أصبحت ركناً أساسياً من أركان مسيرتنا الوطنية.
وتصوروا كيف ستكون الصورة داخل قناة «الجزيرة» الرياضية، وماذا سيكون موقف مديرها، لو أن هؤلاء الموظفين المواطنين «مدحوه» وأشادوا به في تصريحاتهم الصحفية؟
.. أو أغرقوه بـ «قصائد المديح» المأخوذة من دواوين الشعر، التي أبدعها الشاعر العربي السوري الراحل الكبير «نزار قباني»..
وماذا لو غنوا له - مثلا - أغنية من أغنيات «أصالة نصري»، أو «ميادة الحناوي»؟
أو شكلوا «جوقة» واشتركوا جميعاً في أداء أحد الموشحات، أو «القدود الحلبية» التي «تطربني» كثيراً عندما أسمعها بصوت الفنان المبدع «صباح فخري»، ورددوا معاً بأصواتهم «المبحوحة»، بل «المخنوقة»، أغنية «يا طيرة طيري يا حمامة
..وانزلي بدمر والهامة».
أو أغنية «مالك يا حلوة مالك .. هو الغرام غير حالك .. فتنوا عليكي عُذالك .. لما رأوكي بجمالك».
أو أغنية «صيد العصاري ياسمك يا بني .. تلعب بالميه لعبك يعجبني، آه ياسمك بني».
هل سيتم إيقافهم عن العمل بهذه الطريقة «الانكشارية»؟
وهل سيتعرضون إلى كل هذه «البهدلة»؟
أم ستتم «ترقيتهم» إلى الأعلى بصورة «أوتوماتيكية»؟
ولكل هذه «التناقضات» لا أريد أية «وساطات» أو «تسويات»، لوقف حملتي الصحفية المستمرة، التي تستهدف كشف الممارسات «الخنفرية» في «الجزيرة»، حتى لو كان يقود تلك المساعي السيد «عمرو موسى» الأمين العام للجامعة العربية، الذي نعتز بوجوده في هذا المنصب ونفخر بجهوده.
فأنا أشفق عليه، ولا أريده أن يفشل في مهمته، كما حدث للمساعي الحثيثة التي بذلها مؤخرا على الساحة اللبنانية، لتضييق الهُوة بين الفرقاء أطراف الأزمة الداخلية.
لقد حانت لحظة مساءلة «خنفر» على كل قرار اتخذ ضد القطريين، وكل موقف تبناه ضد الموظفين المواطنين في شبكة «الجزيرة»، ولهذا أريده أن يجرب مرارة «حرية الصحافة» في بلادنا بعد أن تذوق حلاوة «الحرية الإعلامية» في «قناتهم» الفضائية، ويرى بعد أن يخوض هذه التجربة «الصعبة» ..
أيهما طعمه «مر أكثر؟
.. وأيهما نكهته «حلوة» أكثر؟
ويعرف أن هذه هي «أحوال الدنيا» منذ أن خلق الله -عز وجل- البشر قبل آلاف السنين، فيها يوم «حلو»، ويوم «مر»!
واعتبارا من اليوم يدخل معي زميلي الفنان المبدع «سلمان المالك» طرفاً أساسياً ليدلي بدلوه في هذه القضية، وستجدون على الصفحة الأخيرة من العدد الرئيسي «باكورة» إنتاجه من الإبداع الكاريكاتيري.
كما يساهم الفنان الواعد «سعد المهندي» بكاريكاتير آخر في ملحق الوطن والمواطن حول هذه القضية.
وسأظل واقفاً ثابتاً معهم في ساحة الوطن، مثل نخلة قطرية باسقة، أبارز «الخنفريين» بقلمي واحداً واحداً، بكل رجولة، مستخدماً تلك «الأداة» التي لها مفعولها «المغري» وبريقها «السري»، وكان لها ـ وما يزال ـ تأثيرها «السحري» في نجاح «الجزيرة».
