مغروور قطر
12-03-2007, 06:18 AM
محافظ «المركزي الأردني» السابق يدعو لإعادة النظر بربط الدينار بالدولار
عمان -الوطن الاقتصادي -يوسف ضمرة
دعا محافظ البنك المركزي الأردني السابق الدكتور محمد سعيد النابلسي إلى دراسة أثر ربط الدينار بالدولار والتي انتهجها «المركزي الأردني»إبان توليه تلك السياسة، مؤكدا أن الدوافع التي دعت للربط اختلفت حاليا، إذ كانت بهدف وضع حد للإشاعات التي كانت تطلق في منتصف التسعينيات حول تخفيض قيمة الدينار، وخصوصا أنها تزامنت عقب الأزمة المالية والنقدية التي تعرضت لها المملكة في عام 1989.
وفي عام 1989 التحق النابلسي للمرة الثانية كمحافظ للبنك المركزي الأردني بعد أن غادره قرابة أربع سنوات من 1973-1985، لتولي مسؤوليات جديدة في الأمم المتحدة خلال السنوات 1985-1989، عمل خلالها كرئيس تنفيذي لمنظمة الأسكوا في بغداد، إذ أنه تلقى كتابا من جلالة المغفور له الملك الحسين، عند إعادة تعيينه إبان الأزمة المالية والنقدية التي عصفت بالمملكة، ليكون قد امضى 19 عاما كمحافظ للمركزي على فترتين.
وأشار إلى أن صندوق النقد الدولي أشاد بتلك السياسة منذ عام 1995 وحتى بداية القرن الجديد لأن النتائج المتحققة من ذلك كانت جيدة، غير أن تراجع الدولار منذ بداية القرن بسرعة أمام العملات الرئيسية فتح المجال لإعادة النظر في ذلك، وكذلك لدى العديد من البنوك المركزية في كثير من الدول لانعكاساتها السلبية.
وقال النابلسي «الأردن، رغم الاستفادة من ربط الدينار بالدولار، لكن الآن من الناحية النظرية أصبح من الضروري التفكير مجددا بالإبقاء على ذلك، أو إعادة النظر بحيث يربط الدولار بسلة من العملات الرئيسية العالمية».
وزاد «إن أهم الظروف التي تقتضي إعادة النظر في ذلك أولا: العبء الجديد على ميزان المدفوعات الأردني، نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالميا، وثانيا: الانخفاض في المساعدات الدولية للمملكة عما كانت عليه في التسعينيات».
وأظهرت أرقام دائرة الإحصاءات العامة، بالنسبة للعجز في الميزان التجاري والذي يمثل الفرق الناتج عن طرح قيمة المستوردات من قيمة اجمالي الصادرات فقد وصل إلى 4453 مليون دينارخلال عام 2006 مقابل 4393 مليون دينار خلال عام 2005 مرتفعا بنسبة مقدارها 1.3 %، عما كان عليه خلال عام 2005، ورغم هذا الارتفاع في العجز فقد ارتفعت تغطية الصادرات للمستوردات من 41 % خلال عـــــام 2005 إلى 45.1 % خلال عام 2006.
وكانت أهم السلع المستوردة خلال عام 2006، مادة البترول الخام حيث احتلت المرتبة الأولى بقيمة 1434 مليون دينار أو ما نسبته 17.7 % من اجمالي المستوردات، بحسب بيانات الاحصاءات.
وقال «على الرغم من ارتفاع احتياطات المملكة من العملات الأجنبية، غير أن استمرار الضغوط عليها مستقبلا من ميزان المدفوعات والتضخم، بحاجة إلى مراقبة حثيثة وعمل دراسات لتوضيح كافة الأمور».
وردا على سؤال لـ «الوطن الاقتصادي» حول إرجاع بعض المراقبين ربط الدينار بالدولار نتيجة قرارات سياسية قال النابلسي «ان هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، لأن من يظن أن الولايات المتحدة تتدخل في سياسة المركزي الأردني فهو مخطئ».
