المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصارف الإمارات في مواجهة العولمة وتحرير التجارة



أبوتركي
22-03-2007, 02:12 AM
مصارف الإمارات في مواجهة العولمة وتحرير التجارة



يعتبر قطاع المصارف من أهم القطاعات الاقتصادية على المستوى العالمي، ويشكل لاعباً ومحركاً رئيسياً وأساسياً في الحياة الاقتصادية، من حيث استقطاب رؤوس الأموال والمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية بالاضافة الى قدرته في عملية توظيف وتنمية الكوادر الوطنية وتطويرها. ومن هذا المنطلق فان هذا القطاع بطبيعة الحال يتأثر بالمتغيرات الاقتصادية الاقليمية والدولية. ولابد للمصارف الوطنية من العمل على مواجهة التحديات الحالية والمقبلة، فالعالم مقبل على كثير من التحديات المستقبلية التي تفرض على المصارف الاستعداد لمواجهتها بوسائل وأساليب وطرق فعالة .

ومن أهم التحديات التي تواجهها المصارف في المرحلة الحالية العولمة وتحرير التجارة العالمية، وما تفرزه هذه التحديات من نتائج وأساليب جديدة وايجابيات وسلبيات تؤثر في قطاع المال والمصارف بصفة خاصة ، فالعالم يتجه اليوم نحو تغيير شامل في قواعد التجارة أو كما يقال “قواعد اللعبة” فاللعبة تحتاج الى لاعبين أشداء وأقوياء. ان من أهم نتائج العولمة وتحرير التجارة هي شدة المنافسة وارتفاع مستواها الى درجة عالية، وسيكون البقاء في حلبة المنافسة للأقوى القادر على منافسة الشركاء الآخرين والمتوقع دخولهم للسوق فان كانت قوة القطاع على المنافسة كبيرة ويمتلك المهارات التي تؤهله للمنافسة، فهذا سوف يضمن بقاءه في السوق، أما من لا يمتلك هذه القوة والمهارات فان بقاءه ضئيل ولن يستطيع مواجهة اللاعبين الأقوياء ويكون مصيره الخروج من اللعبة.

ويعتبر قطاع المصارف أحد القطاعات الأساسية التي تدور حولها المفاوضات في تحرير التجارة في اطار منظمة التجارة العالمية تحت تحرير قطاع الخدمات. وتهدف هذه المفاوضات الى فتح الأسواق وازالة جميع القيود أمام تدفق الخدمات وانتقالها بين الأسواق بحرية ودخول موردي ومقدمي الخدمات بقيود وشروط منخفضة وبالتالي تقديم خدمات تنافسية. وعملية المفاوضات ليست عملية مؤقتة بل هي عملية مستمره وتدريجية تهدف في النهاية الى تحرير شامل للتجارة، فمهما وضعت الدول من قيود في المرحلة الحالية فمصيرها في النهاية الازالة من خلال ما تفرضه عملية التحرير من ضغوط والمطالبة بتحرير سريع وشامل .

فقطاع المصارف اذا عليه الاستعداد لمواجهة المنافسة المقبلة من لاعبين أقوياء ومصارف كبيرة تمتلك القدرات والامكانات التي تضمن لها المنافسة في السوق والتي تحاول بشتى الطرق الفوز بحصة كبيرة منها والسيطرة على جزء كبير من القطاع، وهذه المواجهة لابد من أن تبنى على قواعد وأسس ومبادرات اقتصادية متينه تؤهل قطاع المصارف الوطني للدخول في خضم المنافسة والبقاء بقوة، ولا نقول بهدف الفوز في اللعبة بل على الأقل الخروج بالتعادل وتحقيق مكاسب من تحرير التجارة .ان تحقيق المكاسب، والاستفادة من تحرير التجارة يحتاجان الى عدد من الطرق والوسائل التي تمكن المصارف الوطنية من المنافسة وأن تلعب دورها المهم في التنمية الاقتصادية وخدمة الاقتصاد الوطني وتطوير القطاع المصرفي الوطني وتأهيله للمنافسة ومواجهة تحديات العولمة وتحرير التجارة.ومن أهم هذه الوسائل تكوين مصارف وطنية قوية وكبيرة وهذا يتم من خلال عملية الاندماج بين البنوك الوطنية. ويشهد العالم اليوم ظهور كيانات كبيرة وعملاقة لا يمكن مواجهتها ومجاراتها أو منافستها الا بكيانات مثلها تستطيع الصمود في وجهها، فالاندماج يتيح الفرصة لتجميع الامكانات والقدرات في كيان واحد قوي يمكنه الدخول في حلبة المنافسة، كما يتيح الاندماج للمصارف تكوين رؤوس أموال ضخمة وتسهيلات كبيرة وخدمات متطورة وواسعة تمكنها من المنافسة والبقاء في السوق.لقد اتجهت مصارف ومؤسسات مالية كثيرة في العديد من دول العالم نحو الاندماج لتكوين كيانات مالية ضخمة تستطيع المنافسة في الداخل والخارج في ظل التوجه نحو تحرير التجارة العالمية، وشهدنا ولادة مصارف عملاقة في كثير من الدول اتجهت فيها المصارف للاندماج نتيجة لايمانها بقدرة التكتلات الكبيرة على مواجهة التحديات، ولم تقتصر تلك العملية على الدول المتقدمة فقط بل شهدت كثير من الدول النامية حالات مماثلة كما حدث في دول أمريكا الجنوبية مثل البرازيل والأرجنتين وامريكا اللاتينية مثل فنزويلا وفي آسيا مثل الصين وكوريا واندونيسيا وغيرها من الدول الآسيوية، كما شهدت بعض الدول العربية عمليات دمج بين المصارف كما حدث في لبنان والسعودية وسلطنة عمان والاردن وغيرها.

