المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمريكا وروسيا: من الحرب الباردة إلى العلاقة الباردة



أبوتركي
30-03-2007, 12:58 PM
أمريكا وروسيا: من الحرب الباردة إلى العلاقة الباردة

- كونستانتين كوساتشيف - 12/03/1428هـ

منذ خطاب فلاديمير بوتين الشهر الماضي في مؤتمر للسياسة الأمنية في ميونيخ، حين هاجم توجه الولايات المتحدة نحو الأحادية، ظلت عبارة "الحرب الباردة" تطرق الآذان كثيراً. لكن هل فعلاً هناك حرب باردة؟
خطاب الرئيس الروسي لم يكن إعلاناً لحرب باردة جديدة. إعلان مثل هذه الحرب ربما يكون أمراً أشبه بـ "انظروا، إنكم تتخذون منحىً أحادياً؛ ونحن ضقنا ذرعاً بذلك وسنبدأ التصرف على نحو أحادي كذلك". ولم تكن تلك هي رسالة بوتين.
كانت رسالته كالتالي: "الولايات المتحدة تتصرف بطريقة أحادية؛ ونحن نرى ذلك خطأ لأنه يخلق أزمات جديدة، ونحن ندعو الولايات المتحدة للعودة إلى نهج العمل الجماعي. وروسيا لا تزال على استعداد للتعاون في المسائل العامة على أساس جماعي".
طرح بوتين أسئلة كانت روسيا قد أثارتها عدة مرات دون أن تتلقى إجابة. وما يجعلني أشعر بخيبة أمل، حتى بعد خطابه، هو أننا لا نزال لم نتلق أية إجابات.
هناك سؤال أساسي هو هل الولايات المتحدة ستكون على استعداد في المستقبل أن تستخدم القوة العسكرية أو التهديد بالقوة العسكرية دون قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؟ هذا أمر مهم جداً فقد رأينا ما حدث في كوسوفو والعراق. نريد أن نعرف هل الولايات المتحدة توصلت إلى قناعات من هذه الأحداث، وهل مثل هذه الأحداث يمكن أن تتكرر في أي وقت يحدث فيه خلاف في مجلس الأمن؟
وهناك سؤال آخر، وهو ماذا سيحدث للاستقرار الاستراتيجي بينما نحن لا نعرف ما يحدث للرؤوس الحربية التابعة للولايات المتحدة التي تم تفكيكها – سواء سيتم استغلالها، أو تدميرها أو تخزينها.
ثانياً، ماذا سيحدث للقوات التقليدية في أوروبا؟
لدينا اتفاقية واضحة عام 1997 تمنع إرسال قوات تقليدية بأعداد كبيرة إلى أراضي الدول التي انضمت أخيرا إلى عضوية الناتو. والآن نرى خمسة الآف جندي في رومانيا وبلغاريا – رسمياً هم من الولايات المتحدة وليس من الناتو. فإما أن نكون شركاء ولا نخدع بعضنا الآخر، أو نواجه مشكلات.
والشيء نفسه ينطبق، بالطبع، على خطط الولايات المتحدة لوضع مكونات نظامها المضاد للصواريخ في شرقي أوروبا. وحسب تقديري، كفاءة هذا النظام مشكوك فيها وهي لا تغير الوضع عسكرياً.
دعونا نفترض أن هناك تهديدا صاروخيا حقيقيا من إيران وكوريا الشمالية. في هذه الحالة أرى على الأقل مكانين طبيعيين لوضع نظام مضاد للصواريخ، أحدهما تركيا، وهي دولة عضو في الناتو ولها حدود مع إيران.
والثاني، من وجهة نظري، هو روسيا. فإذا أخذنا في الاعتبار أن روسيا تقع بين كوريا الشمالية وأوروبا، وبين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وبين إيران وأوروبا، فأنا استغرب لماذا لم تطلب الولايات المتحدة على الإطلاق من روسيا التفكير في التعاون في هذه المسألة.
هناك حوار كبير حول ذلك الآن، في كل من الناتو والاتحاد الأوروبي. والعديد من الدول غير مقتنعة بمحاولات الولايات المتحدة وضع حل على أساس ثنائي، لأن مثل هذه المحاولات تجعل من الحوار البناء بين الناتو وروسيا، المستمر منذ عدة سنوات، أمراً لا معنى له.
وإذا لم نحصل على إجابات لهذه الأسئلة، فلا استبعد إمكانية أن تسوء العلاقات مع الولايات المتحدة أكثر من ذلك في المستقبل. لكن لم يصل الأمر إلى هذا الحالة حتى الآن. ونحن في مرحلة مهمة وحساسة يوجد فيها خيار للولايات المتحدة - أن تتعامل بشفافية وتفهّم في تصرفاتها أو تواصل تجاهلها لروسيا.
وإذا استمرت الولايات المتحدة في التصرف على نحو أحادي، دون إعطاء أجوبة، فإن ذلك من شأنه أن يدفعنا باتجاه أزمة. مثل هذه الأزمة يمكن أن تحدث إذا توقفنا عن التواصل وبدأنا نتصرف بطريقة أحادية. لذا ربما تعترف روسيا، مثلا، باستقلال بعض الأراضي "المجمدة"، مثل أوسيتيا الجنوبية أو أبخازيا، إذا اعترفت الولايات المتحدة باستقلال كوسوفو دون قرار من مجلس الأمن.
العام المقبل سيشهد اختباراً صعباً، لأنه سيتعين على الرئيسين الروسي والأمريكي أن يتصرفا وفقاً لمصالح الناخبين المحليين، وليس وفقاً لمصالح العلاقات الثنائية بينهما. ومساحة المناورة أمام السياسيين الروس ستكون محدودة. ومعظم الروس مصابون بخيبة أمل حول ما يحدث في منطقتهم والتفسير الذي يُسمع عادةً هو أن روسيا رخوة لدرجة كبيرة جداً. وأي سياسي إذا لم يكن حاذقاً سيجازف بخسارة الدعم.
ولدي قناعاتي الخاصة حول الحاجة إلى الصداقة والتعاون. لكن إذا كان يتعين على السياسيين من أمثالي أن يقوموا بإقناع الروس، فنحن نريد أجوبة عن أسئلتنا وحججاً أفضل من شركائنا الأمريكيين حول لماذا هذا هو التصرف الأفضل.