أبوتركي
21-03-2007, 02:05 AM
ندوة أمن القروض الشخصية تثير ظاهرة المضاربة في البورصات
ضاحي خلفان يهدد بكشف أسماء 5 بنوك متورطة في القروض العشوائية
تغطية: نادية سلطان
أكد الفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي ان هناك مشكلة كبيرة تواجهنا في الدولة وهي مشكلة الاقتراض من البنوك وتحتاج الى تنسيق كافة الجهود حتى لا يكون هناك مزيد من المتورطين من الشباب في هذه القروض. وقال خلال ندوة “أمن القروض المصرفية” التي نظمها مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي، وحضرها فيصل عبدالملك أهلي وكيل أول نيابة والعميد خميس مطر المزينة مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية والدكتور محمد مراد عبدالله مدير مركز دعم اتخاذ القرار، وعدد من الخبراء والمختصين الذين تم استضافتهم من مصر، وعدد كبير من المصرفيين بالدولة، ومديرو مراكز الشرطة أن البنوك تمنح قروضا “للكشخة فقط” دون التأكد من مقدرة المقترض على السداد. وتساءل الفريق تميم كيف يمنح شاب لا يأخذ راتباً كبيراً قرضاً بنصف مليون درهم لشراء سيارة دون أن يكون راتبه بأكمله يكفي لسداد القرض؟
المزينة: المشكلة في القروض الشخصية لا العقارية
حذر الفريق ضاحي خلفان تميم خمسة بنوك موضوعة على القائمة السوداء لدى شرطة دبي من انه سيتبنى حركة مقاومة لهذه البنوك حتى وان اضطر لعرض اسمائها علانية في وسائل الاعلام والرأي العام إذا لم تصلح من نفسها، وتحد من منح القروض العشوائية، ثم إقامة دعاوى على المتعثرين، مشيرا الى أن 60% من شكاوى الشيكات المرتجعة تأتي من هذه البنوك الخمسة.
وقال الفريق تميم انه يتلقى يومياً ما بين 5 - 6 مكالمات هاتفية عن ظروف مجتمعية لأسر صعبة من هم وعجز يواجهونه، وأصبح هناك مطرقة على رأس الفرد، وهي تكلفة الحياة، يكون في مقابلها تسهيلات ضخمة لقروض بنكية وتكون النتيجة تورطاً ودخول السجون. وفي كلمة ألقاها أمام الحضور في الندوة قال ان القروض المصرفية تعد بلا شك احدى اهم الأدوات الاقتصادية والسبل الاستثمارية لتمويل عمليات التنمية الاقتصادية وتحريك القوى السوقية، مشيرا الى أنه في هذا الخصوص تلعب البنوك الدور التنظيمي الأساسي فيه حيث تستقطب الودائع وتجمع المدخرات وتقدم التسهيلات وتضخ الأموال لتحافظ على حيوية الاسواق، وتعيد التوازن الملائم بين المدخرات المتاحة والاستثمارات المطلوبة.
ومن منطلق الحفاظ على استقرار المعاملات المصرفية وتلافي تورط المقترضين في قضايا جنائية قد تمثل علامات فارقة في مسيرتهم الحياتية نظمت هذه الندوة التي تهدف الى تحقيق المصلحة العامة وحماية وصون حقوق اطراف العملية الاقتراضية دون أن يجور طرف على آخر أو يتعنت طرف لاستغلال آخر. وقال قائد عام شرطة دبي نسعى جميعا الى وضع الضوابط الحاكمة والمعايير المناسبة التي تحول دون دخول المقترض الذي ليس له سجل إجرامي، أو استعداد انحرافي، أو قصد جنائي للسجن، بسبب قلة خبرته، أو سوء حظه، وتقليل نسبة الديون المعدومة الى ادنى المستويات الممكنة، حفاظا على حقوق البنوك وحماية مصالحها، وتوجيه القروض المصرفية للأنشطة التنموية، وزيادة القدرة المجتمعية على الانتاج، وتوليد الدخل، وليس الاستهلاك الترفي، والانفاق المظهري، وتوعية صغار المستثمرين من مخاطر الاقتراض من البنوك للاستثمار في اسواق الاوراق المالية والحد من عمليات شراء الأسهم على المكشوف، ومنع المقرضين من استكتاب المقترضين شيكات على بياض، لما يمثله ذلك من استغلال بشع لحاجة وظروف المقترض، وما ينجم عنه من إذلال لشخصه، وتهديد لحريته.
