المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة الحرة وطريقها الى الجنة(الجزء الثاني)



خاربه خاربه
25-02-2007, 09:13 PM
فمن هذه الأمور المأمورة أنتِ بها, طاعة الزوج وقد عظّم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر إلى أن قال: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها " أخرجه جماعه وصححه الألباني[18].
يقول ابن حجر في الفتح[19] معلقاً على هذا الحديث: فقرن حق الزوج على الزوجة بحق الله، فإذا كفرت المرأة حق زوجها - وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية - كان ذلك دليلا على تهاونها بحق الله.أهـ

وجاء في الصحيح عند البخاري[20] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ".

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ[21] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ".وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه[22]: الزوج سيد في كتاب الله، وقرأ قوله تعالى: { وَٱسُتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَىٰ ٱلْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا إِلاَ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [يوسف: 25].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية[23] رحمه الله معلقاً على حديث الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هي عندكم عوان », قال رحمه الله: فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير، فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة.أهـ

وقال ابن القيم في زاد المعاد[24]: وقد سمى النبـيُّ في الحديث الصحيح المرأة عانيةً، فقال: «اتقُوا اللهَ في النساء، فَإنهُن عَوانٍ عندَكُم». والعاني: الأسير, ومرتبة الأسير خدمةُ من هو تحت يده, ولا ريب بأن النكاح رق.أهـ

وجاء في لسان العرب[25] عن معنى كلمة عوان: وفـي الـحديث اتَّقُوا اللَّهَ فـي النِّساء فإِنَّهُنَّ عندكم عَوانٍ أَي أَسْرى أَو كالأَسْرَى، واحدة العَوانـي عانِـيَةٌ، وهي الأَسيرة؛ يقول: إِنما هُنَّ عندكم بمنزلة الأَسْرى.أهـ

فطاعة الزوج هي من قبيل الابتلاء على المرأة المسلمة خصوصاً إذا كان الزوج ضعيف الدين والمروءة, أما إن كان تقياً نقياً فالأمر يسير على من يسره الله لها, وقد أوجز وأحسن الفاروق عمر رضي الله عنه حين قال[26]: النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته.
وقد صح عنه رضي الله عنه في البخاري[27] انه عرض ابنته أم المؤمنين حفصة ليزوجها بعثمان ثم أبي بكر رضي الله عنهما حتى خطبها النبي صلى الله عليه وسلم.

فاعلمي أثابكِ الله بأن الجنة محفوفة بالمكاره وقد جُبلت النفس البشرية على عدم محبة الأمر والنهي فإنها تأبى الأوامر, وقد كُلفتِ رعاك الله بطاعة زوجك وهو أمراً نبوي وهو في ظاهره بلاء وفي باطنه رحمة وخير ولكن لا يعلمه ولا يعقله إلا المؤمنات بوعد الله, لذلك يا أمة الله يجب عليك الصبر والثبات على هذا الأمر النبوي والقيام بواجبك تجاهه وخصوصاً إن كتب الله عليك زوجاً ضعيف الإيمان قليل الإحسان, فهنا يكون الامتثال للأمر ومغالبة الهوى ورد كيد الشيطان والاستغناء عن الدنيا بالآخرة أشد على النفس, إلا النفس المؤمنة الصابرة المنتظرة للمأوى, قال تعالى ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى *** فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾[النازعات:40-41]

فتيقني أنه بعد الصبر على هذا البلاء جنة عرضها السماوات والأرض, وهو ما صح عند ابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت". ثم اعلمي رحمكِ الله بأن هذه الطاعة لا تكون للزوج إلا في طاعة الله فإن أمركِ بشيء فيه معصية ربك فلا سمع ولا طاعة, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله[28]: وإذا نهاها الزوج عما أمر الله، أو أمرها بما نهى الله عنه, لم يكن لها أن تطيعه في ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».أهـ

والحذر كل الحذر يا زوجات المؤمنين من قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾[التغابن:14]
فلا تكونن عوناً للشيطان على أزواجكن ولا تكونن وأولادكن فتنة لهم في دينهم, وذلك بتقديم شهوات الدنيا على ما عند الله أو بحثهم على قطيعة رحم أو على أي عمل يغضب الله وتذكرن بأن الآخرة خيراً وأبقى, فأن كان أزواجكن مقبلين على طاعة الله, فلا تلهوهم بمشاغل الدنيا الفانية وتقفن عائقاً بينهم وبين طاعة ربهم فتكونن ممن سمى الله في هذه الآية أعيذكن بالله من ذلك.

