المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوطنية للاتصالات ورقة رابحة بيد كيوتل



Qa6ar
01-04-2007, 04:25 AM
عندما كان بعض المقربين من شركة مشاريع الكويت القابضة (كيبكو) يقولون إن ''كيبكو'' تري أن شركة الوطنية للاتصالات ''أصبحت عروساً جميلة وستزوجها لمن يستحقها''، لم يكن أحد يتوقع أن يتجاوز الأمر المزاح، أو أنه بالون اختبار أو محاولة للتأثير علي سعر أسهم الشركتين في البورصة الكويتية.

صحيح أن الشركتين تتمتعان بنمو مستمر ودخل كبير، إلا أن الكثيرين كانوا يرون أن لا أحد مؤهل في الكويت لأن يكون الفارس المقدام القادر علي دفع مهر شركة الوطنية خصوصا مع ارتفاع قيمة أصولها، وكذلك أن السوق بانتظار إقرار الفسح لعمل شركة ثالثة في السوق، علي غرار المنافسة الجارية في السعودية حول رخصة الجوال الثالثة حيث يدور النزال بين تسعة تحالفات اتصالات.

ولكن أن تكون كيوتل من فهم ''غمزة العين'' وتستحوذ علي حصة كيبكو في الوطنية للاتصالات مقابل 7,3 مليارات دولار فقد كان ذلك مفاجأة للكثيرين! ليس لأن كيوتل لا تستحق، بل لأن البعض يري أن سوق الاتصالات في الكويت مشبعة؛ بالإضافة إلي أن اختراق شركات الاتصالات الأسواق خارج حدودها كان يتم عادة عبر التحالف مع شركاء استراتيجيين مكملين فقط، وتنافس ماراثوني مع شركات الاتصالات الأخري علي رخص التشغيل في تلك الأسواق... ليفوز بها في نهاية المطاف مشغل واحد.

الرؤية أمام مفترق طرق

في الحقيقة، أعتقد أنه من السذاجة أن يتساءل البعض لماذا تدفع كيوتل مليارات الدولارات في أسواق خارج حدودها؛ وقد يدعو البعض كيوتل لتركز علي السوق المحلية بعد كسر الاحتكار تحسباً للمشغل الثاني.

وقد يُكيل الكثير من المشتركين بخدمة كيوتل في الدوحة أطناناً من الانتقاد لخدمة الاتصال في قطر، ولكنني، باستثناء هذا الأمر أري أن ما أقدمت عليه كيوتل وما تزال تفعل هو عين الصواب- استناداً إلي رؤية الشركة عند إطلاقها. وقد تعض بعض شركات الاتصالات في المنطقة أصابعها حسرة علي عدم فطنتها لهذا الصيد الثمين الذي حصلت عليه كيوتل... هذا إن لم تحسدها عليه.

تقول رؤية كيوتل إنها تسعي لأن تكون أفضل شركة اتصالات في المنطقة ومن ضمن أكبر 20 شركة للاتصالات في العالم مع حلول عام 2020.

وتطبيقاً لتلك الرؤية فمن الحتمي لشركة تتواجد بقوة في سوق محلية وصلت إلي حد الإشباع أن تصل أيضاً إلي مفترق طرق تقول لوحاته الارشادية: إما أن توقف نموها وتبدأ عاماً بعد عام بخفض الأرباح الموزعة علي المساهمين إلي أن تصبح عقيمة، أو أن تنظر استراتيجياً وتقول إن توقعات النمو الكبير في قطر شارفت علي الانتهاء، فالسوق مشبعة وقد كُسر الاحتكار فيها ممهداً الطريق لدخول مشغل ثان. وبالتالي فإن فرصتها تكمن في التوسع خارج حدود دولة قطر.