وحول استمرار المركزي الأردني في سياسة الإغلاق أمام فتح باب التراخيص لمصارف جديدة قال النابلسي «أنا أميل الى استمرار سياسة الاغلاق تجاه فتح شركات مصرفية جديدة، لكن الباب مفتوحا أمام الاستثمار في مصارف قائمة، وكذلك ان المملكة تتعامل بالمثل مع البلدان الأخرى لفتح مصارف كبرى لها فروع في المملكة، كما هو الحال مع البنوك اللبنانية والكويتية».
وعاد النابلسي ليقول « إن إنشاء مصارف جديدة برخصة أردنية أعتقد التوقف عنه هو إجراء حكيم».
وتقدر المديونية العامة للمملكة بشقيها الداخلي والخارجي 7.2 بليون دينار تمثل مانسبته 73% من الناتج المحلي المقدر لعام 2006، شكلت المديونية الخارجية مانسبته 52.5% من الناتج المحلي أو ما مقداره نحو 5.2 بليون دينار، بحسب بيانات المالية العامة.
وحول مطالبات بعض الاقتصاديين بضرورة النظر الى الرقم المطلق للمديونية بدلا من الناتج المحلي الاجمالي قال النابلسي «المتعارف عليه دوليا أن نسبة الدين الى الناتج المحلي هو المقياس، والمديونية هي عبء كبير على الموازنة الأردنية وبالتالي عند المقارنة كرقم مطلق مع أرقام المديونية في 1989، نرى أنها ارتفعت وبالتالي خدمة الدين تشكل أيضا عبئا ضخما على الموازنة يصل هذا عام الى 800 مليون دولار أو مايعادل 600 مليون دينار، سيستمر حتى 7 سنوات مقبلة».
واشار النابلسي الى أن فترة الأزمة تفاقم فيها حجم الدين العام الخارجي والداخلي تفاقما خطيرا -ومذهلا-خلال سنتي الأزمة، أي خلال العامين 1988 و1999، وإن كان هذا التفاقم قد بدأ عمليا من أوائل الثمانينيات.
وزاد «بالنسبة للدين العام الداخلي، وهو الجزء الأقل أهمية من مجموع حجم الدين العام الاردني، فبلغ رصيده في نهاية عام 1989، بحسب تقرير البنك المركزي 1989 ما يناهز 995 مليون دينار مسجلا بذلك زيادة نسبتها 79%، مقابل زيادة حادة جدا في هذا الدين في أواخر عام 1988 قاربت ما يناهز 47.9%، وورد في تقرير المركزي أن هذه الزيادة مردها الى رصيد السلف الاستثنائية المقدمة للحكومة من البنك المركزي عام 1988، ليبلغ رصيدها في نهاية عام 399.3 مليون دينار مقابل 310.4 مليون دينار في نهاية عام 1987، وهي نسب ليس لها نظير في من بداية تسجيل أرقام الدين العام الداخلي عام 1972».
وقال «أما بالنسبة للدين العام الخارجي فقد كان المكون الأكبر بالنسبة للدين العام الأردني إذ بلغ في نهاية 1988من 1726.5 مليون دينار الى 3.863 مليون دينار، وارتفعت نسبة هذا الدين من 77% من الناتج المحلي الاجمالي الى 100% من الناتج المحلي».
واشار الى أنه تم تدوينها بعد التصنيف بل وارتفعت هذه النسبة باعادة الحساب على اساس قيمة الدينار الجديدة التي سجلت عام 1989 الى 158% وفي نهاية 1989 واذا اضفنا الارتفاع الحاصل في ارقام الدين العام الداخلي الى الارتفاع الحاصل في الدين العام الخارجي فان المنيجة الكلية عام 1998 ستصبح بالنسبة لحجم الدين العام الخارجي والداخلي نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي 178%.
