تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : محللون: انخفاض الدولار من الأسباب الجوهرية لعملية التضخم في قطر



مغروور قطر
13-02-2007, 05:33 AM
محللون: انخفاض الدولار من الأسباب الجوهرية لعملية التضخم في قطر
تحقيق ــ سديم جوهر

قال محللون ان انخفاض الدولار بشكل كبير في السنوات الاخيرة اثر على السلع المرتبطة به والمواد المستوردة وبالتالي معدل التضخم لعدة اسباب.

وقالوا ان انخفاض الدولار من الاسباب الجوهرية لزيادة معدلات التضخم خاصة ان انخفاضه انعكس على العملات المحلية وبالتالي التأثير على مقدرتها الشرائية.

ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين ان الاعتماد على الدولار وتسعير البترول وهو السلعة الاساسية به يؤدي الى استيراد التضخم. فان كانت الولايات المتحدة ترفع صادراتها عن طريق خفض قيمة الدولار أمام العملات الأخرى فإن هذا يؤدي الى رفع اسعار الصادرات الينا والتي بمعظمها تُسعر بالين أو اليورو.

ويرى الخبراء والمختصون أن العلاج لمشكلة التضخم لا بد وان يتم على عدة محاور منها ما يتعلق بالارتباط بالدولار والآخر بالسياسات الداخلية لمواجهة هذه المشكلة والحد منها مستقبلا.

وفي هذا الاطار استطلع الوطن الاقتصادي آراء بعض الوجوه البارزة في الاقتصاد القطري مثل الدكتور ناصر آل شافي والدكتور عبدالله الملا والسيد ناصر المير رئيس لجنة العقارات ولجنة الزراعة والتغذية في غرفة قطر للتجارة والصناعة والدكتور زكي أبو شاويش استاذ مساعد في كلية الادارة والاقتصاد في جامعة قطر وعضو مجلس ادارة الجمعية العلمية المحاسبية القطرية.

ورأى الدكتور ناصر مبارك آل شافي ان فك الارتباط بالدولار غير ملزم في الوقت الحاضر، لكن هذا لا يمنع عمل دراسة صحيحة وشاملة في كل الجوانب بحيث تكون التوجهات المستقبلية مدروسة وشدد على ضرورة قيام تشريعات قانونية ملزمة تساعد في عملية الحركة وتهيئة المناخ العام في قطر أو غيرها لقبول عملة جديدة وهذا لا يمنع بقاء الدولار على الساحة ضمن سلة عملات أجنبية لكنه اشار الى وضع الدولار والاقتصاد الاميركي كأقوى اقتصاديات العالم.

وعلى الرغم من التقلبات التي سببتها الحروب والعجز في ميزانية الدفاع فهو لا يعاني تقلبات خطيرة وعبر عن اعتقاده أن الوقت الحالي ليس مناسبا لهذه الخطوة لأن الاقتصاد الاميركي متعاف ويأخذ موقعه في الاقتصاد العالمي ولديه نمو لا بأس به، لكن هذا لا يمنع من البحث عن بدائل فحتى لو كان اقتصاد الدول قويا يمنع هذا من البحث عن بدائل حتى لو كانت نسبته مثلا 10% أو 20% أو 30%، حسب التغيرات الحاصلة في العملة العالمية.

وصحيح ان الدولار في الآونة الأخيرة آخذ في الضعف لكن هذا ليس مؤشرا على ضعف الاقتصاد الاميركي، فهو قد يكون مر بحالة سبات بسبب التوجهات الحاصلة سياسيا في الادارة الاميركية لكنه يحافظ على ترابطه وقوته وقدرته على النمو، حيث تطفو على الساحة الاقتصادية الاميركية نسب قليلة من النمو.

وقال الدكتور آل شافي ان ارتباط الريال بالدولار يوجب ان تأخذ السياسات المالية اتجاه العملة في اميركا بعين الاعتبار في قطر وبعض دول الخليج مثل الكويت لم تكن مرتبطة بالدولار ولكنها عادت الى حديقة العملات المرتبطة به والآن هناك حدث تاريخي بتوجهها نحو سلة عملات والابتعاد عن العملة الأميركية.

