أبوتركي
27-03-2007, 04:18 AM
أسواق الأسهم تعيش التذبذب ..ومبالغات حول مايحدث من تراجع
قمة الاكتتابات العامة تبحث أسباب خروج الاستثمارات الأجنبية والتصحيح
تحولت وجهة المتحدثين والخبراء في مؤتمر الشرق الأوسط للاكتتابات العامة الذي عقد في دبي أمس، إلى منبر لتقييم وقراءة وضع أسواق المال المحلية في ظل انحدار مؤشرات الأسهم بشكل متزايد بعيداً عن مؤشرات الانتعاش التي لاحت منذ مطلع العام تبعاً لمضاعفات الربحية المتدنية ومختلف العوامل التي اعتبرها المراقبون محفزاً للانتعاش.
وانقسم الخبراء في تحليلهم لتوجهات الأسواق إلى فريقين، الأول تناول القضية من منظور قانوني وتشريعي يبحث في الضعف والنقص الحاصل فيهما على أرض الواقع، وهو ما دفع بالاستثمارات الأجنبية للخروج من الأسواق المحلية مؤخراً على غرار عمليات الدخول التي بلغت في ديسمبر الماضي ما قيمته 5 مليارات درهم، شكلت الاستثمارات الأجنبية الجزء الأكبر منها.
في حين نظر فريق آخر إلى الأمر على أنه واقع حاصل، ولكنه وصل إلى مستويات انخفاض مبالغ فيها، تبعاً لدورة الأسعار المتعارف عليها عالمياُ، وبناء عليه فإن الأسواق ستعيش مرحلة ارتفاع وهبوط ضمن نطاق تذبذب سعري محدود حتى لا يعرف أحد المدى الذي سيصل إليه على غرار ما حدث في السوق الأميركي والذي احتاج إلى خمس سنوات ليتمكن من النهوض رغم استمراره فيه حتى اللحظة.
وكان مؤتمر الشرق الأوسط للاكتتابات العامة قد بدأ دورته الثانية، أمس، مسلطاً الضوء على الظروف الاقتصادية المواتية لإجراءات الاكتتابات العامة في المنطقة العام الجاري، إذ أشار هنري عزام رئيس مجلس إدارة بورصة دبي العالمية للأوراق المالية، إلى أن أسواق المال العربية سجلت في العام الماضي 40 إصداراً أولياً بقيمة 8.2 مليارات دولار أميركي،
وبلغت قيمة فوائضها 350 مليار دولار، متسائلاً في السياق ذاته هل ستستمر هذه الحملة، فقد بلغ عدد الإصدارات الأولية التي شهدتها أسواق الخليج منذ مطلع العام الحالي 8 إصدارات أولية. وتحدث عن اكتتاب سوق دبي المالي الذي تمت تغطيته 300 مرة وحاول مقارنته مع اكتتاب العربية للطيران القائم حالياً الذي قال عنه »لا نعلم إذ كان سيحقق فائضاً«.
ومن جهته دعا الدكتور حبيب الملا رئيس سلطة دبي للخدمات المالية، كافة الأسواق إلى الاستفادة من نجاح المراكز المالية الرئيسية التي حققت مؤشرات عالية في حماية المستثمرين ضمن استطلاع البنك الدولي لأداء الأعمال.
النفط ومعادلات السياسة
استأثر هنري عزام ان يبدأ ورقته بالتطرق إلى وضعية أسواق النفط وتحركات أسعارها بناء على معطيات التغير التي سجلتها خلال العام الماضي وحتى اليوم. مشيراً إلى أن عائدات الدول العربية النفطية من النفط بلغت 150 مليار دولار في العام 2000 حتى سجلت في العام الماضي 450 مليار دولار في نهاية 2006، ولكنه توع في الوقت ذاته أن تسجل 450 ملياراً في العام 2010.
وأشار عزام إلى أن الدول الخليجية مستفيدة من هذه الأمور بطبيعة الحال، على غرار المصاريف التي ستكلفها 1.2 مليار دولار في تنفيذ أعمال البنية التحتية، وإنشاء المدن الاقتصادية كما هو حال السعودية، وفي مجالات الصحة والصيانة.
