المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقاء الأسهم.. هل القوائم المالية تكفي؟



أبوتركي
17-02-2007, 10:22 AM
نقاء الأسهم.. هل القوائم المالية تكفي؟

خالد بن سعود بن عبد الله الرشود
اسلام اون لاين

المعاملات المالية المستحدثة، أصبحت ضيفًا رئيسيًّا على موائد الفتاوى جميعها، والمسائل الشرعية المتعلقة بأحكام الأسهم بيعًا وشراء إحدى مفردات هذه المعاملات.. ولأنها من الموضوعات الحساسة التي يجب على من يتصدى للإفتاء فيها أن يكون بجانب التأهيل الشرعي ملمًّا بما يمكن تسميته "دهاليز" التعاملات التجارية، فإننا ننشر هذا الرأي الفقهي في إحدى مفردات هذه التعاملات؛ ليعم النفع به.

بيع وشراء أسهم الشركات المساهمة.. من المعاملات التي ظهرت وانتشرت في المجتمع المسلم، حتى قلما تجد أحدًا لا يتعاطى مثل هذه المعاملات، وبناء عليه توجهت أسئلة المستفتين إلى طلبة العلم فاجتهدوا فيها، وتعددت آراؤهم، واختلفت اجتهاداتهم.

والإشكالية دائمًا تكمن عند المستفتي في ظهور التناقص بين هذه الفتاوى، فبينما تحرم إحدى الشركات في وقت، إذا بها تحل في وقت آخر والعكس صحيح، فقد يشتري وقت الإفتاء بالجواز ثم تحرم، وخاصة مع كثير ممن يتحرى في أمر دينه، ويخاف على نفسه من المحرم أيًّا كان قدره.

هذا الاختلاف في الفتوى في نفس الشركة، وانقلابها من الجواز إلى التحريم أو العكس؛ جعل البعض يتأخر في بيعها حتى قلّ سعرها، أو يبادر إلى البيع وهي في طور ارتفاع السعر، فإن خسر فيها أوجب عليه ذلك إمساك أسهم هذه الشركة مع علمه بتحريمها بناء على هذه الفتوى.. وإن لاح له المكسب فيها اضطر لبيعها قبل تحققه؛ خشية الوقوع في المحرم.

ولما سبق فقد رأيت -ولله الأمر من قبل ومن بعد- أن أكتب في هذه المسألة رأيي القاصر إبراء للذمة ونصحًا للأمة وخروجًا من العهدة -خاصة مع تعلق حكم هذه المسألة بإحدى الضروريات الخمس وهو المال- وبيان هذه المسألة يكون بأمور:

أولاً: أن معنى السهم اصطلاحًا هو: جزء مشاع من شركة تضم أعيانًا ونقدًا وعملاً أو بعضها؛ على الراجح من أقوال الفقهاء المعاصرين. وبناء عليه يكون التملك في أي سهم من هذه الأسهم يعني أن يكون للمالك حصة مشاعة في جميع أعيان ونقود وأعمال وودائع الشركة المساهم بها.

مبدأ لا يصح

هل السهم نقي أم غير نقي؟

ثانيًا: أن الحكم على سهم شركة ما أنه نقي أو غير نقي لأجل تحديد جواز شراء أسهمها من عدمه مبدأ لا يصح من وجوه:

الأول: أن الشركة قد تقترض أموالاً طائلة بالربا فتبني بها أصولاً تجارية لها؛ كمصانعها ومنشآتها خلال سنين ماضية من عمرها إلا أنها قد تمر عليها سنة -أو ربع سنة- مالية لا تحتاج فيها إلى الاقتراض، وبناء عليه تصدر قوائمها المالية الربع سنوية خالية من الاقتراض المحرم فهل يصح أن يطلق على هذه الشركة نقية لمجرد أنها لم تحتج إلى الاقتراض في ربع السنة الذي أصدرت فيه قوائمها المالية؟.