وأضاف اننا كجهاز شرطة يعي دوره المفروض في عملية التنمية، ويسعى لأن يكون قوة دافعة للاقتصاد والاستثمار، وأن يكون شريكا فاعلا في عملية التنمية، يتعين عليه أن يعمل على حماية رأس المال المتداول، ويحمي المال العام من الانتهاك والاعتداء، ويتصدى للمفسدين والمتربحين، ويشجع الشفافية والإفصاح والحوكمة، ويحارب المضاربات الوهمية، ومنح القروض والتسهيلات بلا ضمانات كافية، وعلى غير القواعد والمعايير القياسية. وأكد ان ظاهرة الاقتراض من البنوك بهدف المضاربة في البورصات هي ظاهرة تستحق منا كل الاهتمام، فالاستطلاعات تشير الى انه رغم ان الفرد في بلادنا يتمتع بأعلى الدخول، ويحصل على أعلى الأجور، إلا أن نسبة المقترضين من البنوك ومعدل الزيادة في القروض الشخصية تعد ايضا الاعلى في العالم، انها مفارقة جديرة بالتحليل، وظاهرة تستحق الدراسة والاهتمام.
ان سياسة دولتنا تقوم على أساس الحرية الاقتصادية، وشعار هذه الحرية كما جاء في الكتب الاقتصادية “دعه يعمل.. دعه يمر”، لذا فإننا لا نعرقل هذا الشعار، ولا نحد من آليته، وإنما نسعى لاحتواء الآثار السلبية التي تنجم عنه، كذلك للتنبيه لأي مخاطر مجتمعية قد تنشأ عنه.
إن دراسة ميدانية أجراها خبراء “مركز دعم اتخاذ القرار” خلال الايام الماضية على نزلاء سجن دبي، أظهرت ان 13% من اجمالي المسجونين كان بسبب ارتكابهم جريمة إصدار شيك من دون رصيد، 41،6% منهم كانوا ممن تورطوا في قروض شخصية عجزوا عن سدادها للبنوك، اضافة الى ذلك فإن عددا لا يستهان به من الشباب اقترض مبالغ تصل الى 150000 درهم، لاتمام زفافه، ولظروف خاصة تعثر في سداد اقساد القرض، ففصل من عمله، وطلق زوجته، ودخل السجن، وهناك آخرون اقترضوا مئات الألوف من الدراهم لشراء سيارات فاخرة، ترتب على ذلك أن اقتطع من راتبهم الجزء الأكبر وانتهى مصيرهم ايضا الى السجن، كثيرون تورطوا في الاقتراض للاستثمار في الأسهم، فتراكمت عليهم الفوائد، واشتدت عليهم المصائب.
من جانبه استعرض الدكتور محمد مراد عبدالله جهود المركز في مجال تعزيز أمن الاستثمار، واستعرض الدراسة الميدانية التي أجريت على نزلاء سجون دبي.
أصل المشكلة
وأكد العميد خميس مطر المزينة ان دولة الإمارات العربية المتحدة لديها قانون يحظر على اي شخص لا يحمل إقامة سارية المفعول فتح حساب بنكي او الحصول على دفتر شيكات، وإذا كان ذلك يحدث فهذه مخالفة صريحة للقانون ويجب محاسبة الفاعل.
وقال هناك تعميم صادر عن المصرف المركزي بمنع التعامل مع اي عميل يرجع له 5 شيكات وتكون من دون رصيد ولكن في ظل وجود البنوك والربح وإيجاد القروض هل هذا مطبق؟ مشيرا الى ان القروض الشخصية اصبحت الحل امام الجميع نتيجة التسهيلات الممنوحة.
وطالب المزينة بأن يقدم صاحب المشروع جدوى اقتصادية لمشروعه قبل الحصول على قرضه، مشيرا الى أن أغلبية القروض الشخصية تزج أصحابها بالسجون وليست القروض العقارية والسبب يرجع لحصول اصحابها على هذا القرض للمضاربة في البورصة لتحقيق ربح مادي سريع.
القروض العقارية
وتحدث اللواء الدكتور محمد حافظ الدهوان استاذ ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية الشرطة المصرية عن كيفية احتواء الآثار السلبية للقروض العقارية، مشيرا الى أن هناك مجموعة من الإجراءات لا بد أن تتخذها البنوك لحماية المتعثرين مع عدم منح القروض لغير القادرين على ردها، وضرورة مراقبة البنوك للمشروعات التي تمولها حتى لا يحول القرض لاستخدامات أخرى ومساندة المشروعات المتعثرة او الدخول معها كشريك من قبل البنك.
وتحدث المستشار عادل السعيد رئيس الاستئناف ومدير المكتب الفني بالنيابة العامة المصرية عن الجرائم الجنائية والتجاوزات الإدارية المرتبطة بالقروض والتسهيلات المصرفية مستعرضا عددا من القضايا التي وقعت في مصر في السنوات الماضية.