ثم الحذر الحذر يا أمة الله أن تضعي نفسك في موضع شك أو ريبة أمام زوجك أو ولي أمرك, فالمرأة المؤمنة تجعل بينها وبين الشبهات جداراً من حديد ولا تغتر بمكانتها عند زوجها أو وليها فلن تكوني خير من الصديقة عائشة رضي الله عنها ومكانتها من النبي عليه الصلاة والسلام, فعندما وقعت المحنة في حادثة الأفك ما لبث الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أن قال لأم المؤمنين رضي الله عنها[29] : " ياعائشة إنه بلغَني عنكِ كذا وكذا، فإِن كنتِ بريئةً فَسَيُبَرِّؤكِ الله، وإن كنتِ ألممتِ بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه " فبرائها الباري سبحانه من فوق سبع سماوات, قال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ....الآيات﴾[النور:11-20].

فتستفيد المرأة الحرة من هذه الحادثة بأن لا تُعرّض نفسها للشبهات فالشيطان قد أوقع الأفك على الطاهرة بنت الصديق رضي الله عنهما, فكيف بك والفتن تحاصرك من كل مكان اليوم.
فمن أدعت بأنها تثق في نفسها ويثق أهلها أو زوجها بها فكأنما تجعل نفسها خير من أم المؤمنين رضي الله عنها ووليها خير من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فنعوذ بالله من وسواس الشياطين!!.

واحذري يا أمة الله من أن يغركِ الشيطان وأعوانه على منازعة الرجل فيما كلفه الله به من السعي في طلب الرزق لك ولمن يعول, قال سبحانه ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾[النساء:32]
فقد كرمكِ الإسلام يا أمة الرحمن بأن جعل لك من يتكفل بأمورك واحتياجاتك ونفقتك, فإن كنتِ زوجة فالزوج يكفيك ذلك والأم يكفيها أولادها والبنت يكفيها أباها وإخوانها, فلله در هذا الدين الحنيف الذي جعل المرأة ملكة مصونة ودرة مكنونه لتقر في بيتها وتنشأ أجيال الغد ليقوموا بواجب الدين والدعوة إليه.

قال تعالى ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾[الاحزاب:33]
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ }: أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة.أهـ , وقال صلى الله عليه وسلم[30]: «إِن المرأة عورة، فإِذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها »قال الترمذي حديث حسن صحيح.
وقد كن نساء المسلمين في العهد الأول لا يخرجن إلا إلى قضاء الحاجة وما شابهه ذلك حتى اتخذ المسلمون بيوت الخلاء, يقول ابن حجر رحمه الله في فتح الباري[31]: أن خروج النساء للبراز لم يستمر بل اتخذت بعد ذلك الأخليه في البيوت فاستغنين عن الخروج إلا للضرورة.أهـ

حتى أن الصلاة وهي أعظم ركن بعد الشهادتين فتكون أفضل للمرأة أن تؤديها في بيتها كما صح[32]عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال: « صَلاَةُ المَرْأَةِ في بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا في حُجْرَتِهَا، وَصَلاَتِهَا في مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا في بَيْتَهَا ».
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم منع النساء من المساجد في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال[33]: « لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات ».
تفلات أي لا ريح لهن وفي رواية[34] « وبيوتهن خير لهن » قالت عائشة رضي الله عنها: ولو رأى حالهن اليوم لمنعهن.
تقول أم المؤمنين في القرن الأول خير القرون " ولو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حالهن اليوم لمنعهن!! " فكيف بحالنا اليوم ونحن في القرن الرابع عشر والفتن تعرض عليكِ حتى وأنتِ في مخدعك يا من تقرئين وتفهمين هذه الكلام ؟؟

ومع هذا فللمرأة المسلمة الخروج في حاجتها بإذن زوجها أو وليها بقدر ما تقتضيه تلك الحاجة ولتتقِِ الله في خروجها ولا تخرج بشيء من زينتها ولتخرج تفله أي غير متعطرة وفي كامل حجابها الشرعي الذي يسترها ويقيها شر الشيطان وأعوانه من الأنس, فقد جاء الوعيد الشديد لمن كان هذا حالها فيما صح[35] عن أَبي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: " َالمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بالمَجْلِسِ، فَهِيَ كَذَا وَكَذَا، يَعْنِي زَانِيَةً " قال الترمذي حديث حسن صحيح.