الثاني: أنها قد تحصل على فوائد ربوية من ودائع مالية، ثم تضخها في أرباح الشركة، ثم بعد ذلك تضخ هذه الأرباح في رأس مال الشركة لتؤسس منشآت أو لتطوير عمل الشركة ونحوه، وذلك خلال سنين من عمر الشركة، إلا أنها قد تمر عليها سنة مالية أو ربع سنة لا يوجد لديها ودائع مالية ذات فوائد فكيف يقال إن هذه الشركة نقية؟.

الثالث: أن السهم المشترى هو عين تمثل حصة مشاعة من الشركة -كما سبق- ولا يصح اعتبار السهم يمثل فترة سنة واحدة أو ربع سنة، بل هو يمثل هذه الحصة لجميع أعمال وموجودات وأصول وودائع الشركة منذ تأسيسها، وحتى وقت الشراء؛ وذلك لأن الإنسان إذا اشترى عينًا فلا يصح اعتبار هذا الشراء مخصوصًا بوقت، بل هو شامل للعين المباعة بعمرها الماضي ولهذا لو اشترى دابة أو دارًا فبات مستحقة في أي وقت سابق للشراء فللمشتري ردها بهذا العيب. (انظر المغني 4/319 - 320)

فلو كان الشراء يمثل فترة معينة لم يكن للمشتري ردها بهذا العيب، وهذه مسألة من أوضح الواضحات لا تحتاج لمزيد بيان، وبناء عليه فإطلاق وصف النقاوة على الشركة لمجرد أن قوائمها المالية الربع سنوية خلت من تعاملات محرمة غير صحيح؛ لأن هذا الوصف لو صح فهو ينطبق على فترة من عمر الشركة، ولا ينطبق على الشركة ككل.

الرابع: أنه من خلال عملي في القضاء واطلاعي على كثير من ميزانيات الشركات والمؤسسات التجارية، وجدت أن هذه الميزانيات الصادرة عن مكاتب محاسبية قد لا تعبر بالضرورة عن جميع العمليات المالية كما هي في الواقع، ولو افترضنا أنها تعبر عن الواقع بصدق فإن المحاسب القانوني ليس له دراية بالشريعة، وبالتالي فإن الألفاظ التي يطلقها تمثل بصورة أساسية مصطلحات محاسبية تختلف بالمفهوم الشرعي بين محاسب ومحاسب آخر في كونها تمثل ربا أو لا؟ وهي أمور دقيقة لا تظهر في القوائم المالية الربع سنوية،

ومثالها: كأن يكتب في الميزانية مثلاً: غرامات تأخير بمبلغ كذا وهذه الغرامات عند التمحيص ليست على تأخير أعمال، بل على تأخير سداد أموال مستحقة للشركة فهي فوائد أو ربا صريح، بينما تظهر هذه الغرامات في القوائم المالية على أنها مطلوبات على الغير في ضمن ديون صحيحة للشركة على الغير، وهذه من المسائل الشائعة لدى الشركات المساهمة.

وعلى هذا فهي لا تحتسب من الأموال الربوية نتيجة لعدم التمحيص في الميزانيات المالية لكل شركة ومراقبتها من قبل عالم بالشريعة أضف إلى ذلك أن استيفاء فحص الميزانيات لهذه الشركات لكل بند وتمحيصه أمر عسير جدًّا ويحتاج لفرق محاسبية وشرعية خاصة مع كبر تعاملات الشركات المساهمة في المملكة، وبهذا يتبين أن إطلاق وصف النقاوة لمجرد الاطلاع على القوائم المالية الربع السنوية الأولية للشركات المساهمة غير صحيح.

الخامس: أنه من المعلوم شرعًا أن الله تعالى إذا حرم شيئًا أوجب اجتنابه كليًّا قليله وكثيره يدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه"، وأيضًا في المحرمات نهى عن اقترابها فضلاً عن فعلها قال تعالى: "ولا تقربوا مال اليتيم" "ولا تقربوا الزنى"، وقال صلى الله عليه وسلم: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا إن لكل ملك حمى ألا إن حمى الله محارمه" من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.

