المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاقتصاد العالمي يخسر 556 مليار دولار سنوياً بسبب نقص المياه



أبوتركي
30-03-2007, 03:18 PM
الاقتصاد العالمي يخسر 556 مليار دولار سنوياً بسبب نقص المياه

إعداد - هدية سالم:

يعاني أكثر من ثلث سكان الأرض من مشكلة شح المياه، وهناك تحذيرات كبيرة أطلقها العديد من الخبراء مؤخرا حول دخول العالم خلال السنوات المقبلة إلى مرحلة جديدة من الأزمات قد تندلع على أثرها حرب المياه، وتشير الدراسات إلى أن هناك العديد من العوامل التي أفضت إلى هذه الندرة مثل تغير المناخ والزيادة المستمرة في عدد السكان، والزيادة المبالغ فيها فيما يتعلق بالصناعات الترفيهية ووسائل الترفيه للأثرياء والتي تزيد من استخدام الماء إلى جانب الإدارة السيئة للموارد، وما لم يتم إيجاد حلول سريعة فإن العالم سيتعرض لسلسلة طويلة من ''أزمات المياه'' ليس وسط فقراء العالم فحسب بل وحتى في الولايات المتحدة وأستراليا وأجزاء من أوروبا إلى جانب عدد من الدول الصناعية التي تشهد نمواً كبيراً وسريعاً مثل الهند والصين·

تشير صحيفة ''الفاينانشيال تايمز'' في تقرير لها إلى أن الحرب المقبلة هي ''حرب مياه'' بوجود مجموعة من مؤشرات منتشرة في مختلف أنحاء العالم أبرزها ذلك التنافس الشرس على موارد المياه الذي ينذر باحتمالات كارثية لا تلقي بظلالها على أفريقيا فقط وإنما على معظم أنحاء أوروبا مما يدعو إلى إيجاد حلول دولية قبل أن تنقلب الندرة إلى مأساة تهدد الاقتصاد العالمي·
والإحصائيات التي أوردها التقرير كفيلة بأن تصعق خبراء الاقتصاد وعلماء البيئة على حد سواء، حيث تبين إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن نقص المياه النظيفة والموارد الصحية الأساسية التي يعاني منها 40 في المائة من سكان العالم تتسبب في خسائر كبيرة للنمو الاقتصادي تصل إلى 556 مليار دولار سنوياً أي ما يعادل 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما يوضح تقرير البنك الدولي أن القحط والجفاف الذي عانت منه كينيا بين عامي 1998 و2000 أدى مباشرة إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 16 في المائة هذه الخسارة التي لم تتوقف عند جانب معين من جوانب الاقتصاد بل شملت الجميع، فعلى سبيل المثال نرى أن الجفاف الذي يهدد حياة 11 مليون شخص في الصومال وإثيوبيا والدول المجاورة يضر ببائعي الأسماك في تنزانيا لأن نقص الثلج يعني فساد الأسماك قبل أن تشحن إلى الخارج·
ويتسند تقرير ''فاينانشيال تايمز'' في سرد الآثار الاقتصادية المدمرة لأزمة المياه على تقرير للإدارة القومية للمحيطات والضغط الجوي في الولايات المتحدة الأميركية التي أشارت إلى أن الخسائر الاقتصادية السنوية للولايات المتحدة بسبب الجفاف تترواح بين ستة مليارات إلى ثمانية مليارات دولار، وفي أوروبا أدى النقص الحاد في المياه عام 2003 إلى خسائر بلغت 13 مليار دولار هذه الخسارة التي تعود أسبابها وبشكل رئيسي إلى انخفاض الناتج الزراعي بنسبة 30 في المائة في ظل المتطلبات الكبيرة لهذا القطاع الحيوي والمهم، حيث يذكر خبراء الزراعة أن إنتاج طن واحد من الحبوب يستلزم 1000 طن من الماء، وذلك إلى جانب حاجة النشاطات الاقتصادية الأخرى لكميات هائلة من المياه مما وضع العديد من الدول الصناعية في مأزق كبير·

