المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضخامة النمو الاقتصادي تفرض تحديات جديدة على بكين



أبوتركي
17-02-2007, 04:53 AM
تساؤلات حول إدارة ثماره وأعبائه
ضخامة النمو الاقتصادي تفرض تحديات جديدة على بكين




ترجمة: أحمد بشير

ظل الاقتصاد الصيني يتجاوز التوقعات الخاصة بمعدلات النمو على مدى سنوات ولم تشذ أرقام اجمالي الناتج المحلي الصيني للعام 2006 عن هذه القاعدة عندما تخطت التوقعات التي أعلنها مسؤولون كبار في بكين قبل أيام قلائل.

فبعد ان توقع المسؤولون الصينيون معدل نمو قدره 10،5 في المائة أظهرت الاحصاءات الرسمية معدل زيادة وصل إلى 10،7 في المائة.ويرى الخبراء ان هذه الزيادة تفرض تحديات جديدة على حكومة الصين تتمثل في السؤال حول كيفية ادارة بكين لثمار وأعباء استمرار معدل نمو يفوق العشرة في المائة على مدى سنوات متتالية.


وقبل سنوات قلائل كان يمكن لهذه الأرقام حول معدل النمو الاقتصادي الصيني ان تثير نقاشاً حول طبيعة التراجع الاقتصادي في الصين وهل سيكون “ناعماً” أم “خشناً”. وأما الآن، فهناك توقعات بأن وتيرة النمو الاقتصادي الصيني يمكن أن تستمر.

وبعد ان شقت الحكومة الصينية طريقها بنجاح عبر كل تحدّ منذ الأزمة المالية الآسيوية في عام ،1997 فإن بكين تشعر بثقة أكبر من أي وقت مضى ازاء المحافظة على معدلات نمو سنوي تتراوح بين 9 و10 في المائة على مدى السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة.

ويقول ستيفن جرين، من ستاندرد تشارترد في شنغهاي، ان العنوان الرئيسي الذي يطالعه الجميع هو ان الصين لا تشهد تباطؤا. ويؤكد جرين ان الكثير من المؤشرات تظهر نمواً سريعاً مستمراً وان نمو الصادرات الحقيقي قد انتعش وان النقل ينمو بقوة وكذلك هو الحال بالنسبة لمبيعات التجزئة ومبيعات السيارات وواردات النفط وانتاج الكهرباء.

ومن ناحية أخرى، تمثل المشاكل التي تواجه الحكومة الصينية في بعض جوانبها وجهين للعملة ذاتها. فقد حقق الرخاء الاقتصادي المستمر وفرة نسبية للحكومة المركزية من العائدات الضريبية، ولكن الحكومة لا تزال غير قادرة أو غير راغبة في انفاق المال على مجموعة من المشاكل التي حددتها بكين ذاتها بأنها بحاجة ماسة للتمويل.

وكانت ايرادات الحكومة الصينية كنسبة مئوية من اجمالي الناتج المحلي قد انخفضت انخفاضاً حاداً خلال ال 15 عاماً الأولى من انفتاح الاقتصاد بعد عام 1980 من 25% إلى أقل من 10% طبقاً لتقرير أعده جوناثان أندرسون من “يو بي اس”. ولاحظ باحثون صينيون آنذاك ان معدل الضرائب إلى اجمالي الناتج المحلي كان أدنى من يوغسلافيا السابقة قبل تفككها. كما ان خصخصة القطاع الريفي وانهيار أجزاء كبيرة من الاقتصاد المملوك للدولة، علاوة على عدم وجود نظام ضريبي معتدل ليحل محلها جعلت الحكومة في حالة افتقار حاد للمال.

ولكن هذه الحال تغيرت تماماً، حيث رسخت الحكومة الصينية تدريجياً نظام ضرائب على مدى العقد الماضي عزز الاقتصاد الجديد، الأمر الذي أدى إلى ان تجد الحكومة نفسها الآن مالكة لأموال حقيقية تنفق منها.

وكشف هيسي هورين مفوض الضرائب الصيني مؤخراً ان ايرادات الحكومة المركزية ارتفعت بنسبة 22% خلال عام ،2006 وهي نسبة تزيد قليلاً في سرعتها على معدل عام 2005 وتفوق نسبة نمو اجمالي الناتج المحلي.