الأزمة المالية والنقدية للأردن
وعن الأزمة المالية والنقدية قال النابلسي والذي يسجل التاريخ المعاصر للاقتصاد الوطني « بين النصف الأول من عام 1988 وحتى نهاية 1990، عصفت بالمملكة أزمة مالية ومصرفية عاتية، تداخلت فيها المسببات والنتائج والآثار في كل من نطاق الدولة المالي، والنقد الوطني (قيمة الدينار الأردني)، وجهاز الممكلة المصرفي.
واعتبر النابلسي الأزمة المالية والنقدية بأنها احتلت مكانا فريدا بين الأزمات المالية التي واجهتها المملكة ، إذ لم تماثلها أي أزمة أو مشكلة مالية أخرى واجهت المملكة منذ أن نالت الاستقلال السياسي، بعد استبعاده الازمة الاقتصادية والمصرفية التي نجمت عن احتلال الضفة الغربية عام 1967، نظرا لما سببته أزمة 1989/1990 من نتائج مدمرة طالت بنتائجها سائر قطاعات البلاد الاقتصادية والاجتماعية، واصفا تلك الفترة «بأنها زلزال مالي ومصرفي أدى الى نتائج أولية، وهزات ثانوية».
وعن النتائج التي تمثلت في أعقاب الازمة قال «تكريس مشكلة الديون الخارجية الأردنية، وتركيزها كمشكلة لايزال الأردن يعيش آثارها حتى يومنا الحالي، وفقدان العملة الوطنية مايزيد على نصف قيمتها، بهبوط الدينار ما يزيد عن 50%، من قيمته تجاه العملات الأجنبية الدولية الرئيسية وانكشاف وجود حلقات ضعيفة في عمل الجهاز المصرفي وثغرات خطيرة في مصداقيته، وكذلك تهديد الاستقرار المالي والنقدي والمصرفي الذي ساد الاقتصاد الاردني زهاء ثلاثة عقود».
وعن آثار الهزات المالية الثانوية كما يقسمها النابلسي قال « الهزات الثانوية التي صاحبت الزلزال المالي الأولي فقد شملت، بشكل عنيف سائر قطاعات المجتمع الاردني، ولاسيما الشرائح والمؤسسات الدولية، إذ أن المركزي الأردني الذي فقد كل دولار أو جنيه من العملات الأجنبية التي كانت تشكل احتياطياته الرسمية للنقد الاردني، ومن ثم فقدانه السيطرة النقدية والقدرة على دعم سعر صرف الدينار، مما أدى الى فقدان العملات الأجنبية من الأسواق المحلية وتداولها، في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.
واشار الى أن « المركزي» وصل من الناحية العملية الى موقف لايحسد عليه على الاطلاق، من حيث أن احتياطي العملة الاجنبية كان قد بلغ أدنى مستوى له في تاريخه، في نهاية عام 1988، إذ وصل الاحتياطي غير الصافي الى 51.9 مليون دينار، وبعد تنزيل ماتمتلكه البنوك المرخصة، التي كانت «قدمت» الى المركزي بعض الودائع لتعزيز احتياطيه، فإن المبلغ الذي يمتلكه فعلا من الاحتياطي كان سالباً بمبلغ 111.5 مليون دينار».
وزاد «خزينة الدولة، التي تعرضت لعجز مالي فادح بالعملة المحلية، ومن ثم فقدان قدرتها على تسديد التزاماتها الخارجية بالعملات الخارجية الاجنبية، وبالتالي التوقف عن تسديد هذه الالتزامات وطلب اعادة جدولتها وشرائح من قطاع رجال الأعمال والمستثمرين عامة، وجدوا أنفسهم فجأة أمام مشكلة الارتفاع غير المنتظر في تكاليف إقامة المشاريع الجديدة والاستثمار فيها، من جهة، ومشكلة ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة التي باتت تهدد قدرتهم التنافسية أمام المنتجات المستوردة، من جهة أخرى .
واكد أن من أهم الأمور أيضا كانت الآثار الثانوية أشد وطأة على المستهلك الأردني والطبقات ذات الدخل المحدود التي واجهت مشكلة تضخمية شرسة، أدت الى رفع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية بنسب متفاقمة لم تشهد البلاد نظيرا لها منذ عقد السبعينيات، جعلت تكاليف معيشة الطبقات الفقيرة والمتوسطة فوق مستوى دخولها المتآكلة».
