المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 500 مليار دولار اجمالي الفوائض المالية في المنطقة والكويت الأولى خليجياً في حجم



مغروور قطر
09-03-2007, 06:12 AM
الناتج المحلي الإجمالي في دول «التعاون» سيصل الى 725 مليار دولار بنهاية 2007
500 مليار دولار اجمالي الفوائض المالية في المنطقة والكويت الأولى خليجياً في حجم الإيرادات النفطية بـ %88 والمصروفات بـ %92
قدر خبراء اقتصاديون أن تكون الفوائض المالية الخليجية المتراكمة قد وصلت الى مستويات مرتفعة في حدود 500 مليار دولار نتيجة لادخارها جانباً كبيراً من عائداتها النفطية المحققة خلال السنوات الثلاث الماضية، كما طالبوا الحكومات الخليجية بالتخلي عن مخاوفها بعودة أسعار النفط الى الانخفاض سريعاً نظراً لقناعة الصناعة العالمية ببقاء هذه الأسعار عند مستويات مرتفعة فترة طويلة مقبلة يستوجب انفاق نسبة متزايدة من عائداتها النفطية بدلاً من ادخارها.
وأكدوا بحسب «عكاظ» السعودية أن الايرادات النفطية تمثل في المعدل %80 من اجمالي الايرادات الحكومية لهذه الدول. وتتراوح نسبة الايرادات النفطية من اجمالي الايرادات ما بين %56 للبحرين (وهي أدنى نسبة) و%88 للكويت (وهي أعلى نسبة).
كما طالبوا أيضاً بتعزيز الدور التخطيطي للميزانيات المالية لكي تلعب دوراً أكبر في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي. وطبقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، قامت حكومات دول المنطقة بانفاق أقل من %50 حتى الآن من عائداتها النفطية المتحققة منذ عام 2004، مقارنة مع %75 تم انفاقها في سنوات الطفرة النفطية في السبعينات والثمانينات.
فخلال الطفرات الماضية، أسرفت الحكومات في انفاق معظم الفوائض النفطية على التسلح والمشاريع الانشائية الكبرى التي تتطلب وجود عمالة أجنبية ضخمة وزيادة كبيرة في الاستيراد وعلى تكريس نهج اقتصاد ريعي في البلاد. ويشير تقرير لصندوق النقد الدولي إلى أن الأسعار المرتفعة للنفط قد رفعت معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي بما يفوق نسبة %75 تقريباً خلال السنوات الثلاث الماضية.

ارتفاع متوقع

كما يتوقع أن تسجل هذه المعدلات مزيداً من الصعود هذه السنة. وفقاً للأرقام المعطاة فان الناتج المحلي الاجمالي الخليجي سيصل الى حوالي 725 مليار دولار عام 2007 ما يجعل دول التعاون تتفوق على الاقتصاد الهولندي وتحتل المركز السادس عشر بين الاقتصادات الأكبر في العالم.
كما أن النمو القوي للاقتصاد قد زاد من ضغوط التضخم في بعض الدول بالمنطقة فيما ظل المتوسط الخليجي للتضخم خلال الأربعة عشر عاماً الماضية حوالي %3.4. وتوقع تقرير صندوق النقد أن تدفع عائدات النفط العالية الفوائض المالية في دول التعاون الى مستويات قياسية.
وقدر أن تصل أسعار خام برنت الى 68 دولاراً للبرميل لهذا العام ويرتفع معدل الانتاج العام 2007 الى حوالي7.16 ملايين برميل في اليوم. ويقول التقرير ان متوسط الدين الخارجي لدول التعاون قد انخفض عام 2005 بنسبة %30 ليصل الى 124 مليار دولار وهو ما يعادل %20 من مجمل الناتج المحلي الاجمالي.
وتبرز عدة تساؤلات تتركز بمجملها على مقدرة الايرادات النفطية على تحويل وضعها الايجابي الى قطاعات الاقتصاد الأخرى، أي احداث روابط تفاعلية في آليات عمل القطاعات الاقتصادية ككل. والاجابة عن التساؤل الرئيسي وما يتفرع عنه من أسئلة جانبية ـ كما يرى الخبراء ـ يصطدم في الواقع الاقتصادي الخليجي بعدة حقائق لا مجال الا التعامل معها في الوقت الحاضر.