وقد وضح أسباب فك الارتباط من أي عملة عالمية فمنها السياسية والاقتصادية فالبنسبة للريال اذا كان الاقتصاد الاميركي لا يشهد نموا متسارعا يعاني من بطء في الحركة الاقتصادية وتخوف من التوجهات الاقتصادية المستقبلية تؤدي هذه الأمور الى توجهات غير التوجه الملزم مع الدولار ومنها التوجهات السياسية كالاضطرابات بين الدول فمثلا اذا كانت هناك مشاكل بين دول الخليج واميركا تحدث هناك عملية تغيير بسبب التخوف من الاضطرابات أو تقلبات العملة أو فرض بعض الضرائب والالتزامات التي قد لا تساعد في عملية ضبط العملة كذلك الخوف من التغيرات السياسية التي تحكم التغير من عملة الى اخرى هذا بالاضافة الى السياسة المالية فاذا رأت دول الخليج أن لديها التقاء سياسيا أو اجتماعيا مع الدول الاوروبية وان هناك بعض الخطط المستقبلية بالنسبة لليورو، لكن هذه الأسباب لا يجب ان تؤدي بالضرورة الى انكسار كامل، بل من الممكن ان تعمل سلة عملات كوسيلة احتياطية.

وقال: ان خطوة كسر العملة مع الدولار ليست سهلة وبحاجة الى حزم واقتناع بها ووفقا لدراسة ميدانية مالية اقتصادية للوضع الحالي من توجهات وأمور قد تساعد أو تضر في عملية الفكر العام للدولار ويمكن ان تكون هناك جلسة جامعة لدول الخليج مثلا في اليورو 2010 واذا كان لديهم نظرة مستقبلية عن تغيير الدولار الى يورو فهذا ممكن اذا توافر لديهم عملة موحدة وتوجهات في هذا الموضوع وهذه التوجهات تقرأ من عدة نواح سواء السرعة أو البطء أو الترتيب أو بعد المدى أو انها سليمة أو متخبطة أم فيها ارتباط أو تقلب.

وفي اشارة الى الأسباب الرئيسية المؤدية الى وضع الدولار الحالي وعلاقة ذلك بالاوضاع بالسياسات العسكرية في الولايات المتحدة أوضح د.آل شافي ان الموضوع أوسع من ذلك فبغض النظر على ميزانية الدفاع العالية جدا فان الميزان الاقتصادي والأنشطة الاقتصادية قوية ايضا لأن الاموال الضخمة التي تنفق في هذا المجال تهدف لخدمة اغراض اقتصادية مستقبلية واعدة.

ونبه على ان الحرب في المنطقة هي حرب اقتصادية بحتة وليست حربا للتغيير السياسي وهي تنطلق من منظور اقتصادي وربحية اقتصادية ولاتزال الولايات المتحدة تعطي الكثير من التسهيلات لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في أميركا وتفتح الباب للعديد من الدول مثل دول الخليج وأوروبا وهذا أمر واعد في الاستثمار الأجنبي الموجود في اميركا ولكن نحن ننظر اليه بمنظور آخر لأن فك الارتباط بالدولار يجب ان نتعامل معه من زاوية سياسية اقتصادية اجتماعية، فتدهور الدولار يسبب عدة مشاكل في اية دولة من ضعف في العملة المحلية وتغيير في السياسات المالية وتسعير السلع والخدمات وخلل في الميزانيات العامة للدول وارتفاعه يؤدي الى انتعاش العملات المرتبطة به لكن تأثر دول الخليج بضعف الدولار هو تأثر نسبي وليس قويا.

وذكر د.آل شافي ان الارتفاع الحالي بأسعار السلع عائد الى أسباب داخلية وليس ناتجا عن انخفاض الدولار فالاقتصاد القطري الآن يمر بأحسن حالاته في تاريخ قطر الحديث لأنه واعد من حيث النمو الاقتصادي والبنية التحتية وتوجهات السياسة الاقتصادية وفكر مالي وتخطيط للمستقبل فالدولة تركز على التخطيط بعيد المدى.

