المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امرأة تظللها الملائكة بأجنحتها!



السهم الذهبي 2007
22-02-2007, 11:26 PM
امرأة تظللها الملائكة بأجنحتها!


لم تكن تدري، وهي تقف أمام مرآتها لتزين يديها ورجليها بالأساور الجميلة الذهبية، أو تجمّل عنقها وجيدها بالسلاسل النفيسة الملَكية، أنها ستُنزَع منها انتزاعاً، لتحلّ مكانها قيود ثقيلة من الحديد! وأوتاد تشل حركتها ومن ألمها وعذابها تزيد.. لم تكن تعلم كل ذلك، فقد أبى زوجها الطاغية إلا أن يطغى عليها ويسقيها من كؤوس العذاب المزيد.

إن بطلتنا هذه المرة قد خلد القرآن ذكرها، ورفع قدرها وجعلها مثلاً للمؤمنين والمؤمنات إلى يوم الدين. فقال عنها: وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين (11) (التحريم). فقد ضربت لنا هذه المرأة، المحبة لربها، نوعاً جديداً من أنواع الفداء، إنه نوع ذو سمة خاصة تميزه، ولا يجرؤ على تقديم هذا النوع إلا القليل، إنه فداء من نوع عال رفيع كمكانتها العالية الرفيعة، فاستحقت به درجة الكمال التي لم يحظ بها إلا نزر يسير من النساء! بشهادة رسول الله { حين قال: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" (الشيخان).

رحمته صغيراً فهداها الله به كبيراً

إنها آسية بنت مزاحم.. ملكة مصر.. وامرأة فرعون، التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم وأكرمها بأن ساق لها نبيه الكليم موسى عليه السلام وهو طفل رضيع ليتربى في قصرها وتحت نظرها، وقد قص الله علينا ذلك في القرآن الكريم فقال: وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى" أن ينفعنا أو نتخذه ولدا (القصص:9)، فهي التي شرعت تدافع عن حياة موسى وتخاصم وتذب دونه، تحببه إلى فرعون بهذا القول، لكن فرعون يدخل قلبه الغرور والكبر، كما سكنه من قبل الجحود والكفر، هل ينساق وراء امرأة يتأثر بحبها فيسمع لقولها قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى" أن ينفعنا (القصص)، لذا نجده يأبى مجرد إرضائها ولو بلسانه، بل يضيف رداً على قولها: "أمّا لك فنعم، وأمّا لي فلا"!، فكان موسى قرة عين لها دون ذلك الفرعون، وكانت نظرتها ثاقبة وفراستها صادقة، وقد حصل لها أعظم النفع والهداية به، وأسكنها الجنة بسببه، وأهلك فرعون على يديه.

الامتحان الصعب

وآسية هي التي جادت بنفسها وروحها لله حين آثرت ما عنده، فتخلت عن الدنيا وزخرفها، وصبرت على أذى زوجها وعذابه، حتى لقيت ربها شهيدة في سبيله؛ لتكون مثلاً رائعاً في حب الله والثبات على هداه، ومصباح هداية لكل العاملين والعاملات إلى يوم الدين، وقدوة لكل المسلمين والمسلمات، بعد أن ذكرها ربها وأعلى شأنها وزكى روحها.

وحين نجحت آسية في الامتحان الصعب، وتخطت ابتلاء الفداء الكبير، اختارها الله تعالى إلى جواره، وبنى لها عنده سبحانه بيتاً في الجنة وضمن لها أعظم الجوار مع سعة الدار!

روى أبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة } قال: "إن فرعون أوتد لامرأته أربعة أوتاد في يديها ورجليها، فكان إذا تفرقوا عنها ظللتها الملائكة، فقالت: رب إبن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين 11، فكشف لها عن بيتها في الجنة". فيا لها من رفعة وسموّ ويا لها من كرامة وعلوّ!

