تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مصر: شركات توظيف الأموال تطل برأسها من جديد



أبوتركي
15-02-2007, 04:40 AM
مصر: شركات توظيف الأموال تطل برأسها من جديد

على ما يبدو ان الحكومة المصرية عادت من جديد لتدعم ظاهرة توظيف الأموال، تلك الظاهرة التي تركت آلافا من المواطنين ينزفون ولم تلتئم جراحهم حتى الآن ، وما زالت اسماء الريان والسعد تقع على مسامعهم كالصاعقة بعد ان فقدوا الأمل في عودة اموالهم المسلوبة .. ولكن قد يتساءل البعض ما هو الدور الذي تلعبه الحكومة في مصر في عودة الكارثة من جديد ..والاجابة تبدو واضحة للمتخصصين والخبراء، فما تتبعه مصر من سياسة نقدية غريبة الأطوار وصلت بالفوائد على الأيداع الى نحو 7% رغم وصولها على الأقراض الى ما يزيد على 14%، وما تشهده البورصة المصرية من ترد واضح خلال الفترة الحالية جعل المواطنين يلجأون مجبرين الى العودة الى استثمار أموالهم في مجال آخر يدر لهم ارباحا معقولة يطمئنون من خلالها على مستقبل ابنائهم او كما يسمونها «تحويشة العمر» تلك التي تآزرهم في شدتهم.

ظاهرة توظيف الأموال اصبحت حديث المجالس الاقتصادية وغير الاقتصادية في مصر خلال الأيام القليلة الماضية خاصة بعد انتشار عدد من المستثمرين الذين يستقبلون اموال المودعين وإغرائهم بالعوائد المالية الكبيرة والسريعة في الوقت نفسه، ولكن الكارثة الحقيقية هو ان الظاهرة هذه المرة عادت في ثوب جديد وبمعنى أوضح فقد عاد موظفو الأموال افرادا لا شركات وهو ما يجعل الخطورة تتضاعف مئات المرات، فالشارع المصري يتناقل الحدث في الوقت الحالي وكأنه شيء عادي، رغم انه لم يمض سوى شهور على اعلان رئيس البنك المركزي انتهاء قضية شركات توظيف الأموال واغلاق ملفاتها وتعويض ضحايها.

وحتى تخرج الحكومة في مصر من مأزق اتهامها بأنها تدعم عودة الظاهرة مجددا فقد خرج وزير الاستثمار المصري الدكتور محمود محيي الدين منذ ايام ليحذر من خطورة عودة ظاهرة شركات توظيف الأموال إلى السوق المصرية قائلا ان معلومات مؤكدة قد تجمعت لدى الأجهزة المصرية المعنية أفادت تورط شركتين تجاريتين في هذا الامر مؤخرا، وان من قاموا بجمع الاموال بطرق غير مشروعة مؤخرا استخدموها في المضاربة في البورصة، مضيفا انه ليس هناك ما يدعو الى الفزع لكن من الاهمية ان نعمل على الا تتكرر احداث الفترة من 85 ـ 1988 مرة اخرى.

وفيما يبدو ان وزير الاستثمار الذي خرج ليطمئن الشعب والمواطنين نسي ان الفترة التي ظهر فيها عدد من شركات التوظيف يتراوح بين 105 و400 شركة بين كبيرة وصغيرة تلقت من المال ما نسبته 20% من ودائع الجهاز المصرفي وتسببت في خراب عشرات الآلاف من الاسر.

اما النائب الدكتور زكريا عزمي فقد خرج هو الآخر لكنه خرج ليحذر الحكومة من عودة ظاهرة «توظيف الأموال» مرة أخرى .. ووصف هذه الظاهرة بأنها عملية نصب كبرى لم يسدل الستار عليها بعد ولم يأخذ المودعون حقوقهم منذ عقود.