هذا ما تم بالفعل. فقد كانت أولي الخطوات الحصول علي رخصة التشغيل الثانية في عُمان من خلال تأسيس شركة النورس، وشهد العام الماضي انسحاب كيوتل من المرحلة النهائية في المنافسة علي رخصة الجوال الثالثة في مصر لتفسح المجال لتحالف قادته شركة الإمارات للاتصالات للفوز بالرخصة... ويبدو أن الشركة رأت آنذاك أن ثمن الرخصة وصل حداً مبالغ فيه وأن فرص الولوج إلي أسواق أخري متوفرة عبر شراء حصص في عدد من الشركات.

ولكني أعتقد أن عين كيوتل ما زالت علي السوق المصرية، وربما فضلت الشركة التريث حتي يتم تحرير السوق تماماً لخدمات الاتصالات. وريثما يتم ذلك، يبدو أن مسلسل الاستحواذ علي الحصص في شركات الاتصالات في آسيا وافريقيا أصبح التوجه الأكثر تفضيلاً للشركة.

وهذا تم في نوفمبر 2006 حيث استحوذت علي حصة استراتيجية (2,38في المئة) في شركة نافلينك المتخصصة في توفير خدمات البيانات للشركات والمؤسسات في الشرق الأوسط، لتكون شريكاً لشركة At&t في نافلينك.

كما استهلت العام الجاري بإعلانها عن شراء حصة 25 في المئة من شركة اتصالات آسيا موبايل هولدنج التابعة لشركة سنغابور تكنولوجيز تليميديا مقابل 635 مليون دولار أمريكي، ولتصبح للشركة استثمارات في سنغافورة(ستارهب) وإندونيسيا (إندوسات) التابعتين لسنغابور تكنولوجيز تليميديا.

فيما ترددت أبناء حول نية كيوتل للمنافسة علي شراء حصة مسيطرة في هوتشيسون ايسار رابع أكبر شركة لاتصالات الهاتف المحمول في الهند.

صفقة الوطنية... الورقة الرابحة

إن استحواذ كيوتل علي حصة مسيطرة (51 في المئة) في الشركة الوطنية للاتصالات، يمنح الشركة القطرية ملكية حصص مسيطرة (تمتلكها شركة الوطنية وبالتالي ستؤول الي كيوتل) خارج حدود الكويت لتخترق أسواقاً لم تصل إلي حد الاشباع وما زالت تشهد حركة نامية في سوق الاتصالات؛ ومثال ذلك حصة في شركة تونس للاتصالات، وحصة نسبتها 71 في المئة في شركة نجمة للاتصالات في الجزائر.

لقد حسبتها كيوتل جيداً، فشركة الوطنية للاتصالات مستمرة في تحقيق النمو والأرباح لسبع سنوات متتالية، وقد جاءت أرباحها عن العام 2006 مثيرة، حيث لامست نسبة النمو الأربعين في المئة لتصل إلي 250 مليون دولار امريكي، مع نمو عدد المشتركين بنسبة 56 في المئة لتبلغ نحو 10 ملايين مشترك. ومن المتوقع أن يدعم هذا النمو أيضا أداء الشركات التي تمتلك الوطنية حصصاً فيها ومثال ذلك شركة نجمة للاتصالات في الجزائر التي بدأت نشاطها أواخر العام 2004 والتي تتوقع أن تحقق أرباحاً في نهاية العام الجاري.

ويبدو أن كيوتل قد تحولت إلي اخطبوط تغلغلت أطرافه في آسيا ومنطقة الشرق الأوسط عبر كل من شركة آسياسيل في العراق وبرافو في السعودية، والوطنية للاتصالات في الكويت، وتونسيا في تونس، ونجمة في الجزائر، والنورس في عُمان.

أن تكون كيوتل اقليمية وبعدد مشتركين كبير، فإن ذلك يمنحها ورقة رابحة لأن تستفيد ليس فقط من الأرباح المتأتية من استخدام خدماتها، بل أيضا يتعزز موقفها التفاوضي مع الشركات التي تبيع الشبكات مثل موتورولا، أو نوكيا وغيرهما من الشركات؛ فكلما ارتفع عدد عملاء كيوتل فبالضرورة أن يقل سعر الشبكة علي الشركة، بعكس ما هو حاصل لديها في قطر وعُمان.