ويجب عليك يا أمة الله الحذر من الإختلاط بالرجال في حالة خروجك لحاجتك سواء كان خروجاً للسوق وهو شر الأماكن عند الله أو إلى مستشفى وهي اليوم لا تقل شراً عن الأسواق والله المستعان.
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يخرجون من المسجد بعد الصلاة حتى يخرج النساء منعاً للاختلاط بينهم حتى خصص لهن الرسول عليه الصلاة والسلام باباً خاصاً بهن هو موجود إلى الآنفقد صح[36] عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لو تركنا هذا الباب للنساء " منعاً للمخالطة بينهم وبين الرجال عند الخروج من المسجد, وقد صح[37] عن ابن عمر رضي الله عنهما انه لم يدخل من هذا باب بعد أمر النبي بتخصيصه للنساء حتى مات رضي الله عنه.
وقد ذكر ابن حجر[38] رحمه الله عن إبراهيم النخعي قال: نهى عمر رضي الله عنه أن يطوف الرجال مع النساء قال فرأى رجلا معهن فضربه بالدرة.أهـ

فإن كان ولا بد من وجودكِ في مكان فيه مخالطة للرجال فعليك بمجانبتهم والالتزام بحافة الطريق كما جاء عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه رضي الله عنهما[39]: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: " استأخرن فأنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.

واحذري وفقك الله لطاعته بأن تخضعي بالقول لئلا يطمع الذي في قلبه مرض كما قال تعالى﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾[الاحزاب:32]
قال القاضي عياض[40] رحمه الله: كانت عادة العرب حديث الرجال مع النساء ولم يكن ذلك عيباً ولا ريبة عندهم، فلما نزلت آية الحجاب نهوا عن ذلك.أهـ
فيجب عليكِ وفقك الله للخير بأن تجتنبي مخاطبة الرجال,وأن اضطررتِ لذلك في مثل الهاتف فلا تخضعي وتليني لهم القول وتذكري بأنك فتنة للرجل وثالثكما الشيطان وقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: " ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ على الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ ", ثم الحذر من مخاطبتهم عن طريق الشبكة الشيطانية (الانترنت) وكم من ضحية قد وقعت في فاحشة الزنا بسبب هذه الوسيلة السهلة والميسرة وللأسف.

واحذري يا أختاه من التفريط في حجابك فهو رمز عفافك, فالمرأة المتحجبة بالحجاب الشرعي تسلم من أذى الفاسقين كما قال سبحانه مبيناً هذا المعنى من آية الحجاب ﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾[الاحزاب:59]وهذا والله مشاهد من الواقع فالمرأة المتزينة بالحجاب الشرعي الواسع الفضفاض الساتر لجميع مفاتن المرأة وبالأخص وجها وكفيها لا تجد من يتعرض لها من أهل الأذى بل لا يفكر الفاسق في أذيتها وهذه حكمة ربانية جليلة منه سبحانه الحكيم العليم.

وقد نصب دعاة الضلالة الأباطيل لنسف وجوب الحجاب على نساء المؤمنين, وهذا كله مردود بنص الآية الكريمة في سورة الأحزاب في قوله تعالى﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾يقول المفسر العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان[41]:
ومن الأدلّة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها، قوله تعالىٰ: {يأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لاِزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، فقد قال غير واحد من أهل العلم: إن معنى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}: أنهن يسترن بها جميع وجوههن,وممن قال به: ابن مسعود رضي الله عنه وغيره.أهـ

ثم رد رحمه الله على من يقول بعدم وجوب ستر الوجه بقوله[42]:
أن في الآية الكريمة قرينة واضحة على أن قوله تعالىٰ فيها: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ}، يدخل في معناه ستر وجوههنّ بإدناء جلابيبهنّ عليها، والقرينة المذكورة هي قوله تعالىٰ: {قُل لاْزْوٰجِكَ}، ووجوب احتجاب أزواجه وسترهن وجوههن، لا نزاع فيه بين المسلمين. فذكر أزواج النبي عليه الصلاة والسلام مع البنات ونساء المؤمنين يدلّ على وجوب ستر الوجوه للجميع بإدناء الجلابيب، كما ترى.أهـ

وبين رحمه الله في تفسير قوله تعالى ﴿ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ معنى الزينة المذكورة هنا بقوله[43]:
أن الزينة في لغة العرب، هي ما تتزيّن به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها: كالحلي، والحلل. وبه تعلم أن قول من قال: الزينة الظاهرة: الوجه، والكفّان خلاف ظاهر معنى لفظ الآية، وذلك قرينة على عدم صحة هذا القول، فلا يجوز الحمل عليه إلا بدليل منفصل يجب الرجوع إليه, فلفظ الزينة يكثر تكرّره في القرءان العظيم مرادًا به الزينة الخارجة عن أصل المزين بها، ولا يراد بها بعض أجزاء ذلك الشيء المزيّن بها؛ كقوله تعالىٰ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}، وقوله تعالىٰ: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلاْرْضِ زِينَةً لَّهَا}.أهـ