وهناك مشكلة لا تقل خطورة عن سابقتها تتلخص في تلويث موارد المياه النظيفة، إما عن طريق الأملاح أو الفضلات الإنسانية والحيوانية أو عن طريق سموم عمليات التصنيع، وتعد الصين أكثر الدول معاناة على وجه الخصوص من هذه المشكلة حيث تلوث مياه الشرب التي يستخدمها قرابة 300 مليون شخص بالمواد الكيميائية، وحول هذه المسألة يقول ''بيورن ستيجسون'' رئيس مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة إن نقص المياه النقية يمثل إحدى المشاكل التي تقيد من اندفاع ثورة النمو في الهند والصين·

ومع تفاقم تلك الأزمة يرى الخبراء أن أزمة المياه من شأنها إعادة الحياة إلى شركات المياه في العالم والتي أمامها حاليا استثمارات تقدر بمئات المليارات من الدولارات، ولكن السؤال هنا ''هل ستعمل رؤوس الأموال المتوقع ضخها في مشروعات المياه إلى تحسن التوزيع واستغلال الموارد المائية في العالم بشكل متساو؟·· أم هي السبيل لزيادة الغني غنى والفقير فقراً؟''·
ويبدو أن الإجابة على هذا السؤال وجدت صعوبة بين الخبراء، حيث انقسم العالم إلى قسمين بين مؤيد ومعارض، فهناك فريق يرى أن تخصيص المياه من شأنه زيادة الفرص في الحصول على ماء نظيف، في حين يشن الفريق الآخر حملات أمام هذا التوجه بقولهم إن تخصيص المياه يؤدي إلى الحصول على مياه نقية بتكاليف أقل إنما هو خرافة، ويقول توم لوكين المسؤول بإحدى المنظمات البيئية: الموضوع متوقف على طبيعة البلد، فالخطة التي تنجح في مكان ما ليس بالضرورة أن تنجح في المكان الآخر وبالنظر إلى مسألة تخصيص المياه نرى أنها مسألة تحمل جدلا واسعا في بقاع متفرقة من العالم''·

ومن جهة أخرى يوضح جان لوي شوساد من شركة سويز الفرنسية للبيئة أن تدخل القطاع الخاص يمكن أن يسهم في الحد من أبشع الممارسات في أسعار المياه، فعلى سبيل المثال يفرض ''السقاؤون'' في بعض مناطق الهند وأميركا الجنوبية على الفقراء رسوما مرتفعة للغاية من أجل الحصول على الماء تعادل عشرة أضعاف ما يدفعه الأغنياء·
ويرى ''شوساد'' أنه من الممكن التخفيف إلى حد كبير من عدم التوافق بين الطلب والعرض على الماء، باستخدام عدد من الأساليب الفنية البسيطة تأتي في مقدمتها إعادة استخدام الماء، أي معالجة مياه الصرف الصحي ليعاد ضخها بشكل مأمون إلى الأنهار لتدخل في العديد من النشاطات الإنسانية الاقتصادية القائمة بل ويمكن الذهاب إلى إعادة حقنها في الأرض لإعادة تكوين المياه الجوفية·

ويمكن أن يساهم تثقيف مستخدمي المياه بشكل كبير في تقليص الطلب، خاصة أن معظم الاستخدامات العالمية للمياه محصورة في مجال الزراعة كما يمكن تعليم المزارعين أساليب أفضل لإدارة المياه، ويمكن لهذه الأساليب أن تكون في حقيقتها بسيطة لكنها ذات نتائج ناجحة مثل بناء الخنادق في المواقع السليمة وتحسين أساليب تجميع مياه الأمطار وحتى حرث الحقول بطريقة لا تذهب المياه والتربة السطحية سدى خاصة وقت هطول المطر·