إنها تلك الكلمات البراقة، المضيئة، اللامعة التي يسمونها «ا.ل.ح.ر.ي.ة»، التي سأظل أدافع عنها دائما، وأرددها على لساني، وأكتبها هكذا في سطوري ومقالاتي، عبر صرير قلمي
«الحرية».. «الحرية» ..«الحرية».
أحمد علي
لماذا يخشى «وضاح» توضيح موقفه.. ويتهرب من الرد على أسئلتي؟
لا تفاوض .. لا تنازل .. لا تفريط في حقوق القطريين في «الجزيرة»
أصبحت قضيتي مع «مدير شبكة الجزيرة» قضية مصيرية.
فإما أن «يُفَنِّشني»، وتعني باللهجة القطرية «يزيحني» من موقعي، فلا أخسر في مثل هذه الحالة غير جلوسي اليومي على «كرسي» مكتبي في دار الوطن، وحينها سأتوجه إلى مقاهي «سوق واقف»، الذي صار «معلماً» تراثياً و«مزاراً» سياحياً، للجلوس على أحد الكراسي، وسماع «أصوات» المطرب الشعبي الراحل «محمد زوَّيد»، مع الاستمتاع بتناول «رشفات» من «استكانة» الشاي.
وإما أن «أُفَنِّشه» فيخسر فخامة المدير كل «العز» الذي يحيط به، وكل أضواء «المهرجان»، وبريق «الهيلمان»، ولمعة «الصولجان» الذي يمسك به، بل يسيطر عليه في «جزيرة الكنز».
.. وهكذا في كلتا الحالتين، إما أن «يَفْتَك» ــ يعني يخلص أو يتخلص ــ من مقالاتي «الاستفزازية».
.. أو «نَفْتَك» نحن من سياساته «الاضطهادية» الموجهة ضد القطريين، الذين من المحتمل «انقراضهم» في «الجزيرة»، مع حلول عام «2010»!
وكما تعلمون فقد مر أكثر من أسبوع على نشر مقالاتي، وطرح تساؤلاتي حول «شبكتنا الفضائية»، ولم يصلني حتى الآن أي «توضيح» منه، مما يعني أن فخامة المدير يتجاهل الرد، وهذا يؤكد ضعف موقفه، وعدم قدرته على مواجهة «الرأي العام»، ليفسر لماذا عدد القطريين في «الشبكة» لا يزيد على عدد مستشاريه ومعاونيه ومساعديه في «الجزيرة»؟
فهو يحيط نفسه بعدد من «المستشارين» الذين يزيدون قليلاً على مستشاري الرئيس الأميركي «جورج دبليو بوش» قائد أقوى دولة في الدنيا، وطبعاً كلهم يتقاضون رواتب وامتيازات خيالية!
ولم يبق سوى أن يُعيّن له مستشاراً لمتابعة «حالة الطقس»..
أو لشؤون «الجالية القطرية» التي «سحق» ماضيها وحاضرها ومستقبلها في «الجزيرة».
وبطبيعة الحال فإن تجاهل المشكلة ــ أية مشكلة ــ لا يعني عدم وجودها.
فالأسلوب «الساكت» أو«الصامت» الذي يتبعه في إدارة هذه «الأزمة»، التي تكبر في أدراج مكتبه، مثل «كرة الثلج»، يذكرني بأسلوب «النعامة» التي ــ كما يقولون ــ تدفن رأسها في الرمال عندما تواجه «الخطر»، اعتقاداً منها أنها أصبحت في أمان، وفجأة تجد «غضنفراً» وليس «خنفراً» ينقض عليها «هوووووب» ويفترسها في لمح البصر!
وعلى هذا الأساس لا مجال لأية «وساطات» أو «تسويات» أو «صفقات» معه حول هذه المسألة، حتى لو كان من يقود هذه الاتصالات «بان كي مون» الأمين العام للأمم المتحدة شخصياً!
وبصراحة لا أريد «إحراج» هذا المسؤول العالمي وإقحامه في المشكلة، فهو جديد في منصبه، وأنا متصلب في موقفي، ولن أتزحزح عنه قيد أنملة.