وفي مقاطعات جوانجدونج وزهيجيانج وجيانجسو التي تشكل مجتمعة قلب القطاع الخاص المحلي، ارتفع اجمالي الناتج المحلي بسرعة بلغت ثلاث نقاط عن المتوسط القومي، وقد انعكس بدوره في الضرائب التي دفعتها المقاطعات الثلاث.

ونتيجة لذلك الانتعاش، تمكنت الحكومة من بدء التخطيط للانفاق في مجالات لم تستفد من الازدهار الذي تحقق خلال العقد الماضي كأنظمة التعليم والصحة والمناطق الريفية الفقيرة. غير ان الانفاق ظل حتى الآن متواضعاً نسبياً مقارنة بالزيادة في ايرادات الضرائب والخطاب الذي رافق تسويق سياسات جديدة.

ومن جهة ثانية، كانت حكومة بكين قد أعلنت بقدر غير قليل من الضوضاء “صفقة جديدة” للريف في العام الماضي، ولكن الموازنة في مايو/ أيار زادت الانفاق للبرامج الريفية بنسبة 14 في المائة فقط.

وقال نيو لي، الباحث في مركز معلومات الدولة، وهو مركز أبحاث تابع لوكالة التخطيط، انه على الرغم من تزايد التحصيل الضريبي لن تزيد الحكومة انفاقها على الخدمات العامة إلا على نحو تدريجي بما ان النظام المالي القديم لم يتغير تغيراً أساسياً.

ولا يبدو ان الحكومة المركزية تثق في ان المسؤولين المحليين سينفقون تلك المبالغ على نحو سليم على البنية التحتية الريفية أو المدارس والمستشفيات الجديدة، كما ان الحكومة لا تعتقد أن أولئك المسؤولين يملكون القدرة أو المهارات للقيام بذلك.

ويؤكد نيو لي أنه حتى في حال حددت الحكومة هدفاً كبيراً للإنفاق على القطاع العام سيتعرض الاستثمار للاهمال خلال التنفيذ.

وأضاف ان التحسن في مجال الرعاية الصحية والتعليم يصعب قياسه.

وأما المؤشر التالي إلى الطريقة التي تفكر الحكومة من خلالها لتوزيع الرخاء الذي حققه النمو الممتاز في اجمالي الناتج المحلي فسيحل في مارس/ آذار عندما يقدم رئيس الوزراء جياباو الموازنة السنوية أمام مؤتمر الشعب الوطني.





الأسرع خلال 10 سنوات



كشفت أرقام واحصاءات الأداء الاقتصادي الصيني للعام 2006 ان معدل النمو الاقتصادي خلال العام المنصرم برمته فاق التوقعات وان اجمالي الناتج المحلي ارتفع بنسبة 10،7 في المائة وهو أسرع معدل زيادة حققته الصين خلال أكثر من عشر سنوات.

ويعني هذا الرقم الجديد ان الصين سجلت نمواً اقتصادياً تجاوز معدله العشرة في المائة على مدى أربع سنوات متتالية، وانها في حال سجلت كما يتوقع عدد كبير من الخبراء وتيرة نمو مماثلة خلال العام الحالي، فربما يتخطى اقتصاد الصين في مطلع عام 2008 اقتصاد ألمانيا ليصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم.غير ان رضى الحكومة الصينية عن ادارتها لهذا النمو الاقتصادي القوي عكرته زيادة في معدل التضخم خلال ديسمبر/ كانون الأول الماضي أوصلته إلى 2،8 في المائة مقارنة بزيادة قدرها 1،5 في المائة طوال العام. وقد أدت الزيادة في معدل التضخم واستمرار النمو الاقتصادي الكلي القوي الى تعزيز التوقعات بشأن اجراءات أكثر تشدداً سيتخذها المصرف المركزي الصيني في المستقبل القريب.

