المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأدوات الاستثمارية المعقدة تقرع أجراسها في الخليج



أبوتركي
27-03-2007, 02:29 AM
الأدوات الاستثمارية المعقدة تقرع أجراسها في الخليج

السيولة العالية المتوفرة في المنطقة شجعت ظهورها


دبي: عصام الشيخ
لم يكن ممكنا قبل خمس سنوات، وعلى نطاق واسع كما اليوم ان تسمع مصرفيا او مستثمرا خليجيا او عربيا يتحدث عن صفقات لشراء حصة من شركة مع تنصيب ادارة جديدة management buy-in او عن الدخول في مفاوضات بصفقة ملكية خاصة اسلامية Islamic PE، او حتى مجرد التفكير بإمكانية مناقشة خيارات مستقبلية ومشتقات، ناهيك من الدخول في عملية توريق securitisation لأصول عقارية مثلا. بل كان حتى ذكر المرادف العربي للـ Hedge Funds (صناديق التحوط) يثير استغراب وابتسام السامعين من غير العاملين في القطاعات المصرفية والاستثمارية.. لقد تغير الوضع الآن. فمع توسع نطاق العولمة وتطور وسائل الاتصال المعلوماتية وعودة خبرات مالية ومصرفية واستثمارية عربية لاستلام مناصب عالية بمرتبات ومزايا خيالية في منطقة الخليج التي تسبح في بحر من السيولة العالية منذ مطلع القرن الحالي، وتوجه حكومات المنطقة الى تطوير البنى التحتية الاستثمارية من قوانين وممارسات وحوكمة (مصطلح جديد ايضا)، اصبحت الادوات الاستثمارية اكثر تعقيدا من قبل خاصة مع الاتجاه لمأسسة المجتمعات الاستثمارية في أطر حديثة كما في المراكز المالية العالمية في دبي وقطر والبحرين. «كوركاب» النشطة في الاستثمارات البديلة، وتتخذ من دبي مقرا لها، هي واحدة من المؤسسات المالية «الحداثية» التي بدأت تتوسع بوضوح في منطقة الخليج، وهي حسب كتابها التعريفي الانيق والمكلف متخصصة في «الاستثمار وتقديم الاستشارات المالية» وتعمل على توفير مجموعة متنوعة من الفرص الاستثمارية في الأصول البديلة في منطقة الشرق الأوسط. ويختص مجال عمل الشركة في التمويل الهيكلي المركب بهدف تقديم محافظ استثمارية محدودة المخاطر للمستثمرين تدر عوائد تفوق المعايير. كما تقوم الشركة بخلق وهيكلة الفرص الاستثمارية لاستثمار رؤوس أموال مستثمريها لتمويل عمليات الاستحواذ، والتوسع الرأسمالي، وإعادة الهيكلة المالية والاكتتاب الخاص لرأس المال والتمويل عن طريق أداة الميزانين في قطاع الملكية الخاصة. يقول خالد حسن راشد الرئيس التنفيذي لـ«كوركاب» التي تأسست قبل اشهر قليلة انه يعمل حاليا على عدة صفقات معقدة في الملكية الخاصة التي تعتبر حسب قوله «اعقد الادوات الاستثمارية». وتحدث راشد، المصري الجنسية، عن نمو لصفقات الملكية الخاصة الاسلامية او المتوافقة مع الشريعة والتي تعني المشاركة في المخاطر والارباح حتى مرحلة التخارج باستخدام ادوات مالية معقدة ومؤسلمة تضاهي الى حد ما ادوات الملكية الخاصة التقليدية.
ويبدو ان «كوركاب» تعمل ايضا على تنفيذ اول صفقة تنصيب اداري في المنطقة، وسيكون هذا الامر إنْ حدث ثورة استثمارية جديدة في المنطقة. ويعني هذا شراء بنك استثماري مثل «كوركاب» لحصة كبيرة او مهمة في شركة ما مع اشتراط المشتري استبدال طاقم الادارة الحالي بإدارة جديدة يجلبها هو لتحقيق الاهداف الاستراتيجية لعملية الاستثمار. يقول راشد «مثل هذه الافكار تثير حساسيات كثيرة في منطقتنا ولهذا لم نر أي صفقة من هذا النوع». وكعادة رجال الاستثمار والمال، يتكتم راشد عن التفاصيل متذرعا باتفاقيات قانونية تحظر تداول معلومات حساسة خاصة ان شركته لا تعمل بأسلوب الصناديق وإنما بأسلوب الحالات المنفردة حسب متطلبات وشروط زبائنه من المستثمرين. ويستهدف راشد الاستحواذ على حصص في شركات تبدأ قيمتها من 40 الى 60 مليون دولار فما فوق، ولا يعير انتباها للشركات البادئة او الناشئة بل يحصر شاشة راداره بشركات ناجحة ذات حجم متوسط في الغالب تسعى الى التوسع وزيادة ربحيتها وقيمتها. ويوضح راشد في لقائه مع «الشرق الاوسط» أنه يركز على قطاعات «الاتصالات والتصنيع والخدمات والمؤسسات المالية في الامارات وقطر ومصر والاردن»، فيما تتراوح مدة بقائه في الشركة ما بين 3 الى 5 سنوات قبل التخارج الذي يأخذ صورا مختلفة مثل اعادة البيع او اكتتاب عام اولي وغير ذلك. المشتقات المالية اصبحت ايضا ادوات تنمو بسرعة في منطقة الخليج. فبعد انطلاق عمليات مركز دبي للسلع المتعددة وتأسيس بورصة السلع والمعادن، يستعد مستثمرو هذه السوق للمتاجرة بعقود مستقبلية وخيارات ومبادلات في النفط الخام ووقود الطائرات وأجور الشحن البحري والذهب والفضة والقطن والصلب وغيرها من مشتقات السلع الاستراتيجية التي كانت تسيطر عليها مراكز محدودة في نيويورك ولندن وطوكيو وسنغافورة. ووفقا للدكتور ديفيد رتليدج، المدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة، فإن حصة دبي من التجارة غير النفطية للإمارات في عام 2006 بلغت 80%، مما يمهد الطريق أمامها لتصبح الوجهة المفضلة في المنطقة لتجارة السلع المتعددة.