أما المشكلة الداخلية تتمثل في ان دولة قطر مرت بمرحلة طفرة اقتصادية من حركة اقتصادية وانتعاش سوق الدوحة مما أدى الى ازدياد نسبة السيولة في السوق وهذا أدى الى ارتفاع الخدمات والسلع.

واضاف د.آل شافي ان هذه السيولة لو كانت محكومة بأطر وصناديق استثمارية أو قنوات استثمارية بدلا من وجودها في البنوك فلن تلاحظ نسبة السيولة فالحاجة الى صناديق استثمارية ناجحة لديها تسويق صحيح وتدار من قبل مؤسسات عالمية قادرة على اعطاء صورة ناجحة وسيكون هناك توجه للعديد من المستثمرين نحوها بحكم ان هذه الصناديق موجودة لكنها لم تسوق بصورة صحيحة كذلك السندات الحكومية تطرح في السوق القطري فهي تمتص جزءا من السيولة وتشكل ضمانا لكنها عملية تغيير في السياسات المالية للدولة ايضا ولو ان بعض المؤسسات المدرجة في سوق الدوحة للأوراق المالية أو البنوك المحلية تطرح بعض السندات الصغيرة للسماح للمستثمرين القطريين بالبيع والشراء فان هذه تعتبر خطوة من الخطوات المرحب بها وهي تفتح المجال أمام المستثمر الأجنبي الموجود في قطر.

أما عملية التضخم في اسعار العقارات والسلع والمواد الأولية للبناء فهذه جميعها تؤثر على الوضع الحالي في قطر وهي ناتجة عن ازدياد الطلب عن العرض ولو عملت دراسة عن العرض والطلب عن جميع الأنشطة الاقتصادية لوضع اليد على الأسباب وراء التضخم سيتم حل المشكلة. واضاف ان وزير المالية قد تحدث عن لجنة لوضع الحلول المناسبة لمشكلة التضخم.

وأبدى د.آل شافي تفاؤله بالتوصل الى حلول في الايام والشهور القادمة لأن دولة قطر تتوجه نحو النظر الى السياسات المالية والنقدية وهي تناقش على الساحة الاقتصادية من معرفة الوضع الكامل خصوصا في موضوع الفوائد البنكية وكيفية فتح السوق لجميع المستثمرين.

وفي اطار حديثه عن الحلول المقترحة ذكر د.آل شافي ان الحل لا يكمن في نقطة واحدة بالاضافة الى انه يجب ان يأتي على فترات زمنية بمعنى وضع خطط مستقبلية لتجنب المرور بنفس المشكلة وتفاديها مستقبلا.

وشدد على ضرورة وضع القواعد والاصول في عملية التحكم بالتضخم ونسبيته وحركته بحيث تكون وفق ضوابط اقتصادية لأنه يمكن ان يرتفع بشكل مفاجئ. وجميع الأنشطة الاقتصادية يجب اعادة النظر فيها ووضع الحلول المناسبة لأي مشكلة موجودة فيها حتى يمكن تغيير الوضع بالكامل.

من جهته رأى السيد ناصر المير رئيس لجنة العقارات واللجنة الزراعية والغذائية ان ارتباط الريال بالدولار يسبب تذبذب الاقتصاد ويؤدي الى تضخم لأن ايرادات الدولة تدفع بالدولار بينما المشتريات الاساسية تكون باليورو والاسترليني والين وغيرها لذلك من الملاحظ انه يتم الاتفاق على اسعار معينة لكنها ترتفع بعد ذلك والسبب الرئيسي هو الارتباط بالدولار.

وفيما يتعلق بسلة العملات قال ناصر المير: ان المصرف المركزي هو الذي يحدد السياسات الاقتصادية وربما يرى الآن ان استمرار الارتباط بالدولار افضل ولذلك لأسباب كثيرة هو اعلم بها لكنه ابدى ثقته بوجود احتياطي من العملات الاخرى وتقويم للدولار لتقوم بالمعادلة في حالة انهيار الدولار. واضاف ان حسابات المصرف المركزي تختلف عن حسابات التجار لأنها تكون مدروسة ودقيقة كي تتمكن من وضع خطة لحفظ كيان الاقتصاد القطري.

