أبوتركي
18-02-2007, 03:07 AM
أصحاب العلاقة يطالبون بفتح التراخيص لإنشاء مصانع جديدة لسد النقص ..أزمة الرمل تستفحل وطوابير الشاحنات تنتظر لأيام للحصول على نقلة واحدة
70 ألف طن احتياجات السوق و36 ألف طن حجم الإنتاج بعجز يومي 34 ألف طن
أسعار الرمل تقفز إلى 3 أضعاف بسبب ارتفاع أجور النقل لارتباطها بتكدس الشاحنات أمام المصنع
سائقو الشاحنات: ننتظر في الطوابير من 3 ايام إلى أسبوع للحصول على نقلة واحدة
تجار: لم نعد قادرين على سداد الأجرة الشهرية للشاحنات بسبب وقوفها أمام المصنع بدون عمل
طابور «خصوصي» للشاحنات التابعة لشركات تعمل في مشاريع حيوية وطابور للعامة يتحرك ببطء شديد
الكعبي: المصنعان الحاليان غير قادرين على تلبية الطلب المحلي على الرمل
مصطفوي: معامل الردي مكس معطلة بسبب نقص الرمل مما يعطل المشاريع العقارية
خالد الكواري: الحل الجذري للأزمة يكمن في فتح تراخيص لإنشاء مصانع جديدة لغسل الرمل
يوسف الكواري: استغلال بشع من بعض أصحاب الشاحنات في رفع أجور النقل بشكل خيالي
متابعة: نائل صلاح :
ما زال السوق المحلي يعاني من نقص كبير في مادة الرمل المغسول المستخدمة في عملية البناء، مما ينذر بتعطل بعض المشاريع العقارية والعمرانية التي تشهدها الدولة حاليا، الامر الذي دعا عدد من رجال الأعمال وأصحاب مصانع الخرسانة الجاهزة إلى دق ناقوس الخطر، مطالبين بضرورة معالجة أزمة الرمل بشكل جذري، قبل ان تتفاقم وتصل إلى حد يعطل المشاريع التنموية في الدولة.
وفي هذا السياق حاولت لجنة الصناعة بغرفة تجارة وصناعة قطر البحث عن حلول لهذه المشكلة عندما عقدت في ديسمبر الماضي اجتماعا موسعا برئاسة السيد راشد ناصر الكعبي رئيس اللجنة، وحضور ممثلين عن مصانع الخرسانة الجاهزة وممثلين عن مصنع قطر لمعالجة الرمال، فيما تغيب عن الاجتماع ممثلو مصنع غسيل الرمل التابع لشركة قطر لصناعة الاسمنت.
الاجتماع لم يخرج بنتيجة عملية لمعالجة الأزمة، بل اقتصر على تشديد المجتمعين على خطورة مشكلة نقص الرمل المغسول التي اصبحت تهدد مصانع الخرسانة الجاهزة بالتوقف عن العمل، وتهدد مشاريع البناء والبنية التحتية بالتعطيل والتأخير في الانجاز، ودعوتهم إلى ضرورة حل المشكلة من خلال العمل على زيادة عدد مصانع الرمل المغسول لتلبية احتياجات النهضة العمرانية المتزايدة.
واذا كان السيد عبد الرحمن الانصاري ممثل الشركة القطرية للصناعات التحويلية التي يتبعها مصنع غسيل الرمل، قد طمأن المشاركين في الاجتماع بان الشركة بصدد القيام بتوسعات لزيادة إنتاج المصنع من 16 ألف طن يوميا في الوقت الحالي، إلى 40 ألف طن يوميا في منتصف 2007، فان هذه التطمينات لقيت ترحيبا شديدا من أصحاب مصانع الخرسانة، الذين اشادوا بهذه الخطوة، لكنهم بنفس الوقت اكدوا انها لن تكون كافية لحل المشكلة، وان هنالك ضرورة لإنشاء مصانع جديدة لغسل الرمل، لسد الاحتياجات المحلية.
وفيما يقدر الكعبي احتياجات السوق المحلي من مادة الرمل المغسول بنحو 70 ألف طن يوميا، فان حجم الإنتاج الحالي للمصنعين الوحيدين لا يتجاوز نصف حجم الاحتياجات، فمصنع غسيل الرمل التابع للشركة التحويلية يقف إنتاجه الحالي عند 16 ألف طن يوميا فقط، اما بالنسبة لمصنع الرمل التابع لشركة قطر للاسمنت، فاعتمادا على ما اعلنته الشركة في الصيف الماضي، فان إنتاج المصنع ارتفع في اكتوبر الماضي من 10 الاف طن إلى 20 ألف طن يوميا.