وصنف الجرائم الواقعة في البنوك لجرائم نتيجة ومنها جرائم الاختلاس والاستيلاء والإضرار العمدي، وجرائم الخطر، وهي التربح بأشكاله وجرائم غير عمدية سواء من أفراد او مجموعات.
وتحدث الدكتور محسن أحمد الخضيري - مفكر اقتصادي وخبير مصرفي عن أمن القروض المصرفية، مشيرا الى جرائم العولمة ومنها الجريمة المنظمة وغيرها من الجرائم مطالبا بأهمية فرض حماية على أمن البيانات والمعلومات الخاصة بالبنوك والمصارف.
نقاش
وأدار الفريق ضاحي خلفان نقاشا بين الحضور حول محورين أساسيين عن كيفية الحد من المتورطين وانخفاضهم الى النصف، وعن المصارف الإسلامية.
عادل الصايغ من مصرف الإمارات المركزي قال ان وجود الطفرة في الإمارات يدفع الكثيرين الى التوسع في البناء وغيره من المشاريع مؤكداً أن هناك مشاريع ضخمة تقام وهي إيجابية، مشيراً إلى أنه لا توجد مشكلة في أي بنك بالدولة سواء في المجال التجاري أو العقاري.
وأشار الصايغ إلى أن البنك المركزي لديه رقابة دائمة مكتبية وميدانية على أعمال المصارف والبنوك بشكل دوري مشيراً إلى أنه كان هناك بعض القضايا في السابق التي حدث فيها تواطؤ ولكن لا يمكن القول إن هناك انتهاء كاملا للمشاكل.
وتساءل الفريق تميم لماذا المصارف الإسلامية أكثر قسوة في قروضها وأكثر الإشكاليات تخرج منها للمقترضين؟
فرد الدكتور معن الجارحي- خبير مالي في مصرف الإمارات الإسلامي قائلاً إن موضوع الندوة مهم وخطير مشيراً إلى أن مشكلة القروض تعود لعدم الرقابة خاصة في البنوك الخاصة التي لديها مساهمون عديمو الوعي.
وقال إن دور الرقابة المصرفية والإشراف الدقيق من البنك المركزي مهم خاصة وأن لديه قائمة سوداء للمقترضين الذين لديهم مشاكل مع البنوك.
وقال العميد المزينة إن البنوك والمصارف الإسلامية لديها مشاكل في تمويل البضائع والتمويل التجاري لأن هناك شيكات مرتجعة في هذا الصدد.
ورد عليه أحد العاملين في بنك دبي الإسلامي إن البنوك الإسلامية تعمل وفقاً للشريعة وتقوم بجدولة القروض من دون زيادة. تساءل الفريق ضاحي خلفان لماذا تطول مدة القرض عندما أحصل عليه من بنك إسلامي بخلاف ما أحصل عليه من بنك آخر فهل هو تشجيع للربوية؟
رد عليه أحد العاملين في بنك دبي الإسلامي القرض في البنوك الإسلامية تضاف عليه قيمة المرابحة، ومن وجهة نظره أنه لا يعتقد أن هناك زيادة. ورد فيصل أهلي وكيل أول النيابة أن البنوك الإسلامية أقل بنوك ترد منها شكاوى والفرق يكون في قيمة المرابحة. وقال أحد الحضور إن البنك المركزي أصدر تعميماً بألا يزيد القرض الشخصي عن 250 ألف درهم ولكن البنوك الخاصة تتجاوز هذا مع تسهيلات كبيرة إضافة لتسهيلات أخرى من جهات أخرى في الدولة. وأعلن الدكتور ساهر رشاد من مركز دعم اتخاذ القرار أن هناك نسبة كبيرة من الشيكات المرتجعة حررها أشخاص زائرون وليسوا مقيمين في الدولة، مشيراً إلى أن هناك من كانوا مقيمين في وقت سابق وامتلكوا دفاتر شيكات وعادوا زائرين وارتكبوا جريمتهم.
وطالب بأن يكون في كل بنك ممثل للمصرف المركزي وديوان المحاسبة ولا يعطى القرض إلا بموافقة الجهتين. وأكد المقدم عبدالله خان أن هناك شيكات مرتجعة بالفعل وصلت من أشخاص يحملون تأشيرة زيارة وليست إقامة. وفي هذا الصدد قال الصايغ إن البنك الذي يفتح حساباً لزائر أو دفتر شيكات يكون مخالفا وستفرض عليه عقوبات. وأشار فيصل عبدالملك أهلي إلى أن البنوك عندما يتعثر عميل لها في السداد ينتظر على العميل أشهراً حتى تتكون عليه فائدة ثم يبلغ عنه ليطالب بالمتأخرات والفائدة، وأشار إلى ظاهرة جديدة هي أن بعض البنوك تصدر شيكات لمالكي بطاقات الائتمان وليست للحسابات المصرفية. وفي ختام الندوة قال الدكتور مراد إن ما يهمنا كجهة أمنية هو معرفة المشكلة والحد من السجناء والمتضررين من القروض الشخصية مشيراً إلى أن البنوك لا بد أن تساهم في حل المشكلة ولو حتى بنسبة 50% إلا أن الشرطة تتحمل عبئاً يصل إلى 70% من أخطاء تلك البنوك من التسهيلات التي تمنحها.