فقد تعلمت درساً لا ينسى من «التنازلات السياسية العربية»، وهو كلما تنازلت «شبراً» يطلبون منك «ذراعاً»، وكلما «طأطأت» رأسك، يطلبون منك أن «تنبطح» على الأرض «انبطاحاً»، ونحن نريد أن يكون كل موظف قطري في «الجزيرة»، أو غيرها من المؤسسات رأسه مرفوع عالياً.
.. ولهذا لن أتنازل «سنتيمتراً» واحداً عن هذا الموقف، ومستمتع بـ «الأصداء الهائلة» لهذه الحملة، رافعا خلالها شعاري الذي استوحيته من «قرارات» قمة «الخرطوم» العربية الرابعة، التي انعقدت قبل نحو أربعين عاماً في العاصمة السودانية، وبالتحديد خلال الفترة من 29/8/1967، وحتى الفاتح من سبتمبر من نفس العام، وهي «لا تفاوض.. لا صلح.. لا اعتراف».
وعلى غرار هذه «اللاءات» الثلاثة الشهيرة، اضطررنا اضطرارا أن نرفع شعاراً يحمل عنواناً واحداً، هو «لا تفريط في حقوق القطريين في قناة الجزيرة»..
فإلى متى سيبقى القطريون العاملون فيها على الهامش.. أقصى طموحاتهم أن يكونوا عُمَّالاً في «البدالة»، بينما الوظائف «القيادية» تُمنح لغيرهم من المنتمين إلى «التيار الخنفري».. الذي يتحكم في «الجزيرة»؟!
وأود أن أوضح أنني عندما أتبنى هذه القضية لست ضد الكفاءات العربية، التي تعلمنا منها «أبجديات القراءة والكتابة»، ولهذا نعتز بها كل الاعتزاز، ونفخر بعطائها السخي لقطر كل الفخر، لأنها ساهمت ولا تزال في مسيرة النهضة القطرية.
فنحن في كل موقع نرحب بالكفاءة العربية، التي تشارك معنا جنبا إلى جنب، وكتفا بكتف في بناء الوطن، فتلقى كل الترحيب منّا في كل مجال من مجالات العمل الإعلامي، أو الصحفي، أو الصحي، أو التعليمي، أو التجاري، أو الصناعي وغيرها من المجالات المهنية المتعددة.
ولا أنسى ــ ما حُييت ــ أن اليد الأولى التي امتدت لي مع بداية انطلاقتي الصحفية، لتمنحني «الثقة»، عندما كنت «أحبو» في بلاط صاحبة الجلالة، كانت يد أحد الكفاءات العربية، وهو أستاذي ومعلمي المرحوم «محمد شاهين» رئيس القسم الرياضي الأسبق في مدرستي وصحيفتي الأولى «الراية».
فهذا الصحفي العربي، تعلمت منه أصول المهنة، وعندما ذهبت إليه في أحد أيام شهر نوفمبر عام 1981، في مكتبه ــ وكان وقتها ــ بالمنطقة الصناعية، والذهاب اليه هناك أشبه بمغامرة لعبور «الربع الخالي»، وأعطيته «أعمالي الصحفية»، وهو لا يعرفني، رفع رأسه ونظر في وجهي نظرة ثاقبة وقال لي:
«أنا عاوزك، ما تروحش .. إنت فين عني من زمان»!
ومن يومها لم أغادر هذه المهنة، بفضل التشجيع الكبير الذي لقيته من هذا الصحفي العربي الكبير.
وعندما أطرح هذا النموذج الذي رحل عن عالمنا، تاركا في رأسي أجمل الذكريات والانطباعات عن الكفاءات العربية، فإنني أريد التأكيد على احترامي الكبير لكل الخبرات العربية، ولكن المشهد «الخنفري» الذي نراه داخل شبكة «الجزيرة» بجميع قنواتها يختلف عن هذه الصورة البرّاقة.