يذكر أن الاختلال الحاد في استقرار سعر صرف الدينار الأردني، وارتفاع سعر الدولار الأميركي أمام الدينار، إلى ضعف القيمة السائدة حينها تم خلال بضعة أشهر فقط.
وعن الآثار التضخمية لانهيار سعر الصرف والانعكاس على تكاليف المعيشة قال النابلسي «إن الهبوط كان حادا لقيمة الدينار بنسبة تزيد عن 50%، أنتج فورا انعكاسات على مجمل الاقتصاد القومي، بصورة عامة، وعلى تطورات الأسعار للسلع والخدمات، وبالتالي رفع تكاليف معيشة المواطنين، بصورة مفاجئة وجذرية، وبالنظر لمستويات الأسعار والرقم القياسي عام لتكاليف المعيشة الذي أعيد تنظيمه في نهاية عام 1992 بحيث يكون عام الأساس هو عام 1992(1992= 100) فإن من الملاحظ أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة تراوح بين (50.9) و(50.1) نقطة، أي أن ارتفاع تكاليف المعيشة خلال هذه المدة كان يعادل 1.25% سنويا بالمتوسط، في حين ان متوسط الارتفاع في الرقم القياسي لتكاليف المعيشة للسنوات الأربع 1989-1992 كان يقارب 11% سنويا تقريبا».
إغلاق محلات الصرافة
وقال النابلسي «في معرض بحث السلطة النقدية للبنك المركزي الاردني، بالتعاون مع السلطات الحكومية المختصة كوزارة المالية والسلطات المصرفية ممثلة بالبنوك، عن مسببات الأزمة التي عصفت بسعر صرف الدينار، والتي تمثلت في ارتفاع سعر الدولار الاميركي من (420) فلسا تقريبا الى (650) فلسا تقريبا بتاريخ 8/2/1989، اتجهت الآراء الى أن المسبب الرئيسي هو مضاربات الصرافيين في السوق الحرة».
غير أن النابلسي يرى «أن هذا التحليل يتجاهل المسببات الرئيسية، وهي الاختلالات المالية السائدة حينذاك، وقبل ذلك، فضلا عما أفرزته هذه الاختلالات من ديون خارجية ضاغطة على احتياطيات البلاد من العملات الاجنبية، ومن ندرة العملة الاجنبية بشكل عام»وهذا ما وثقه في كتابه «الأزمة المالية المزدوجة».
ويتابع الدكتور النابلسي في تحليله «في غمرة الأحداث التي اجتاحت البلاد، يبدو أن الجهات الرسمية اتجهت للبحث عن فريسة سهلة تلصق بها مسؤولية تدهور أسعار الصرف، وهذا في اعتقادنا الجازم ما هو إلا جزء زهيد من المشكلة، ولايعني بالضرورة أن الصرافيين لم يشاركوا في دفع سعر صرف الدولار الاميركي الى أعلى، فالواقع يشير الى أنهم حاولوا الاستفادة من فرصة سانحة من خلال الاقدام على التوسع في عمليات المضاربة التي استندت الى تنبئهم باتجاه سعر صرف الدينار الى الانخفاض».
وعن الأزمة المصرفية قال النابلسي «ظهر جليا وواضحا، منذ النصف الثاني من عام 1988، وخلال النصف الأول من عام 1989، أن الجهاز المصرفي الاردني يتعرض، من خلال مصرفين هما بنك البتراء وبنك الأردن والخليج، الى أزمة ملاءة وسيولة اذ تبدى أن البنكي حاولا أن يحصلا على ودائع من القطاعين العام والخاص مقابل معدلات فائدة أعلى مما يمنحه السوق اجمالا، علما بأن موجودات كل من بنك البتراء والاردن والخليج تشكلان مانسبته 14.5% من أصل اجمالي موجودات الجهاز المصرفي حينها».