وسط هذه الأزمة التي يشهدها السوق المحلي بسبب نقص مادة الرمل المغسول، قامت الشرق بجولة ميدانية أمام مدخل مصنع غسل الرمل التابع لشركة قطر للاسمنت، حيث شاهدت اعدادا كبيرة من الشاحنات تصطف في طوابير طويلة بانتظار فرصة الدخول إلى المصنع لتحميل الرمل، فالشاحنة الواحدة تضطر إلى الانتظار أمام المصنع لمدة تتراوح بين 3 ايام إلى 6 ايام، حتى تتمكن من الدخول وتحميل نقلة رمل واحدة، بسبب نقص الرمل وتكدس الشاحنات، وهو الامر الذي شكا منه أصحاب مصانع الخرسانة الجاهزة وشركات المقاولات.
سائقو الشاحنات ايضا، شكوا من التأخير في استلام الرمل من المصنع، وقالوا لـ الشرق ان الشاحنات تتكدس أمام المصنع لعدة ايام حتى تتمكن من تحميل نقلة واحدة، مشيرين إلى ان هذه الأزمة بدأت منذ نحو شهرين وما زالت متواصلة، ولا يعلمون متى تنتهي.
ملل الانتظار
يقول احد السائقين لـ الشرق ان مصنع الرمل يتبع نظاما عجيبا في ادخال الشاحنات لتحميل الرمل، حيث يوجد طابوران اثنان للشاحنات، الاول طابور خصوصي "سبيشال"، وهو مخصص للشاحنات التي تتبع للشركات الكبرى التي تعمل في مشاريع كبيرة وحيوية مثل مشروع المطار، وهذا الطابور يتحرك بشكل سلس إلى حد ما، حيث تمكث الشاحنة يوم واحد أو يومين لتتمكن من تحميل نقلة واحدة، اما الطابور الثاني فهو لبقية الشاحنات والتي تعود بعضها لافراد عاديين او تجار، يشترون الرمل ويبيعونه في السوق، وهؤلاء يضطرون للانتظار لمدة تصل في بعض الاحيان إلى سبعة ايام لحين الحصول على نقلة رمل واحدة.
السائق ابراهيم يقول انه جاء بالشاحنة قبل خمسة ايام وما زال ينتظر دوره في تحميل الرمل، مشيرا إلى ان الايجار الشهري للشاحنة يبلغ 16 ألف ريال، وانه في الشهر الماضي لم يتمكن من جمع قيمة الاجرة، بل وخسر ما يزيد على ثلاثة الاف ريال بسبب التأخير في تحميل الرمل، حيث انه يشتري الرمل من المصنع ويبيعه في السوق.
ويقول زميله سليمان انه ينتظر مع شاحنته منذ سبعة ايام، وحتى الان لم يحظ بتحميل نقلة رمل واحدة، مشيرا إلى انه في بعض الايام يترك شاحنته في الساحة الترابية الكبيرة أمام مصنع الرمل ليلا، ليعود اليها في صباح اليوم التالي، وفي ايام اخرى يضطر إلى النوم في الشاحنة، وهو الامر الذي اكده السائق عبد العزيز والذي يتاجر بالرمل لحسابه الخاص.
في المقابل يقول احد السائقين والذي يعمل لحساب احدى الشركات الكبرى، انه جاء بشاحنته قبل يوم واحد ويتوقع ان يحمل نقلة الرمل في اليوم التالي، مشيرا إلى انه يحمل وصلا يخوله الوقوف في الطابور الخصوصي كون شركته تعمل لاحد المشاريع الكبرى في الدولة.
أزمة حقيقية
جولة الشرق في الساحة الترابية المجاورة لمدخل مصنع الرمل، كشفت عن وجود أزمة حقيقية في توافر مادة الرمل، فالشاحنات التي تقف أمام المصنع بانتظار دورها في تحميل الرمل، تزيد على المئات، في حين طوابير الشاحنات ساكنة وبالكاد تتحرك.
هذا الوضع لم يكن مفاجئا للسيد راشد الكعبي رئيس لجنة الصناعة بغرفة تجارة وصناعة قطر، حيث ابلغ الشرق ان اللجنة مهتمة بايجاد حل لأزمة الرمل، وانها - اي اللجنة - ستدعو قريبا إلى عقد اجتماع يحضره ممثلو جميع الاطراف المعنية بأزمة الرمل، بهدف التوصل إلى حلول عملية لهذه الأزمة، مشيرا إلى انه في الاجتماع الاول للجنة، عرضت شركة الصناعات التحويلية خطتها في زيادة الإنتاج من 16 ألف طن يوميا إلى 30 ألف طن يوميا، بما يساعد من تخفيف حدة الأزمة.