وتمثل رد الحكومة على أرقام اجمالي الناتج المحلي في الاشادة بنجاح الضغوط على الائتمان والتي أدت إلى تباطؤ النمو من ذروة بلغت 11،5 في المائة خلال الربع الثاني إلى 10،4 في المائة خلال الربع الأخير. وقال رئيس مكتب الاحصاء الوطني لكشي فوزهان ان الحكومة تفادت تحول الاقتصاد من النمو السريع إلى التسخين المفرط.

وبقي الاستثمار القوة المحركة الأكبر للنمو في الصين خلال ،2006 وعززت الاستثمار اسهامات من الاستهلاك القوي وزيادة في صافي الصادرات. ولكن معدل نمو الاستثمارات انخفض بدرجة كبيرة خلال الشهر الأخير من العام الماضي وبلغ معدل الارتفاع 13،8 في المائة فقط في حين كانت الزيادة لمجمل عام ،2006 24 في المائة.

وقد دفعت الثقة في قدرة بكين على ادارة هذا النمو المرتفع والمحافظة عليه خبراء الاقتصاد في بنوك الاستثمار إلى رفع توقعاتهم للعام 2007 إلى 10 في المائة وأكثر. وأكد فرانك جونج من جيه بيه مورجان في هونج كونج، ان الطلب المحلي ولا سيما الاستهلاك الخاص والاستثمارات المحلية الى حد ما سيشهد وتيرة أشد قوة مما توقعه المسؤولون في البداية.

وعلى صعيد آخر، تواجه حكومة الصين ما يوصف بالسنة الانتخابية في العام الحالي مع احتمال عقد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني خلال نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل على الأرجح، علماً بأن هذا المؤتمر يعقد كل خمس سنوات، وهو حدث يؤدي تقليدياً إلى تعزيز الاستثمار المحلي.



وكر التنين لم يعد آمناً لصغار المتعهدين

في أحد أيام شهر أغسطس/ آب 2006 اقترب بائع متجول صيني غير مرخص من مسؤول أحد الأسواق كان قد صادر منه العربة اليدوية التي يعمل عليها والتي لا يزيد سعرها على 50 دولاراً، وطعنه بمدية حتى الموت.



وانتهت محاكمة البائع المتجول كوي يينجي وينتظر صدور الحكم عليه. وفي حين تمثل القضية مأساة للقتيل وأسرته إلا أنها تمثل مأساة للصين أيضاً.

ويعتبر لجوء كوي إلى مثل ذلك الاجراء القاسي علامة على اليأس الذي يسيطر على فقراء الصين. وقد فشل كوي وهو جندي متقاعد في العثور على عمل في مقاطعته وبدأ يكسب رزقه من تحميص النقانق، ولكن فقره حال دون حصوله على رخصة للعمل، إذ ان الادارات الحكومية الحضرية في الصين فرضت رسوم ترخيص مرهقة على صغار البائعين والشركات ولجأت في بعض الأحيان لتكتيكات عنيفة لايقاف ومنع النشاطات غير المرخصة في السوق.

وتكشف الدراسات النقاب عن وجود أعباء تنظيمية ثقيلة أثرت وتؤثر في صغار المتعهدين منذ أواخر تسعينات القرن الماضي.

وكانت أزهى فترات هذا النمط من العمل الحر خلال الثمانينات ومطلع التسعينات حيث كان الشباب كذلك يفضلون العمل الحر وجاء الالتحاق بالعمل الحكومي في المرتبة السابعة بين الخيارات التي يفضلها الشباب.

ولكن، ومنذ ذلك الوقت، تحولت الادارات الحكومية في المناطق الحضرية على وجه الخصوص إلى “يد مختطفة”.

وفي عام 1999 كانت هناك 31،6 مليون شركة مصنعة على انها “مستقلة” طبقاً للبيانات الرسمية، وفي عام 2004 وصل العدد إلى 23،5 مليون شركة، وهو انخفاض كبير في فترة من الازدهار المفترض.