ففي هذا الحديث أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عدم الاقتراب من المحرم حذرًا من الوقوع فيه. وعليه فالربا قليله وكثيره سواء في الحرمة يدل لذلك ما رواه أحمد في المسند بسند صحيح عن عبد الله بن حنظلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية"، وفي رواية في الخطيئة "وبناء عليه كيف يجوز شراء أسهم شركة جزء منها ربا ولو كان قليلاً فقليل المحرم وكثيره سواء؛ للحديث. وبالتالي فالشركة التي يمثل الربا فيها نسبة قليلة لا يجوز شراء أسهمها؛ لأن السهم يشمل جميع أجزاء الشركة وتجويزه -ولو كان قليلاً- إقرار به ورضا وتعاطي للمحرم وهذا من المعلوم تحريمه.

الشيوع سبب التحريم

السادس: أنه لا يصح القول بأنه يمكن تطهير هذا السهم أو ذاك؛ لأسباب منها: أن النهي متوجه لعدم المقاربة، فضلاً عن المقارفة ومتوجه لأخذه، مع العلم بأنه ربا -كما مر- وهذا قد اشترى سهمًا وأخذ مالاً مع علمه بما فيه من الحرمة، فكيف يصح شراؤه والحالة هذه، فضلاً عن تطهيره.

ومنها أنه على التسليم بصحة هذا المبدأ وهو التطهير فإن السهم جزء من الشركة التي هي عبارة عن أعيان ونقود، وهذه الأعيان والنقود المشاعة تمثل المعاملات المحرمة جزءًا مشاعًا منها أيضًا، والمشاع لا يمكن تطهيره إلا إذا تعين، والتعيين متعذر والحالة هذه -في الشركات المساهمة- فيتعذر تطهيره، كما لو تيقن النجاسة في ثوب وجهل موضعها فإنه يحرم الصلاة في هذا الثوب حتى يغسله جميعًا فهو هنا كذلك؛ فإذا اختلط المحرم اليسير بالحلال على وجه الشيوع حرم الحلال حتى يتميز الخبيث منه تميزًا يمكن إخراجه منه.

السابع: على التسليم بأن هذه الشركة أو تلك قد خلت معاملاتها من الربا جميعه، سواء بالاقتراض أو الإيداع بالفوائد منذ بداية الشركة وحتى إصدار المفتي فتواه بأنها نقية، فإن خلوها من الربا لا يلزم منه خلوها من المعاملات المحرمة الأخرى غير الربا كالتأمين التجاري وخطابات الضمان غير المغطاة، مع دفع الرسوم على تلك الخطابات بالنسبة والتناسب وبيوع الديون والبيع وشرط، والبيوع ذات الشروط الفاسدة، وغيرها كثير مما يتعارض مع لفظ النقاوة المعبر عنه في الفتوى.

علمًا أن التحقق من صحة البيوع وعدم مخالفتها لا يمكن إلا بمباشرتها والاطلاع على عقودها، حيث إنه لا القوائم المالية ولا حتى الميزانيات التفصيلية تبين طريقة تعاطيها حتى يتسنى بيان حلها من حرمتها، والمقصود أنه لا يصح هذا الإطلاق (لفظ نقية) مع وجود ذلك.

الثامن: أن عبارة: شركة نقية تفيد القطع بذلك مع وجود احتمالات بإخفاء مجلس الإدارة بعض المعاملات المحرمة، أو أن المجلس يجهل تحريمها وكيف تفيد هذه العبارة القطع وعمل المفتي إنما يفيد الظن على أحسن الأحوال؟.

التاسع: أن مما يدل على اضطراب الفتوى بالنقية وعدمها هو تحول الشركات المستمر من وصف النقاوة إلى المختلطة والعكس بالعكس. وعلماء الأصول نصوا على أن من صحة العلة اطرادها، وهنا لم تطرد؛ إذ لا يوجد سبب لتحويلها من النقية إلى غيرها سوى ما يظهر في قوائمها المالية ربع السنوية، وقد سبق بيان بطلان هذا العلة.

العاشر وهو أهمها: أنه إذا كان نظام الشركة الأساسي يبيح لمجلس الإدارة التعامل بالقروض التجارية والإيداع لدى البنوك بالفوائد المحرمة، كما هو حال كثير من الشركات المساهمة كيف يصح القول بأن هذه نقية؟ وهي عندها الاستعداد على تعاطي الربا بالقوة؛ هذا إذا سلمنا بأنها لم تقع فيه بالفعل.

