المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية الحلال والحرام يحددها نشاط الشركة وتعاملها بالفائدة



قطري
03-03-2005, 07:18 AM
أكد الأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس أستاذ الفقه والأصول بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، أن العبرة في موضوع التعامل في الأسهم والسندات بيعا وشراء من ناحية الحلال والحرام هي لنشاط الشركة وتعاملها بالقروض الربوية من عدمه. وقال في الحلقة النقاشية التي أقامها نادي طلبة كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة قطر مساء أمس الأول بقاعة ابن خلدون: إن الشركات التي تتعامل بالربا سواء كان نشاطها حلالاً أو غير ذلك، لا يجوز شراء أسهمها لأن الحرام إذا خالط الحلال أفسده ولو كان قليلاً.
وضرب الأستاذ الدكتور علي السالوس الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة وبمجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، مثالاً على نشاط الشركات، فقال لو أن شركة عقارية أقامت مجمعاً سكنياً من ألف وحدة، وجعلت وحدة واحدة صالة للقمار أو غيرها من الأنشطة المحرمة، فهل يكون التعامل في أسهمها حلالاً باعتبار انها تمارس أنشطة مباحة وأن الوحدة الواحدة لا تؤثر في الألف، وأكد ان المال الخبيث يمحق البركة من المال الطيب، وقد حذر الإسلام من المال الحرام أشد تحذير، خاصة لو جاء من الربا، أو ما يعرف حديثا بفوائد البنوك التي أجمع 85 عالماً من 35 دولة في المؤتمر الثاني لمجمع الفقه الإسلامي على حرمتها وحرمة التعامل مع البنوك التي تتعامل بالفائدة لأنها قائمة أساساً على الإقراض والاقتراض فقط.

وأضاف ان مجمع الفقه الإسلامي بحث موضوع الشركات التي نشاطها حلال، لكنها تتعامل بالقروض مع جهات مانحة بالفائدة، وبعد دراسات ومناقشات انتهى إلى أن التعامل في أسهم هذه الشركات لا يجوز، لأن شراء السهم هو مشاركة في جزء من رأس المال، والشريك مسؤول عن نشاط الشركة عموماً.


الأسهم والسندات

وقال إن الحديث عن الأسهم والسندات في كلية الإدارة والاقتصاد أمر يحتاج إلى تأمل، فهم أهل الاختصاص وهم أصحاب الأسهم والسندات، والأسهم حديث الساعة، والناس مشغولون بالأسهم، والناحية العملية يعرفها أهل الإدارة والاقتصاد، ولا اتعرض لها إلا بقدر ما أبيّن الأحكام الشرعية.

وأوضح ان العبرة في التعامل بالأسهم والسندات هو نشاط الشركة التي يشتري المستثمر أسهمها، فالسهم يمثل ملكية حصة شائعة لشركة من الشركات. والمشترون جميعا شركاء في ملكية الشركة، فلو دخل نشاط الشركة شيء من الحرام، كأن يكون أحد أنشطتها محرماً، أو تقترض بالربا، فالكل مسؤولون عن ذلك، فالحرام حرام على الفرد وحرام على أهل الأرض، والأصل النظر إلى القاعدة العامة، نشاط الشركة وأعيان الشركة، وعلى أساسهما نستطيع ان نقول: هذا حلال وهذا حرام، ولو نظرنا إلى قطاع البنوك مثلاً، نجد البنوك التجارية والبنوك الإسلامية، ونظام البنوك لم يكن معروفا لدى العالم الإسلامي، بل أنشأه خمسة من آل روتشلد منذ أكثر من قرنين، فدخل بلادنا بطابعه اليهودي الذي أنشئ به، وكذلك شركات التأمين، فقد نشأت خارج بلادنا وجاءت إلينا بنفس أنظمتها التي نشأت بها، وقبل ان نفرق بين بنك ربوي وبنك إسلامي، لابد ان ننظر إلى نشاط كل منهما.

وعرض أ. د. علي السالوس ميزانية بنك إسلامي على جهاز البروجكتور، موضحاً أهم أنشطته، وقد خلت من الإقراض والاقتراض بفائدة، وإن كانت تخضع للبنك المركزي لأن ذلك أمر لازم، وقد استطاعت بعض البنوك الإسلامية حل هذه المشكلة بألا يستخدم رصيدها في البنك المركزي إلا في نشاط إسلامي، أي ملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.

وعرض أيضاً ميزانية بنك تجاري «ربوي كما يسميه» وقال إن إيرادات الفوائد على القروض بلغت مليارا وخمسمائة وثمانين مليونا، والإيرادات الأخرى ستمائة مليون، وبلغت إيرادات الخدمات المصرفية اثنين وتسعين مليونا، فلو اخذنا النسبة بين إيرادات الفوائد وإيرادات الخدمات المصرفية نجد ان الأصل في عمل البنك التجاري هو الاقراض بالفائدة.

وأضاف ان تعريف البنك كما يدرسه طلاب كلية الإدارة والاقتصاد هو «المنشأة التي تتاجر في الديون عن طريق الإقراض والاقتراض» وهو النظام الذي قامت عليه البنوك منذ نشأتها، غير اننا لا نجد شيئا من ذلك في البنوك الإسلامية.