مناشدة “المركزي” تفعيل آلية الرقابة
ناشدت ندوة أمن القروض المصرفية المصارف للحد من القروض الشخصية التي تستخدم في المجالات الاستهلاكية والاستخدامات المظهرية، وحثها على تقديم القروض في المجالات الإنتاجية.
وناشدت المصرف المركزي تفعيل آلية رقابته على منح المصارف للائتمان وخاصة القروض الشخصية بما يقلل مخاطر هذه القروض واحتمال تورط المقترضين وتعرضهم للمشاكل الجنائية.
وطالبت الندوة بوضع ضوابط صارمة للاقتراض بضمان الأوراق المالية وتحديد حد أقصى لنسبة الإقراض تضمن عدم تورط المقترضين نتيجة النقليات المحتملة في الأوراق المالية وفرض التزام صارم على المصارف المانحة للقروض الشخصية بتحديد سقف أعلى لهذه القروض لا يتجاوز 24 ضعف الراتب الشهري للمقترض أي مرتب عامين.
وناشدت المشاركون في الندوة المشرع الإماراتي النص صراحة على أن الشيك هو وسيلة دفع فقط وعدم الاعتداد به كأداة ضمان أو ائتمان ومناشدة الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع المصارف من استكتاب المقترضين بشيكات على بياض مهما كانت الظروف وأياً كانت الأسباب ودعوة المصارف إلى تقليل الاعتماد على الشيك كضمان ائتماني ومنع الاعتماد عليه في القروض الشخصية لحماية المقترض من مخاطر المساءلة الجنائية بسبب معاملات مدنية.
وطالبت أيضاً بتضمين برنامج التربية الأمنية توعية طلبة وطالبات المدارس من مساوئ الاستهلاك المفرط ومخاطر الاقتراض غير المبرر وتنمية الوعي الادخاري لديهم.
ودعت الندوة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بانضمام كافة المصارف العاملة بالدولة لنظام المعلومات الائتمانية وحث أجهزة العدالة الجنائية على تأهيل عدد من كوادرها للتعامل الفني مع جرائم الائتمان وسوق المال.
22.7 مليار درهم قيمة الشيكات المرتجعة
بلغت قيمة القروض الشخصية في دولة الامارات 160 مليار درهم خلال العام الماضي. هذا ما أكدته الاحصاءات الرسمية مشيرة إلى أن حجم هذه القروض زاد بمعدل 63،9% العام الماضي عن سابقه، وارتفع عدد الشيكات المرتجعة إلى 758 ألف شيك بقيمة 22،7 مليار درهم.
وأظهرت دراسة ميدانية أعدها مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي على نزلاء سجن الرجال بدبي أن هناك 180 مسجوناً بسبب القروض وأن 19،5% من النزلاء أودعوا السجن بسبب صدور أحكام جنائية ضدهم في جرائم إصدار شيكات من دون رصيد وأن المتورطين منهم هم 55،6% من الشباب و40،3% من الجامعيين وأن 41،7% استصدروا شيكات لصالح بنوك كانت لقروض شخصية و42% منهم حكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح ما بين 1- 3 سنوات وأظهرت الدراسة أن 68،8% من هؤلاء دخلوا السجن لأول مرة أي ليس لهم سجل إجرامي.
وأوضحت الدراسة أن من بين هؤلاء 31 مواطناً إماراتياً و18 عربياً و28 أجنبياً، وأكدت الدراسة أن هؤلاء السجناء الذين يمثلون 20% من إجمالي السجناء في سجن الرجال غالبيتهم من ذوي المؤهلات العليا ومن يعملون بالأعمال الحرة.
تكلفة السجين تعادل الإقامة في فندق 5 نجوم
طالب الدكتور محمد مراد عبدالله بأن تسهم البنوك في 50% من مصروفات سجناء السجون على ذمة قضايا بنكية مشيراً إلى أن تكلفة السجين يومياً تعادل قيمة الفرد المقيم في فندق 5 نجوم مؤكداً أن شرطة دبي تعمل بنسبة 60% في قضايا اصحاب الشيكات المرتجعة وتتبعهم وضبطهم.