وسجلت دبي نمواً كبيراً في قطاعات القطن والسكر والزيت النباتي، كما حققت تجارة الشاي ارتفاعاً ملحوظاً في العام الماضي على الرغم من انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار. وحققت تجارة الذهب نمواً بمستويات قياسية، كما استمرت صناعة الماس بالتوسع وتحقيق خطوات مهمة. يضاف إلى ذلك أن منطقة الشرق الأوسط تستهلك 4% من الانتاج العالمي للفولاذ، علماً بأنه يتم استيراد معظم هذه الكمية عبر دبي. وبالنسبة لسمير الأنصاري، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «دبي انترناشيونال كابيتال» التي تصدرت عناوين الاخبار عالميا في العامين الاخيرين بصفقات استحواذ «ذكية»، فإن منطقة الشرق الأوسط باتت تمثل جزءاً أساسياً من مستقبل نمو قطاع الملكية الخاصة العالمي.

ويقول الانصاري «هناك فرصاً واسعة للاستثمار نتيجة لارتفاع حجم الأعمال المملوكة لشركات الملكية الخاصة العالمية والتي تنشط بالتعاون مع المنطقة أو داخلها، إلى جانب النمو في عمليات الاستحواذ والاندماج بين الشركات الإقليمية والعالمية». وأشار الأنصاري إلى أن العديد من كبرى شركات الملكية الخاصة العالمية بدأت تبحث عن فرص استثمارية في الشرق الأوسط، ولربما كان يقصد مجموعة «كارلايل» الاميركية التي توشك على اطلاق صندوق بحجم 500 مليون دولار يستهدف سوق الملكية الخاصة في المنطقة وخاصة دول الخليج ومصر. إلا ان التحدي الاكبر الذي يواجه أي قطاع او سوق استثماري هو مجاراة وابتكار الادوات المعقدة. والقطاع المالي والاستثماري الاسلامي يواجه هذه المعضلة، الا انه يسعى دائما للتغلب عليها حتى ينمو ويحافظ على زخمه. ويقول خبير مصارف اسلامية إن القطاع المالي الاسلامي وعلماء الشريعة لا يزالون بحاجة الى مزيد من الاجتهاد لإزالة العراقيل التي تمنع تطور ادوات مالية اسلامية معقدة. وقال الدكتور محمد القطان مدير وحدة الاقتصاد الاسلامي في كلية العلوم الادارية الكويتية في حديث سابق مع «الشرق الاوسط» إن هذا القطاع ينمو بمعدلات خيالية تبلغ 33% سنويا مقارنة مع 7% للقطاع المصرفي التقليدي «لكن لا بد من وضع اسس علمية صحيحة للمحافظة على زخم النمو». واعتبر ان القطاع المصرفي الاسلامي حقق اداء جيدا على الرغم من المنافسة الهائلة التي يواجهها «من نظام عالمي راسخ».

وقال «ظهر النظام المصرفي الجديد في بيئة غير مناسبة ووسط قوانين غير ملائمة، ويجب على العلماء بذل مزيد من الجهود لفهم طبيعة عمل المصارف والادوات المالية». واشار الخبير الى ان الفرصة مؤاتية أمام اللاعبين في هذا القطاع لتطوير المنتجات المالية المعقدة حتى تلائم متطلبات الشريعة مثل المشتقات المالية والرهن العقاري والتوريق والسندات.

ولا يتفق الجميع على ان النجاح يكمن في ابتكار الادوات المعقدة، ومن هؤلاء مثلا فارس مراد رئيس الاستثمارات الاسلامية في بنك «كريديه سويس» الذي تنبأ بفشل صناديق التحوط الاسلامية كونها تتعارض في جوهرها مع مبادئ الشريعة. ويرى مراد ان «بساطة» الحلول الاستثمارية الاسلامية هي الحل.

وقال «الادوات المالية الاسلامية صارت ظاهرة عالمية، والمنتجات التي نطرحها في هذا السوق هي غاية في البساطة وخالية من التعقيد ونرى اقبالا جيدا حتى ان اول زبون لمنتج بسيط جدا طرحناه هو المرابحة كان من دولة لا تخطر على البال.. فنزويلا».