عمان -الوطن الاقتصادي -يوسف ضمرة
دعا محافظ البنك المركزي الأردني السابق الدكتور محمد سعيد النابلسي إلى دراسة أثر ربط الدينار بالدولار والتي انتهجها «المركزي الأردني»إبان توليه تلك السياسة، مؤكدا أن الدوافع التي دعت للربط اختلفت حاليا، إذ كانت بهدف وضع حد للإشاعات التي كانت تطلق في منتصف التسعينيات حول تخفيض قيمة الدينار، وخصوصا أنها تزامنت عقب الأزمة المالية والنقدية التي تعرضت لها المملكة في عام 1989.
وفي عام 1989 التحق النابلسي للمرة الثانية كمحافظ للبنك المركزي الأردني بعد أن غادره قرابة أربع سنوات من 1973-1985، لتولي مسؤوليات جديدة في الأمم المتحدة خلال السنوات 1985-1989، عمل خلالها كرئيس تنفيذي لمنظمة الأسكوا في بغداد، إذ أنه تلقى كتابا من جلالة المغفور له الملك الحسين، عند إعادة تعيينه إبان الأزمة المالية والنقدية التي عصفت بالمملكة، ليكون قد امضى 19 عاما كمحافظ للمركزي على فترتين.
وأشار إلى أن صندوق النقد الدولي أشاد بتلك السياسة منذ عام 1995 وحتى بداية القرن الجديد لأن النتائج المتحققة من ذلك كانت جيدة، غير أن تراجع الدولار منذ بداية القرن بسرعة أمام العملات الرئيسية فتح المجال لإعادة النظر في ذلك، وكذلك لدى العديد من البنوك المركزية في كثير من الدول لانعكاساتها السلبية.
وقال النابلسي «الأردن، رغم الاستفادة من ربط الدينار بالدولار، لكن الآن من الناحية النظرية أصبح من الضروري التفكير مجددا بالإبقاء على ذلك، أو إعادة النظر بحيث يربط الدولار بسلة من العملات الرئيسية العالمية».
وزاد «إن أهم الظروف التي تقتضي إعادة النظر في ذلك أولا: العبء الجديد على ميزان المدفوعات الأردني، نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالميا، وثانيا: الانخفاض في المساعدات الدولية للمملكة عما كانت عليه في التسعينيات».
وأظهرت أرقام دائرة الإحصاءات العامة، بالنسبة للعجز في الميزان التجاري والذي يمثل الفرق الناتج عن طرح قيمة المستوردات من قيمة اجمالي الصادرات فقد وصل إلى 4453 مليون دينارخلال عام 2006 مقابل 4393 مليون دينار خلال عام 2005 مرتفعا بنسبة مقدارها 1.3 %، عما كان عليه خلال عام 2005، ورغم هذا الارتفاع في العجز فقد ارتفعت تغطية الصادرات للمستوردات من 41 % خلال عـــــام 2005 إلى 45.1 % خلال عام 2006.
وكانت أهم السلع المستوردة خلال عام 2006، مادة البترول الخام حيث احتلت المرتبة الأولى بقيمة 1434 مليون دينار أو ما نسبته 17.7 % من اجمالي المستوردات، بحسب بيانات الاحصاءات.
وقال «على الرغم من ارتفاع احتياطات المملكة من العملات الأجنبية، غير أن استمرار الضغوط عليها مستقبلا من ميزان المدفوعات والتضخم، بحاجة إلى مراقبة حثيثة وعمل دراسات لتوضيح كافة الأمور».
وردا على سؤال لـ «الوطن الاقتصادي» حول إرجاع بعض المراقبين ربط الدينار بالدولار نتيجة قرارات سياسية قال النابلسي «ان هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، لأن من يظن أن الولايات المتحدة تتدخل في سياسة المركزي الأردني فهو مخطئ».