وقد نهاك النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالرجال والتشبه بالكافرات والفاسقات من المنتسبات للإسلام في اللباس والطباع, كما جاء في الصحيح[44] عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قالَ: « لَعَنَ النبيَّ المُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ وَالمُتَشَبِّهِينَ بالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ »
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله[45]: والمرأة المتشبهة بالرجل تكتسب من أخلاقهم، حتى يصير فيها من التبرج والبروز ومشاركة الرجال ما قد يفضي ببعضهن إلى أن تظهر بدنها كما يظهره الرجل، وتطلب أن تعلو على الرجال، كما تعلو الرجال على النساء، وتفعل من الأفعال ما ينافي الحياء.أهـ

وجاء عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قال:« مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ».قال الألباني حسن صحيح[46].
يقول ابن تيمية رحمه الله[47] : أن المشابهة في الأمور الظاهرة تورث تناسباً وتشابهاً في الأخلاق، والأعمال، ولهذا نهينا عن مشابهة الكفار، ومشابهة الأعاجم، ومشابهة الأعراب، ونهي كل من الرجال والنساء عن مشابهة الصنف الآخر.أهـ

وقد حذركن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يغويكن الشيطان اللعين بإتباعه والانضمام إلى أوليائه أصحاب السعير, فالعاقلة هي من تصون نفسها عن هذا المصير ولاسيما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن النساء أكثر أهل النار كما صح[48] الخبر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشرَ النساءِ تصدَّقنَ، فإِني رأيتُكنَّ أكثر أهل النارِ ".متفق عليه

وجاء في مسلم[49] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا. قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ. وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ. رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ. لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا. وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ".

قال شيخ الإسلام رحمه الله[50]: وقد فُسر قوله: «كاسيات عاريات» بأن تكتسي ما لا يسترها، فهي كاسية، وهي في الحقيقة عارية، مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها؛ أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، مثل عجيزتها وساعدها.أهـ

وقال القرطبي رحمه الله[51]: أنهنّ كاسيات من الثياب عارِياتٌ من لباس التّقْوَى, وهو اللائق بهنّ في هذه الأزمان، وخاصّةً الشباب، فإنهنّ يتزيّن ويخرجن متبرِّجات؛ فهن كاسيات بالثياب عاريات من التّقْوَى حقيقة، ظاهراً وباطناً، حيث تُبْدِي زينتها، ولا تبالي بمن ينظر إليها، بل ذلك مقصودهنّ، وذلك مشاهد في الوجود منهنّ، فلو كان عندهنّ شيء من التقوى لما فعلن ذلك، وقوله: «رؤوسهنّ كأسنمة البُخْت». والبُخْت ضرب من الإبل عظام الأجسام، عظام الأسنمة؛ شبه رؤوسهنّ بها لما رفعن من ضفائر شعورهنّ على أوساط رؤوسهنّ. وهذا مشاهد معلوم.أهـ

يقول النووي رحمه الله عند شرحه لهذا الحديث: هذا الحديث من معجزات النبوة فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان وفيه ذم هذين الصنفين.أهـ

وصدق النووي رحمه الله فهذا قد وقع في زمانه وزمن ابن تيميه وزمن القرطبي بل هو واقعٌ في كل زمان بعدما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وهو اليوم كثير وهذا لا ريب فيه, فما عليك يا أختاه إلا النجاة بنفسك من هذا الوعيد الشديد والمصير المحتوم باجتناب ما نهى عنه وزجر البشير النذير صلى الله عليه وسلم القائل: " «كلُّ أمتي يَدخلونَ الجنة إلا من أبى. قالوا: يا رسولَ اللَّه ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخلَ الجنة، ومن عصاني فقد أبى».

وأخيراً من أكثر ما يقع فيه نساء العالمين, آفات اللسان من الغيبة والنميمة والبهتان قال تعالى﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات:12]
وقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من اللسان وآفاته, فقد قال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل رضي الله عنه[52] : " كف عليك هذا وأشار إلى لسانه " فقال معاذ: فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به, قال عليه الصلاة والسلام: " ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " وجاء عند الإمام أحمد[53] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه,أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أكثر ما يلج به الإنسان النار الأجوفان الفم والفرج ".

