تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحلال بين والحرام بين



راعي التويوتا
16-07-2005, 01:17 AM
عن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

(ان الحلال بين وان الحرام بين وبينهما امور مشتبهات لايعلمهن كثير من الناس ،فمن اتقى في الشبهات

فقد استبرأ لدينه وعرضه ،ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ،كالراعي يرعى حول الحمى يوشك

أن يقع فيه. ألا وان لكل مللك حمى . ألاوان حمى الله محارمه، ألاوان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح

الجسد كله واذا فسدت فسدالجسد كله ......ألا وهي القلب )



رواه البخاري ومسلم




فوائد هذا الحديث:
1. أن الأشياء تنقسم إلى ثلاثة أقسام: حلال بيّن، حرام بيّن، مشتبه، فتجد الناس يختلفون في المشتبهات فمنهم من يحرم، ومنهم من يحلل، ومنهم من يتوقف، ومنهم من يفصّل.
مثال المشتبه: شرب الدخان كان من المشتبه في أول ظهوره، لكن تبين الآن بعد تقدم الطب، بأنه حرام، ولا إشكال عندنا في ذلك، وعلى هذا فالدخان عند أول ظهوره كان من الأمور المشتبهة ولم يكن من الأمور البينة، ثم تحقق تحريمه والمنع منه.

2. أسباب الاشتباه أربعة:
أ‌- قلة العلم: لأن واسع العلم يعرف أشياء لا يعرفها الآخرون.
ب‌- قلة الفهم: أي ضعف الفهم، وذلك بأن يكون صاحب علمٍ واسعٍ كثير، ولكنه لا يفهم.
ت‌- التقصير في التدبر: بأن لا يتعب نفسه في التدبر والبحث ومعرفة المعاني بحجة عدم لزوم ذلك.
ث‌- وهو أعظمها: سوء القصد: بأن لا يقصد الإنسان إلا نصر قوله فقط بقطع النظر عن كونه صوابًا أو خطأً، فمن هذه نيته فإنه يحرم الوصول إلى العلم، نسأل الله العافية، لأنه يقصد من العلم اتباع الهوى.
وهذا الاشتباه لا يكون على جميع الناس بدليلين: أحدهما من النص وهو قوله: (لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ) يعني كثيرًا يعلمهن،
والثاني من المعنى فلو كانت النصوص مشتبهة على جميع الناس، لم يكن القرآن بيانًا ولبقي شيء من الشريعة مجهولاً، وهذا متعذر وممتنع.

3. حكمة الله عزوجل في ذكر المشتبهات حتى يتبين من كان حريصًا على طلب العلم ومن ليس بحريص.

4. أنه لا يمكن أن يكون في الشريعة مالا يعلمه الناس كلهم، لقوله: (لاَ يعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ).

5. الحث على اتقاء الشبهات، لكن هذا مشروط بما إذا قام الدليل على الشبهة، فإذا وجد ما يوجب الاشتباه فإن الإنسان مأمور بالورع وترك المشتبه،
أما إذا لم يقم الدليل على وجود شبهة كان اتقاؤه وسواسًا وتعمقًا.
مثال ذلك:
ما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن قومًا أتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا:يا رسول الله إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال: سَمُّوْا أَنْتُمْ وَكُلُوا قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر.
فهنا هل نتّقي هذا اللحم لأنه يُخشى أنهم لم يذكروا اسم الله عليه؟
والجواب: لا نتقيه، لأنه ليس هناك ما يوجب الاتقاء، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (سَمُّوْا أَنْتُمْ وَكُلُوا) فكأن في هذا نوعًا من اللوم عليهم، كأنه عليه الصلاة والسلام يقول: ليس لكم شأن فيما يفعله غيركم، بل الشأن فيما تفعلونه أنتم، فسمّوا أنتم وكلوا.
ومن هذا ما لو قدّم إليك يهودي أو نصراني ذبيحة ذبحها، فلا تسأل أذبحتها على طريقة إسلامية أو لا، لأن هذا السؤال لا وجه له، وهو من التعمّق
فالقاعدة: أنه إذا وجد احتمال الاشتباه فهنا إن قوي قوي تركه، وإن ضعف ضعف تركه، ومتى لم يوجد احتمال أصلاً فإن تركه من التعمّق في الدين المنهي عنه.

6. أن الواقع في الشبهات واقع في الحرام، لقوله: (مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ).