ضاحي خلفان يهدد بكشف أسماء 5 بنوك متورطة في القروض العشوائية
تغطية: نادية سلطان
أكد الفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي ان هناك مشكلة كبيرة تواجهنا في الدولة وهي مشكلة الاقتراض من البنوك وتحتاج الى تنسيق كافة الجهود حتى لا يكون هناك مزيد من المتورطين من الشباب في هذه القروض. وقال خلال ندوة “أمن القروض المصرفية” التي نظمها مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي، وحضرها فيصل عبدالملك أهلي وكيل أول نيابة والعميد خميس مطر المزينة مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية والدكتور محمد مراد عبدالله مدير مركز دعم اتخاذ القرار، وعدد من الخبراء والمختصين الذين تم استضافتهم من مصر، وعدد كبير من المصرفيين بالدولة، ومديرو مراكز الشرطة أن البنوك تمنح قروضا “للكشخة فقط” دون التأكد من مقدرة المقترض على السداد. وتساءل الفريق تميم كيف يمنح شاب لا يأخذ راتباً كبيراً قرضاً بنصف مليون درهم لشراء سيارة دون أن يكون راتبه بأكمله يكفي لسداد القرض؟
المزينة: المشكلة في القروض الشخصية لا العقارية
حذر الفريق ضاحي خلفان تميم خمسة بنوك موضوعة على القائمة السوداء لدى شرطة دبي من انه سيتبنى حركة مقاومة لهذه البنوك حتى وان اضطر لعرض اسمائها علانية في وسائل الاعلام والرأي العام إذا لم تصلح من نفسها، وتحد من منح القروض العشوائية، ثم إقامة دعاوى على المتعثرين، مشيرا الى أن 60% من شكاوى الشيكات المرتجعة تأتي من هذه البنوك الخمسة.
وقال الفريق تميم انه يتلقى يومياً ما بين 5 - 6 مكالمات هاتفية عن ظروف مجتمعية لأسر صعبة من هم وعجز يواجهونه، وأصبح هناك مطرقة على رأس الفرد، وهي تكلفة الحياة، يكون في مقابلها تسهيلات ضخمة لقروض بنكية وتكون النتيجة تورطاً ودخول السجون. وفي كلمة ألقاها أمام الحضور في الندوة قال ان القروض المصرفية تعد بلا شك احدى اهم الأدوات الاقتصادية والسبل الاستثمارية لتمويل عمليات التنمية الاقتصادية وتحريك القوى السوقية، مشيرا الى أنه في هذا الخصوص تلعب البنوك الدور التنظيمي الأساسي فيه حيث تستقطب الودائع وتجمع المدخرات وتقدم التسهيلات وتضخ الأموال لتحافظ على حيوية الاسواق، وتعيد التوازن الملائم بين المدخرات المتاحة والاستثمارات المطلوبة.
ومن منطلق الحفاظ على استقرار المعاملات المصرفية وتلافي تورط المقترضين في قضايا جنائية قد تمثل علامات فارقة في مسيرتهم الحياتية نظمت هذه الندوة التي تهدف الى تحقيق المصلحة العامة وحماية وصون حقوق اطراف العملية الاقتراضية دون أن يجور طرف على آخر أو يتعنت طرف لاستغلال آخر. وقال قائد عام شرطة دبي نسعى جميعا الى وضع الضوابط الحاكمة والمعايير المناسبة التي تحول دون دخول المقترض الذي ليس له سجل إجرامي، أو استعداد انحرافي، أو قصد جنائي للسجن، بسبب قلة خبرته، أو سوء حظه، وتقليل نسبة الديون المعدومة الى ادنى المستويات الممكنة، حفاظا على حقوق البنوك وحماية مصالحها، وتوجيه القروض المصرفية للأنشطة التنموية، وزيادة القدرة المجتمعية على الانتاج، وتوليد الدخل، وليس الاستهلاك الترفي، والانفاق المظهري، وتوعية صغار المستثمرين من مخاطر الاقتراض من البنوك للاستثمار في اسواق الاوراق المالية والحد من عمليات شراء الأسهم على المكشوف، ومنع المقرضين من استكتاب المقترضين شيكات على بياض، لما يمثله ذلك من استغلال بشع لحاجة وظروف المقترض، وما ينجم عنه من إذلال لشخصه، وتهديد لحريته.