أما بالنسبة للدول العربية غير النفطية فقد وضعها عزام في الإطار ذاته بحصولها على فوائد حقيقية ولكنها من جوانب أخرى، والمتمثلة في تحويلات أبنائها المغتربين وقطاع السياحة والتصدير والاستثمارات الأجنبية التي تبحث بطبيعة الحال عن الدول العربية غير النفطية.
واعتبر عزام أن تداول أسعار النفط فوق مستويات الـ 50 دولاراً أميركياً سيؤثر إيجاباً في الناتج المحلي الذي سيسجل في دول الخليج حتى العام 2010 ما قيمته 800 مليار دولار مقارنة مع 600 مليار في العام 2006. واعتبر عزام أنه إذ أصبح التضخم أكبر من أسعار الفائدة فإنها ستلتهمها، وستقضي على قوة العملة الخليجية وبخاصة عملتي الدرهم والريال القطري، وستصبح العملات في وضع ضعيف في ظل ارتباطهما بالدولار الضعيف أيضاً.
ولم يخف عزام مخاوفه من المؤثرات السياسية والمتعلقة بالوضع العراقي والإيراني والسوري واللبناني والفلسطيني، مشدداً على أن إيران سيحرم السوق من 2.4 مليون برميل يومياً من النفط، ولكنه استدرك في الوقت ذاته هذه الحالة على
اعتبار أن المملكة العربية السعودية تستطيع تعويض هذا النقص برفع إنتاجها من 10.5 ملايين برميل يومياً إلى 12.5 مليون برميل وعندها سنرى سعر البرميل يتراوح في حدود 55 و65 دولاراً. وأشار عزام إلى أن مؤشر سوق المال السعودي سجل ارتفاعاً بنسبة 10% منذ مطلع العام الحالي بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط.
دعوة للاستفادة من المراكز المالية
وفي معرض توضيحه للأسلوب التنظيمي الذي تتبناه سلطة دبي للخدمات المالية فيما يتعلق بطرح الأوراق المالية والشركات المدرجة في بورصة دبي المالية العالمية، وصف الملا سلطة دبي للخدمات المالية بالجهة التنظيمية والرقابية القوية التي ينصب اهتمامها بالدرجة الأولى على »الثقة والحماية«،
حيث قال في هذا الصدد: »تعد ثقة المستثمرين أحد المكونات الأساسية لأي سوق مالي سليم، ويستتبع ذلك الحاجة لضمان حماية أولئك المستثمرين، فهناك العديد من الأسواق التي تتكلم كثيراً حول حماية المستثمرين، إلا أن ذلك لم يصل بعد إلى مرحلة الأداء الفعلي وأصبحت الهوة تتزايد عند المقارنة مع أفضل الممارسات التي تتبناها المراكز المالية الرئيسية«.
وتطرق الملا في كلمته إلى عمليات الاحتيال الاستثمارية عبر الإنترنت التي أحبطتها سلطة دبي للخدمات المالية مؤخراً، وإغلاق المواقع الوهمية الزائفة التي تدعى »بورصة دبي للخيارات«، و»مجلس الإمارات للسلع المستقبلية«، والشركة الوهمية »كيمبريدج كابيتال تريدينغ« التي ادعت تقديم خدمات مالية من داخل مركز دبي المالي العالمي، حيث أوضح قائلاً: »على الرغم من وجود عدد من المستثمرين الذين وقعوا ضحية لهذه العمليات الاحتيالية إلا أنه تم إنقاذ العديد من المستثمرين الآخرين«.
وأضاف: »واعتمدنا أفضل الممارسات الدولية والتعاون الدولي، حيث قامت سلطة دبي للخدمات المالية بالتعاون على الصعيدين المحلي والعالمي من خلال استخدام ترتيبات مذكرات التفاهم التي أبرمتها مع هيئة الأوراق المالية والسلع، وشرطة دبي، والهيئات التنظيمية والرقابية في ماليزيا والولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا«.
