المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا ينفع الكويت لو ربحت الحريات كلها.. وخسرت الاقتصاد؟



أبوتركي
27-03-2007, 02:01 AM
رغم المؤشرات الاقتصادية المذهلة القشرة الخارجية للإحصاءات تخفي ما تخفيه
ماذا ينفع الكويت لو ربحت الحريات كلها.. وخسرت الاقتصاد؟




27/03/2007
تعريب وإعداد: رزان عدنان
على الرغم من المؤشرات الاقتصادية المذهلة خلال الطفرة الحالية، فشلت الكويت في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية كما فشلت في استغلال التدفقات المالية الناتجة عن اسعار النفط المرتفعة في الاعوام الاربعة الماضية.
سجلت دول الشرق الاوسط المنتجة للنفط خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة نموا اقتصاديا قياسيا بسبب ارتفاع اسعار النفط ومستويات الانتاج العالية.
ونتج عن تدفق عوائد النفط فوائض غير مسبوقة ومشاريع استثمارية بالجملة غيرت من وجه منطقة الخليج.
لكن السؤال يدور حول ما اذا استغلت كل دولة هذه التدفقات النقدية على اكمل وجه؟ ففي الوقت الذي تبرز دبي مركزا اقليميا للخدمات والسياحة بعدما وضعت خطوطا عريضة لها حول العالم، يبدو الاقتصاد الكويتي معطلا بسبب سوء الادارة السياسية.
وفي تدقيق حسابي عن كيفية ادارة المنطقة للعوائد النفطية في فترة الازدهار الحالية التي تعيشها اعدت 'ميد' دراسة لأداء دول الشرق الاوسط المنتجة للنفط للاعوام الثلاثة الماضية.
وكانت اسعار النفط القوية مفاجأة لمعظمهم، وبالعودة الى منتصف عام 2005، نجد ان المحللين توقعوا انخفاضا وشيكا للاسعار لكن ما حدث كان العكس اذ صعد متوسط سعر خام برنت من 29 دولارا للبرميل في عام 2003 الى 55 دولارا للبرميل في 2005 و65 دولارا في 2006 وصل الى ذروته في يوليو 2006 متخطيا حاجز ال78 دولارا للبرميل.
كفالة النجاح
وكان معدل نمو اجمالي الناتج المحلي الحقيقي للمنطقة في 2006 حوالي 7 في المائة مقارنة مع 3.60 في المائة خلال تسعينات القرن الماضي وبلغت احتياطيات اعضاء منظمة اوبك ( ما عدا ايران والعراق) من العملة الاجنبية اكثر من 200 مليار دولار.
ومع ذلك لا تعتبر اسعار النفط المرتفعة كفالة او ضمانا للنجاح الاقتصادي، اذ لم تدم فورة اسعار النفط في عام 1973 طويلا، وكان معدل النمو الضخم على المدى القصير لا اكثر كذلك تكرر الامر في عام 1980 عندما وصل سعر برميل النفط الى 90 دولارا تبعه تدهور اقتصادي نتج عنه نمو سلبي لاجمالي الناتج المحلي في المملكة العربية السعودية منذ عام 1982 وحتى عام 1985 .
لكن هذه المرة يجمع المحللون على ان أسعار النفط المرتفعة ستستمر على وضعها على الأقل للمدى المتوسط.
وقد يكون من الخطأ ان تعلق حكومات المنطقة مستقبلها الاقتصادي على عوائد المصادر المحدودة، التي لا يمكن التنبؤ بها.
خلق فرص عمل
وأشد ما يواجه دول الشرق الأوسط هو مسألة خلق فرص العمل، رغم ان معدل العاطلين عن العمل انخفض في الأعوام الأخيرة، ويقدر عددهم بنحو 12 في المائة من القوى العاملة.
يقول رئيس المحللين الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي محمد خان 'أخطر مشكلة تواجه المنطقة هي البطالة'.
ويضيف 'ان معدلات النمو التي تتراوح بين 6 و7 في المائة بحاجة الى الاستمرار لاستيعاب نمو القوى العاملة، التي يجب ان يتولاها القطاع الخاص'.
وتبعا للبنك الدولي، فإن على دول المنطقة ان توفر 100 مليون فرصة عمل جديدة في الأعوام العشرين المقبلة، أي ضعف الرقم حاليا لمواجهة النمو السكاني الهائل والبطالة الحالية، وان حدث ذلك، يجب على المنطقة تجنب اغراء العوائد الخارجية عوضا عن اصلاح الخلل التركيبي في اقتصادها، كما حدث في السبعينات.
ويبدو ان هناك سعيا من الحكومات المنتجة للنفط لتجنب اخطاء الماضي.
تقول كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي جينيفر كيللر 'عندما انهارت اسعار النفط في السبعينات، كانت الدول المنتجة للنفط ملتزمة بحجم انفاق لم تستطع التخلص منه'، وتضيف 'وكانت هذه الدول تنفق الأموال قبل ان تحصل عليها، لكن العقلية تغيرت الآن، فرغم انفاق هذه الدول الكبير، فإنها تطور أيضا فوائض الحساب الجاري الكبير والاحتياطيات الخارجية التي ستكون مصدا في حال انخفضت أسعار النفط'.
وكان الاداء المالي خلال فترة الازدهار الحالية مذهلا، اذ تبعا لتقرير البنك الدولي عن التوقعات والتطور الاقتصادي لدول الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي تأسس عام 2005.