وأضاف اننا كجهاز شرطة يعي دوره المفروض في عملية التنمية، ويسعى لأن يكون قوة دافعة للاقتصاد والاستثمار، وأن يكون شريكا فاعلا في عملية التنمية، يتعين عليه أن يعمل على حماية رأس المال المتداول، ويحمي المال العام من الانتهاك والاعتداء، ويتصدى للمفسدين والمتربحين، ويشجع الشفافية والإفصاح والحوكمة، ويحارب المضاربات الوهمية، ومنح القروض والتسهيلات بلا ضمانات كافية، وعلى غير القواعد والمعايير القياسية. وأكد ان ظاهرة الاقتراض من البنوك بهدف المضاربة في البورصات هي ظاهرة تستحق منا كل الاهتمام، فالاستطلاعات تشير الى انه رغم ان الفرد في بلادنا يتمتع بأعلى الدخول، ويحصل على أعلى الأجور، إلا أن نسبة المقترضين من البنوك ومعدل الزيادة في القروض الشخصية تعد ايضا الاعلى في العالم، انها مفارقة جديرة بالتحليل، وظاهرة تستحق الدراسة والاهتمام.
ان سياسة دولتنا تقوم على أساس الحرية الاقتصادية، وشعار هذه الحرية كما جاء في الكتب الاقتصادية “دعه يعمل.. دعه يمر”، لذا فإننا لا نعرقل هذا الشعار، ولا نحد من آليته، وإنما نسعى لاحتواء الآثار السلبية التي تنجم عنه، كذلك للتنبيه لأي مخاطر مجتمعية قد تنشأ عنه.
إن دراسة ميدانية أجراها خبراء “مركز دعم اتخاذ القرار” خلال الايام الماضية على نزلاء سجن دبي، أظهرت ان 13% من اجمالي المسجونين كان بسبب ارتكابهم جريمة إصدار شيك من دون رصيد، 41،6% منهم كانوا ممن تورطوا في قروض شخصية عجزوا عن سدادها للبنوك، اضافة الى ذلك فإن عددا لا يستهان به من الشباب اقترض مبالغ تصل الى 150000 درهم، لاتمام زفافه، ولظروف خاصة تعثر في سداد اقساد القرض، ففصل من عمله، وطلق زوجته، ودخل السجن، وهناك آخرون اقترضوا مئات الألوف من الدراهم لشراء سيارات فاخرة، ترتب على ذلك أن اقتطع من راتبهم الجزء الأكبر وانتهى مصيرهم ايضا الى السجن، كثيرون تورطوا في الاقتراض للاستثمار في الأسهم، فتراكمت عليهم الفوائد، واشتدت عليهم المصائب.
من جانبه استعرض الدكتور محمد مراد عبدالله جهود المركز في مجال تعزيز أمن الاستثمار، واستعرض الدراسة الميدانية التي أجريت على نزلاء سجون دبي.
أصل المشكلة
وأكد العميد خميس مطر المزينة ان دولة الإمارات العربية المتحدة لديها قانون يحظر على اي شخص لا يحمل إقامة سارية المفعول فتح حساب بنكي او الحصول على دفتر شيكات، وإذا كان ذلك يحدث فهذه مخالفة صريحة للقانون ويجب محاسبة الفاعل.
وقال هناك تعميم صادر عن المصرف المركزي بمنع التعامل مع اي عميل يرجع له 5 شيكات وتكون من دون رصيد ولكن في ظل وجود البنوك والربح وإيجاد القروض هل هذا مطبق؟ مشيرا الى ان القروض الشخصية اصبحت الحل امام الجميع نتيجة التسهيلات الممنوحة.
وطالب المزينة بأن يقدم صاحب المشروع جدوى اقتصادية لمشروعه قبل الحصول على قرضه، مشيرا الى أن أغلبية القروض الشخصية تزج أصحابها بالسجون وليست القروض العقارية والسبب يرجع لحصول اصحابها على هذا القرض للمضاربة في البورصة لتحقيق ربح مادي سريع.
القروض العقارية
وتحدث اللواء الدكتور محمد حافظ الدهوان استاذ ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية الشرطة المصرية عن كيفية احتواء الآثار السلبية للقروض العقارية، مشيرا الى أن هناك مجموعة من الإجراءات لا بد أن تتخذها البنوك لحماية المتعثرين مع عدم منح القروض لغير القادرين على ردها، وضرورة مراقبة البنوك للمشروعات التي تمولها حتى لا يحول القرض لاستخدامات أخرى ومساندة المشروعات المتعثرة او الدخول معها كشريك من قبل البنك.
وتحدث المستشار عادل السعيد رئيس الاستئناف ومدير المكتب الفني بالنيابة العامة المصرية عن الجرائم الجنائية والتجاوزات الإدارية المرتبطة بالقروض والتسهيلات المصرفية مستعرضا عددا من القضايا التي وقعت في مصر في السنوات الماضية.