ودعا الدكتور الملا كافة الأسواق، والحكومات، والشراكات الممارسة، إلى التعاون لزيادة ثقة المستثمرين في المنطقة، قائلاً: »إنهم بحاجة لتبني أعلى المعايير التنظيمية والتفوق عليها كلما سنحت الفرصة لذلك لتحسين مبدأ الشفافية، وتعزيز الإفصاح والحوكمة الرشيدة«.
واختتم الدكتور الملا كلمته قائلاً: »إن الأسلوب التنظيمي الذي تعتمده سلطة دبي للخدمات المالية يجعلنا قريبين بشكل فريد من الأسواق العالمية وعلى إلمام بما يحدث فيها، كما أننا حريصون على مشاركة وتبادل معلوماتنا وخبرتنا مع الهيئات التنظيمية الأخرى والحكومات والشراكات الممارسة. ويمكننا جميعاً التعلم والاستفادة من بعضنا البعض لتعزيز ثقة المستثمرين في الشرق الأوسط«.
تمويل تعرض تجربة اكتتابها
استعرضت تمويل الاكتتاب الذي أجرته بنجاح العام الماضي، إذ لم يسجل اكتتاب تمويل فائضاً بلغ 500 ضعف المقرر فحسب، وإنما سجل أيضاً رقماً قياسياً بوصوله مبلغ 270 مليار درهم خلال أسبوعين. وعلق فيفيك راو، رئيس المالية لدى تمويل مستعرضاً نتائج اكتتاب شركته بالقول: »على مصدري الاكتتابات أن يسعوا بجد للحصول على أفضل تقييم من الهيئات التشريعية المسؤولة، الأمر الذي يؤدي إلى إيجاد قيمة رأسمالية كافية، ويوفر في الوقت نفسه صفقات مغرية للمستثمرين المحتملين«.
وكانت تمويل قد طبقت سياسة فريدة من نوعها لتوزيع حصص الاكتتاب الذي كان من المنتظر أن يصل حجم الأموال المستثمرة فيه إلى 550 مليون درهم، أي ما نسبته 55 بالمائة من رأس مال الشركة. وأتاحت طريقة توزيع الحصص، التي اعتمدتها تمويل، لكل من المستثمرين الصغار والكبار على السواء المساهمة بعدالة في اكتتاب الشركة.
وجرى توزيع الأسهم عقب الاكتتاب على ثلاث شرائح؛ الأولى اشتملت على 137.5 مليون سهم وزعت بالتساوي على المستثمرين من مواطني دولة الإمارات، بحصة قصوى بلغت 20 مليون سهم للمساهم الواحد، وبلغت أسهم الشريحة الثانية 297.521 مليون سهم وزعت على مواطني الإمارات وعلى المؤسسات التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، وذلك على أساس برو- راتا.
أما الشريحة الثالثة، فقد جرى توزيع أسهمها البالغة 114.979 مليون سهم على مستثمرين وافدين ومن دول الخليج، على أساس برو- راتا أيضاً. ووفقاً لكبار المحللين فإن إمكانات النمو الهائلة التي تتمتع بها تمويل والسياسة العادلة في توزيع الحصص التي تتبعها الشركة، كانا أمرين ضروريين لنجاحها، وإضافة إلى ذلك، أظهرت شركة المستثمر الوطني، التي عملت كمستشار مالي لاكتتاب تمويل، التزاماً كبيراً تجاه تطوير أسواق المال في المنطقة من خلال طرح صفقات اكتتاب مبتكرة.
مساهمة الاكتتابات العامة
يظهر المستثمرون توقاً شديداً لمعرفة مدى الإسهام الذي يمكن أن تقدمه الاكتتابات العامة لسوق يتسم المتعاملون فيها بالإحباط، ولا سيما في المملكة العربية السعودية التي شهدت وحدها خسائر قدرت بنحو 320 مليار دولار، ويلقي تجار الأسهم في المنطقة باللائمة على المضاربات، والمتاجرة الداخلية بأسهم المؤسسات، والافتقار إلى الشفافية والإفصاح، وجهل المستثمرين، باعتبارها القضايا الأساسية المسؤولة عن الأداء المترهل لأسواق المال.
