سوبرقطري
15-03-2007, 09:01 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد:
إذا عرف هذا فلا يكون العبد متحققا ب ( إياك نعبد )
إلا بأصلين عظيمين
أحدهما متابعة الرسول
والثاني الإخلاص للمعبود فهذا تحقيق إياك نعبد
والناس منقسمون بحسب هذين الأصلين أيضا إلى أربعة أقسام
أحدها أهل الإخلاص للمعبود والمتابعة
وهم أهل إياك نعبد حقيقة فأعمالهم كلها لله وأقوالهم لله وعطاؤهم لله ومنعهم لله وحبهم لله وبغضهم لله فمعاملتهم ظاهرا وباطنا لوجه الله وحده لا يريدون بذلك من الناس جزاء ولا شكورا ولا ابتغاء الجاه عندهم ولا طلب المحمدة والمنزلة في قلوبهم ولا هربا من ذمهم بل قد عدوا الناس بمنزلة أصحاب القبور لا يملكون لهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فالعمل لأجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم ورجائهم للضر والنفع منهم لا يكون من عارف بهم ألبتة بل من جاهل بشأنهم وجاهل بربه فمن عرف الناس أنزلهم منازلهم ومن عرف الله أخلص له أعماله وأقواله وعطاءه ومنعه وحبه وبغضه ولا يعامل أحد الخلق دون الله إلا لجهله بالله وجهله بالخلق وإلا فإذا عرف الله وعرف الناس آثر معاملة الله على معاملتهم
وكذلك أعمالهم كلها وعبادتهم موافقة لأمر الله ولما يحبه ويرضاه وهذا هو العمل الذي لا يقبل الله من عامل سواه وهو الذي بلا عباده بالموت والحياة لأجله قال الله تعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) الملك:2 وجعل ما على الأرض زينة لها ليختبرهم أيهم أحسن عملا قال الفضيل بن عياض العمل الحسن هو أخلصه وأصوبه قالوا يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه قال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص ما كان لله.
والصواب ما كان على السنة وهذا هو المذكور في قوله تعالى ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)الكهف:110 وفي قوله ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) النساء: 125 فلا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه على متابعة أمره وما عدا ذلك فهو مردود على عامله يرد عليه أحوج ما هو إليه هباء منثورا وفي الصحيح من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد وكل عمل بلا اقتداء فإنه لا يزيد عامله من الله إلا بعدا فإن الله تعالى إنما يعبد بأمره لا بالآراء والأهواء
الضرب الثاني من لا إخلاص له ولا متابعة فليس عمله موافقا لشرع
وليس هو خالصا للمعبود كأعمال المتزينين للناس المرائين لهم بما لم يشرعه الله ورسوله وهؤلاء شرار الخلق وأمقتهم إلى الله عز وجل ولهم أوفر نصيب من قوله (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم)آل عمران :188 يفرحون بما أتوا من البدعة والضلالة والشرك ويحبون أن يحمدوا باتباع السنة والإخلاص
وهذا الضرب يكثر فيمن انحرف من المنتسبين إلى العلم والفقر والعبادة عن الصراط المستقيم فإنهم يرتكبون البدع والضلالات والرياء والسمعة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوه من الإتباع والإخلاص والعلم فهم أهل الغضب والضلال
الضرب الثالث من هو مخلص في أعماله لكنها على غير متابعة الأمر
كجهال العباد والمنتسبين إلى طريق الزهد والفقر وكل من عبد الله بغير أمره واعتقد عبادته هذه قربة إلى الله فهذا حاله كمن يظن أن سماع المكاء والتصدية قربة وأن الخلوة التي يترك فيها الجمعة والجماعة قربة وأن مواصلة صوم النهار بالليل قربة وأن صيام يوم فطر الناس كلهم قربة وأمثال ذلك
الضرب الرابع من أعماله على متابعة الأمر لكنها لغير الله
كطاعة المرائين وكالرجل يقاتل رياء وحمية وشجاعة ويحج ليقال ويقرأ القرآن ليقال فهؤلاء أعمالهم ظاهرها أعمال صالحة مأمور بها لكنها غير صالحة فلا تقبل (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )البينة :5 فكل أحد لم يؤمر إلا بعبادة الله بما أمر والإخلاص له في العبادة وهم أهل إياك نعبد وإياك نستعين