وحول استمرار المركزي الأردني في سياسة الإغلاق أمام فتح باب التراخيص لمصارف جديدة قال النابلسي «أنا أميل الى استمرار سياسة الاغلاق تجاه فتح شركات مصرفية جديدة، لكن الباب مفتوحا أمام الاستثمار في مصارف قائمة، وكذلك ان المملكة تتعامل بالمثل مع البلدان الأخرى لفتح مصارف كبرى لها فروع في المملكة، كما هو الحال مع البنوك اللبنانية والكويتية».
وعاد النابلسي ليقول « إن إنشاء مصارف جديدة برخصة أردنية أعتقد التوقف عنه هو إجراء حكيم».
وتقدر المديونية العامة للمملكة بشقيها الداخلي والخارجي 7.2 بليون دينار تمثل مانسبته 73% من الناتج المحلي المقدر لعام 2006، شكلت المديونية الخارجية مانسبته 52.5% من الناتج المحلي أو ما مقداره نحو 5.2 بليون دينار، بحسب بيانات المالية العامة.
وحول مطالبات بعض الاقتصاديين بضرورة النظر الى الرقم المطلق للمديونية بدلا من الناتج المحلي الاجمالي قال النابلسي «المتعارف عليه دوليا أن نسبة الدين الى الناتج المحلي هو المقياس، والمديونية هي عبء كبير على الموازنة الأردنية وبالتالي عند المقارنة كرقم مطلق مع أرقام المديونية في 1989، نرى أنها ارتفعت وبالتالي خدمة الدين تشكل أيضا عبئا ضخما على الموازنة يصل هذا عام الى 800 مليون دولار أو مايعادل 600 مليون دينار، سيستمر حتى 7 سنوات مقبلة».
واشار النابلسي الى أن فترة الأزمة تفاقم فيها حجم الدين العام الخارجي والداخلي تفاقما خطيرا -ومذهلا-خلال سنتي الأزمة، أي خلال العامين 1988 و1999، وإن كان هذا التفاقم قد بدأ عمليا من أوائل الثمانينيات.
وزاد «بالنسبة للدين العام الداخلي، وهو الجزء الأقل أهمية من مجموع حجم الدين العام الاردني، فبلغ رصيده في نهاية عام 1989، بحسب تقرير البنك المركزي 1989 ما يناهز 995 مليون دينار مسجلا بذلك زيادة نسبتها 79%، مقابل زيادة حادة جدا في هذا الدين في أواخر عام 1988 قاربت ما يناهز 47.9%، وورد في تقرير المركزي أن هذه الزيادة مردها الى رصيد السلف الاستثنائية المقدمة للحكومة من البنك المركزي عام 1988، ليبلغ رصيدها في نهاية عام 399.3 مليون دينار مقابل 310.4 مليون دينار في نهاية عام 1987، وهي نسب ليس لها نظير في من بداية تسجيل أرقام الدين العام الداخلي عام 1972».
وقال «أما بالنسبة للدين العام الخارجي فقد كان المكون الأكبر بالنسبة للدين العام الأردني إذ بلغ في نهاية 1988من 1726.5 مليون دينار الى 3.863 مليون دينار، وارتفعت نسبة هذا الدين من 77% من الناتج المحلي الاجمالي الى 100% من الناتج المحلي».
واشار الى أنه تم تدوينها بعد التصنيف بل وارتفعت هذه النسبة باعادة الحساب على اساس قيمة الدينار الجديدة التي سجلت عام 1989 الى 158% وفي نهاية 1989 واذا اضفنا الارتفاع الحاصل في ارقام الدين العام الداخلي الى الارتفاع الحاصل في الدين العام الخارجي فان المنيجة الكلية عام 1998 ستصبح بالنسبة لحجم الدين العام الخارجي والداخلي نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي 178%.
الأزمة المالية والنقدية للأردن
وعن الأزمة المالية والنقدية قال النابلسي والذي يسجل التاريخ المعاصر للاقتصاد الوطني « بين النصف الأول من عام 1988 وحتى نهاية 1990، عصفت بالمملكة أزمة مالية ومصرفية عاتية، تداخلت فيها المسببات والنتائج والآثار في كل من نطاق الدولة المالي، والنقد الوطني (قيمة الدينار الأردني)، وجهاز الممكلة المصرفي.