لكن صندوق النقد العربي يشير إلى أن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء سوء أداء الأسواق تتمثل في فائض سيولة لدى المستثمرين وافتقار إلى العمق (قلة عدد الشركات المدرجة) في أسواق المال بالمنطقة. من الجدير الإشارة هنا إلى أن عدد الشركات المدرجة في البورصات العربية الأربع عشرة بلغ بنهاية العام الماضي 1.607 شركة فقط، أي أقل بثمانٍ وخمسين شركة عن العام 2005.
هنري عزام: الأسواق ستواصل التصحيح
أكد هنري عزام على هامش مؤتمر قمة الإصدارات الأولية، أن أسواق المال العربية ستواصل التصحيح الذي بدأته منذ زمن بعيد، والإمارات والسعودية بنظره هما أكبر المتأثرين، وبخاصة سوق دبي الذي لم يحافظ على مستواه.
واعتبر عزام أن أسواق المال العربية وصلت القاع وتذبذبت في مدى معين بين ارتفاع وهبوط وسيستمر هذا الوضع حتى يتأكد المستثمرون من حقيقة ووضعية أرباح الشركات المدرجة التي ستأتي بناء عليه من عملياتهم التشغيلية وليس من خلال استثماراتهم في الأسهم نظراً لما ستبرزه المؤشرات من حالة تذبذب نسبي في مدى لا يفسح المجال للشركات بتحقيق أرباح فعلية من خلال الأسهم،
ولكن هذا الأمر بحاجة للوقت والصبر، فالسوق الأميركي احتاج لأكثر من خمس سنوات للخروج من وضع مشابه وتحاول حتى اليوم الخروج من تلك المستويات رغم تسجيلها ارتفاعات وانخفاضات عدة إلا أنها مازالت في نفس المستويات.
وأشار عزام إلى أن الأمر الجيد يكمن في أن الشركات مازالت تحقق الأرباح وإن كانت متراجعة في بعضها إلا أنها ليست خاسرة، وهو ما سيساعد الأسواق على الدخول في دورة جديدة تدعم توجهات الثقة للمستثمرين. ولكن الأهم في نظره هو المغالاة في التراجع بعيداً عن المنطق نظراً لفقدان عوامل الثقة.
حبيب الملا: مرتبة متدنية في الشفافية والتنظيم
كشف الدكتور حبيب الملا على هامش حديثه خلال المؤتمر عن خروج الكثير من الاستثمارات الأجنبية التي عاشت الأسواق على وقعها في ديسمبر الماضي والتي بلغت سجل دخولها ما قيمته خمسة مليارات درهم كان للأجانب نصيب كبير منها.
وأشار الملا إلى أن خروج هذه الاستثمارات والتي مازال بعضها يدرس خياراته للخروج نظراً لما تشهده الأسواق من أنظمة لا تضمن الشفافية أو الحوكمة أو محاسبة المدراء والموظفين أو حماية المساهمين وحقوقهم، وهي الأسباب ذاتها التي تعتبر أساساً ومعياراً في مركز دبي المالي العالمي والتي جذبت المستثمرين إليها.
وقال الملا: »معظم القوانين والتنظيمات بعيدة عن المستوى العالمي، وما يجري من تطوير عليها لا يكفي فأسواقنا الخليجية حصلت على تصنيف متدن يراوح المستوى 4% مقارنة مع الحد الأدنى لهذا النوع من التصنيفات المقيم بـ 6% وتعد الإمارات في أقل مرتبة من هذا التصنيف. وخروج هذه الأموال من الأسواق أدى بكل وضوح إلى الهبوط الحاد في الأسهم والأسعار.
أرباح البنوك
تطرق هنري عزام إلى أرباح البنوك وأوضاعها المالية، في إشارة منه إلى أنها واصلت نمو أرباحها في العام 2006 مقارنة مع العام 2005، ولكنه تساءل عن إمكانية استمرارها بنفس النهج خلال العام الحالي في ظل التراجع والركود المسجل في أسواق المال منوهاً إلى إمكانية خسارة أرباحها المتحققة من ذراع الوساطة المالية، وبناء عليه فإن البنوك والشركات معاً مطالبون الآن بالتركيز على أعمالهم التشغيلية.