وتتباين حالة صغار المتعهدين المؤسفة بشدة مع الفكرة السائدة في الغرب عن الصين كملاذ رأسمالي آمن الآن. وفي تحليل لبنية الملكية في اقتصاد الصين، استخدم اثنان من خبراء الاقتصاد في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قاعدة بيانات مفصلة للشركات الصناعية يحتفظ بها المكتب الوطني الصيني للاحصاء تحدد المساهم الذي يسيطر على كل شركة. وواجه الخبيران صعوبة بالغة في تقييم بنية ملكية اقتصاد الصين بعدم وضوح الطرف المسيطر على الشركة في كثير من الأحيان. وتوصل الباحثان في ختام دراستهما إلى أن 52 في المائة من القيمة المضافة الصناعية كانت توفرها الشركات الخاصة في عام 2003.

ولكن هل تشير نسبة ال 52 في المائة إلى أن اقتصاد الصين يستند إلى الملكية الخاصة على نحو غالب؟ ومن أجل توفير علامة للاسترشاد بها فلنقارن الصين اليوم بالهند في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، ففي عهد رئيسة الوزراء الراحلة انديرا غاندي، أممت الهند البنوك وقيدت الاستثمار الأجنبي وأقامت حواجز عديدة أمام القطاع الخاص، وحتى خلال ذروة تلك الاجراءات، فاقت أهمية القطاع الخاص الهندي المستوى الذي وصلت له أهمية القطاع الخاص الصيني اليوم.وطبقاً لتقرير البنك الدولي عن الهند في عام ،1989 فإن حصة القطاع الخاص من قيمة ناتج التصنيع انخفضت من 93 في المائة في مطلع الستينات من القرن العشرين إلى 69 في المائة “فقط” في عام 1983. وبالتالي، فإن الصين، وبعد 28 سنة من الاصلاح، لم تتمكن من ايجاد قطاع خاص يصل في حجمه لحجم القطاع الخاص الهندي قبل 10 سنوات من بدء تلك الدولة حركة الاصلاح.

وبينما حققت الصين تقدماً حقيقياً نحو انشاء عناصر أساسية لاقتصاد السوق، إلا أنها بعيدة عن اقامة مساحة لعب مستوية لأولئك الرأسماليين الذين لهم أهمية فعلية، وهم المتعهدون الصغار غير المرتبطين بالحكومة من أمثال كوي يينجي.



تراجع الاستثمار في الأسهم الخاصة في الصين إلى 7.7 مليار دولار

انخفضت استثمارات الأسهم الخاصة في الصين خلال السنة الماضية بنسبة 13 في المائة وسط قلق بشأن شكوك وقواعد تنظيمية تم تصميمها لحماية الصناعات “الاستراتيجية”.

وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” اللندنية في تقرير لها من بكين ان اجمالي استثمارات الأسهم الخاصة في آسيا ارتفع بما يزيد على الضعف من 30 مليار دولار في عام 2005 إلى 67 مليار دولار في العام الماضي.

ويقول بول ماكينتوش مدير تحرير “ايه في سي جيه” ان تضاعف استثمارات الأسهم الخاصة خلال السنة الماضية يوضح ان آسيا تنتج ما يكفي من الصفقات لامتصاص رأس المال الذي تم تجميعه مؤخراً لهذه السوق الاقليمية.

وقد تراجعت الاستثمارات في الصين من 8،8 مليار دولار في عام 2005 إلى 7،7 مليار دولار في السنة الماضية. ويعتبر هذا الانخفاض من ناحية جزئية انعكاساً لزيادة في الاستثمار خلال عام 2005 عندما قامت مجموعات دولية باستثمارات استراتيجية ضخمة في بنوك الدولة الصينية قبل ادراجها في قوائم البورصة.

ولكن خبراء الصناعة يشيرون إلى تأثير القواعد الجديدة الخاصة بالتملكات الأجنبية لشركات محلية بهدف حماية “الأمن الاقتصادي الوطني”. وتشترط القواعد التي أصبحت سارية المفعول في سبتمبر/ ايلول الماضي، على المستثمرين المحتملين السعي للحصول على الموافقة على الصفقات المزمعة من وزارة التجارة الصينية. وحتى الآن لم تعط الوزارة أي موافقة بعد.

ونتيجة لذلك، حولت كثير من شركات الأسهم الخاصة اهتمامها من الاستثمار في صفقات جديدة إلى بيع حيازات راهنة من خلال اصدارات عامة ابتدائية في أسواق الأسهم الصينية.