تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خلافات بارزة حول دور صناديق الاستثمار المستقلة عن البنوك السعودية وجدواها



أبوتركي
05-04-2007, 07:12 PM
مع إطلاق أول صندوقين من هذا النوع
خلافات بارزة حول دور صناديق الاستثمار المستقلة عن البنوك السعودية وجدواها




الرياض - نضال حمادية

أبرز طرح صناديق استثمار مستقلة عن البنوك خلافات واضحة في آراء ثلاثة من المختصين بهذا الشأن، لاسيما حول حاجة السوق السعودية لمزيد من هذه الصناديق، رغم إجماعهم على إيجابية الخطوة!

وفيما قال أحد هؤلاء المختصين إن الصناديق المطروحة مؤخرا لن تكون سوى "منتج قديم باسم جديد"، أكد آخر العكس تماما متحدثا عما اعتبره مزايا مختلفة لهذه الصناديق ستجعلها قادرة على "سحب البساط" من تحت الصناديق التابعة للبنوك.

وبنفس الوتيرة تقريبا رصدت "الأسواق نت" تمايزا في نظرة المتداولين السعوديين للصناديق المستقلة عن البنوك، بين معول على دورها في "إنهاء تسلط البنوك"، ومقلل من قدرتها في إحداث تغيير ملموس، غير أن اللافت كان في اتفاقهم على أن تأسيس هذه الصناديق جاء متأخرا جدا.

وكانت هيئة السوق المالية قدا وافقت في 31/3/2007 على طرح صندوقين استثماريين تابعين لشركتي وساطة مالية هما مجموعة بخيت و"فالكم"، كأول صندوقين مستقلين عن البنوك، ليصل العدد الإجمالي للصناديق إلى 28 صندوقاً، وذلك في إطار ما اعتبرته الهيئة "استمراراً لجهودها في تطوير السوق المالية وتعدد منتجاتها وتوفير فرص استثمارية للمواطنين".

وطبقا لأحدث إحصائية متوفرة عن الصناديق الاستثمارية العاملة في السوق السعودية فقد بلغت نسبة صافي أصول الصناديق الاستثمارية إلى إجمالي السوق 2.3% فقط، أو ما يقارب 31 مليار ريال "الدولار يساوي 3.75 ريال".

وفي هذا السياق رأى يحيى السليمان رئيس مجموعة العمليات في البنك السعودي للاستثمار أن موافقة هيئة سوق المال على استحداث صناديق استثمارية خارج إطار البنوك هي أمر إيجابي، لجهة تعزيز مناخ المنافسة، دون أن ننسى أن جميع الصناديق ستصبح خارج البنوك بحلول منتصف 2007 تقريبا، وهو الموعد المحدد للبنوك من أجل تأسيس شركات مستقلة لتداول الأسهم.


آن الأوان

ونفى السليمان أن يكون لدى البنوك السعودية أية هواجس تجاه ما يعده البعض كسرا لاحتكار صناديق الاستثمار من قبل البنوك، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الصناديق الجاري طرحها لن تأتي بشيئ جديد أو غير اعتيادي، لاسيما إذا سلمنا بأن أداء الصندوق ينبع في الأساس من أداء السوق التي يعمل فيها، وإن كان للاحترافية وحسن الإدارة دور لا ينكر في ذلك.

ونبه السليمان إلى أن الصناديق الجديدة لن تكون سوى "منتج قديم باسم جديد"، إذا ما اتبعت نفس طريقة الصناديق التابعة للبنوك، أما إذا قدمت مزايا مستحدثة كتقليص الزمن اللازم للدخول إلى الصندوق أو الخروج منه فإن الأمر سيغدو مختلفا نوعا ما.

وعن مدى استفادة البنك من الصناديق المنشأة خارجه بحكم أن التعاملات المالية لابد وأن تمر به، قال السليمان إن استفادة البنوك من الصناديق التابعة لها محدودة، ومن البديهي أن تكون أكثر محدودية في حالة الصناديق الأخرى، مؤيدا كلامه بنقطتين، أولاهما سرعة تحول الأموال المودعة في الصناديق إلى أسهم، أما الثانية فتتعلق بخاصية الاستثمار التي يفترض أن يتمتع بها أي صندوق.

وشدد السليمان على النقطة الأخيرة مؤكدا للأسواق.نت أن هناك صناديق تخلت عن دورها الرئيس لتدخل عالم المضاربات، أي أنها تحولت من صناديق استثمارية إلى مضاربية، وأنه آن الأوان لكشف هذه الصناديق والإعلان عنها.

أما فيما يخص عدد الصناديق الاستثمارية العاملة نسبة إلى حجم السوق السعودي، فاعتبر السليمان أن وجود 28 صندوقا كثير على سوق لاتضم سوى 86 شركة، وأنه لا معنى للقول بتوفير أدوات استثمارية أوسع في ظل محدودية فرص الاستثمار، مستخلصا من ذلك ضرورة الالتفات إلى تعميق السوق بإضافة المزيد من الشركات إليها، وصولا إلى حدود 400 شركة، حتى يصبح الكلام عن تنوع الفرص الاستثمارية في السوق معقولا.

ووصف السليمان الانتقادات الموجهة من البعض لإدارات الصناديق واتهامها بقلة الخبرة والكفاءة بأنها غير صحيحة، مفضلا في الوقت ذاته "تأجيل الحكم" على الصناديق التي أُطلقت من خارج البنوك حتى تباشر أعمالها.