قمة الاكتتابات العامة تبحث أسباب خروج الاستثمارات الأجنبية والتصحيح
تحولت وجهة المتحدثين والخبراء في مؤتمر الشرق الأوسط للاكتتابات العامة الذي عقد في دبي أمس، إلى منبر لتقييم وقراءة وضع أسواق المال المحلية في ظل انحدار مؤشرات الأسهم بشكل متزايد بعيداً عن مؤشرات الانتعاش التي لاحت منذ مطلع العام تبعاً لمضاعفات الربحية المتدنية ومختلف العوامل التي اعتبرها المراقبون محفزاً للانتعاش.
وانقسم الخبراء في تحليلهم لتوجهات الأسواق إلى فريقين، الأول تناول القضية من منظور قانوني وتشريعي يبحث في الضعف والنقص الحاصل فيهما على أرض الواقع، وهو ما دفع بالاستثمارات الأجنبية للخروج من الأسواق المحلية مؤخراً على غرار عمليات الدخول التي بلغت في ديسمبر الماضي ما قيمته 5 مليارات درهم، شكلت الاستثمارات الأجنبية الجزء الأكبر منها.
في حين نظر فريق آخر إلى الأمر على أنه واقع حاصل، ولكنه وصل إلى مستويات انخفاض مبالغ فيها، تبعاً لدورة الأسعار المتعارف عليها عالمياُ، وبناء عليه فإن الأسواق ستعيش مرحلة ارتفاع وهبوط ضمن نطاق تذبذب سعري محدود حتى لا يعرف أحد المدى الذي سيصل إليه على غرار ما حدث في السوق الأميركي والذي احتاج إلى خمس سنوات ليتمكن من النهوض رغم استمراره فيه حتى اللحظة.
وكان مؤتمر الشرق الأوسط للاكتتابات العامة قد بدأ دورته الثانية، أمس، مسلطاً الضوء على الظروف الاقتصادية المواتية لإجراءات الاكتتابات العامة في المنطقة العام الجاري، إذ أشار هنري عزام رئيس مجلس إدارة بورصة دبي العالمية للأوراق المالية، إلى أن أسواق المال العربية سجلت في العام الماضي 40 إصداراً أولياً بقيمة 8.2 مليارات دولار أميركي،
وبلغت قيمة فوائضها 350 مليار دولار، متسائلاً في السياق ذاته هل ستستمر هذه الحملة، فقد بلغ عدد الإصدارات الأولية التي شهدتها أسواق الخليج منذ مطلع العام الحالي 8 إصدارات أولية. وتحدث عن اكتتاب سوق دبي المالي الذي تمت تغطيته 300 مرة وحاول مقارنته مع اكتتاب العربية للطيران القائم حالياً الذي قال عنه »لا نعلم إذ كان سيحقق فائضاً«.
ومن جهته دعا الدكتور حبيب الملا رئيس سلطة دبي للخدمات المالية، كافة الأسواق إلى الاستفادة من نجاح المراكز المالية الرئيسية التي حققت مؤشرات عالية في حماية المستثمرين ضمن استطلاع البنك الدولي لأداء الأعمال.
النفط ومعادلات السياسة
استأثر هنري عزام ان يبدأ ورقته بالتطرق إلى وضعية أسواق النفط وتحركات أسعارها بناء على معطيات التغير التي سجلتها خلال العام الماضي وحتى اليوم. مشيراً إلى أن عائدات الدول العربية النفطية من النفط بلغت 150 مليار دولار في العام 2000 حتى سجلت في العام الماضي 450 مليار دولار في نهاية 2006، ولكنه توع في الوقت ذاته أن تسجل 450 ملياراً في العام 2010.
وأشار عزام إلى أن الدول الخليجية مستفيدة من هذه الأمور بطبيعة الحال، على غرار المصاريف التي ستكلفها 1.2 مليار دولار في تنفيذ أعمال البنية التحتية، وإنشاء المدن الاقتصادية كما هو حال السعودية، وفي مجالات الصحة والصيانة.