الاقتصادات الخليجية

والحقيقة الأولى والأبرز أن الاقتصادات الخليجية لا تزال تعتبر من الاقتصادات التي يمكن وصفها ـ وفقاً للأدبيات الاقتصادية بأنها مجزأة، وهي ظاهرة عموماً معروفة خاصة في اقتصادات الدول النامية حيث يطلق على عدد كبير منها مصطلح «الاقتصاد المجزأ». وبالنسبة للحالة التي تعيشها بعض الاقتصادات الخليجية، فاننا نعتقد أن هناك سببين أساسيين يدفعان لبروز حالة «الاقتصاد المجزأ».
والسبب الأول هو أن الانفاق الحكومي وحتى في حالة ارتفاعه مع ارتفاع ايرادات النفط، فانه يذهب بشكل أساسي الى أوجه الصرف المتكررة أي الانفاق الاستهلاكي (رواتب الموظفين، الانفاق على المرافق الخدمية كالصحة والتعليم، وصيانة المرافق القائمة)، أكثر مما يذهب الى الانفاق الاستثماري. أي أن زيادة الايرادات النفطية تصب في تقليص العجز في الموازنة الحكومية.
وصحيح أنها تتيح تمويل عدد من المشروعات الجديدة الا أن حجمها وديمومتها لا يكفيان لوحدهما لتحريك النشاط في القطاعات الأخرى. أما السبب الثاني، فانه حتى في حالة حصول القطاع الخاص على ايرادات أعلى من مشروعاته الممولة حكومياً، فان معظم هذه الايرادات ليعاد تدويرها ضمن عجلة الاقتصاد الوطني وهنا نواجه قصور القطاع الخاص عن أداء دوره التنموي والمفترض.
فمعظم الايرادات التي يحصل عليها اما أن تذهب على شكل ودائع مجمدة لدى البنوك أو استثمارات خارج البلاد. كما أن جزءاً كبيراً من انفاق القطاع الخاص يذهب على شكل رواتب وأجور للعمالة الأجنبية التي تقوم بتحويل الجزء الأعظم منها الى بلدانها في الخارج. وبالتالي فان هناك ما يشبه الثقوب الكبيرة في خارطة الاقتصاد الوطني الذي تحول قطاعاته الى أشلاء غير متكاملة وغير متفاعلة مع بعضها.