المصدر: مدارج السالكين / لابن القيم رحمه الله الجزء الاول ص(73 74)
أما بعد:
إذا عرف هذا فلا يكون العبد متحققا ب ( إياك نعبد )
إلا بأصلين عظيمين
أحدهما متابعة الرسول
والثاني الإخلاص للمعبود فهذا تحقيق إياك نعبد
والناس منقسمون بحسب هذين الأصلين أيضا إلى أربعة أقسام
أحدها أهل الإخلاص للمعبود والمتابعة
وهم أهل إياك نعبد حقيقة فأعمالهم كلها لله وأقوالهم لله وعطاؤهم لله ومنعهم لله وحبهم لله وبغضهم لله فمعاملتهم ظاهرا وباطنا لوجه الله وحده لا يريدون بذلك من الناس جزاء ولا شكورا ولا ابتغاء الجاه عندهم ولا طلب المحمدة والمنزلة في قلوبهم ولا هربا من ذمهم بل قد عدوا الناس بمنزلة أصحاب القبور لا يملكون لهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فالعمل لأجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم ورجائهم للضر والنفع منهم لا يكون من عارف بهم ألبتة بل من جاهل بشأنهم وجاهل بربه فمن عرف الناس أنزلهم منازلهم ومن عرف الله أخلص له أعماله وأقواله وعطاءه ومنعه وحبه وبغضه ولا يعامل أحد الخلق دون الله إلا لجهله بالله وجهله بالخلق وإلا فإذا عرف الله وعرف الناس آثر معاملة الله على معاملتهم
وكذلك أعمالهم كلها وعبادتهم موافقة لأمر الله ولما يحبه ويرضاه وهذا هو العمل الذي لا يقبل الله من عامل سواه وهو الذي بلا عباده بالموت والحياة لأجله قال الله تعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) الملك:2 وجعل ما على الأرض زينة لها ليختبرهم أيهم أحسن عملا قال الفضيل بن عياض العمل الحسن هو أخلصه وأصوبه قالوا يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه قال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص ما كان لله.
والصواب ما كان على السنة وهذا هو المذكور في قوله تعالى ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)الكهف:110 وفي قوله ( ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) النساء: 125 فلا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه على متابعة أمره وما عدا ذلك فهو مردود على عامله يرد عليه أحوج ما هو إليه هباء منثورا وفي الصحيح من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد وكل عمل بلا اقتداء فإنه لا يزيد عامله من الله إلا بعدا فإن الله تعالى إنما يعبد بأمره لا بالآراء والأهواء
الضرب الثاني من لا إخلاص له ولا متابعة فليس عمله موافقا لشرع
وليس هو خالصا للمعبود كأعمال المتزينين للناس المرائين لهم بما لم يشرعه الله ورسوله وهؤلاء شرار الخلق وأمقتهم إلى الله عز وجل ولهم أوفر نصيب من قوله (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم)آل عمران :188 يفرحون بما أتوا من البدعة والضلالة والشرك ويحبون أن يحمدوا باتباع السنة والإخلاص
وهذا الضرب يكثر فيمن انحرف من المنتسبين إلى العلم والفقر والعبادة عن الصراط المستقيم فإنهم يرتكبون البدع والضلالات والرياء والسمعة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوه من الإتباع والإخلاص والعلم فهم أهل الغضب والضلال
الضرب الثالث من هو مخلص في أعماله لكنها على غير متابعة الأمر
كجهال العباد والمنتسبين إلى طريق الزهد والفقر وكل من عبد الله بغير أمره واعتقد عبادته هذه قربة إلى الله فهذا حاله كمن يظن أن سماع المكاء والتصدية قربة وأن الخلوة التي يترك فيها الجمعة والجماعة قربة وأن مواصلة صوم النهار بالليل قربة وأن صيام يوم فطر الناس كلهم قربة وأمثال ذلك
الضرب الرابع من أعماله على متابعة الأمر لكنها لغير الله
كطاعة المرائين وكالرجل يقاتل رياء وحمية وشجاعة ويحج ليقال ويقرأ القرآن ليقال فهؤلاء أعمالهم ظاهرها أعمال صالحة مأمور بها لكنها غير صالحة فلا تقبل (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )البينة :5 فكل أحد لم يؤمر إلا بعبادة الله بما أمر والإخلاص له في العبادة وهم أهل إياك نعبد وإياك نستعين
المصدر: مدارج السالكين / لابن القيم رحمه الله الجزء الاول ص(73 74)