المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل غيرت «الثروة» من السلوكيات الشرائية في قطر؟



أبوتركي
17-02-2007, 03:20 AM
«تبذير الأفراد» يعكس شعورهم بمستوى الأمان الداخلي ..الخبراء يجيبون: هل غيرت «الثروة» من السلوكيات الشرائية في قطر؟



عبد العزيز: السلوك الاستهلاكي لا علاقة له بالغنى أو الفقر
الهيل: قطر دولة استهلاكية من «المقلمة» حتى «الأكل السريع»
خليفة: الأسر الفقيرة تتسوق للاحتياجات بينما الغنية تطمح للكماليات

ناهد العلي :

أصدر صندوق النقد الدولي مؤخراً إحصائية مثيرة للجدل حول معدل دخل الفرد في قطر ليتراوح حول 53 ألف دولار سنوياً. وسواء كان المعدل السباق صحيحاً أو منحرفاً بدرجة ما، حيث لا يحصل جميع سكان قطر بالتأكيد على الدخل السابق، لكنه يبقى مؤشراً على "الثراء النسبي" لدى كثير من قاطني قطر... مما دفع إلى استطلاع الآراء حول آثار ذلك في السلوكيات الفردية والاستهلاكية للأفراد؟

فمن المعلوم أنّ أغلب البيوت في قطر تعتمد على الخدم كنوع من أنواع الرفاهية، كما أنّ ظاهرة الأرقام المميزة أصبحت في غنى عن التعريف.

من جهتها، ترى الدكتورة أسماء أمين عبد العزيز، أستاذة الأمراض العصبية والنفسية في كلية طب عين شمس أنّ "الوضع المادي الممتاز للإنسان لا يؤثر كثيراً في نفسيته نحو عدم الاتزان، و إنّما يؤثر فقط فيمن لديه استعداد نفسي لذلك".

لا تأثير سلبي للثروة

وأضافت أنّ " الإنسان المعتدل أو المتزن مهما تقلد من مناصب لا تتغير طبيعته، أما من يتغير فهو الشخص الذي لديه استعداد أساسي للتغير السلبي بسبب الثروة". وأوضحت أنّ "ذلك يختلف عن سلوك الأشخاص الذين هبطت عليهم الثروة بصورة مفاجئة،لأنه في هذه الحالة من الممكن أن تتغير سلوكيات الشخصية". ويذكر أنّه قد رصدت بعض الحالات الاجتماعية مثل الصرف الزائد عن الحد لأشخاص حققوا ثروات سريعة من المضاربة بالبورصة في عام 2005 ، حيث تم تبديد تلك الثروات بالسرعة التي جُنيت بها. ولفتت عبد العزيز إلى أنّ " الإنسان الذي يشعر بالأمان الداخلي والسلام النفسي مع داخله لا يتأثر بتغير المتغيرات التي حوله".

السلوكيات والمجتمع

وذكرت أنّ " سلوكيات الاستهلاك تعتمد على ثقافة المجتمع، فالأغنياء في الدول الأوروبية يتصرفون بطريقة مختلفة عن أغنياء الدول العربية، ففرنسا على سبيل المثال لا توجد فيها سيارات فارهة كثيرة لأنّ مفهوم السيارة لدى الشعب الفرنسي هي وسيلة نقل بعكس الشعب الأميركي الذي ينظر إلى الموضوع كوسيلة نقل ورفاهية في ذات الوقت".

مصادقة الأثرياء

و لفتت إلى "تقصد بعض الناس من ذوي الدخل المحدود مصداقة الأثرياء أو تملقهم، وذلك بسبب وجود شعور بالدونية لديهم وشعور بعدم الثقة". وأضافت أنّه " هناك كثير من الناس محدودي الدخل يتظاهرون بالغنى"، مبينة أنّ " كثيرا من الأغنياء قد يتصرفون تصرفاً بسيطاً أو معقداً وهذا يرجع إلى شخصية كل فرد، فالموضوع لا يرتبط بالغنى أو الفقر وإنما بالرضى عن النفس والزهد". وقالت إنّ " الفقير جداً إذا أصبح غنياً فجأة قد يتصرف تصرفات تظهر الرفاهية كنوع من التعويض لما شعر به من حرمان في حياته".

الاستهلاك

ونوهت بأنّ " ثقافة الاستهلاك المادي هي ثقافة شعب بأكمله وتختلف من شعب لآخر، فمثلاً هناك شعب يحب سيارة معينة ويعتبرها مريحة وجيدة و أخرى يعتبرها للرفاهية وهكذا.. يختلف المفهوم من شعب لآخر".