واعتبر النابلسي الأزمة المالية والنقدية بأنها احتلت مكانا فريدا بين الأزمات المالية التي واجهتها المملكة ، إذ لم تماثلها أي أزمة أو مشكلة مالية أخرى واجهت المملكة منذ أن نالت الاستقلال السياسي، بعد استبعاده الازمة الاقتصادية والمصرفية التي نجمت عن احتلال الضفة الغربية عام 1967، نظرا لما سببته أزمة 1989/1990 من نتائج مدمرة طالت بنتائجها سائر قطاعات البلاد الاقتصادية والاجتماعية، واصفا تلك الفترة «بأنها زلزال مالي ومصرفي أدى الى نتائج أولية، وهزات ثانوية».
وعن النتائج التي تمثلت في أعقاب الازمة قال «تكريس مشكلة الديون الخارجية الأردنية، وتركيزها كمشكلة لايزال الأردن يعيش آثارها حتى يومنا الحالي، وفقدان العملة الوطنية مايزيد على نصف قيمتها، بهبوط الدينار ما يزيد عن 50%، من قيمته تجاه العملات الأجنبية الدولية الرئيسية وانكشاف وجود حلقات ضعيفة في عمل الجهاز المصرفي وثغرات خطيرة في مصداقيته، وكذلك تهديد الاستقرار المالي والنقدي والمصرفي الذي ساد الاقتصاد الاردني زهاء ثلاثة عقود».
وعن آثار الهزات المالية الثانوية كما يقسمها النابلسي قال « الهزات الثانوية التي صاحبت الزلزال المالي الأولي فقد شملت، بشكل عنيف سائر قطاعات المجتمع الاردني، ولاسيما الشرائح والمؤسسات الدولية، إذ أن المركزي الأردني الذي فقد كل دولار أو جنيه من العملات الأجنبية التي كانت تشكل احتياطياته الرسمية للنقد الاردني، ومن ثم فقدانه السيطرة النقدية والقدرة على دعم سعر صرف الدينار، مما أدى الى فقدان العملات الأجنبية من الأسواق المحلية وتداولها، في السوق السوداء بأسعار مضاعفة.
واشار الى أن « المركزي» وصل من الناحية العملية الى موقف لايحسد عليه على الاطلاق، من حيث أن احتياطي العملة الاجنبية كان قد بلغ أدنى مستوى له في تاريخه، في نهاية عام 1988، إذ وصل الاحتياطي غير الصافي الى 51.9 مليون دينار، وبعد تنزيل ماتمتلكه البنوك المرخصة، التي كانت «قدمت» الى المركزي بعض الودائع لتعزيز احتياطيه، فإن المبلغ الذي يمتلكه فعلا من الاحتياطي كان سالباً بمبلغ 111.5 مليون دينار».
وزاد «خزينة الدولة، التي تعرضت لعجز مالي فادح بالعملة المحلية، ومن ثم فقدان قدرتها على تسديد التزاماتها الخارجية بالعملات الخارجية الاجنبية، وبالتالي التوقف عن تسديد هذه الالتزامات وطلب اعادة جدولتها وشرائح من قطاع رجال الأعمال والمستثمرين عامة، وجدوا أنفسهم فجأة أمام مشكلة الارتفاع غير المنتظر في تكاليف إقامة المشاريع الجديدة والاستثمار فيها، من جهة، ومشكلة ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة التي باتت تهدد قدرتهم التنافسية أمام المنتجات المستوردة، من جهة أخرى .
واكد أن من أهم الأمور أيضا كانت الآثار الثانوية أشد وطأة على المستهلك الأردني والطبقات ذات الدخل المحدود التي واجهت مشكلة تضخمية شرسة، أدت الى رفع أسعار السلع والمواد الاستهلاكية بنسب متفاقمة لم تشهد البلاد نظيرا لها منذ عقد السبعينيات، جعلت تكاليف معيشة الطبقات الفقيرة والمتوسطة فوق مستوى دخولها المتآكلة».