ويرى الكعبي انه حسب المشاريع التي تم الاعلان عنها للفترة المقبلة وحسب مشاريع الدولة المستقبلية، فان حاجة السوق المحلي من الرمل تتزايد بما لا يمكن مصنعي الرمل الموجودين حاليا في قطر من تغطية الطلب المتنامي على الرمل، وبالتالي فانه يعتقد ان الحل للأزمة يكمن في ان تسمح وزارة الصناعة بفتح تراخيص جديدة، لان المصنعين الحاليين غير قادرين على تلبية الطلب المحلي، موضحا ان احتياجات السوق تقدر بنحو 70 ألف طن يوميا، وهي كمية تفوق قدرة المصنعين على الإنتاج بأكثر من الضعف.
ويضيف: " مصانع الردي مكس متعطلة الان عن الإنتاج بسبب نقص الرمل، والسيارات تنتظر ثلاثة ايام للحصول على نقلة واحدة، لذلك نضطر إلى ارسال ما بين 20 إلى 30 سيارة إلى المصنع لكي نحجز دور لكل سيارة، كما ان الأسعار ارتفعت بسبب التكلفة الاضافية التي فرضتها أجور النقل بسبب التأخير في تحميل الرمل.
ويؤكد الكعبي انه دعا شركة قطر للاسمنت التي تمتلك مصنعا للرمل إلى حضور الاجتماع السابق للجنة الصناعة في الغرفة، "لكنهم لم يردوا علينا ولم يعبروا عن اي اهتمام".
ويدعو الكعبي وزارة الصناعة إلى فتح تراخيص جديدة لمصانع الرمل، مشيرا إلى ان السوق المحلي بحاجة إلى اربعة مصانع اضافية على الاقل، على ان يتم توزيعها في الشمال والجنوب وام باب.
ويعتقد الكعبي ان بدء الشركة الحكومية التي اعلن عن تأسيسها مؤخرا، في إنتاج الرمل في يونيو المقبل كما هو متوقع، سوف يساعد في تخفيف حدة أزمة الرمل، ولكن بشكل مؤقت، اذ لابد من تأسيس مصانع اضافية جديدة.
ويضيف ان أصحاب مصانع الطابوق والردي مكس والمقاولات لديهم استثمارات بملايين الريالات ويتضررون الان بسبب نقص الرمل، مشيرا إلى وجود العديد من رجال الأعمال الراغبين في إنشاء مصانع رمل ولكن ينقصهم الترخيص، ويضيف ان أصحاب مصانع الردي مكس مستعدون لتشكيل تحالف فيما بينهم للاشتراك في مصنع للرمل او اكثر، ولكن الامر يتطلب اولا موافقة وزارة الصناعة على فتح مصانع رمل جديدة.
نقص في الإنتاج
من جهته يرى السيد عبد الحميد مصطفوي رئيس شركة البناء القطرية، ان صناعة الرمل لم تواكب التطور العمراني في الدولة، فمن غير المعقول ان تنتظر السيارة ثلاثة ايام على الاقل أمام مصنع الرمل من اجل تحميل نقلة رمل واحدة، فالوضع مزري للغاية ويتطلب حلا جذريا، داعيا شركة قطر للاسمنت التي تمتلك مصنع الرمل الذي يفترض ان يتحمل العبء الاكبر من احتياجات السوق المحلي، إلى التصرف من خلال التوسع وزيادة الإنتاج.
ويؤكد ان معامل الردي مكس معطلة حاليا بسبب نقص الرمل، كما ان المشاريع العقارية تتعطل وتتأخر بسبب هذا الامر، مشيرا إلى ان الشركة ترسل اكثر من سيارة لكي تحجز دورا وتحصل على نقلة كل ثلاثة ايام، بينما قبل الأزمة كانت السيارة الواحدة تحمل اربع نقلات رمل في اليوم الواحد، ويضيف ان نقص الرمل وتكدس الشاحنات، أسهم بشكل كبير في الازدحام المروري في شوارع الدوحة.
فك الاحتكار
يعتقد خالد بن جبر بن طوار الكواري عضو المجلس البلدي المركزي ورئيس احد مصانع الردي مكس، ان حل أزمة الرمل يكمن في فك احتكار مصانع الرمل وفتح تراخيص للقطاع الخاص لبناء مصانع رمل جديدة، حيث ان هذه المادة اساسية بالنسبة لمعامل الخرسانة وبالنسبة لجميع مشاريع البناء مثلها مثل الاسمنت.
ويؤكد الكواري ان نقص الرمل ادى إلى تعطيل إنتاج مصانع الخرسانة بما يهدد بقاءها وبما يهدد ايضا الحركة العمرانية في البلد، موضحا ان حجم الإنتاج الحالي من الرمل لا يغطي نصف الطلب فقط، وبالتالي فان المطلوب هو مضاعفة حجم الإنتاج.