وقال السيد المير انه كتاجر لا يرى ان مشكلة الدولة سبب معضلي لعملية التضخم بل هناك مشاكل اخرى تؤثر على التجار منها الايجارات والتكاليف المعيشية للموظفين تجعل التجار مضطرين لرفع رواتب الموظفين هذا بالاضافة الى ارتفاع اسعار السلع المستوردة التي تؤدي الى رفع التكلفة فاذا كان الموظف يكلف 10 آلاف ريال في السابق فهو يكلف الآن الضعف وللأسف فان المستهلك يتحمل هذا الفرق لأن التاجر غير مستعد للخسارة.

واشار السيد المير الى الحاجة الى قرارات حاسمة مثل عمل مناطق صناعية كثيرة قادرة على تخفيض اسعار الايجارات في المنطقة الصناعية وبهذا تصبح المنافسة عالية وتؤدي الى تخفيض الاسعار بسبب انخفاض تكلفة التخزين وعند توافر هذه الأسس من ايجارات سكن ومناطق صناعية وتوافرها ستؤدي المنافسة بين الشركات الى تخفيض اسعارها لتحافظ على مكانتها في السوق وذلك عندما تضغط على الشركات المصدرة لتخفيض السعر والضغط على الارباح والتكاليف من تخزين ومصاريف مختلفة.

وأكد المير على ضرورة التعجيل بتخصيص أراض صناعية وذكر انه اثار الموضوع في مجلس الشورى وطالب بصرف أراض حتى لو كانت غير كاملة البنية التحتية والتجار والمستفيدون مستعدون لوضع الخدمات اللازمة لها لأن وجود الأرض يوفر الكثير على التاجر حيث يتمكن من تجميع عماله وبضائعه المفرقة في مكان واحد وبذلك تنخفض التكلفة.

من جانبه أشار الأستاذ عبدالله الملا الى ان ارتفاع أسعار النفط غطت على هبوط الدولار مع ان القوة الشرائية قد انخفضت بمعدل 40% ولولا أسعار البترول العالمية لكنا بمشكلة كبيرة، وأضاف ان تذبذب الدولار وارتباط الريال به يؤدي الى استيراد التضخم، فأميركا تضغط على الدول الأخرى لرفع اسعار عملاتها مقابل الدولار وبذلك تحد من صادراتها لنا، فهذه سياسة لحفظ الاقتصاد الأميركي لأنها بارتفاع العملات الأخرى أمام الدولار تزيد صادراتها وذلك يؤثر علينا سلبا لأن قطر دولة تصدر البترول ومنتجاته فقط وهو بسعر الدولار، هذا بالاضافة الى التضخم الناتج عن النمو السريع في البناء واستقدام العمالة مما أدى الى زيادة الطلب وارتفاع الأسعار.

ولمعالجة هذا التضخم رأى الملا ان ذلك يتم عن طريق سياسة نقدية وسياسة مالية فهما يشكلان السياسة النقدية للدولة ويجب أن يتم التنسيق بينهما.

وقال ان معالجة السياسة النقدية تتم بسحب السيولة ورفع أسعار الفائدة أما السياسة المالية فهي عن طريق تخفيض الانفاق العام لانه بزيادة الانفاق ترتفع الأسعار، وفي قطر ارتفعت أسعار البترول وزاد الدخل، فاضطرت الدولة الى التوجه نحو مشاريع التنمية وهذا بالتالي يصاحبه انفاق واستثمار وتضخم.

وأكد الملا على أهمية دور وزارة الاقتصاد في حماية المستهلك ورسم السياسة الاقتصادية للدولة، على الرغم من أن الدولة تدعم السلع الأساسية والكهرباء وغيرها، فإن عدم وجود ضبطية قانونية يمكن ان يخلق سوقا سوداء إذا تقرر تحديد الأسعار، وقال ان هناك استغلالا من بعض التجار لكنهم معدودون فهم يريدون حماية أنفسهم أيضا، فعندما جاءت الزيادات في الرواتب تبخرت بسرعة بسبب ارتفاع أسعار الأشياء الأساسية.