وقال أ. د. علي السالوس الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة والمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة: إنه باستقراء مركز مالي لبنك من البنوك التجارية نجد ان إجمالي الودائع إلى إجمالي الموارد ثم حقوق المساهمين ثم نسبة الاستثمارات المالية إلى إجمالي الاستخدامات تمثل 0.5% ومعنى هذا ان الإقراض بالربا يمثل 99.5%، وإن كانت كل البنوك ليست هكذا، لكن هذا أحد البنوك، وأن من يشتري أسهم هذه البنوك فإن أرباحه من الفوائد التي تعود على البنك من عملية الإقراض والاقتراض.

وأكد أ. د. علي السالوس ان فوائد البنك أسوأ من ربا الجاهلية، لأن أهل الجاهلية ما كانوا ليرضون بأخذ الفوائد المركبة التي تزيد وتتضاعف لو تأخر في السداد عن الموعد المحدد، وقد حسمت قرارات المجامع الفقهية أمر البنوك التجارية عندما اجتمع 85 عالماً من 35 دولة في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية وبحثوا موضوع البنوك، وبينهم أهل الاختصاص من علماء الفقه والاقتصاد، وانتهوا بالاجماع إلى أن فوائد البنوك من الربا المحرم بنص الكتاب والسنة.


الشركات

وأوضح أ. د. علي السالوس ان المجامع الفقهية بحثت أمر الشركات وانتهت إلى أن العبرة فيها بنشاط الشركة، أما إذا كان نشاط الشركة حلالاً لكنها تتعامل بالقروض، فقد بحث هذا الموضوع في أكثر من مؤتمر، وقد بيّن مجمع الفقه برابطة العالم الإسلامي ان الأصل في أسهم هذه الشركات أنها حرام، وأيضاً أكد ذلك مجمع الفقه بمنظمة المؤتمر الإسلامي أثناء بحثه موضوع الأسواق المالية.

وبعد ان تعالت أصوات بأن أسهم هذه الشركات حلال قرر مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي ان يبحث هذا الموضوع بالذات وأن يستكتب الخبراء والأعضاء في بحث محدد وهو «الشركات التي نشاطها حلال، لكنها تتعامل بالربا ما حكم أسهمها؟» وقدمت أبحاث من أنحاء العالم ونوقش الموضوع وانتهى المجمع إلى أن هذه الأسهم لا يجوز التعامل فيها بالتملك أو التجارة أو غير ذلك، وبيّن أسباب ذلك التي قامت على أن المساهم شريك وأي عائد يعود من نشاط الشركة له نصيب فيه، والرسول [ لعن آكل الربا، وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال [ هم سواء، لذا انتهى المجمع إلى التحريم.

وأضاف د. السالوس: نصيحتي لإخواني وأبنائي ان يدرسوا نشاط أي شركة قبل الإقدام على شراء أسهمها، فالحرام يمحق البركة من الأموال العائدة من عمليات الشراء والبيع.


المجامع الفقهية

وقال أ. د. علي السالوس رداً على سؤال من الشرق حول ما إذا كانت قرارات المجامع الفقهية صالحة للتطبيق على أي بلد مع اختلاف ظروف الكثير من الدول الإسلامية بعضها عن بعض، قال: إن المجامع الفقهية عندما تدرس مسألة فإنها تستكتب العديد من الباحثين والمتخصصين من عدة دول إسلامية، وتبحث المسألة من كافة أوجهها، ثم تناقش في عدة جلسات، ثم يخرج الأعضاء برأي متفق عليه، أو تؤجل ويتم بحثها في مؤتمر آخر، من هنا فإن قرارات المجامع الفقهية تأتي صالحة للتطبيق على مستوى العالم الإسلامي، ولا تقتصر على بلد دون آخر.

وأضاف ان العصر الحديث وما استجد فيه من مسائل يحتم الرجوع إلى المجامع الفقهية، فقد أفتى أحد تلاميذي في مسألة، ظل مجمع الفقه الإسلامي يبحثها على مدى تسع سنوات في ثلاث دورات متتالية.

ورداً على سؤال عن دخول هذه الشركات وشراء أسهمها بنية التغيير، قال: كيف يمكن التغيير إذا كان المطروح هو نسبة 50% فقط.

وعن الفروع الإسلامية التي تنشأ في البنوك التجارية قال: إن البنوك الإسلامية والفروع الإسلامية التي تنشأ في البنوك في قطر، هي إسلامية حقاً، ولا توجد في تعاملاتها شبهة الربا، لكن في بعض الدول فإننا نجد ان الفروع الإسلامية لا تختلف عن البنوك التابعة لها في شيء، ولا نستطيع الحكم عليها إلا بعد معرفة مسيرتها وكيف تتعامل وفي أي شيء تتعامل.وحول إمكانية اجتماع العلماء في قطر على رأي واحد في مسألة الأسهم والسندات مثلاً، قال الأستاذ الدكتور علي السالوس: إن هذا الأمر غير ممكن.

جريدة الشرق