ويشير إلى ان أزمة الرمل استفحلت بشكل كبير خلال الايام الماضية حيث تضطر السيارة الواحدة للوقوف لاكثر من ثلاثة ايام للحصول على نقلة واحدة.
ويضيف: " الان يوجد شركة حكومية تحصلت على تصريح لبناء مصنع رمل، ولكن هذا لا يكفي، حيث ان حجم المشاريع القائمة والمشاريع التي يتم التخطيط لها يجعل من الضرورة زيادة عدد المصانع بشكل اكبر لمضاعفة الإنتاج بما يغطي احتياجات السوق المحلي"، مشيرا إلى ان الغرفة عقدت اجتماعا لبحث نقص الرمل وحضرته شركة الصناعات التحويلية ولكن لم تحضره شركة الاسمنت، وتم التباحث في الامر، ووصلنا إلى نتيجة مفادها ضرورة فتح التراخيص للقطاع الخاص لبناء مصانع للرمل حتى يصبح هنالك تنافس بما يضمن توافر هذه المادة باستمرار.
ويؤكد الكواري ان تكلفة طن الرمل ارتفع من 21 ريالا قبل الأزمة إلى نحو 65 ريالا الان، وذلك بسبب ارتفاع أجور النقل، حيث ان أسعار الرمل لم تتغير ولكن الذي تغير هو أجور نقلها، وبالتالي فان سعر طن الرمل بما فيه اجرة النقل ارتفع باكثر من ثلاثة أضعاف من 21 ريالا إلى 65 ريالا.
ويضيف ان مصانع الخرسانة الجاهزة تتحمل الان خسائر جسيمة نتيجة تعطل الإنتاج، ونتيجة ارتفاع تكلفة الرمل، ورغم ذلك فان مصانع الخرسانة تضطر إلى عدم رفع أسعار الخرسانة الجاهزة وذلك لعدة اسباب، ابرزها ان هذه المصانع تعمل وفق استراتيجية بعيدة المدى، وبالتالي فانها تجاري الازمات التي تقع بين فترة واخرى، لكنه يرى ان استمرار أزمة الرمل لمدة طويلة ربما يقود بعض مصانع الخرسانة إلى الاغلاق، لان استمرار الخسائر لا يخدم استمرار عمل هذه المصانع.
وعلاوة على ذلك، يشير الكواري إلى ان وجود عدد كبير من مصانع الخرسانة لا يسمح بان يقدم احد المصانع على رفع الأسعار، لان المنافسة شديدة، وبالتالي فان هذه المصانع تفضل تحمل الخسارة لفترة معينة، على رفع الأسعار، موضحا ان مصانع الخرسانة تقبل بهامش ربحي بسيط لا يتجاوز 8% ولكنها تعتمد على زيادة حجم الإنتاج.
أجور النقل
ومن جهته يقول رجل الأعمال يوسف الكواري انه بات واضحا وجود شح كبير في الرمل، حيث ان الإنتاج من المصنعين لا يكفي لتغطية احتياجات ومتطلبات السوق مع طفرة المشاريع وزيادة الطلب على مواد البناء ومن بينها الرمل، وبالتالي لا بد لمصنعي الرمل من توسعة الإنتاج.
ويضيف انه برغم ذلك، فان مشكلة الرمل لا تكمن بشكل مباشر في مصنعي الرمل، وان كان هنالك تاخير في التسليم، بل ان المشكلة الاكبر تكمن في أجور النقل، حيث ارتفعت أجور النقلة الواحدة من 600 ريال إلى 3000 ريال، وذلك في استغلال بشع من قبل بعض أصحاب الشاحنات التي يتم استئجارها بهدف نقل الرمل، مضيفا: " اصبحت تكلفة نقلة الرمل من الامارات او السعودية إلى قطر، ارخص من تكلفة نقلها من مصنعي الرمل في قطر، وهذا امر مأساوي ولابد من حله".
ويرى ان التأخير في تسليم الرمل ليوم او يومين لا يعني بالضرورة ان يقوم أصحاب السيارات برفع أجور النقل إلى هذا المستوى الباهض، معربا عن اعتقاده بعدم وجود مشكلة في الترخيص للمستثمرين ورجال الأعمال لبناء مصانع للرمل، ويقول: " لا يوجد قيود، ولا يوجد احتكار لمصانع الرمل، بل ان المجال مفتوح أمام الجميع، متابعا: " ليس بالضرورة ان يطلب المستثمر الارض الصناعية من الدولة، بل يمكن استئجار ارض للمشروع من اي مواطن يمتلكها، واقامة مصنع للرمل عليها، ولكن البعض يريد تقليل التكلفة وانتظار ان يحصل على ارض من الدولة لاقامة المصنع، وهو في الحقيقة ما يعيق بعض رجال الأعمال من اقامة مصانع للرمل.