وقد نتوقع فرص استفادة وربما استثنائية للشركة من فرق البحث والتطوير في الشركات المشغلة التي تتبع لها. فلو أن مشغلاً في الجزائر أو الكويت قدم خدمة حققت نجاحاً في تلك الأسواق، فإن ذلك سيشجع علي تطبيق الخدمة في أسواق الشركة الأخري وبتكلفة أقل.

كلنا قطر

''نختصر المسافات''، ''نقرب كل بعيد''، ''لنتواصل''، شعارات حملات تسويقية تبنتها شركة كيوتل، وفي دورة الآسياد التي استضافتها الدوحة مؤخراً، خرجت علينا كيوتل بشعار ''كلنا قطر'' ليضاف إلي سلسة من الشعارات الراقية التي تبنتها الشركة سابقاً؛ ويبدو أن الشركة لا تركز علي الإعلان عن منتجاتها بشكل رئيس، بل حرصت علي أن يكون بناء العلامة التجارية عبر برامج وإعلانات هادفة تركز علي بث شعور لطيف وسعيد لدي المتلقي لأن يكون انطباعاً جميلاً وإيجابياً عن الشركة. ومثال ذلك إعلان حصرت الشركة أن يبث علي قناة الجزيرة مفاده أنك إذا كنت في الصحراء وتعطلت سيارتك وأحسست أن الليل قد أرخي ستائره حولك وضاق الحال بك، فإن كيوتل ستكون إلي جانبك لتأخذك إلي النور وإصلاح سيارتك، بل وبث الفرحة في قلبك عبر مشاهدة العنابي يهز شباك الخصم وانتصاره في الملعب.

تمتلك الحكومة القطرية 55 في المئة من أسهم شركة كيوتل. ومن الواضح أن الشركة تريد أن تؤكد أنها ليست مجرد ''ألو'' بل هي الطبيب المداوي ويد العون ومنهل العلم ونديم الروح ورسول المحبة والفرح والسلام. ويظهر ذلك من خلال رعاية وتبني الشركة سلسة لا متناهية من برامج المسؤولية الاجتماعية والرياضية والتعليمية، فضلاً عن برامج التدريب للمواطنين القطريين وابتعاثهم لدراسة مجالات متخصصة.

وأعتقد أن شعار ''كلنا قطر'' أتي منسجماً ليس مع حصة الحكومة في الشركة، بل مع رغبة الشركة بالتأكيد علي الولاء للوطن والهوية القطرية والفخر بهما، من خلال قيم ومفاهيم سامية تسعي الشركة لتطبيقها وهي: العدل و النزاهة، العلم، وحماية المستقبل، ازالة الحواجز بين الشعوب والانفتاح علي الآخر، والتعاطف والسلام.

كيوتل... ولاء العميل علي المحك

مع سمو كل تلك القيم التي تنادي بها كيوتل، يبقي العتب قائماً علي الشركة من قبل الكثير من المشتركين في قطر. والشكوي الرئيسة تتعلق بارتفاع تكلفة المكالمات والاشتراك في خدمات الشركة، ناهيك عن رداءة الارسال.

لقد سجلت كيوتل نجاحاً في اختراق الأسواق خارج حدودها، إلا أن ولاء العميل المحلي لكيوتل سيكون محل اختبار المشغل الجديد في قطر يوماً ما.