أما بالنسبة للدول العربية غير النفطية فقد وضعها عزام في الإطار ذاته بحصولها على فوائد حقيقية ولكنها من جوانب أخرى، والمتمثلة في تحويلات أبنائها المغتربين وقطاع السياحة والتصدير والاستثمارات الأجنبية التي تبحث بطبيعة الحال عن الدول العربية غير النفطية.
واعتبر عزام أن تداول أسعار النفط فوق مستويات الـ 50 دولاراً أميركياً سيؤثر إيجاباً في الناتج المحلي الذي سيسجل في دول الخليج حتى العام 2010 ما قيمته 800 مليار دولار مقارنة مع 600 مليار في العام 2006. واعتبر عزام أنه إذ أصبح التضخم أكبر من أسعار الفائدة فإنها ستلتهمها، وستقضي على قوة العملة الخليجية وبخاصة عملتي الدرهم والريال القطري، وستصبح العملات في وضع ضعيف في ظل ارتباطهما بالدولار الضعيف أيضاً.
ولم يخف عزام مخاوفه من المؤثرات السياسية والمتعلقة بالوضع العراقي والإيراني والسوري واللبناني والفلسطيني، مشدداً على أن إيران سيحرم السوق من 2.4 مليون برميل يومياً من النفط، ولكنه استدرك في الوقت ذاته هذه الحالة على
اعتبار أن المملكة العربية السعودية تستطيع تعويض هذا النقص برفع إنتاجها من 10.5 ملايين برميل يومياً إلى 12.5 مليون برميل وعندها سنرى سعر البرميل يتراوح في حدود 55 و65 دولاراً. وأشار عزام إلى أن مؤشر سوق المال السعودي سجل ارتفاعاً بنسبة 10% منذ مطلع العام الحالي بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط.
دعوة للاستفادة من المراكز المالية
وفي معرض توضيحه للأسلوب التنظيمي الذي تتبناه سلطة دبي للخدمات المالية فيما يتعلق بطرح الأوراق المالية والشركات المدرجة في بورصة دبي المالية العالمية، وصف الملا سلطة دبي للخدمات المالية بالجهة التنظيمية والرقابية القوية التي ينصب اهتمامها بالدرجة الأولى على »الثقة والحماية«،
حيث قال في هذا الصدد: »تعد ثقة المستثمرين أحد المكونات الأساسية لأي سوق مالي سليم، ويستتبع ذلك الحاجة لضمان حماية أولئك المستثمرين، فهناك العديد من الأسواق التي تتكلم كثيراً حول حماية المستثمرين، إلا أن ذلك لم يصل بعد إلى مرحلة الأداء الفعلي وأصبحت الهوة تتزايد عند المقارنة مع أفضل الممارسات التي تتبناها المراكز المالية الرئيسية«.
وتطرق الملا في كلمته إلى عمليات الاحتيال الاستثمارية عبر الإنترنت التي أحبطتها سلطة دبي للخدمات المالية مؤخراً، وإغلاق المواقع الوهمية الزائفة التي تدعى »بورصة دبي للخيارات«، و»مجلس الإمارات للسلع المستقبلية«، والشركة الوهمية »كيمبريدج كابيتال تريدينغ« التي ادعت تقديم خدمات مالية من داخل مركز دبي المالي العالمي، حيث أوضح قائلاً: »على الرغم من وجود عدد من المستثمرين الذين وقعوا ضحية لهذه العمليات الاحتيالية إلا أنه تم إنقاذ العديد من المستثمرين الآخرين«.
وأضاف: »واعتمدنا أفضل الممارسات الدولية والتعاون الدولي، حيث قامت سلطة دبي للخدمات المالية بالتعاون على الصعيدين المحلي والعالمي من خلال استخدام ترتيبات مذكرات التفاهم التي أبرمتها مع هيئة الأوراق المالية والسلع، وشرطة دبي، والهيئات التنظيمية والرقابية في ماليزيا والولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا«.