وأضاف ان حل مشكلة التضخم ليس فقط بحل موضوع الأراضي وتوفير مواد البناء لكنه بحاجة لحل بطرق علمية وليس بالجزيئات فقط، وذلك بحاجة الى التنسيق بين المصرف المركزي ووزارة المالية والجهات المعنية ولا يعني ذلك تخفيض النفقات لأن البلد في حالة انفتاح، لكن من الضروري القيام بسحب السيولة، ولفت د. الملا الى ان الواقع يشير الى أن حجم التضخم أكبر من الرقم الذي طُرح.

ونبه على ان الحل الأساسي هو الأخذ بسلة عملات قائلا: الى متى ستظل عمل مرتبطة بالدولار والسلعة الأساسية التي نبيعها كسعر بالدولار، حيث ان قوة الدولار ليست مقياسا يعتمد عليه لأن احتياطي الولايات المتحدة هو اقتصادها، بينما معظم دول العالم لديها احتياطي نقدي.

وبين الملا ان السيناريوهات التي يمكن ان تحصل لأي دولة تربط عملتها بعملة أخرى مثل الدولار أولا ارتفاع الدولار والأسعار وفي هذه الحالة تكون العملة قوية، والثاني هو ارتفاع الدولار وانخفاض البترول، أما الثالث هو الحاصل حاليا وهو انخفاض الدولار وارتفاع أسعار النفط، وأسوأ السيناريوهات هو انخفاض الاثنين وقال انه حتى يتم ربط عملة بعملة دولة أخرى يجب ان يتم اجراء دراسات شاملة عن الوضع الاقتصادي بما فيها معدل التضخم والدين العام والميزانية.

وختم بالتأكيد على تميز الاقتصاد القطري والدعم القوي الذي يلقاه من الحكومة، لكن حل التضخم لا يأتي إلا بسياسة نقدية صرفة بسبب التغيرات الحاصلة في عملات أخرى.

وفيما يتعلق بأسباب هذا الانخفاض ومؤشراته قال الدكتور زكي أبو شاويش «استاذ مساعد في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة قطر وعضو مجلس الإدارة للجمعية العلمية المحاسبية القطرية» ان الدولار انهى تعاملاته خلال عام 2006م على انخفاض حيث وصل الى 1.33 دولار لليورو خلال ديسمبر الماضي، وذلك بعد الأداء الجيد له خلال عام 2005م. وهذا يدفع نحو التساؤل التالي: ما هو المسار المتوقع للدولار خلال عام 2007؟ هل هو ارتفاع كعام 2005 أم انخفاض كعام 2006؟ والحقيقة بالرجوع الى العوامل الاقتصادية الفنية نجد ان الاقتصاد الأميركي لايزال يشكو استمرار الاختلال العميق في هيكلته المالية من العجز المتصاعد في الميزانية الفيدرالية الذي وصل الى 400 مليار دولار خلال عام 2006 والعجز في ميزان المدفوعات الذي وصل الى 665 مليار دولار لنفس العام وهذا العجز القياسي يعادل 7% من اجمالي الناتج القومي الأميركي. وأن العجز في الميزانية الفيدرالية يرجع جانبا منه لقلة قيمة الضرائب المحصلة من الأميركيين بنسبة 20% والى زيادة الانفاق الحكومي من جانب آخر والذي يذهب معظمه لمحاربة الارهاب، حيث صرفت وزارة الأمن القومي الداخلي مثلا حتى الآن 300 بليون دولار، وكلفت الحرب في أفغانستان والعراق حوالي 600 بليون دولار الى الآن أيضا.

وأضاف ان مؤشرا آخر مقلق هو نمو الاقتصاد الأميركي الذي بلغت نسبة نموه 2% خلال الربع الثالث من العام الماضي، وهي نسبة نمو متدنية، والمحللون يتوقعون معدل نمو مشابها للربع الأخير من نفس العام.