وصنف الجرائم الواقعة في البنوك لجرائم نتيجة ومنها جرائم الاختلاس والاستيلاء والإضرار العمدي، وجرائم الخطر، وهي التربح بأشكاله وجرائم غير عمدية سواء من أفراد او مجموعات.
وتحدث الدكتور محسن أحمد الخضيري - مفكر اقتصادي وخبير مصرفي عن أمن القروض المصرفية، مشيرا الى جرائم العولمة ومنها الجريمة المنظمة وغيرها من الجرائم مطالبا بأهمية فرض حماية على أمن البيانات والمعلومات الخاصة بالبنوك والمصارف.
نقاش
وأدار الفريق ضاحي خلفان نقاشا بين الحضور حول محورين أساسيين عن كيفية الحد من المتورطين وانخفاضهم الى النصف، وعن المصارف الإسلامية.
عادل الصايغ من مصرف الإمارات المركزي قال ان وجود الطفرة في الإمارات يدفع الكثيرين الى التوسع في البناء وغيره من المشاريع مؤكداً أن هناك مشاريع ضخمة تقام وهي إيجابية، مشيراً إلى أنه لا توجد مشكلة في أي بنك بالدولة سواء في المجال التجاري أو العقاري.
وأشار الصايغ إلى أن البنك المركزي لديه رقابة دائمة مكتبية وميدانية على أعمال المصارف والبنوك بشكل دوري مشيراً إلى أنه كان هناك بعض القضايا في السابق التي حدث فيها تواطؤ ولكن لا يمكن القول إن هناك انتهاء كاملا للمشاكل.
وتساءل الفريق تميم لماذا المصارف الإسلامية أكثر قسوة في قروضها وأكثر الإشكاليات تخرج منها للمقترضين؟
فرد الدكتور معن الجارحي- خبير مالي في مصرف الإمارات الإسلامي قائلاً إن موضوع الندوة مهم وخطير مشيراً إلى أن مشكلة القروض تعود لعدم الرقابة خاصة في البنوك الخاصة التي لديها مساهمون عديمو الوعي.
وقال إن دور الرقابة المصرفية والإشراف الدقيق من البنك المركزي مهم خاصة وأن لديه قائمة سوداء للمقترضين الذين لديهم مشاكل مع البنوك.
وقال العميد المزينة إن البنوك والمصارف الإسلامية لديها مشاكل في تمويل البضائع والتمويل التجاري لأن هناك شيكات مرتجعة في هذا الصدد.
ورد عليه أحد العاملين في بنك دبي الإسلامي إن البنوك الإسلامية تعمل وفقاً للشريعة وتقوم بجدولة القروض من دون زيادة. تساءل الفريق ضاحي خلفان لماذا تطول مدة القرض عندما أحصل عليه من بنك إسلامي بخلاف ما أحصل عليه من بنك آخر فهل هو تشجيع للربوية؟
رد عليه أحد العاملين في بنك دبي الإسلامي القرض في البنوك الإسلامية تضاف عليه قيمة المرابحة، ومن وجهة نظره أنه لا يعتقد أن هناك زيادة. ورد فيصل أهلي وكيل أول النيابة أن البنوك الإسلامية أقل بنوك ترد منها شكاوى والفرق يكون في قيمة المرابحة. وقال أحد الحضور إن البنك المركزي أصدر تعميماً بألا يزيد القرض الشخصي عن 250 ألف درهم ولكن البنوك الخاصة تتجاوز هذا مع تسهيلات كبيرة إضافة لتسهيلات أخرى من جهات أخرى في الدولة. وأعلن الدكتور ساهر رشاد من مركز دعم اتخاذ القرار أن هناك نسبة كبيرة من الشيكات المرتجعة حررها أشخاص زائرون وليسوا مقيمين في الدولة، مشيراً إلى أن هناك من كانوا مقيمين في وقت سابق وامتلكوا دفاتر شيكات وعادوا زائرين وارتكبوا جريمتهم.
وطالب بأن يكون في كل بنك ممثل للمصرف المركزي وديوان المحاسبة ولا يعطى القرض إلا بموافقة الجهتين. وأكد المقدم عبدالله خان أن هناك شيكات مرتجعة بالفعل وصلت من أشخاص يحملون تأشيرة زيارة وليست إقامة. وفي هذا الصدد قال الصايغ إن البنك الذي يفتح حساباً لزائر أو دفتر شيكات يكون مخالفا وستفرض عليه عقوبات. وأشار فيصل عبدالملك أهلي إلى أن البنوك عندما يتعثر عميل لها في السداد ينتظر على العميل أشهراً حتى تتكون عليه فائدة ثم يبلغ عنه ليطالب بالمتأخرات والفائدة، وأشار إلى ظاهرة جديدة هي أن بعض البنوك تصدر شيكات لمالكي بطاقات الائتمان وليست للحسابات المصرفية. وفي ختام الندوة قال الدكتور مراد إن ما يهمنا كجهة أمنية هو معرفة المشكلة والحد من السجناء والمتضررين من القروض الشخصية مشيراً إلى أن البنوك لا بد أن تساهم في حل المشكلة ولو حتى بنسبة 50% إلا أن الشرطة تتحمل عبئاً يصل إلى 70% من أخطاء تلك البنوك من التسهيلات التي تمنحها.