نموذج مختصر.. بين فكي كماشة

علي كل حال فإن التوسعات التي أقدمت عليها كيوتل رسمت وجه شبه كبير بينها ومؤسسة الإمارات للاتصالات التي سبقت كيوتل في تبني هذا النهج. فمع النجاح الباهر لاتصالات الإمارات محلياً وشهرة علامتها التجارية بسمعتها الحسنة والمحترمة وإمكانية الاستمرار في ذلك، إلا أن الشركة أدركت قيم الفرص خارج الحدود أيضاً. فقد فازت تحالفات اتصالات الامارات بعدد من رخص التشغيل كان آخرها رخصة الجوال ثالثة في مصر (كلفت 16 مليار جنيه)، ولها مواطئ أقدام كبيرة في كل من السعودية (موبايلي 35%)، باكستان (ptcl )، قطر (كيوتل 1 في المئة)، بنين، بوركينا فاسو، الجابون، النيجر، توغو، جمهورية أفريقيا الوسطي وساحل العاج (50% اتلانتك تيليكوم)، السودان (كنارتل، وسوداتل 6,4%) تنزانيا (زانتل) وشركة الثريا في مجال خدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في أكثر من 130 بلداً.

أما في ما يتعلق بولاء العميل، فقد يكون من المفيد أن نذكر بتجربة شركة الاتصالات السعودية التي كانت تحتكر السوق وتدير ظهرها للعملاء، خصوصاً مع رداءة بعض الخدمات المقدمة وزيادة الأسعار، وكان يكفي أن تتصل بالاستعلامات مرة حتي لا تعيد المحاولة... فلن تجد حياة لمن تنادي، رغم مليارات الريالات التي تحققها الشركة كل عام.

وجاءت شركة اتحاد اتصالات ''موبايلي'' لتقلب مفهوم تسويق 26% اتصالات الهاتف الجوال في المملكة عبر حملة منظمة وناجحة. اعتمدت موبايلي برنامجاً يقوم علي اختراق السوق عبر بناء محطات التردد في مختلف أنحاء المملكة والتواجد الكثيف لنقاط البيع تدعمها حملات إعلانية كثيفة وبأسلوب حضاري غير ممل.

كما لعبت علي وتر حساس غفلت عنه الشركة العتيقة في السوق (الاتصالات السعودية) وهو أسلوب الخدمة اللبق والاستماع إلي العميل والاستعداد لتقديم الحل... فلا مشكلة.

وبالتالي أرادت الشركة أن تبث في نفس المتلقي أن موبايلي هي القائد في السوق والشركة الأخري ليست إلا مجرد متفرج أو متخبط.

كما دعمت ذلك البرنامج بخطة ذكية لتقسيم السوق إلي وحدات ولكل منها منتج أو باقة؛ لتتخصص للسيدات وأخري للطالبات وغيرها للوافد وباقات لرجال الأعمال ومنتجات لذوي الدخل المحدود.

أما اليوم، وبعد نحو ثلاثة أعوام من التشغيل، أصبح عدد المشتركين لدي موبايلي أكثر من ستة ملايين مشترك. وقد اختتمت الشركة العام 2006 بأرباح وصلت إلي 188 مليون دولار رغم قصر مدة التشغيل.

لقد نجحت تجربة موبايلي، وبالتالي نجحت مؤسسة الإمارات للاتصالات في ضم مشتركين جدد خارج حدودها إلي رصيدها وتعزيز أرباحها؛ إلا أن شركة الاتصالات السعودية لم تفلح لغاية الآن في أي من الصفقات خارج حدودها، إلي درجة أنها رسبت في التقييم الفني عندما تقدمت للمنافسة علي الرخصة الثالثة للجوال في مصر.

وتبقي السوق الآن مترقبة لمشغل جوال ثالث في المملكة، ولن يكون من المستبعد أن يُدفع في الرخصة الجديدة مبلغ أكثر مما دفعت موبايلي، خصوصاً أن السوق تشهد نمواً كبيراً في ظل التطور الاقتصادي الكبير للمملكة والزيادة في عدد السكان والاستهلاك.

أسماء التحالفات المتنافسة علامات تجارية محترفة ولها باع طويل في سوق الاتصالات، وعلي رأسها شركة أوراسكوم تيليكوم القابضة، وشركة الاتصالات المتقنة ام تي سي، وسعودي أوجيه للاتصالات. فهل ستصبح الاتصالات السعودية بين فكي كماشة؟

عضو جمعية التسويق الأمريكية

مقدم برامج أسواق المال في قناة سي ان بي سي عربية