ودعا الدكتور الملا كافة الأسواق، والحكومات، والشراكات الممارسة، إلى التعاون لزيادة ثقة المستثمرين في المنطقة، قائلاً: »إنهم بحاجة لتبني أعلى المعايير التنظيمية والتفوق عليها كلما سنحت الفرصة لذلك لتحسين مبدأ الشفافية، وتعزيز الإفصاح والحوكمة الرشيدة«.
واختتم الدكتور الملا كلمته قائلاً: »إن الأسلوب التنظيمي الذي تعتمده سلطة دبي للخدمات المالية يجعلنا قريبين بشكل فريد من الأسواق العالمية وعلى إلمام بما يحدث فيها، كما أننا حريصون على مشاركة وتبادل معلوماتنا وخبرتنا مع الهيئات التنظيمية الأخرى والحكومات والشراكات الممارسة. ويمكننا جميعاً التعلم والاستفادة من بعضنا البعض لتعزيز ثقة المستثمرين في الشرق الأوسط«.
تمويل تعرض تجربة اكتتابها
استعرضت تمويل الاكتتاب الذي أجرته بنجاح العام الماضي، إذ لم يسجل اكتتاب تمويل فائضاً بلغ 500 ضعف المقرر فحسب، وإنما سجل أيضاً رقماً قياسياً بوصوله مبلغ 270 مليار درهم خلال أسبوعين. وعلق فيفيك راو، رئيس المالية لدى تمويل مستعرضاً نتائج اكتتاب شركته بالقول: »على مصدري الاكتتابات أن يسعوا بجد للحصول على أفضل تقييم من الهيئات التشريعية المسؤولة، الأمر الذي يؤدي إلى إيجاد قيمة رأسمالية كافية، ويوفر في الوقت نفسه صفقات مغرية للمستثمرين المحتملين«.
وكانت تمويل قد طبقت سياسة فريدة من نوعها لتوزيع حصص الاكتتاب الذي كان من المنتظر أن يصل حجم الأموال المستثمرة فيه إلى 550 مليون درهم، أي ما نسبته 55 بالمائة من رأس مال الشركة. وأتاحت طريقة توزيع الحصص، التي اعتمدتها تمويل، لكل من المستثمرين الصغار والكبار على السواء المساهمة بعدالة في اكتتاب الشركة.
وجرى توزيع الأسهم عقب الاكتتاب على ثلاث شرائح؛ الأولى اشتملت على 137.5 مليون سهم وزعت بالتساوي على المستثمرين من مواطني دولة الإمارات، بحصة قصوى بلغت 20 مليون سهم للمساهم الواحد، وبلغت أسهم الشريحة الثانية 297.521 مليون سهم وزعت على مواطني الإمارات وعلى المؤسسات التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، وذلك على أساس برو- راتا.
أما الشريحة الثالثة، فقد جرى توزيع أسهمها البالغة 114.979 مليون سهم على مستثمرين وافدين ومن دول الخليج، على أساس برو- راتا أيضاً. ووفقاً لكبار المحللين فإن إمكانات النمو الهائلة التي تتمتع بها تمويل والسياسة العادلة في توزيع الحصص التي تتبعها الشركة، كانا أمرين ضروريين لنجاحها، وإضافة إلى ذلك، أظهرت شركة المستثمر الوطني، التي عملت كمستشار مالي لاكتتاب تمويل، التزاماً كبيراً تجاه تطوير أسواق المال في المنطقة من خلال طرح صفقات اكتتاب مبتكرة.
مساهمة الاكتتابات العامة
يظهر المستثمرون توقاً شديداً لمعرفة مدى الإسهام الذي يمكن أن تقدمه الاكتتابات العامة لسوق يتسم المتعاملون فيها بالإحباط، ولا سيما في المملكة العربية السعودية التي شهدت وحدها خسائر قدرت بنحو 320 مليار دولار، ويلقي تجار الأسهم في المنطقة باللائمة على المضاربات، والمتاجرة الداخلية بأسهم المؤسسات، والافتقار إلى الشفافية والإفصاح، وجهل المستثمرين، باعتبارها القضايا الأساسية المسؤولة عن الأداء المترهل لأسواق المال.