قدر ان حوالي 25 في المائة من عوائد الصادرات الخارجية انفقتها دول المنطقة مقارنة مع 60 في المائة خلال فترة الازدهار النفطية في السبعينات، وكانت الحكومة الكويتية في 2006 الأفضل في العالم من حيث العائد الى الانفاق، وأوفت كل من الجزائر والسعودية بجزء ضخم من ديونهما الخارجية وتأسست صناديق لتعزيز النفط في المنطقة لتكون حائلا ضد أي هبوط ممكن في أسعار النفط مستقبلا.
أخطاء الثمانينات
يقول خان 'كثير من صانعي القرار السياسي حاليا كانوا شاهدين على الاخطاء التي ارتكبت خلال حقبة الثمانينات والتسعينات، وهم حريصون على عدم تكرار اخطاء الماضي'.
وعلى الرغم من بلوغ برميل النفط 60 دولارا، فإن حكومات منطقة الخليج لا تزال تعتمد في تقديراتها للدخل على سعر 30 - 33 دولارا للبرميل. ففي الجزائر ترتكز الميزانية على اساس سعر 19 دولارا للبرميل فقط، ويعلق خان على الامر قائلا: 'ما بين عامي 2003 و2006 ادخرت المنطقة نحو 650 مليار و700 مليار في صناديق الاستثمار والاحتياط التابعة للدولة، واذا استمرت اسعار النفط على مستوياتها الحالية، فستقترب هذه الدول في 2008 من ادخار تريليون دولار'.
لكن دول المنطقة المنتجة للنفط لا تزال تعتمد بشكل كبير على الهيدروكربونات في نموها الاقتصادي، ففي عام ،2006 كانت الجزائر تعتمد على الكربونات بنحو 98 في المائة من عوائدها التصديرية.
البنية التحتية
وعليه، نرى ان الجهود بدأت تخاطب المشكلة عبر تركيز حكومات المنطقة انفاقها على اهداف قابلة للتعزيز.
ويقول خان: 'بدأت حكومات المنطقة الاستثمار والانفاق بشكل صحيح تماما، والتركيز بشكل كبير على الاستثمار في البنية التحتية التي من شأنها فيما بعد تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد'.
من جهتها، اعلنت كل من قطر والسعودية والجزائر عن برامج بنية تحتية ضخمة، يبلغ مجموعها تريليون دولار، في محاولة منها لسد عجز البنية التحتية، وتحفيز النمو الاقتصادي، وضخت الامارات العربية المتحدة مليارات الدولارات على الاستثمار في مجال العقار.
تقول مونيكا مالك من 'ستاندارد تشارترد' ان 'طاقة الاقتصاديات في المنطقة ارتفعت، اذ كان الكثير من الاموال يتركز في اكبر البنوك الاميركية، اما الآن فأغلب هذه الاموال يبقى في المنطقة، ويستثمر في سوق الاسهم والعقار في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وادركت دول هذه المنطقة اهمية الامكانية القوية التي تتمتع بها الهند والصين، وترجمت اهتمامها بشراء الكثير من الشركات في شرق آسيا'.
لكن بعض حكومات الدولة كان اداؤها متواضعا دون غيرها في ادارة التدفق النفطي الحالي.
ففيما جمعت ليبيا 56.400 مليون دولار من احتياطيات العملة الاجنبية، تحاول ترجمة دخلها غير العادي الى برامج استثمارية متماسكة اسستها، تبقى ايران وبشكل مثير للجدل الاسوأ وضعا بين هذه الدول جميعا، ففي حين زادت ميزانية طهران في 2006 الى اكثر من 135 مليار دولار بعد ان كانت 61 مليار دولار قبل عام، فإن الانفاق الحكومي رافق هذه الزيادة ايضا وبشكل كبير.
وكان من المتوقع ان يزداد حجم الانفاق من 37.1 مليار دولار في 2004 الى 120 مليار دولار في عام ،2006 ويظهر الكثير منه في المجال العسكري.
الضعف العام
لكن ورغم التقدم القوي الا ان هناك ضعفا عاما يجب على جميع دول المنطقة المنتجة للنفط مواجهته، اذا ما ترجمت التدفقات المالية النفطية الى نمو اقتصادي معزز. وعلى نحو خاص، فإن الانفتاح الكبير لاقتصاديات المنطقة على رؤوس الاموال الخاصة وتطوير طرق جديدة للشركات الخاصة لرفع الديون سيكون محورا مهما في توسعة رقعة الاستفادة من التدفقات النفطية الكبيرة في الاسعار.
ومع ان مصارف المنطقة تنضح بالسيولة، لكن هناك قدرا قليلا من الاعمال التجارية الخاصة خارج الخليج تجد لها منفذا او تنجح في الحصول على تحويل المصرف، وحتى في الخليج، وعلى الرغم من العدد الصغير من الشركات المسيطرة فإن الكثير منها رعاة حكوميون.
وحتى الآن تعيش دول الشرق الاوسط احدى اغنى الفترات في تاريخها، لكن لا وقت للتراخي او التباطؤ في التقدم الاقتصادي، ويقول في ذلك رئيس المحللين الاقتصاديين في SABB جون سفاكيناكيس 'ان نفوذ واضمحلال النفط والغاز في المستقبل سيوقف مشاريع التطور في المنطقة، ولهذا يجب على حكومات المنطقة ان تعمل بجد لتحضير نفسها واقتصادها للمستقبل'.