فهناك نجدهم «يَسْحقون» أي كفاءة قطرية، ولا يعطونها الفرصة للظهور، ولا يمنحونها الحافز للمرور، ولا يفتحون لها الأبواب للعبور، حتى تنطفئ ولا يعرفها الجمهور.
ووسط هذه الأجواء «الخنفرية» تختفي، بل تختنق، المواهب والقدرات القطرية، لأنها تشعر بالإحباط، ولا أبالغ عندما أقول «الاختناق»، حيث لا تجد يداً تشجعها، ولا مسؤولاً يوجهها، ولا شخصاً يساندها، فيكون مصيرها الاندثار!
وأتصور أنه لو استمرت هذه «السياسة الخنفرية» فسيختفي العنصر القطري في «الجزيرة»، وسيكون مصيره مهدداً بالانقراض مثل حيوان «الباندا»، الذي يواجه مصيراً مجهولاً نتيجة تدمير الغابات، التي يعيش فيها، باعتبارها مكانه الطبيعي ، بالإضافة الى عدم نجاح تجارب التلقيح الصناعي، أو التناسل خارج «الصين» موطنه الأصلي.
وتحسباً من «اللغط»، ومنعاً لـ «الغلط» وحتى أحسم الجدل حول هذه المسألة، أقولها بأعلى صوتي، إنني أؤكد اعتزازي الكبير بجميع «الزملاء العرب» الذين ساهموا في نجاح «الجزيرة» منذ تأسيسها عام 1996 وحتى الآن، سواء أولئك الذين ما زالوا في مواقعهم، ولم «يُهمشهم» فخامة المدير، ويركنهم «على الرف»، أو الذين غادروها إلى قنوات أخرى، فلهم كل الشكر والتقدير، فلولا مشاركاتهم وإبداعاتهم لما كبرت «الجزيرة» ونجحت وتصدرت، لتكون القناة الفضائية الإخبارية الأولى في العالم العربي.
ولكن ما أريد أن أقوله بوضوح..
إننا نحترم الكفاءة العربية التي تحترم عقولنا.
.. ونرحب بالخبرة العربية التي لا تلغي شخصيتنا.
.. ونساند الشخصية العربية التي لا تزاحمنا على وظائفنا، ولا تسعى لتهميشنا، ولا تقوم «بتَطْنِيشنا»، أو «تَطْفِيشنا»، ودفعنا إلى خارج إطار المشهد القطري، لنكون مجرد مشاهدين له، وليس مشاركين فيه.
وأستغرب كيف أن كفاءاتنا القطرية تجد الترحيب والتقدير في القنوات الفضائية الأخرى، ولا تجد لها مكاناً في «الجزيرة»!
وسأعطيكم مثالاً حياً على ذلك، وهو المذيع المتألق الناجح «طلال السادة»، الذي عَبَر بموهبته «المحيط الأطلسي» ليكون واحداً من «الطيور المهاجرة»، التي غادرت «الدوحة» لتستقر في «واشنطن»، بعد أن وجد الفرصة لقراءة النشرة الإخبارية في قناة «الحرة»، في حين أنه لا يجد له مكاناً حتى ليأكل «ساندويتشاً» من «الفلافل» في كافتيريا «الجزيرة» ، بالدور الثاني مباشرة، فوق مكتب فخامة المدير «وضاح خنفر»!
وما من شك في أن ما حدث للموظفين القطريين الخمسة، الذين تم إيقافهم عن العمل في قناة «الجزيرة» الرياضية، آلمنا جميعا، لأنهم لم يرتكبوا جريمة يُعاقب عليها القانون، وكل ما فعلوه أنهم تجرأوا وقالوا رأيهم بصراحة في مديرهم، اعتقادا منهم أنهم يملكون الحق مثله في «حرية التعبير» التي أصبحت ركناً أساسياً من أركان مسيرتنا الوطنية.