7. حسن تعليم النبي عليه الصلاة والسلام، وذلك بضرب الأمثال المحسوسة لتتبين بها المعاني المعقولة، لقوله: (كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ)، وهذه هي طريقة القرآن الكريم.
هل يؤخذ من قوله: يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى إقراره بالحمى؟
والجواب: أن هذا من باب الإخبار والوقوع، ولايدل على حكم شرعي. والنبي عليه الصلاة والسلام قد يذكر الأشياء لوقوعها لا لبيان حكمها.
ولهذا أمثلة أخرى:
قول النبي عليه الصلاة والسلام: (لَتَركبُنّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) فلا يعني ذلك أن ركوبنا سنن من كان قبلنا جائز، بل هو إخبار عن الواقع.
وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأن الظعينة أي المرأة تسير من كذا إلى كذا لا تخشى إلا الله، فلا يعني هذا أنه يجوز لها أن تسافر بلا محرم، لكن هذا ضرب مثل.
إذًا نقول:
هذا الحديث لا يدل على جواز حمى الملك لأنه ضرب مثل لواقع. ولكن لا بأس أن نقول الحمى نوعان:
الأول: حمى لمصالح المسلمين، فهذا جائز،
مثاله: أن تحمي هذه الأرض من أجل أن يُركز فيها أنابيب لإخراج الماء، فهذا جائز بلا شك، أو تُحَمى أرض خصبة لدواب المسلمين، كدواب الزكاة والخيل للجهاد في سبيل الله وما أشبه ذلك.
الثاني: حمى يختصّ به الحامي، فهذا حرام، لأنه ليس له أن يختص فيما كان عامًا.
فرسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (المُسلِمُونَ شُرَكَاْءُ فِي ثَلاثَة: فِي الكَلأِ وَالمَاءِ وَالنَّارِ) رواه أبو داود والإمام أحمد.
ومثاله: إذا حماه لنفسه وبهائمه.

8. سد الذرائع، أي أن كل ذريعة توصل إلى محرم يجب أن تغلق لئلا يقع في المحرّم.
وقد جاءت به الشريعة، ومن ذلك قول الله تعالى: " وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ".
فنهى عن سبّ آلهة المشركين لأنها ذريعة إلى سبّ الله تعالى، مع أن سبّ آلهة المشركين سبٌّ بحق، وسب الله تعالى عدوٌ بغير علم.

9. أن من عادة الملوك أن يحموا، لقوله: (أَلاَ وَإِنَّ لَكُلِّ مَلِكٍ حِمىً) وقد سبق حكم ا لحمى آنفًا.

10. تأكيد الجمل بأنواع المؤكدات إذا دعت الحاجة إلى هذا، فإذا قال قائل: إن التأكيد فيه تطويل، فنقول: ولكن إذا دعت الحاجة صار من البلاغة، لقوله: ألا. .. ألا.

11. أن المدار في الصلاح والفساد على القلب، إذا صلح صلح الجسد كلّه، وإذا فسد فسد الجسد كله.
ويتفرّع على هذه الفائدة: أنه يجب العناية بالقلب أكثر من العناية بعمل الجوارح، لأن القلب عليه مدار الأعمال، والقلب هو الذي يُمتحن عليه الإنسان يوم القيامة، كما قال الله تعالى: "أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ* وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ"، وقال تعالى: "إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ* يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ"
فطهّر قلبك من الشرك والبدع والحقد على المسلمين والبغضاء، وغير ذلك من الأخلاق أو العقائد المنافية للشريعة، فإن القلب هو الأصل.

12. في الحديث ردٌّ على العصاة الذين إذا نهوا عن المعاصي قالوا: التقوى هاهنا وضرب أحدهم على صدره، فاستدل بحق على باطل، لأن الذي قال: (التَّقْوَى هَاهُنَا) هو النبي عليه الصلاة والسلام ومعناه في الحديث: إذا اتقى ما هاهنا اتّقت الجوارح، لكن هذا يقول: التقوى هاهنا يعني أنه سيعصي الله، والتقوى تكون في القلب.
والجواب عن هذا التشبيه والتلبيس سهل جدًّا بأن نقول:
لو صلح ما هاهنا، صلح ما هناك ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّه، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ).

13. أن تدبير أفعال الإنسان عائد إلى القلب، لقوله: (إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ).

سموالأخلاق
16-07-2005, 03:17 PM
http://www.w6w.net/upload/06-07-2005/w6w_20050706024003f80ca2ec.gif

abo rashid
16-07-2005, 04:07 PM
جزاك الله خير الجزاء