ميد



تصنيف استغلال التدفقات المالية
فيما يلي بطاقة تصنف بعض دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا المنتجة للنفط حسب درجة استغلالها للتدفقات المالية من النفط، وتحويلها الى نمو على المدى الطويل بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته اسعار البترول في الاعوام الاربعة الماضية. واعتمدت 'ميد' في تصنيفها على المؤشرات الاقتصادية وتحليلات رئيسة لهذه البلدان، ويلاحظ ان العراق ليست مشمولة في هذا التقرير.

هل ترغب الدولة في الإنفاق أم لا؟
ليس من المستغرب ان تحقق الكويت رقما قياسيا في فائض الميزانية وان يكون دخل الفرد فيها الاعلى في العالم، بعد ان ارتفعت اسعار النفط إلى مستويات قياسية في الاعوام الثلاثة الاخيرة. لكن القشرة الخارجية للاحصائيات تخفي تحتها ما تخفيه، اذ لا يوجد حتى الان دليل ملموس على ترجمة التدفقات الكبيرة من اموال النفط الى مشاريع تطوير خفيفة في البنى التحتية او حتى الاداء الاقتصادي الضروري.
وارتفع الانفاق الحكومي حوالي 46 في المائة في الاعوام الاربعة الماضية من 4.1 مليار دينار في ،2002 الى اكثر من 6 مليارات دينار في ،2006 لكن يبقى الانفاق بعيدا بشوط كبير عن حجم العوائد التي ارتفعت الى اكثر من 16 مليار دينار في العام الماضي، لتكون الكويت افضل دول المنطقة من حيث معدل الفائض الى الانفاق.
لكن معظم حجم الانفاق الاضافي يتم توجيهه نحو زيادة اجور العمالة المحلية التي توظفها الدولة.
ففي السنة المالية ،2007/2006 سيزيد معدل الانفاق على الاجور الى 2.2 مليار دينار اي اكثر من ربع العوائد المرصودة في الميزانية واكثر من ضعف حجم الانفاق على الرواتب في عام 2000.
وتتطلب البنية التحتية في الكويت استثمار رؤوس الاموال بشكل عاجل على مشاريع المواصلات والطاقة والمياه، وتحتاج بشكل خاص هذه الاخيرة الى مليارات الدولارات لتحسينها وللتأكيد على ان الكويت تسير في ركب دول المنطقة المتقدمة الاخرى.
اما مسألة الاسكان فتتطلب انجاز احتياجات النمو الكافي السريع للمواطنين، كما تحتاج المدارس والمشافي الى التحديث ايضا.
وعلى الرغم من تخصيص الاموال النقدية المتدفقة على مشاريع البنية التحتية، فإنه ببساطة يبدو جليا انه لا توجد آلية في هذه المشاريع ليتم تضمينها.
فمشاريع الدولة الرئيسية مثل اعادة تطوير جزيرة فيلكا وبوبيان وطريق الصبية وغيرها تغوص في مشاكل البيروقراطية واخرى سياسية تعاني منها الكويت.
لكن تبقى الدولة الاعلى بين جميع البلاد العربية من حيث التحرر وتطور القوى البشرية، اذ يعتبر قطاع الاعلام فيها الاكثر تحررا في المنطقة، والمرأة الكويتية هي الاكثر فاعلية على المستويين السياسي والتجاري، والتي اعطيت حق التصويت العام الماضي.
ومع ذلك، تبقى الكويت الاقل اداء في الفترات الحالية مقارنة مع دول الخليج الاخرى التي استفادت من التدفقات في اموال النفط، على الرغم من الامكانات الهائلة للكويت، والذي يطرح سؤالا عما اذا كانت الدولة مستعدة ولديها الرغبة بعد ان توافرت لديها الطرق والاموال أم لا.