يذكر أن الاختلال الحاد في استقرار سعر صرف الدينار الأردني، وارتفاع سعر الدولار الأميركي أمام الدينار، إلى ضعف القيمة السائدة حينها تم خلال بضعة أشهر فقط.
وعن الآثار التضخمية لانهيار سعر الصرف والانعكاس على تكاليف المعيشة قال النابلسي «إن الهبوط كان حادا لقيمة الدينار بنسبة تزيد عن 50%، أنتج فورا انعكاسات على مجمل الاقتصاد القومي، بصورة عامة، وعلى تطورات الأسعار للسلع والخدمات، وبالتالي رفع تكاليف معيشة المواطنين، بصورة مفاجئة وجذرية، وبالنظر لمستويات الأسعار والرقم القياسي عام لتكاليف المعيشة الذي أعيد تنظيمه في نهاية عام 1992 بحيث يكون عام الأساس هو عام 1992(1992= 100) فإن من الملاحظ أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة تراوح بين (50.9) و(50.1) نقطة، أي أن ارتفاع تكاليف المعيشة خلال هذه المدة كان يعادل 1.25% سنويا بالمتوسط، في حين ان متوسط الارتفاع في الرقم القياسي لتكاليف المعيشة للسنوات الأربع 1989-1992 كان يقارب 11% سنويا تقريبا».
إغلاق محلات الصرافة
وقال النابلسي «في معرض بحث السلطة النقدية للبنك المركزي الاردني، بالتعاون مع السلطات الحكومية المختصة كوزارة المالية والسلطات المصرفية ممثلة بالبنوك، عن مسببات الأزمة التي عصفت بسعر صرف الدينار، والتي تمثلت في ارتفاع سعر الدولار الاميركي من (420) فلسا تقريبا الى (650) فلسا تقريبا بتاريخ 8/2/1989، اتجهت الآراء الى أن المسبب الرئيسي هو مضاربات الصرافيين في السوق الحرة».
غير أن النابلسي يرى «أن هذا التحليل يتجاهل المسببات الرئيسية، وهي الاختلالات المالية السائدة حينذاك، وقبل ذلك، فضلا عما أفرزته هذه الاختلالات من ديون خارجية ضاغطة على احتياطيات البلاد من العملات الاجنبية، ومن ندرة العملة الاجنبية بشكل عام»وهذا ما وثقه في كتابه «الأزمة المالية المزدوجة».
ويتابع الدكتور النابلسي في تحليله «في غمرة الأحداث التي اجتاحت البلاد، يبدو أن الجهات الرسمية اتجهت للبحث عن فريسة سهلة تلصق بها مسؤولية تدهور أسعار الصرف، وهذا في اعتقادنا الجازم ما هو إلا جزء زهيد من المشكلة، ولايعني بالضرورة أن الصرافيين لم يشاركوا في دفع سعر صرف الدولار الاميركي الى أعلى، فالواقع يشير الى أنهم حاولوا الاستفادة من فرصة سانحة من خلال الاقدام على التوسع في عمليات المضاربة التي استندت الى تنبئهم باتجاه سعر صرف الدينار الى الانخفاض».
وعن الأزمة المصرفية قال النابلسي «ظهر جليا وواضحا، منذ النصف الثاني من عام 1988، وخلال النصف الأول من عام 1989، أن الجهاز المصرفي الاردني يتعرض، من خلال مصرفين هما بنك البتراء وبنك الأردن والخليج، الى أزمة ملاءة وسيولة اذ تبدى أن البنكي حاولا أن يحصلا على ودائع من القطاعين العام والخاص مقابل معدلات فائدة أعلى مما يمنحه السوق اجمالا، علما بأن موجودات كل من بنك البتراء والاردن والخليج تشكلان مانسبته 14.5% من أصل اجمالي موجودات الجهاز المصرفي حينها».