حقيبة للسنة

في ذات السياق، قالت الدكتورة أمينة الهيل، المختصة بالإرشاد النفسي ومعالجة نفسية في وزارة التربية والتعليم إنّ " قطر أصبحت دون أدنى شك دولة استهلاكية بعد الطفرة النفطية، حيث يتجلى ذلك لدى الطلاب من شكل المقلمة والحقيبة المدرسية والأقلام و حتى ألعاب الأطفال التي تحولت من لعب جماعية إلى ألعاب فردية وصولاً إلى نوع الغذاء الذي أصبح يعتمد نظام الوجبات السريعة والمشروبات الغازية". واستطردت " كنا نشتري حقيبة واحدة للسنة بأكملها، أما طلاب اليوم فيهتمون بشكلها قبل الاهتمام بوظيفتها".

الكذب والسرقة

وأضافت الهيل أنّ "وزارة التربية والتعليم حرصت على عدم إظهار الفروق الاجتماعية بين الطلاب فوحدت اللباس ومنعت الجوالات حتى لا يتباهى طلاب على طلاب وحتى يفهم الجميع أنهم طالبو علم ودراسة". وذكرت أنّ "ذلك كان بهدف القضاء على أمراض اجتماعية مثل السرقة وتأزم نفسيات الطلاب من جراء الفوارق الاجتماعية لأنهم في الأعمار التي لا يستطيعون فيها استيعاب الفروق الاجتماعية".ولفتت الهيل إلى أنّ " إظهار الفروق الاجتماعية لدى الطلاب قد يولد نوعاً من الغيرة والكذب، وهذا ما استرعى الانتباه من وزراة التربية لتقليل حدة الفروق الاجتماعية".

التبذير

وقالت إنّ " التبذير على الأطفال وهم صغار لا يفيدهم بشيء بل على العكس يعلمهم الكسل والتواكل". من جهتها، ترى الدكتورة بتول محيي الدين خليفة، قسم العلوم النفسية أنّ " السلوكيات الشرائية تختلف من أسرة إلى أسرة حسب المستوى المادي للأسرة". وقالت إنّ "دخل الأسرة عندما يزيد يمنح أفرادها فرصة للصرف المادي بطريقة مختلفة حيث تنحصر القدرة الشرائية لأطفال ذوي الدخل المحدود في شراء لعبة واحدة بينما أطفال الأسر الأخرى لديهم فرصة لشراء لعبتين أو أكثر". وأكدت أن " أولويات الأسر المحدودة الدخل تتعلق بلقمة العيش، بينما العكس صحيح لدى الأسر الموسرة حيث ترتبط فرص الشراء بالكماليات أكثر من الاحتياجات- وهذا بصفة عامة".

الأمن النفسي

وحول الأمن النفسي وإمكانية تحقيقه مع المال، أوضحت خليفة أنّ " المال لا يرتبط بالأمن النفسي لأنه يرتبط بالرضا عن النفس والأسرة والجو العام". وقالت " ممكن أن يكون شخص داخل أسرة مترفة وغنية ولكنه يشعر بأنّه مهدد بعواطفه ومشاعره والعكس صحيح ممكن شخص دخله محدود ولكن لديه قناعة ذاتية بأنّ كل شيء مكتوب وبالتالي لديه الإشباع النفسي".

الفقر

ولكن خليفة لفتت إلى أنّ "الفقر المدقع يولد إحساساً بعدم الأمان النفسي، فقلة المادة تولد الشعور بعدم الارتياح وعدم الشعور بالإشباع الاجتماعي". وقالت إنّ " الإشباع الاجتماعي يرتبط إلى حد بعيد بأي مجتمع ينتمي إليه الفرد، هل يعيش ضمن مجتمع يكفله ويكفل له رعاية صحية واجتماعية أم لا؟!". وأوضحت أنّ " الشخصية الاجتماعية ترتبط بالمواقف الاجتماعية التي يتعرض لها الشخص و الخصائص الشخصية وكيف يتفاعل القطبان مع بعضهما البعض حيث ينتج عنهما الرضا النفسي أو عدم الرضا النفسي".

دور المحيط

وأشارت خليفة إلى أنّ " المجتمع - بصورة عامة - يلعب دوراً كبيراً في إشباع احتياجات معينة عن طريق توفير المال و الصداقات والشعور بأنّ الشخص مرغوب اجتماعياً أو أنّ المجتمع تخلى عنه و تركه وحيداً". يذكر أنّ السلوكيات الاستهلاكية قد سيطرت على كثير من المجتمعات ومنها المجتمع الخليجي والقطري، وذلك مع ازدياد ظاهرة العولمة وسعي الشركات الحثيث للبحث عن أسواق لتصريف بضائعها، مما يجعل الموضة تغير بسرعة كبيرة و بطريقة مدروسة من الملبس مروراً بطرق العلاج والترفيه وصولاً إلى التكنولوجيا الرقمية.