لكن صندوق النقد العربي يشير إلى أن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء سوء أداء الأسواق تتمثل في فائض سيولة لدى المستثمرين وافتقار إلى العمق (قلة عدد الشركات المدرجة) في أسواق المال بالمنطقة. من الجدير الإشارة هنا إلى أن عدد الشركات المدرجة في البورصات العربية الأربع عشرة بلغ بنهاية العام الماضي 1.607 شركة فقط، أي أقل بثمانٍ وخمسين شركة عن العام 2005.
هنري عزام: الأسواق ستواصل التصحيح
أكد هنري عزام على هامش مؤتمر قمة الإصدارات الأولية، أن أسواق المال العربية ستواصل التصحيح الذي بدأته منذ زمن بعيد، والإمارات والسعودية بنظره هما أكبر المتأثرين، وبخاصة سوق دبي الذي لم يحافظ على مستواه.
واعتبر عزام أن أسواق المال العربية وصلت القاع وتذبذبت في مدى معين بين ارتفاع وهبوط وسيستمر هذا الوضع حتى يتأكد المستثمرون من حقيقة ووضعية أرباح الشركات المدرجة التي ستأتي بناء عليه من عملياتهم التشغيلية وليس من خلال استثماراتهم في الأسهم نظراً لما ستبرزه المؤشرات من حالة تذبذب نسبي في مدى لا يفسح المجال للشركات بتحقيق أرباح فعلية من خلال الأسهم،
ولكن هذا الأمر بحاجة للوقت والصبر، فالسوق الأميركي احتاج لأكثر من خمس سنوات للخروج من وضع مشابه وتحاول حتى اليوم الخروج من تلك المستويات رغم تسجيلها ارتفاعات وانخفاضات عدة إلا أنها مازالت في نفس المستويات.
وأشار عزام إلى أن الأمر الجيد يكمن في أن الشركات مازالت تحقق الأرباح وإن كانت متراجعة في بعضها إلا أنها ليست خاسرة، وهو ما سيساعد الأسواق على الدخول في دورة جديدة تدعم توجهات الثقة للمستثمرين. ولكن الأهم في نظره هو المغالاة في التراجع بعيداً عن المنطق نظراً لفقدان عوامل الثقة.
حبيب الملا: مرتبة متدنية في الشفافية والتنظيم
كشف الدكتور حبيب الملا على هامش حديثه خلال المؤتمر عن خروج الكثير من الاستثمارات الأجنبية التي عاشت الأسواق على وقعها في ديسمبر الماضي والتي بلغت سجل دخولها ما قيمته خمسة مليارات درهم كان للأجانب نصيب كبير منها.
وأشار الملا إلى أن خروج هذه الاستثمارات والتي مازال بعضها يدرس خياراته للخروج نظراً لما تشهده الأسواق من أنظمة لا تضمن الشفافية أو الحوكمة أو محاسبة المدراء والموظفين أو حماية المساهمين وحقوقهم، وهي الأسباب ذاتها التي تعتبر أساساً ومعياراً في مركز دبي المالي العالمي والتي جذبت المستثمرين إليها.
وقال الملا: »معظم القوانين والتنظيمات بعيدة عن المستوى العالمي، وما يجري من تطوير عليها لا يكفي فأسواقنا الخليجية حصلت على تصنيف متدن يراوح المستوى 4% مقارنة مع الحد الأدنى لهذا النوع من التصنيفات المقيم بـ 6% وتعد الإمارات في أقل مرتبة من هذا التصنيف. وخروج هذه الأموال من الأسواق أدى بكل وضوح إلى الهبوط الحاد في الأسهم والأسعار.
أرباح البنوك
تطرق هنري عزام إلى أرباح البنوك وأوضاعها المالية، في إشارة منه إلى أنها واصلت نمو أرباحها في العام 2006 مقارنة مع العام 2005، ولكنه تساءل عن إمكانية استمرارها بنفس النهج خلال العام الحالي في ظل التراجع والركود المسجل في أسواق المال منوهاً إلى إمكانية خسارة أرباحها المتحققة من ذراع الوساطة المالية، وبناء عليه فإن البنوك والشركات معاً مطالبون الآن بالتركيز على أعمالهم التشغيلية.