70 ألف طن احتياجات السوق و36 ألف طن حجم الإنتاج بعجز يومي 34 ألف طن
أسعار الرمل تقفز إلى 3 أضعاف بسبب ارتفاع أجور النقل لارتباطها بتكدس الشاحنات أمام المصنع
سائقو الشاحنات: ننتظر في الطوابير من 3 ايام إلى أسبوع للحصول على نقلة واحدة
تجار: لم نعد قادرين على سداد الأجرة الشهرية للشاحنات بسبب وقوفها أمام المصنع بدون عمل
طابور «خصوصي» للشاحنات التابعة لشركات تعمل في مشاريع حيوية وطابور للعامة يتحرك ببطء شديد
الكعبي: المصنعان الحاليان غير قادرين على تلبية الطلب المحلي على الرمل
مصطفوي: معامل الردي مكس معطلة بسبب نقص الرمل مما يعطل المشاريع العقارية
خالد الكواري: الحل الجذري للأزمة يكمن في فتح تراخيص لإنشاء مصانع جديدة لغسل الرمل
يوسف الكواري: استغلال بشع من بعض أصحاب الشاحنات في رفع أجور النقل بشكل خيالي
متابعة: نائل صلاح :
ما زال السوق المحلي يعاني من نقص كبير في مادة الرمل المغسول المستخدمة في عملية البناء، مما ينذر بتعطل بعض المشاريع العقارية والعمرانية التي تشهدها الدولة حاليا، الامر الذي دعا عدد من رجال الأعمال وأصحاب مصانع الخرسانة الجاهزة إلى دق ناقوس الخطر، مطالبين بضرورة معالجة أزمة الرمل بشكل جذري، قبل ان تتفاقم وتصل إلى حد يعطل المشاريع التنموية في الدولة.
وفي هذا السياق حاولت لجنة الصناعة بغرفة تجارة وصناعة قطر البحث عن حلول لهذه المشكلة عندما عقدت في ديسمبر الماضي اجتماعا موسعا برئاسة السيد راشد ناصر الكعبي رئيس اللجنة، وحضور ممثلين عن مصانع الخرسانة الجاهزة وممثلين عن مصنع قطر لمعالجة الرمال، فيما تغيب عن الاجتماع ممثلو مصنع غسيل الرمل التابع لشركة قطر لصناعة الاسمنت.
الاجتماع لم يخرج بنتيجة عملية لمعالجة الأزمة، بل اقتصر على تشديد المجتمعين على خطورة مشكلة نقص الرمل المغسول التي اصبحت تهدد مصانع الخرسانة الجاهزة بالتوقف عن العمل، وتهدد مشاريع البناء والبنية التحتية بالتعطيل والتأخير في الانجاز، ودعوتهم إلى ضرورة حل المشكلة من خلال العمل على زيادة عدد مصانع الرمل المغسول لتلبية احتياجات النهضة العمرانية المتزايدة.
واذا كان السيد عبد الرحمن الانصاري ممثل الشركة القطرية للصناعات التحويلية التي يتبعها مصنع غسيل الرمل، قد طمأن المشاركين في الاجتماع بان الشركة بصدد القيام بتوسعات لزيادة إنتاج المصنع من 16 ألف طن يوميا في الوقت الحالي، إلى 40 ألف طن يوميا في منتصف 2007، فان هذه التطمينات لقيت ترحيبا شديدا من أصحاب مصانع الخرسانة، الذين اشادوا بهذه الخطوة، لكنهم بنفس الوقت اكدوا انها لن تكون كافية لحل المشكلة، وان هنالك ضرورة لإنشاء مصانع جديدة لغسل الرمل، لسد الاحتياجات المحلية.
وفيما يقدر الكعبي احتياجات السوق المحلي من مادة الرمل المغسول بنحو 70 ألف طن يوميا، فان حجم الإنتاج الحالي للمصنعين الوحيدين لا يتجاوز نصف حجم الاحتياجات، فمصنع غسيل الرمل التابع للشركة التحويلية يقف إنتاجه الحالي عند 16 ألف طن يوميا فقط، اما بالنسبة لمصنع الرمل التابع لشركة قطر للاسمنت، فاعتمادا على ما اعلنته الشركة في الصيف الماضي، فان إنتاج المصنع ارتفع في اكتوبر الماضي من 10 الاف طن إلى 20 ألف طن يوميا.