وتصوروا كيف ستكون الصورة داخل قناة «الجزيرة» الرياضية، وماذا سيكون موقف مديرها، لو أن هؤلاء الموظفين المواطنين «مدحوه» وأشادوا به في تصريحاتهم الصحفية؟
.. أو أغرقوه بـ «قصائد المديح» المأخوذة من دواوين الشعر، التي أبدعها الشاعر العربي السوري الراحل الكبير «نزار قباني»..
وماذا لو غنوا له - مثلا - أغنية من أغنيات «أصالة نصري»، أو «ميادة الحناوي»؟
أو شكلوا «جوقة» واشتركوا جميعاً في أداء أحد الموشحات، أو «القدود الحلبية» التي «تطربني» كثيراً عندما أسمعها بصوت الفنان المبدع «صباح فخري»، ورددوا معاً بأصواتهم «المبحوحة»، بل «المخنوقة»، أغنية «يا طيرة طيري يا حمامة
..وانزلي بدمر والهامة».
أو أغنية «مالك يا حلوة مالك .. هو الغرام غير حالك .. فتنوا عليكي عُذالك .. لما رأوكي بجمالك».
أو أغنية «صيد العصاري ياسمك يا بني .. تلعب بالميه لعبك يعجبني، آه ياسمك بني».
هل سيتم إيقافهم عن العمل بهذه الطريقة «الانكشارية»؟
وهل سيتعرضون إلى كل هذه «البهدلة»؟
أم ستتم «ترقيتهم» إلى الأعلى بصورة «أوتوماتيكية»؟
ولكل هذه «التناقضات» لا أريد أية «وساطات» أو «تسويات»، لوقف حملتي الصحفية المستمرة، التي تستهدف كشف الممارسات «الخنفرية» في «الجزيرة»، حتى لو كان يقود تلك المساعي السيد «عمرو موسى» الأمين العام للجامعة العربية، الذي نعتز بوجوده في هذا المنصب ونفخر بجهوده.
فأنا أشفق عليه، ولا أريده أن يفشل في مهمته، كما حدث للمساعي الحثيثة التي بذلها مؤخرا على الساحة اللبنانية، لتضييق الهُوة بين الفرقاء أطراف الأزمة الداخلية.
لقد حانت لحظة مساءلة «خنفر» على كل قرار اتخذ ضد القطريين، وكل موقف تبناه ضد الموظفين المواطنين في شبكة «الجزيرة»، ولهذا أريده أن يجرب مرارة «حرية الصحافة» في بلادنا بعد أن تذوق حلاوة «الحرية الإعلامية» في «قناتهم» الفضائية، ويرى بعد أن يخوض هذه التجربة «الصعبة» ..
أيهما طعمه «مر أكثر؟
.. وأيهما نكهته «حلوة» أكثر؟
ويعرف أن هذه هي «أحوال الدنيا» منذ أن خلق الله -عز وجل- البشر قبل آلاف السنين، فيها يوم «حلو»، ويوم «مر»!
واعتبارا من اليوم يدخل معي زميلي الفنان المبدع «سلمان المالك» طرفاً أساسياً ليدلي بدلوه في هذه القضية، وستجدون على الصفحة الأخيرة من العدد الرئيسي «باكورة» إنتاجه من الإبداع الكاريكاتيري.
كما يساهم الفنان الواعد «سعد المهندي» بكاريكاتير آخر في ملحق الوطن والمواطن حول هذه القضية.
وسأظل واقفاً ثابتاً معهم في ساحة الوطن، مثل نخلة قطرية باسقة، أبارز «الخنفريين» بقلمي واحداً واحداً، بكل رجولة، مستخدماً تلك «الأداة» التي لها مفعولها «المغري» وبريقها «السري»، وكان لها ـ وما يزال ـ تأثيرها «السحري» في نجاح «الجزيرة».
إنها تلك الكلمات البراقة، المضيئة، اللامعة التي يسمونها «ا.ل.ح.ر.ي.ة»، التي سأظل أدافع عنها دائما، وأرددها على لساني، وأكتبها هكذا في سطوري ومقالاتي، عبر صرير قلمي
«الحرية».. «الحرية» ..«الحرية».
أحمد علي