وتساءل في بيان عاجل في جلسة مجلس الشعب عن السبب في عودة هذه الظاهرة؟ وهل هو طمع المواطن بسبب الفائدة العالية التي تمنحها هذه الشركات ؟ ..وقال لماذا لا ترفع الحكومة سعر الفائدة على الإيداعات لتشجيع الناس على ايداع أموالها في البنوك ..وللاسف الشديد لم يجبه أحد!

الكارثة عادت من جديد ولكن هذه المرة بيد الحكومة لا بيد الشركات هذا ما يؤكده عمرو العراقي مدير علاقات المستثمرين بمباشر مصر والذي يقول ان ما تشهده البورصة المصرية خلال الفترة الحالية من ترد واضح في اسعار اسهمها جعل المستثمرين يهربون منها كما فعلوا قبل ذلك مع البنوك بعد ان وصلت فوائدها على الايداع الى نسب زهيدة .

ويقول العراقي ان الهيئة العامة لسوق المال وادارة البورصة المصرية يعتبرا سببا رئيسيا فيما يحدث بالبورصة المصرية خاصة في ظل وجود هبوط متواصل لا مبرر له، مشيرا الى ان الحكومة متمثلة في هاتين الادارتين هي السبب ايضا وراء عودة ظاهرة توظيف الاموال مجددا تلك التي بدأت تطفو على السطح خلال الآونة الاخيرة.

=من جانبه يدافع حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلي عن القول بأن السياسة النقدية هي السبب وراء عودة الظاهرة مجددا قائلا ان السياسة النقدية لمصر تسير وفق استراتيجية موضوعة مسبقا ولم يحدث ان خفضت البنوك الفوائد على الايداع او الاقراض من ذاتها فما يحدث هو وفق اوامر مسبقة من البنك المركزي بتثبيت الفوائد او تخفيضها.

ويشير رئيس البنك الأهلي الى ان الفوائد على الايداع في مصر ليست ضعيفة كما يرى البعض لكنها تبدو متوازنة على عكس ما يحدث في بعض البلدان الأخرى حيث انه لا توجد فروق كبيرة بين الفائدة على الايداع والاقراض في مصر، مدللا على قوله بأن الفائدة على الايداع تتراوح ما بين 7 و8% اما الفائدة على الاقراض فتصل في بعض البنوك التجارية الى 12% ولكل بنك سياسته النقدية في هذا الاطار.

ويعود حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلي ليؤكد ان عودة ظاهرة توظيف الأموال من جديد قد تأتي فعلا نتيجة انخفاض الفائدة على الايداع في البنوك وكذلك قد تكون نتاجا طبيعيا للتدهور الذي يحدث في البورصة المصرية لكنه ليس من الطبيعي ان يلقي الفرد بأمواله في الهواء، بمعنى ان الأموال في البنوك قد تكون اكثر امانا ولكن البورصة لها استراتيجيتها الخاصة، اما قصة العودة الى توظيف الأموال فهذا ما يعتبر استغناءا من الفرد عن امواله.

ان قلة العائدات والمكاسب المالية في شتى انواع التجارة وتردي الاستثمار في قطاع البورصة في الآونة الأخيرة مع تراجع نسبة الفوائد على الايداع في البنوك مثلت عنصرا رئيسيا في طفو ظاهرة توظيف الأموال مجددا داخل مصر، فحسب رأي الدكتور رشاد عبده استاذ القتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم المصرفية فإن الحكومة بسياستها التي تتبعها سواء في تقليص الفوائد في البنوك او تركها لسوق المال يهوى دون مبررات جعلت من كل هذا مناخا مناسبا لعودة تلك الظاهرة التي تمثل كارثة بكل المعايير، خاصة ان ضحاياها مازالوا يبحثون عن اموالهم في شركات الوهم، ومازالت اسماء الريان والسعد وغيرهما تطاردهم في احلامهم.

ويقول رشاد عبده ان ظهور مكاسب تصل حتى 70% وفي وقت سريع قد لا يصل الى السنة هذا ما عجل في اقبال المودعين على ايداع اموالهم لدى مستثمرين افراد لا يعلمون عنهم الا القليل وهو ما يمثل كارثة قد تخلق ضحايا جددا .