لذلك على قطاع المصارف في دولة الامارات أن يخطو هذه الخطوة ويحذو حذو الدول الأخرى حتى يكون على استعداد لمواجهة التحديات وتحرير التجارة في ظل توجه الدولة نحو الاندماج في الاقتصاد العالمي وتطبيق التزامات الدولة في منظمة التجارة العالمية وتحرير تجارة الخدمات، وتوجه الدولة ودول مجلس التعاون الخليجي نحو توقيع عدد من اتفاقات التجارة الحرة مع بعض الدول والتجمعات الاقتصادية الدولية، وهذا يفرض على القطاع المصرفي الوطني العمل على الاستعداد للمرحلة المقبلة وما تحمله من تحديات ومستجدات تمكنه من المنافسة مع المصارف الأخرى التي تمتلك القدرات والامكانات الكبيرة.

والحمد لله بدأت بعض المصارف الوطنية تدرك أهمية هذا الموضوع والامكانات والفرص التي تتيحها عملية الاندماج، وبادرت فعلاً بالاندماج كما فعل بنك الامارات الدولي وبنك دبي الوطني، وأعتقد أن هذه خطوة صحيحة نتمنى أن تكون هناك خطوات ومبادرات مشابهة من المصارف الأخرى حتى يكون لدينا قطاع مصرفي قوي قادر على المنافسة ومواجهة التحديات .

إن عملية الاندماج لها العديد من الايجابيات والفوائد، وتزايد عمليات الاندماج بين المصارف في دول كثيرة حقق لها كثيراً من الفوائد والمكاسب لذلك فهي أدركت أنها من خلال الاندماج ستجني الفوائد وستحقق ايجابيات كثيرة، وبالفعل حققت المصارف المندمجة ايجابيات ونتائج ما كانت ستحققها لو أنها كانت منفردة أو كانت كيانات صغيرة، منها على سبيل المثال امتلاك رؤوس أموال وأصول ضخمة وتطور وارتقاء مستوى وجودة خدماتها وتكوين قاعدة عملاء ضخمة وجذب رؤوس أموال وتحسين قيمة الأسهم السوقية وارتفاع الانتاجية وتنويع الودائع، كما أن عملية الاندماج تساعد على تطور القطاع المصرفي واستقراره فينال ثقة المستهلكين والعملاء وغير ذلك من الفوائد.

ان الفرصة مهيأة الآن للمصارف الوطنية للقيام بعمليات اندماج وهناك عوامل مختلفة تشجع على القيام بهذه العملية والمبادرة بها، وأرى أن تقوم المصارف باتخاذ خطوات جريئة وسريعة في هذا الاطار، وأن تكون مستعدة بفترة كافية قبل فوات الأوان لأن الوقت المناسب هو الآن قبل أن تفاجأ بمتغيرات ومستجدات جديدة قد تؤثر فيها وتكون لها نتائج سلبية مستقبلاً،

فالجهات الحكومية ترحب وتشجع عملية الاندماج بين المصارف الوطنية ووضعت عدداً من الحوافز المشجعة منها الاعفاءات الضريبية وعدم وجود فوائد على الودائع واتاحة فرص كبيرة للتوطين في القطاع المصرفي.

لذلك نتمنى أن نرى ظهور كيانات مصرفية كبيرة في الدولة ومبادرات جديدة للاندماج، لأن ذلك يحقق المصلحة العامة للقطاع ويكون لدينا قطاع مصرفي قوي قادر على المنافسة. ما يؤثر بشكل ايجابي على الاقتصاد الوطني ككل، لأن تطور القطاع المصرفي سيكون له تأثير ايجابي في بقية القطاعات الاقتصادية وهذا يساهم في عملية التنمية والتطور والازدهار التي تشهدها الدولة في المرحلة الحالية.