المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معنى الاندماج المصرفي بدبي



أبوتركي
21-03-2007, 04:09 AM
معنى الاندماج المصرفي بدبي


بقلم حسين العويد *

كالعادة فاجأت دبي الاوساط الاقتصادية المحلية والخليجية بالاعلان عن دمج اكبر مؤسستين مصرفيتين فيها وهما بنك دبي الوطني الذي يعد اقدم بنوك الامارة وبنك الامارات الدولي الذي يعد اكبرها من حيث رأس المال والموجودات. ومع ان عمليات الدمج المصرفي كانت مطلبا من مطالب القطاع المصرفي لسنوات، الا ان حدة المطالبة بالدمج تراجعت كثيرا في السنوات القليلة الماضية حين قامت البنوك الاماراتية بتحسيين مراكزها المالية عن طريق زيادة رأس المال او تحسين النشاط الذي مكنها من زيادة موجوداتها وعمليات الاقراض مع تراجع ملحوظ في حجم الديون المشكوك فيها والتي تشكل في العادة سببا في اقدام المصارف على اعادة الهيكله او القيام بعمليات اندماج. لكن البنكين اللذين اعلن الاندماج بينهما في دبي لم يكونا يعانيان من أي ضغوط تدفعهما الى الاندماج، فهما بنكان يتمتعان بملاءة مصرفية عالية وتصنيف ائتماني يتوافق مع ارقى المعايير الدولية فضلا عن ان موجوداتهما وعملياتهما المحلية تجعلانهما في مقدمة المصارف الاماراتية ان لم يكن في مقدمة المصارف في المنطقة. ومن هنا جاءت مفاجأة حكومة دبي التي تملك حصصا مسيطرة في البنكين. فالاندماج هو في الواقع رسالة الى الاوساط الاقتصادية المحلية والدولية بان اقتصاد دبي بشكل خاص والامارات بشكل عام ماض في خططه للتكيف مع معايير المنافسة الدولية التي يفرضها استحقاق الانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي تلزم الاعضاء فيها على تحرير قطاع الخدمات المصرفية وتضع المصارف المحلية في مواجهة مع مصارف عالمية اكثر رسوخا في الاسواق واكبر ملاءة فضلا عن انها اكثر خبرة في العمل المصرفي. واذا اخذنا بعين الاعتبار ان عملية الاندماج ليست عملية سهلة وتحتاج الى وقت وتحضير فإننا ندرك ان قرار حكومة دبي جاء في وقت مناسب بحيث لن يأتي عام 2010 ـ وهو الموعد الذي يبدأ فيه تطبيق معايير منظمة التجارة العالمية ـ الا وقد استعد البنك الجديد الذي سيكون ثمرة للاندماج للمنافسة القادمة من خارج الحدود. على ان الاستعداد لمرحلة المنافسة التي تفرضها منظمة التجارة العالمية، لا تشكل العنصر الوحيد الذي جعل حكومة دبي تقدم على دمج المصرفين. والى جانب ذلك فإن البنك الجديد يلبي الحاجة الى توفير تمويلات ضخمة للمشروعات العقارية والسياحية والصناعية الضخمة التي يتم اطلاقها تباعا لا في دولة الامارات فحسب بل على مستوى المنطقة ككل. واذا اخذنا بعين الاعتبار القيود التي يفرضها المصرف المركزي الاماراتي والتي لا تسمح لأي مصرف بتقديم تمويلات تزيد عن 25% من امواله القابلة للتسليف لقطاع واحد، فإننا سنجد ان البنوك المحلية بحالتها الراهنة غير قادرة على توفير تمويلات كافية لكل المشروعات المعلن عنها، الامر الذي اقتضى منها اللجوء الى الاقتراض من الاسواق الدولية، وهي اسواق تحتفظ بشريحة كبيرة من الاموال العربية المهاجرة. ولذلك فإن توسيع قاعدة رأس المال عن طريق الاندماج من شأنه اولا تحسين حجم وامكانيات المصرف الجديد لتقديم التسهيلات للقطاعات المختلفة فضلا عن ان هذا يساهم في المدى المتوسط على تحسين الربحية.

كما ان عملية الاندماج من شأنها تحسين فرص المصرف الجديد للتوسع اقليميا من خلال الاستحواذ والتملك لمصارف جديدة في المنطقة او من خلال توسيع شبكة فروعه او زيادة فرص استفادته من المشروعات التي تطرح للتمويل على مستوى الاقليم. وفوق ذلك كله ستساهم عملية الاندماج تقليص المصاريف خاصة الادارية التي يتحملهما المصرفيون الآن. اننا اذ نحيي الخطوة التي اقدمت عليها حكومة دبي نجد انها بداية مشجعة ومحفزة لمزيد من عمليات الاندماج سواء على المستوى المحلي لدول المنطقة او على المستوى الاقليمي للمنطقة ككل.