وسط هذه الأزمة التي يشهدها السوق المحلي بسبب نقص مادة الرمل المغسول، قامت الشرق بجولة ميدانية أمام مدخل مصنع غسل الرمل التابع لشركة قطر للاسمنت، حيث شاهدت اعدادا كبيرة من الشاحنات تصطف في طوابير طويلة بانتظار فرصة الدخول إلى المصنع لتحميل الرمل، فالشاحنة الواحدة تضطر إلى الانتظار أمام المصنع لمدة تتراوح بين 3 ايام إلى 6 ايام، حتى تتمكن من الدخول وتحميل نقلة رمل واحدة، بسبب نقص الرمل وتكدس الشاحنات، وهو الامر الذي شكا منه أصحاب مصانع الخرسانة الجاهزة وشركات المقاولات.
سائقو الشاحنات ايضا، شكوا من التأخير في استلام الرمل من المصنع، وقالوا لـ الشرق ان الشاحنات تتكدس أمام المصنع لعدة ايام حتى تتمكن من تحميل نقلة واحدة، مشيرين إلى ان هذه الأزمة بدأت منذ نحو شهرين وما زالت متواصلة، ولا يعلمون متى تنتهي.
ملل الانتظار
يقول احد السائقين لـ الشرق ان مصنع الرمل يتبع نظاما عجيبا في ادخال الشاحنات لتحميل الرمل، حيث يوجد طابوران اثنان للشاحنات، الاول طابور خصوصي "سبيشال"، وهو مخصص للشاحنات التي تتبع للشركات الكبرى التي تعمل في مشاريع كبيرة وحيوية مثل مشروع المطار، وهذا الطابور يتحرك بشكل سلس إلى حد ما، حيث تمكث الشاحنة يوم واحد أو يومين لتتمكن من تحميل نقلة واحدة، اما الطابور الثاني فهو لبقية الشاحنات والتي تعود بعضها لافراد عاديين او تجار، يشترون الرمل ويبيعونه في السوق، وهؤلاء يضطرون للانتظار لمدة تصل في بعض الاحيان إلى سبعة ايام لحين الحصول على نقلة رمل واحدة.
السائق ابراهيم يقول انه جاء بالشاحنة قبل خمسة ايام وما زال ينتظر دوره في تحميل الرمل، مشيرا إلى ان الايجار الشهري للشاحنة يبلغ 16 ألف ريال، وانه في الشهر الماضي لم يتمكن من جمع قيمة الاجرة، بل وخسر ما يزيد على ثلاثة الاف ريال بسبب التأخير في تحميل الرمل، حيث انه يشتري الرمل من المصنع ويبيعه في السوق.
ويقول زميله سليمان انه ينتظر مع شاحنته منذ سبعة ايام، وحتى الان لم يحظ بتحميل نقلة رمل واحدة، مشيرا إلى انه في بعض الايام يترك شاحنته في الساحة الترابية الكبيرة أمام مصنع الرمل ليلا، ليعود اليها في صباح اليوم التالي، وفي ايام اخرى يضطر إلى النوم في الشاحنة، وهو الامر الذي اكده السائق عبد العزيز والذي يتاجر بالرمل لحسابه الخاص.
في المقابل يقول احد السائقين والذي يعمل لحساب احدى الشركات الكبرى، انه جاء بشاحنته قبل يوم واحد ويتوقع ان يحمل نقلة الرمل في اليوم التالي، مشيرا إلى انه يحمل وصلا يخوله الوقوف في الطابور الخصوصي كون شركته تعمل لاحد المشاريع الكبرى في الدولة.
أزمة حقيقية
جولة الشرق في الساحة الترابية المجاورة لمدخل مصنع الرمل، كشفت عن وجود أزمة حقيقية في توافر مادة الرمل، فالشاحنات التي تقف أمام المصنع بانتظار دورها في تحميل الرمل، تزيد على المئات، في حين طوابير الشاحنات ساكنة وبالكاد تتحرك.
هذا الوضع لم يكن مفاجئا للسيد راشد الكعبي رئيس لجنة الصناعة بغرفة تجارة وصناعة قطر، حيث ابلغ الشرق ان اللجنة مهتمة بايجاد حل لأزمة الرمل، وانها - اي اللجنة - ستدعو قريبا إلى عقد اجتماع يحضره ممثلو جميع الاطراف المعنية بأزمة الرمل، بهدف التوصل إلى حلول عملية لهذه الأزمة، مشيرا إلى انه في الاجتماع الاول للجنة، عرضت شركة الصناعات التحويلية خطتها في زيادة الإنتاج من 16 ألف طن يوميا إلى 30 ألف طن يوميا، بما يساعد من تخفيف حدة الأزمة.