مناشدة “المركزي” تفعيل آلية الرقابة
ناشدت ندوة أمن القروض المصرفية المصارف للحد من القروض الشخصية التي تستخدم في المجالات الاستهلاكية والاستخدامات المظهرية، وحثها على تقديم القروض في المجالات الإنتاجية.
وناشدت المصرف المركزي تفعيل آلية رقابته على منح المصارف للائتمان وخاصة القروض الشخصية بما يقلل مخاطر هذه القروض واحتمال تورط المقترضين وتعرضهم للمشاكل الجنائية.
وطالبت الندوة بوضع ضوابط صارمة للاقتراض بضمان الأوراق المالية وتحديد حد أقصى لنسبة الإقراض تضمن عدم تورط المقترضين نتيجة النقليات المحتملة في الأوراق المالية وفرض التزام صارم على المصارف المانحة للقروض الشخصية بتحديد سقف أعلى لهذه القروض لا يتجاوز 24 ضعف الراتب الشهري للمقترض أي مرتب عامين.
وناشدت المشاركون في الندوة المشرع الإماراتي النص صراحة على أن الشيك هو وسيلة دفع فقط وعدم الاعتداد به كأداة ضمان أو ائتمان ومناشدة الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع المصارف من استكتاب المقترضين بشيكات على بياض مهما كانت الظروف وأياً كانت الأسباب ودعوة المصارف إلى تقليل الاعتماد على الشيك كضمان ائتماني ومنع الاعتماد عليه في القروض الشخصية لحماية المقترض من مخاطر المساءلة الجنائية بسبب معاملات مدنية.
وطالبت أيضاً بتضمين برنامج التربية الأمنية توعية طلبة وطالبات المدارس من مساوئ الاستهلاك المفرط ومخاطر الاقتراض غير المبرر وتنمية الوعي الادخاري لديهم.
ودعت الندوة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بانضمام كافة المصارف العاملة بالدولة لنظام المعلومات الائتمانية وحث أجهزة العدالة الجنائية على تأهيل عدد من كوادرها للتعامل الفني مع جرائم الائتمان وسوق المال.
22.7 مليار درهم قيمة الشيكات المرتجعة
بلغت قيمة القروض الشخصية في دولة الامارات 160 مليار درهم خلال العام الماضي. هذا ما أكدته الاحصاءات الرسمية مشيرة إلى أن حجم هذه القروض زاد بمعدل 63،9% العام الماضي عن سابقه، وارتفع عدد الشيكات المرتجعة إلى 758 ألف شيك بقيمة 22،7 مليار درهم.
وأظهرت دراسة ميدانية أعدها مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي على نزلاء سجن الرجال بدبي أن هناك 180 مسجوناً بسبب القروض وأن 19،5% من النزلاء أودعوا السجن بسبب صدور أحكام جنائية ضدهم في جرائم إصدار شيكات من دون رصيد وأن المتورطين منهم هم 55،6% من الشباب و40،3% من الجامعيين وأن 41،7% استصدروا شيكات لصالح بنوك كانت لقروض شخصية و42% منهم حكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح ما بين 1- 3 سنوات وأظهرت الدراسة أن 68،8% من هؤلاء دخلوا السجن لأول مرة أي ليس لهم سجل إجرامي.
وأوضحت الدراسة أن من بين هؤلاء 31 مواطناً إماراتياً و18 عربياً و28 أجنبياً، وأكدت الدراسة أن هؤلاء السجناء الذين يمثلون 20% من إجمالي السجناء في سجن الرجال غالبيتهم من ذوي المؤهلات العليا ومن يعملون بالأعمال الحرة.
تكلفة السجين تعادل الإقامة في فندق 5 نجوم
طالب الدكتور محمد مراد عبدالله بأن تسهم البنوك في 50% من مصروفات سجناء السجون على ذمة قضايا بنكية مشيراً إلى أن تكلفة السجين يومياً تعادل قيمة الفرد المقيم في فندق 5 نجوم مؤكداً أن شرطة دبي تعمل بنسبة 60% في قضايا اصحاب الشيكات المرتجعة وتتبعهم وضبطهم.