المقام الرفيع

ولمَ لا يُعلي الله تعالى قدرها ويرفع مقامها، وقد كانت تتقلب في شتى أنواع النعيم، وترفل في ثياب النعمة، وتتقلب في أحضان العزّ ليل نهار، لكنها حين آمنت وامتزج حب الله عز وجل بكل ذرة من قلبها ودمائها وكيانها، رأت كل ذلك النعيم بمنظار آخر غير ما يراه سائر الناس! فكل ما تعيشه من نعيم يحسدها العدو عليه ويغبطها بسببه الحبيب، كل ذلك لا يساوي غمسة واحدة في نار جهنم، ولا ذرة نعيم في جنة الرضوان والخلود، وفي هذا يقول أنس ابن مالك }: "يؤتى بأنعم الناس في الدنيا من الكفار فيقال: اغمسوه في النار غمسة ثم يقال له: هل رأيت نعيماً قط؟ فيقال: لا، ويؤتى بأشد الناس ضراً في الدنيا فيقال: اغمسوه في الجنة غمسة، ثم يقال له: هل رأيت ضراً قط؟ فيقول: لا".

أيقنت تماماً أن الدنيا دار الغرور، وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، بل إن كل ما تحياه من عزّ الملك وصولته لا يرفع من قدرها أمام العزيز الجبار، حين يقف الجميع أمامه في يوم القيامة، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة، وأن هذا الملك والجاه والسلطان الذي تعيشه هي وزوجها لا جدوى منه ولا رفعة في الآخرة وإن رفع في الدنيا ما لم يمتزج بحب الله عز وجل، ويظهر إيماناً وانقياداً وطاعة وقبولاً وذلاً واستسلاماً، لذا فقد فضلت الآخرة الباقية على الأولى الفانية، وآثرت الإيمان بربها وإن خالفت زوجها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأحبت ملكها الحق تبارك وتعالى الذي يملك وحده قلبها، وروحها، وإن تسلط عليها زوجها أو ملك منها جسدها.
لذا فلم تبال بالعذاب! روى ابن جرير عن سلمان قال: "كانت امرأة فرعون تعذب في الشمس، فإذا انصرف عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها، وكانت ترى بيتها في الجنة".

صبر وفداء

جاء في مختصر تفسير ابن كثير: وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين أنه لا تضرهم مخالطة الكافرين، إذا كانوا محتاجين إليهم، كما قال تعالى: إلا أن تتقوا منهم تقاة (آل عمران:28 وقال قتادة: "كان فرعون أعتى أهل الأرض وأكفرهم، فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها، ليعلموا أن الله تعالى حكم عدل لا يؤاخذ أحداً إلا بذنبه".

دروس وعبر

حين يقرأ كل منا هذه الآيات التي تنبض بحب الله عز وجل وتوحي باليقين، نرى فيها دروساً كثيرة، تنفع في الحياة وزاداً طيباً لشحذ الهمم وقوة الأرواح، إنها قبس من النور في طريق الظلام، فلقد عاشت لتموت، بل وماتت لتحيا، لكن بعد أن قامت بدورها خير قيام وقدمت لنا الكثير.

فماذا قدمنا نحن؟

إن هذه القصة نداء لكل من انحرف عن جادة الطريق أو حاد، فداهَن أو تهاون في دين الله، كما أنها أيضاً دعوة لتغيير المفاهيم لكل من يحتقر المرأة أو يظن أن منزلتها أدنى من الرجال. وفيها إحياء الأمل في النفوس بأن الصبر لا يأتي إلا بخير، وأن الثبات على الحق من أعظم رسالات الحياة، إن سطورها وحروفها لو نطقت لأكدت لنا أن قيمة ما يقدمه الإنسان ذكراً كان أو أنثى إنما هو بقدر نصيبه من الالتزام بدين الله، وبما قدم له من نصر وتأييد، ونشر وإحياء ينفع به العباد.

