المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبراء يدعون إلى فرض ضريبة على العمالة الوافدة وإعادة هيكلة اقتصادات دول الخليج



أبوتركي
24-02-2007, 10:36 AM
خبراء يدعون إلى فرض ضريبة على العمالة الوافدة وإعادة هيكلة اقتصادات دول الخليج

60 مليار دولار تحويلات العمال الأجانب في دول الخليج سنويا


مسقط: جهان المصري
ليست المرة الأولى التي تظهر فيها للضوء مسألة العمالة الوافدة في دول الخليج العربي، وحجم التحويلات المالية التي تخرج من هذه الدول سنويا، ولكن المتتبع للارقام والاحصائيات التي تصدر كل فترة وآخرها عن شركة ويسترن يونيون للتحويلات المالية والنقدية العالمية، لا بد من أن يتوقف عند جملة معطيات، فقد أعلنت الشركة ان حجم التحويلات المالية من قبل العمالة الوافدة في دول الخليج وصلت الى نحو 59 مليار دولار في عام 2005 وتمثل هذه النسبة نحو 24 في المائة من اجمالي التحويلات عالميا. وقالت الشركة ان السعودية وحدها استحوذت على 29 في المائة من اجمالي التحويلات من دول الخليج تليها الامارات ثم الكويت. وبهذا تحل السعودية في المرتبة الثانية عالميا من اجمالي تحويلات العمالة الوافدة التي تعمل فيها حسب احصائيات الشركة. وكان تقرير صادر عن البنك الدولي، قد اظهر ارتفاع حجم تحويلات المغتربين من دول العالم من 257 مليار دولار في عام 2005 الى 268 دولارا في عام 2006. وقال ان حجم تحويلات المغتربين من الدول النامية وحدها الى أوطانهم بلغ 199 مليار دولار في العام الماضي، مقارنة مع 188 في عام 2005. الا ان التقرير يوضح ان هذه التقديرات تشمل التحويلات الرسمية فقط، واذا ما تم احصاء التدفقات غير المسجلة عن طريق القنوات الرسمية فإن الحجم الحقيقي للتحويلات سيتضاعف مما يجعلها اكبر مصدر للتمويل الخارجي في الكثير من البلدان النامية.
ولكن يظل لهذا الموضوع حساسيته وخصوصيته في دول الخليج العربي تحديدا، ويقول المحلل الاقتصادي الدكتور حسن العالي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «اننا لو تكلمنا عن مجموع الايرادات النفطية لدى دول الخليج في العام الماضي، والتي تراوحت ما بين 350 و400 مليار دولار نجد ان نسبة 59 مليار دولار كتحويلات مالية للخارج ليست بسيطة ابدا. ولكن ما تجدر الاشارة اليه عند الحديث عن هذا الموضوع هو ان النسب المعلنة عادة ليست النسب الحقيقية للتحويلات المالية اذ تتم الكثير من عمليات تحويل الاموال بطرق لا تسمح بتوثيقها، اما عن طريق نقلها مع اشخاص او ما شابه وهكذا فباعتقادي قد يصل حجم تحويلات العمالة الوافدة او حتى قد يتجاوز المائة مليار دولار، وهذه كلفة باهظة وكبيرة، وخصوصا عندما نتكلم عن اعباء على موازنات دول الخليج وارتفاع في نسبة البطالة وغيرها من القضايا». ويرفع هذا الموضوع من جديد الحديث عن كلفة العمالة الوافدة على هذه الدول، ويذهب المحلل الاقتصادي الدكتور تقي الزيرة الى حد الدعوة الى تطبيق الضريبة على الدخل بالنسبة للعمالة الوافدة، ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «الأرقام التي تصدر عن حجم التحويلات المالية من قبل العمالة الوافدة تبين أن هذه العمالة تنفق معظم اموالها في اوطانها، وليس في الدول الموجودة فيها وربما هذا الأمر قد يحفز الحكومات على درس امكانية فرض ضرائب أو توفير فرص استثمارية قد تساعد على الاستفادة من جزء من هذه المبالغ في مشاريع استثمارية في دولنا». واضاف «تمثل هذه المبالغ تكلفة تمت الاستفادة منها من دون شك، فهي رواتب لعمالة وعقول ساهمت في تنمية اقتصاديات هذه الدول، ولكن نجد ان الانظمة الاقتصادية تتوجه بشكل عام الى فرض ضرائب على الدخل كإحدى الوسائل التي تحقق لها البقاء والرفاهية للمواطن، فيجب ان لا نقلق من خروج اموال بهذا الضخامة، بل ان نعمل لأن نعطي لها الفرصة للبقاء وتوظيفها في الداخل، وذلك لا يتم الا عن طريق توفير بيئة استثمارية مشجعة وتعزيز الشفافية ووضع قوانين عصرية وتعزيز المحاسبة والمساءلة». وفي هذا الاطار يلفت العالي، الى ان احد اسباب اعادة انتعاش السوق المالية السعودية كان السماح للمقيمين بالاستثمار فيها واضاف «هناك اتجاه لتحميل هذه العمالة جزءا من تكلفة الخدمات التي تقدم لها مثل الخدمات الصحية واعتقد انها تدريجيا ستشمل ايضا قطاعات اخرى مثل التعليم وغيره». ولكنه يعود ليطرح المسألة من منظار آخر ويقول «في النهاية لا ضير من وجود العمالة الأجنبية في دول الخليج، ولكن وفق رؤية واضحة لمستقبل التنمية تجيب عن سؤال اساسي الى اين نحن ذاهبون مستقبلا؟ ففي السبعينيات من القرن الماضي اعتمدت دول الخليج على العمالة الرخيصة لإدامة النمو الاقتصادي لديها ازاء الطفرة النفطية فظهرت وظائف باجور متدنية لا يقبل عليها المواطنون ابدا، حتى وصلنا في يومنا هذا الى وجود نوع من عدم التماشي بين المطلوب والمعروض من الوظائف. هذا الخلل يحتم علينا ان نعيد هيكلة اقتصادياتنا الخليجية بحيث توفر وظائف جيدة للمواطنين، وتفتح في الوقت نفسه السوق امام المنافسة المحلية والأجنبية، ولكن ليس على اساس الراتب الضعيف، بل على اساس الكفاءات والمهارات. فالمطلوب اذا هو رؤية تنموية شاملة طويلة الاجل». واذ تشير احصائيات شركة «ويسترن يونيون» الى ان الجالية الهندية التي تعتبر من اكبر الجاليات العاملة في الخليج بلغت حجم تحويلاتها نحو 20 مليار دولار فقد اشارت ايضا الى ان نحو 37 مليار دولار، هي تحويلات تتجه الى العالم العربي في مقدمتها مصر من ثم لبنان وتليه الأردن. وفي هذا الخصوص يقول الزيرة «يجب التأكيد على مسألة اننا ننتمي الى منطقة عربية واحدة، لها همومها المشتركة في الاقتصاد والسياسة والدين، وبالتالي فإن التحويلات المالية من والى اي بلد عربي لا تشكل هاجسا بالنسبة الى اصحاب القرارت الرسمية او الخاصة، بل هذا قد يخدم التقارب الاقتصادي الذي نسعى اليه وفتح الاسواق، ويجب علينا العمل على إعادة توجيه الاستثمارات العربية الى بلداننا». ويلفت المتابعون لهذا الموضوع الى ان العمالة العربية في النهاية تنفق اكثر من العمالة الأجنبية في الدول الموجودة فيها، وهذا يأتي بحكم الثقافة ومستوى الحياة الذي تبحث عنه.