من ناحية أخرى الاقتصاد الأوروبي ينمو بشكل جيد فمثلا الاقتصاد الألماني شهد نموا بلغ 2.5% خلال 2006م وهو الأفضل منذ عام 2000م. كل هذه العوامل تدفع نحو الاعتقاد بانخفاض ليس وشيكا للدولار وسيتأخر عدة أشهر، وذلك لعدة أسباب منها ان النشاط الاقتصادي الأميركي كان يتصف بالضعف في النصف الأول من عام 2006م ولكنه عاد بشكل أقوى خلال النصف الثاني من نفس العام، كذلك حقق مؤشر داو جونز في سوق الأسهم في نيويورك رقما قياسيا زاد على 12000 نقطة، كذلك ارتفع عدد العاملين بمقدار 167000 عامل خلال ديسمبر أكثر من المتوقع بـ 67 ألف عامل، وذلك بعد زيادة العاملين بمقدار 132000 عامل لشهر نوفمبر، مؤشر آخر هو زيادة الأجور التي بلغت 0.5% في ديسمبر و0.3% في نوفمبر والتي ستؤثر ايجابيا على الانفاق الاستهلاكي العام الذي يمثل بدوره 70% من الاقتصاد القومي. عامل آخر جيد للاقتصاد الأميركي هو هبوط أسعار النفط العالمي وذلك بسبب اعتدال الطقس في القارة الأميركية الشمالية ويتوقع هبوطها أكثر بعد انقضاء الشتاء الحالي، حيث انخفضت أسعار البنزين للغالون من 3 دولارات خلال الصيف الماضي الى نحو دولارين حاليا. عامل آخر جيد للدولار هو توقع البنوك المركزية لدول مجلس التعاون الخليجي عن شراء اليورو والمحافظة على ودائعها بالدولار الى نهاية الربع الثالث من هذا العام على أقرب تقدير، عندها قد تبدأ في شراء اليورو مرة أخرى، كذلك فإن اجتماع محافظي البنوك المركزية لدول مجلس التعاون الخليجي المرتقب في مارس في الرياض قد يوصي بتأجيل فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار الى يونيو من هذا العام كأقرب تقدير او سبتمبر المقبل او حتى العام المقبل، وهذا كله في مصلحة الدولار.

وقال انه بالرغم من ان السياسة المالية الأميركية الرسمية تحبذ دولارا قويا إلا أنها لا تمانع في دولار ضعيف لبعض الوقت. فالدولار الضعيف يفيد الاقتصاد الأميركي على المدى البعيد، حيث تزداد صادرات الشركات الأميركية وتصبح ذات قدرة تنافسية كبيرة مقارنة بمثيلتها الأوروبية مثلا الأغلى ثمنا، فمثلا شركة «كاتربيلار» الأميركية زادت صادراتها بأكثر من 100 مليون دولار خلال الربع الثالث من عام 2006م، وأعلنت شركة جنرال موتورز للسيارات انها أسست فروعا جديدة لها في أوروبا. كذلك فإن الدولار الضعيف يؤدي لتدفق عشرات الآلاف من السياح الأوروبيين لمدن الولايات المتحدة للسياحة والتسوق فيها مستفيدين من ارتفاع اليورو. إذن كمحصلة عامة لكل هذه العوامل السلبية والايجابية، نستطيع ان نجمل الصورة لما سيكون عليه الدولار خلال عام 2007م كالتالي: سيستمر الدولار بمستوى ثابت أو تصاعدي بسيط في مقابل اليورو وذلك لتراجع فرص خفض أسعار الفائدة على الدولار خلال الأشهر المقبلة، ولكن المشهد سيتغير بحلول منتصف العام «يونيو أو يوليو» عند بدء مجلس الاحتياطي الفيدرالي في خفض سعر الفائدة تدريجيا وذلك لتنشيط الاقتصاد الأميركي، وعليه فإني أتوقع هبوط الدولار من حدود 1.29 لليورو حاليا الى نحو 1.40 لليورو بحلول ذلك الوقت وقد ينتهي العام على 1.50 دولار لليورو.