ويرى الكعبي انه حسب المشاريع التي تم الاعلان عنها للفترة المقبلة وحسب مشاريع الدولة المستقبلية، فان حاجة السوق المحلي من الرمل تتزايد بما لا يمكن مصنعي الرمل الموجودين حاليا في قطر من تغطية الطلب المتنامي على الرمل، وبالتالي فانه يعتقد ان الحل للأزمة يكمن في ان تسمح وزارة الصناعة بفتح تراخيص جديدة، لان المصنعين الحاليين غير قادرين على تلبية الطلب المحلي، موضحا ان احتياجات السوق تقدر بنحو 70 ألف طن يوميا، وهي كمية تفوق قدرة المصنعين على الإنتاج بأكثر من الضعف.
ويضيف: " مصانع الردي مكس متعطلة الان عن الإنتاج بسبب نقص الرمل، والسيارات تنتظر ثلاثة ايام للحصول على نقلة واحدة، لذلك نضطر إلى ارسال ما بين 20 إلى 30 سيارة إلى المصنع لكي نحجز دور لكل سيارة، كما ان الأسعار ارتفعت بسبب التكلفة الاضافية التي فرضتها أجور النقل بسبب التأخير في تحميل الرمل.
ويؤكد الكعبي انه دعا شركة قطر للاسمنت التي تمتلك مصنعا للرمل إلى حضور الاجتماع السابق للجنة الصناعة في الغرفة، "لكنهم لم يردوا علينا ولم يعبروا عن اي اهتمام".
ويدعو الكعبي وزارة الصناعة إلى فتح تراخيص جديدة لمصانع الرمل، مشيرا إلى ان السوق المحلي بحاجة إلى اربعة مصانع اضافية على الاقل، على ان يتم توزيعها في الشمال والجنوب وام باب.
ويعتقد الكعبي ان بدء الشركة الحكومية التي اعلن عن تأسيسها مؤخرا، في إنتاج الرمل في يونيو المقبل كما هو متوقع، سوف يساعد في تخفيف حدة أزمة الرمل، ولكن بشكل مؤقت، اذ لابد من تأسيس مصانع اضافية جديدة.
ويضيف ان أصحاب مصانع الطابوق والردي مكس والمقاولات لديهم استثمارات بملايين الريالات ويتضررون الان بسبب نقص الرمل، مشيرا إلى وجود العديد من رجال الأعمال الراغبين في إنشاء مصانع رمل ولكن ينقصهم الترخيص، ويضيف ان أصحاب مصانع الردي مكس مستعدون لتشكيل تحالف فيما بينهم للاشتراك في مصنع للرمل او اكثر، ولكن الامر يتطلب اولا موافقة وزارة الصناعة على فتح مصانع رمل جديدة.
نقص في الإنتاج
من جهته يرى السيد عبد الحميد مصطفوي رئيس شركة البناء القطرية، ان صناعة الرمل لم تواكب التطور العمراني في الدولة، فمن غير المعقول ان تنتظر السيارة ثلاثة ايام على الاقل أمام مصنع الرمل من اجل تحميل نقلة رمل واحدة، فالوضع مزري للغاية ويتطلب حلا جذريا، داعيا شركة قطر للاسمنت التي تمتلك مصنع الرمل الذي يفترض ان يتحمل العبء الاكبر من احتياجات السوق المحلي، إلى التصرف من خلال التوسع وزيادة الإنتاج.
ويؤكد ان معامل الردي مكس معطلة حاليا بسبب نقص الرمل، كما ان المشاريع العقارية تتعطل وتتأخر بسبب هذا الامر، مشيرا إلى ان الشركة ترسل اكثر من سيارة لكي تحجز دورا وتحصل على نقلة كل ثلاثة ايام، بينما قبل الأزمة كانت السيارة الواحدة تحمل اربع نقلات رمل في اليوم الواحد، ويضيف ان نقص الرمل وتكدس الشاحنات، أسهم بشكل كبير في الازدحام المروري في شوارع الدوحة.
فك الاحتكار
يعتقد خالد بن جبر بن طوار الكواري عضو المجلس البلدي المركزي ورئيس احد مصانع الردي مكس، ان حل أزمة الرمل يكمن في فك احتكار مصانع الرمل وفتح تراخيص للقطاع الخاص لبناء مصانع رمل جديدة، حيث ان هذه المادة اساسية بالنسبة لمعامل الخرسانة وبالنسبة لجميع مشاريع البناء مثلها مثل الاسمنت.
ويؤكد الكواري ان نقص الرمل ادى إلى تعطيل إنتاج مصانع الخرسانة بما يهدد بقاءها وبما يهدد ايضا الحركة العمرانية في البلد، موضحا ان حجم الإنتاج الحالي من الرمل لا يغطي نصف الطلب فقط، وبالتالي فان المطلوب هو مضاعفة حجم الإنتاج.