إنها رسالة لكل امرأة مسلمة للتأسي والاقتداء، والاستعلاء على سفاسف الأمور بمغالبة سلطان الهوى والشهوات، فكم من امرأة فاقت بعملها الكثير من الرجال. وفي هذا كله دعوة إلى العمل والثبات، امتثالاً لأمر الله: وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى" عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون 105 (التوبة).

_________________

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
مخاطباً إبنته البتول :
يا فاطمة، إعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئاً".‏


منقوووول ..

لا تنسونا من صالح دعائكم ...

ROSE
22-02-2007, 11:29 PM
قصه رائعة لامرأة رائعة خلد التاريخ ذكراها وذكرت من النساء القلائل في القران الكريم

واي تكريم لها من الله تعالى هذا الذكر

كل الشكر والتقدير لك اخوي الشرحي

السهم الذهبي 2007
23-02-2007, 12:12 AM
قصه رائعة لامرأة رائعة خلد التاريخ ذكراها وذكرت من النساء القلائل في القران الكريم

واي تكريم لها من الله تعالى هذا الذكر

كل الشكر والتقدير لك اخوي الشرحي
جزاج الله خير على الرد ولكن:court: صاحب الموضوع هو السهم الذهبي 2007 وليس الشرحي

دنيا الاسهم
23-02-2007, 01:24 AM
سبحان الله
وما كانت هذة القصص العظيمة الا للعبرة والموعظة للسلف من الناس

khaldoon
23-02-2007, 01:52 AM
بارك الله فيك اخوي السهم الذهبي على هذه القصه الرائعه

مليت
23-02-2007, 02:09 AM
جعله في ميزان حسناتك

خاربه خاربه
23-02-2007, 02:16 AM
يعطيك العافيه يارب

وقصه رائعه وربي يجعلنا من اهل الجنه:strong

الالكترونى
23-02-2007, 02:25 AM
جزاج الله خير على الرد ولكن:court: صاحب الموضوع هو السهم الذهبي 2007 وليس الشرحي


قويه هذه يالسهم الذهبى وخاصة انك تعبان بالموضوع ;) ;) ;)

ونه الم
23-02-2007, 01:22 PM
ما شاء الله
يزااك الله خير اخوي السهم وبارك الله فيك..
تسلم يدك ع القصه

السهم الذهبي 2007
23-02-2007, 06:54 PM
سبحان الله
وما كانت هذة القصص العظيمة الا للعبرة والموعظة للسلف من الناس
جزاك الله خير على المرور والرد الجميل

السهم الذهبي 2007
23-02-2007, 06:55 PM
بارك الله فيك اخوي السهم الذهبي على هذه القصه الرائعه
جزاك الله خير على الرد الجميل

السهم الذهبي 2007
23-02-2007, 06:56 PM
جعله في ميزان حسناتك
جزاج الله خير

السهم الذهبي 2007
23-02-2007, 06:56 PM
يعطيك العافيه يارب

وقصه رائعه وربي يجعلنا من اهل الجنه:strong
جزاج الله خير على الرد الجميل

السهم الذهبي 2007
23-02-2007, 06:58 PM
قويه هذه يالسهم الذهبى وخاصة انك تعبان بالموضوع ;) ;) ;)
اي والله تعبت فيه وايد لا والله ما تعبت فيه ناقله من منتدى وجزاك الله خير على التعليق الجميل

مغروور قطر
23-02-2007, 06:59 PM
بارك الله فيك اخوي ويعطيك الف عافيه

السهم الذهبي 2007
23-02-2007, 06:59 PM
ما شاء الله
يزااك الله خير اخوي السهم وبارك الله فيك..
تسلم يدك ع القصه
الله يسلمك وشكر على المرور الرائع

خفايا الروووح
24-02-2007, 02:12 AM
بارك الله فيك

وجزاك الله خير الجزاء اخوي السهم