وتبذل دول مجلس التعاون الخليجي جهودا مشتركة لتشكيل لجنة عليا بين الدول الأعضاء لوضع آليات تنفيذية لقرارات قادة دول المجلس حول كيفية الاستغناء عن العمالة الوافدة ووضع استراتيجيات التوطين. كما أن موضوع العمالة الوافدة وموضوع توطين الوظائف من الموضوعات المهمة التي بحثت وما زالت على جميع المستويات، ومن المعروف أن العمال الوافدين يشكلون الجزء الأكبر من قوة العمل في دول الخليج وهم يشغلون وظائف متنوعة تتراوح بين الوظائف المنخفضة الأجر التي تتطلب حداً أدنى من المهارات والتعليم، والمهن التي تستلزم معرفة فنية متقدمة للغاية، فضلاً عن الخبرة.

وتراوح نسبة العمالة الأجنبية في بعض دول الخليج ما بين 60 و80 في المائة من إجمالي قوة العمل. وهذا الأمر يستدعي بذل جهود إضافية لإعداد القوى العاملة الوطنية إعدادا مهنيا جيدا بحيث تسهم هذه العمالة في تنفيذ خطط التنمية، وتسهم أيضا في الحد من استقدام العمالة الوافدة فمن دون شك يؤثر وجود هذه النسبة العالية من العمالة الوافدة في فرص العمالة الوطنية وتدني الأجور، إضافة إلى تأثيرها في الاقتصاد بشكل عام. وفي هذا الاطار يقول العالي «لدى دول الخليج خطوات انفتاحية وتحريرية كبيرة ولكن أخشى من انه ليس هناك رؤية واضحة، الى اين نحن سائرون وخاصة حين تصبح العمالة الوافدة تشكل في بعض المدن اكثر من 90 في المائة من عدد المواطنين».