ولهذا فإن العقود تبطل بالشروط المحرمة على القول الصحيح (الموسوعة الفقهية 30/239)، ومما يزيد هذا القول قوة أن القائلين بصحة هذه العقود أوجبوا إبطال هذه الشروط على كل حال، ولكن الواقع أن المساهم العادي لا يمكنه ذلك، وبالتالي اجتمع القول على حرمة هذه الشركات مع وجود هذه الشروط.

الحادي عشر: أنه بناءً على حديث حنظلة رضي الله عنه السابق ذكره أن العبد لا يؤاخذ بعمل المحرم إلا بعد علمه بحرمته عند أخذه، فلذلك إذا قلنا بجواز هذه الشركات لأنها نقية وقد تضمن النظام الأساسي للشركة تجويز تعامل مجلس الإدارة بالربا أو بالمعاملات المحرمة عمومًا، ثم أظهرت قوائمها المالية عدم تعاطيها الربا -وحكم بأنها نقية-، بينما أخفى مجلس الإدارة المعاملات الربوية خاصة والمحرمة عامة، ثم تبين بعد الدخول فيها تلك المعاملات المحرمة.. فإن المساهم يأثم بالمساهمة في هذه الشركة ابتداء بتعاطي أسهمها بيعًا وشراء؛ وذلك لأنه ولو لم يعلم بأن هذه الشركة قد وقعت في الحرام عند شراء أسهمها إلا أنه أقرها على فعلها بالدخول فيها مع وجود هذه الشروط -التي تجيز الربا- فيها.

اختلاف الفقهاء

خامسًا: بناء على ما سبق فقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم هذه الأسهم على أقوال أبرزها ثلاثة:

القول الأول:
التفصيل بين الشركات النقية وغيرها.

فالتنقية تعتبر جائزة والمختلطة بعضهم أجازها إذا كانت نسبة الربا يسيرة يمكن تطهيرها، وبعضهم منعها مطلقًا وهذا القول قد تضمنت الأوجه السابقة الجواب عليه.

القول الثاني:
الجواز بشروط:

1- أن يكون النشاط مباحًا.

2- ألا تكون نسبة القروض الربوية التي أخذتها الشركة أكثر من 30%.

3- ألا تكون نسبة الفوائد الربوية التي تتقاضاها الشركة من الودائع المصرفية أكثر من 5%.

4- ألا تكون نسبة النقود أكثر من 50% من رأس مال الشركة.

والرد التفصيلي على هذا القول قد يطول، ولكن أجمل الرد في حديث عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه السابق ففيه أبلغ رد على هذا القول، حيث دل على أنه لا فرق بين قليل الربا وكثيره كما سبق بيانه.

القول الثالث:
أنه يجوز التعامل بالأسهم مضاربة في كل الشركات المساهمة بشرط أن يكون النشاط مباحًا.

وهذا القول وإن كان أضبط في العلة، لكنه أوهى من ناحية الدليل، حيث إن النهي إذا توجه إلى شيء كان النهي عن التملك عمومًا سواء اشتراه لأجل البيع والمضاربة فيه أو اشتراه لأجل علته ولو صح هذا القول لجازت كثير من المحرمات أو التي بعضها محرم إذا كان شراؤها لأجل البيع.

أما عن الرأي الذي نرجحه في هذه المسألة فهو أن العقد الذي يحكم بين المشتري للسهم والبائع له والشركة محل الشراء هو النظام الأساسي للشركة.

لولوتي
17-02-2007, 11:16 AM
يعطيك العافيه أبوتركي
فعلا معلومات ضروريه ومهمه كنت اجهل البعض منها فعلا

http://upd.ara10.com/uploads/27e121f129.bmp (http://upd.ara10.com/)

خفايا الروووح
17-02-2007, 03:32 PM
بارك الله فيك ع هذا الشرح التفصيلي ....وجعله ف ميزان حسناتك

بدور
17-02-2007, 03:34 PM
تسلم اخوي بوتركي ويعطيك العافيه