فلتحذري يا أختاه من هذا الفعل المنتشر بين الناس وبين النساء أكثر, فقد تحسبينه حقير وهو عند الله عظيم كما جاء في البخاري[54] من حديث ابن عباس رضي الله عنهما،أنه قال: خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من بعض حِيطانِ المدينة، فسمعَ صوتَ إنسانَين يعذَّبان في قبورهما، فقال: " يعذَّبان، وما يعذَّبان في كبيرة، وإنه لكبير: كان أحدُهما لا يَستَتِرُ من البول، وكان الآخرُ يمشي بالنميمة ".

فالوعيد شديد يا أمة الله فاحذري وحذري من تعرفين ولا يغرنك كثرة الهالكات فقد قيل طوبى للغرباء, فمن تدبرت هذه الأحاديث وتأملت حولها ما عليه نساء العالمين اليوم من أحوال يندى لها الجبين مثل التبرج والسفور وعصيان الأزواج بل والآباء والأمهات والنميمة والغفلة عن الآخرة وقلة الدين إلا من رحم ربي, تتيقن من أن هذه الأخبار النبوية حق وصدق فلا يسعها إلا أن تنجو بنفسها من هذا الوعيد.
وختاماً اعلمي وفقك الله بأن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم المتقدمة هي بين الوعد بالجنة والوعيد بالنار, والله لا يخلف وعده ولكنه سبحانه يتجاوز عن وعيده لمن تاب من عباده وأناب وأجتنب الموبقات, فالدين هو أمرٌ ونهي وقد قال تعالى[55]﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ وقال عليه الصلاة والسلام[56]: " فإِذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتَنِبوه، وإذا أمرْتكم بشيءٍ فأتوا منه ما استطعتم ".وأسال الله العظيم مالك يوم الدين أن يجعل هذه الكلمات خالصة لوجهه الكريم ونافعة لنساء المسلمين وأن يغفر لنا ولوالدينا وأهلينا الأحياء منهم والميتين, وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.


كتبه طالباً رضى ربه
ابا طارق علي بن عمر بن عقيل
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين

سوبرقطري
25-02-2007, 10:58 PM
بارك الله فيك اختي الكريمة خاربة

خاربه خاربه
26-02-2007, 01:02 AM
بارك الله فيك اختي الكريمة خاربة



وبارك الله فيك والف شكر لمرورك الطيب

سيف قطر
26-02-2007, 06:36 PM
بارك الله فيك اختي الكريمة

خاربه خاربه
26-02-2007, 09:33 PM
بارك الله فيك اختي الكريمة



يعطيك العافيه يارب

والف شكر لمرورك الطيب

ضوى
26-02-2007, 09:38 PM
جزاج الله كل خير

خفايا الروووح
27-02-2007, 01:41 PM
بارك الله فيج وجعله ف ميزان حسناتج يارب

والله يهدينا ويهدي جميع المؤمنين

السهم الذهبي 2007
27-02-2007, 06:44 PM
جزاك الله خير

خاربه خاربه
28-02-2007, 01:01 AM
جزاج الله كل خير



وجزاج ربي الخير يارب

والف شكر لمرورج الطيب

خاربه خاربه
28-02-2007, 01:04 AM
بارك الله فيج وجعله ف ميزان حسناتج يارب

والله يهدينا ويهدي جميع المؤمنين



آمين يارب وكل الشكر لمرورج الطيب

خاربه خاربه
28-02-2007, 01:06 AM
جزاك الله خير



وجزاك ربي الجنه وكل الشكر لمرورك الطيب

( الفهد )
01-03-2007, 09:22 AM
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية[23] رحمه الله معلقاً على حديث الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هي عندكم عوان », قال رحمه الله: فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير، فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة.أهـ

وقال ابن القيم في زاد المعاد[24]: وقد سمى النبـيُّ في الحديث الصحيح المرأة عانيةً، فقال: «اتقُوا اللهَ في النساء، فَإنهُن عَوانٍ عندَكُم». والعاني: الأسير, ومرتبة الأسير خدمةُ من هو تحت يده, ولا ريب بأن النكاح رق.أهـ

كلام طيب ..شكرا لك

خاربه خاربه
04-03-2007, 10:36 PM
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية[23] رحمه الله معلقاً على حديث الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هي عندكم عوان », قال رحمه الله: فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير، فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة.أهـ

وقال ابن القيم في زاد المعاد[24]: وقد سمى النبـيُّ في الحديث الصحيح المرأة عانيةً، فقال: «اتقُوا اللهَ في النساء، فَإنهُن عَوانٍ عندَكُم». والعاني: الأسير, ومرتبة الأسير خدمةُ من هو تحت يده, ولا ريب بأن النكاح رق.أهـ

كلام طيب ..شكرا لك



العفو والف شكر لمرورك الأطيب