ويشير إلى ان أزمة الرمل استفحلت بشكل كبير خلال الايام الماضية حيث تضطر السيارة الواحدة للوقوف لاكثر من ثلاثة ايام للحصول على نقلة واحدة.
ويضيف: " الان يوجد شركة حكومية تحصلت على تصريح لبناء مصنع رمل، ولكن هذا لا يكفي، حيث ان حجم المشاريع القائمة والمشاريع التي يتم التخطيط لها يجعل من الضرورة زيادة عدد المصانع بشكل اكبر لمضاعفة الإنتاج بما يغطي احتياجات السوق المحلي"، مشيرا إلى ان الغرفة عقدت اجتماعا لبحث نقص الرمل وحضرته شركة الصناعات التحويلية ولكن لم تحضره شركة الاسمنت، وتم التباحث في الامر، ووصلنا إلى نتيجة مفادها ضرورة فتح التراخيص للقطاع الخاص لبناء مصانع للرمل حتى يصبح هنالك تنافس بما يضمن توافر هذه المادة باستمرار.
ويؤكد الكواري ان تكلفة طن الرمل ارتفع من 21 ريالا قبل الأزمة إلى نحو 65 ريالا الان، وذلك بسبب ارتفاع أجور النقل، حيث ان أسعار الرمل لم تتغير ولكن الذي تغير هو أجور نقلها، وبالتالي فان سعر طن الرمل بما فيه اجرة النقل ارتفع باكثر من ثلاثة أضعاف من 21 ريالا إلى 65 ريالا.
ويضيف ان مصانع الخرسانة الجاهزة تتحمل الان خسائر جسيمة نتيجة تعطل الإنتاج، ونتيجة ارتفاع تكلفة الرمل، ورغم ذلك فان مصانع الخرسانة تضطر إلى عدم رفع أسعار الخرسانة الجاهزة وذلك لعدة اسباب، ابرزها ان هذه المصانع تعمل وفق استراتيجية بعيدة المدى، وبالتالي فانها تجاري الازمات التي تقع بين فترة واخرى، لكنه يرى ان استمرار أزمة الرمل لمدة طويلة ربما يقود بعض مصانع الخرسانة إلى الاغلاق، لان استمرار الخسائر لا يخدم استمرار عمل هذه المصانع.
وعلاوة على ذلك، يشير الكواري إلى ان وجود عدد كبير من مصانع الخرسانة لا يسمح بان يقدم احد المصانع على رفع الأسعار، لان المنافسة شديدة، وبالتالي فان هذه المصانع تفضل تحمل الخسارة لفترة معينة، على رفع الأسعار، موضحا ان مصانع الخرسانة تقبل بهامش ربحي بسيط لا يتجاوز 8% ولكنها تعتمد على زيادة حجم الإنتاج.
أجور النقل
ومن جهته يقول رجل الأعمال يوسف الكواري انه بات واضحا وجود شح كبير في الرمل، حيث ان الإنتاج من المصنعين لا يكفي لتغطية احتياجات ومتطلبات السوق مع طفرة المشاريع وزيادة الطلب على مواد البناء ومن بينها الرمل، وبالتالي لا بد لمصنعي الرمل من توسعة الإنتاج.
ويضيف انه برغم ذلك، فان مشكلة الرمل لا تكمن بشكل مباشر في مصنعي الرمل، وان كان هنالك تاخير في التسليم، بل ان المشكلة الاكبر تكمن في أجور النقل، حيث ارتفعت أجور النقلة الواحدة من 600 ريال إلى 3000 ريال، وذلك في استغلال بشع من قبل بعض أصحاب الشاحنات التي يتم استئجارها بهدف نقل الرمل، مضيفا: " اصبحت تكلفة نقلة الرمل من الامارات او السعودية إلى قطر، ارخص من تكلفة نقلها من مصنعي الرمل في قطر، وهذا امر مأساوي ولابد من حله".
ويرى ان التأخير في تسليم الرمل ليوم او يومين لا يعني بالضرورة ان يقوم أصحاب السيارات برفع أجور النقل إلى هذا المستوى الباهض، معربا عن اعتقاده بعدم وجود مشكلة في الترخيص للمستثمرين ورجال الأعمال لبناء مصانع للرمل، ويقول: " لا يوجد قيود، ولا يوجد احتكار لمصانع الرمل، بل ان المجال مفتوح أمام الجميع، متابعا: " ليس بالضرورة ان يطلب المستثمر الارض الصناعية من الدولة، بل يمكن استئجار ارض للمشروع من اي مواطن يمتلكها، واقامة مصنع للرمل عليها، ولكن البعض يريد تقليل التكلفة وانتظار ان يحصل على ارض من الدولة لاقامة المصنع، وهو في الحقيقة ما يعيق بعض رجال الأعمال من اقامة مصانع للرمل.