الاقتصاد المجزأ

ان حالة «الاقتصاد المجزأ» تسمح بتنمية قطاعات معينة دون غيرها، تلك القطاعات التي تؤدي خدمات وأغراضاً معينة وترتبط بأهداف وتوجهات محددة، الا ان هذا النمط من التنمية لا يساعد على تطور الاقتصاد بالصورة الصحيحة. واهم نقطة ضعف فيه هو أن القيمة المضافة المولدة ضمن الاقتصاد لا يعاد تدويرها فيه أي أن التراكم الرأسمالي يكون ضعيفاً فيه مما يقلل من فرص تحقيق معدلات جيدة للنمو الاقتصادي.
أما في جانب المصروفات، فان المصروفات المتكررة التي تذهب للمرافق العامة على هيئة رواتب ومصروفات صيانة ومدفوعات الديون المتراكمة فانها تبلغ في المعدل %87 من أجمالي مصروفات الميزانيات الحكومية. وتتراوح هذه النسبة ما بين %78 لسلطنة عمان (وهي أدنى نسبة) و%92 للكويت (وهي أعلى نسبة).
والحقيقة الثالثة الجديرة بالتنويه هنا، أن تأثير قطاع انتاج النفط الخام غير المباشر، من خلال الدور الذي تقوم به الميزانيات العامة، المعتمدة بدورها على ريعه، أكبر كثيراً ـ كما سبقت الاشارة ـ من الدور الذي يقوم به قطاع انتاج وتصدير النفط الخام مباشرة في تحريك الاقتصاد.
وبذلك فان الميزانيات العامة في الدول التي طال اعتمادها على ريع النفط الخام، ليست مجرد أداة من أدوات السياسة المالية يعول عليها في ضبط الاقتصاد وتوجيه النشاطات، وانما هي المرتكز الذي تبدأ منه حركة النشاطات الاقتصادية وتعتمد عليه الدورة الاقتصادية.
ان الميزانيات العامة في دول المنطقة هي الوعاء الذي تصب فيه عائدات النفط، ثم يتم من خلالها اعادة توزيع عائدات النفط. وقد زاد عبر الزمن اعتماد الاقتصاد والمجتمع على حجم ونمط الانفاق الذي وفرته الميزانية العامة، من خلال قنوات وسياسات الانفاق العام بفضل استمرار تدفق ريع النفط الخام وتصاعد عائدات الحكومة من النفط.
وقد قامت الميزانيات العامة بالدور الذي كان يجب أن تقوم به مشروعات الانتاج المباشر، بل ان معظم مشروعات الانتاج السلعي والخدمي، باستثناء انتاج النفط قد اعتمد على دعم مباشر وغير مباشر من ميزانية الدولة. ولولا هذا الدعم لما قامت لأغلب المشروعات الصناعية الصغيرة والمقاولات والمشروعات الزراعية والصيد والمشروعات التجارية والخدمية قائمة.
بل ان استمرار أغلب هذه المشروعات اليوم مرهون باستمرار تدفق الدعم المباشر وغير المباشر من خلال الميزانية العامة.من هنا يتبين ـ كما يقر الخبراء ـ اختلاف وظائف الميزانية العامة في دول المنطقة، عن وظائف الميزانية العامة التخطيطية والرقابية المتعارف عليها في غيرها من الدول غير الريعية.

الميزانيات العامة

فالميزانية العامة في الدول النفطية مسؤولة بشكل مباشر عن استمرار توفير فرص العمل لقوة العمل المواطنة، وهي مسؤولة عن توليد الدخول وتوفير فائض للاستثمار. وهي المسؤولة أيضاً عن المحافظة على حجم الانفاق الذي يتطلبه قيام آلة الدولة بوظائفها.
هذا الى جانب المسؤولية التي ترتبت عليها تجاه المحافظة على مستويات المعيشة، والتي لا تعتمد على ارتفاع الانتاجية في المجتمع وانما تمكنت الميزانية من توفيرها بفضل تدفق ريع الزيت الخام.ويخلص هؤلاء الى القول ان الميزانية العامة في دول المنطقة التي طال اعتمادها على ريع النفط الخام تواجه اشكاليات حقيقية معقدة في تحقيق وظائفها التخطيطية والرقابية.
وليس مجرد مشكلة ادارية أو فنية، أو أزمة من الممكن حلها ضمن اطار الواقع الاقتصادي والاجتماعي الراهن ومعطياته. ولعل وجود تلك الاشكاليات قد حد من خيارات الدولة في اعادة هيكلة هذه الميزانيات وتوظيفها توظيفاً عقلانياً يمكنها من تحقيق أهدافها المرجوة.
كما قيد من حركتها لمواجهة العجز المستمر في الميزانيات العامة، مرجئة بذلك القرارات الصعبة المتعلقة باصلاح الميزانية واخضاع النفقات لمعايير الجدوى الى أجل ـ يرى الكثير من الخبراء والمسؤولين ـ أنه حان أجله نظراً لتوقعات استمرار ارتفاع أسعار النفط لعدة سنوات مقبلة.


تاريخ النشر: الجمعة 9/3/2007