سور الصين العظيم

من جانبه أوضح الرئيس التنفيذي لشركة أموال فهد القاسم أن المهمة الأساسية للصناديق هي إتاحة الفرصة للمستثمر الصغير لينمي أمواله بإيدي محترفين، لكن الفترة الماضية شهدت العكس نتيجة عدم مراعاة البنوك للجانب الاحترازي والاستشاري، مفضلة عليهما "التسابق لتضخيم قدرات تلك الصناديق ومزاياها في عيون المتداولين".

وأضاف القاسم أن البنوك مارست ولاتزال أدواراً مزدوجة وغير محايدة، بحكم تدخلها في التمويل والمتاجرة بالأسهم، وقد ركزت على "دور الجباية" بالذات، وهنا تكمن دلالة استحداث صناديق مستقلة عن البنوك على حد قوله.

وقال القاسم إن وجود 50 صندوق استثماري هو بلا شك أفضل من وجود 2 مليون متداول داخل السوق بصفتهم الفردية، معتبرا أن مبدأ التنافس سيفرض نفسه أكثر فأكثر بالتزامن مع زيادة عدد الصناديق من جهة، وبانتقال الإشراف على تلك الصناديق من مؤسسة النقد إلى هيئة السوق من جهة أخرى، مذكرا أن المؤسسة لم تخرج عن سياسة "الابن المدلل" في تعاطيها مع البنوك، بينما يُتوقع من الهيئة أن ترفع "العصا الغليظة" في وجه أي مخالف سواء كان صندوقا أو متعاملا أو شركة.

وأكد القاسم أن شركات الأعمال المالية هي تجربة جديدة على السوق المحلية يجب التعامل معها بصبر وروية، ريثما يتم التحقق من مزاياها وعيوبها، منبها إلى ضرورة تطبيق مبدأ الفصل بين نشاطي الإدارة والوساطة في هذه الشركات أو ما يسمى "سور الصين العظيم"، وفق ما تعارفت عليه جميع الأسواق العالمية، وتضمنه نظام هيئة السوق السعودية.


استحقاق وتحالفات

أما هشام أبو جامع رئيس قسم إدارة الأصول في مجموعة بخيت الاستثمارية فرأى أن التركيز يجب أن ينصب على حجم الصناديق لا على عددها، حيث تشير آخر الإحصاءات أن حجم الصناديق الاستثمارية يقل عن 3% من حجم السوق السعودية، وهي نسبة متواضعة جدا مقارنة بمعيار الأسواق المتطورة الذي يتراوح بين 40 و50%.

واعتبر أبو جامع تشكيك البعض في قدرة الصناديق الجديدة على تقديم شيء مختلف، بأنه حكم متسرع وليس في محله تماما، إذ أن هذه الصناديق المنبثقة عن شركات الأعمال المالية تدار باحترافية عالية، كما إنها تتيح للعميل الحصول على تقارير دورية عن السوق وعن محفظته كذلك، علاوة على التقييم المستمر، وإمكانية الاشتراك أو الاسترداد اليومي.

وقال أبو جامع الذي كان يتحدث من وحي تجربة صندوق بخيت للأسهم إن إحدى التوجهات الجديدة لصناديق الاستثمار تعتمد على الدراسة المتعمقة للشركات عبر الزيارات الميدانية لمشاريعها، ومن خلال العناية بتقسيم طاقم العمل إلى مجموعات ثلاث ابتداء بجمع المعلومات مرورا بتحليلها وانتهاء بالإدارة واتخاذ القرار.

وبناء على هذا التصور لم يستبعد أبو جامع أن تكون الصناديق الجديدة قادرة على "سحب البساط" من تحت صناديق الاستثمار الملحقة بالبنوك، مدللاً على رأيه بالقول إن البنوك بدأت تحس بالنقص الذي تعانيه مع مواجهتها لاستحقاق تأسيس شركات تداول مستقلة، ما دفع بعضها للدخول في تحالف مع شركات عالمية لسد هذا النقص، وتأمين القدرة على المنافسة.

ونفى أبو جامع بشكل قاطع صحة الكلام القائل بأن العلاقات الشخصية لرؤساء شركات الوساطة قد تلعب دورا ما في إنجاح الصناديق المنبثقة عن شركاتهم، قائلا إن الرهان على العلاقات الشخصية خاسر حتماً، فضلاً عن أنه غير آمن أو دائم، وهناك مجال واسع للاستغناء عنه بالتركيز على مزيد من الاحترافية والإتقان.


إلا إذا

وبدورهم أفرد متداولون سعوديون القسم الأكبر من تعليقاتهم لانتقاد التأخر في إطلاق الصناديق الاستثمارية المستقلة عن البنوك، حيث تساءل المستثمر وليد الدهامي إن كان ثمة أموال لدى معظم المتداولين ليودعوها في تلك الصناديق، بعد أن خسروا 80 أو 90% من رأسمالهم في السوق، بل بعد أن أصبح بعضهم مديونا.

وبمنطق مشابه لمنطق الدهامي رأى المتداول عبدالرحمن الحربي أن طرح صناديق جديدة بعد أن خسرت سوق الأسهم السعودية قرابة 60% من قيمتها، حتى ولو كانت هذه الصناديق أفضل أداء مما سبقها، هو بمثابة "وصول المُغادر إلى المطار بعد إقلاع طائرته"، أي إن هذا الإجراء فقد كثيرا من قيمته التي كان يفترض أن يضيفها للسوق فيما لو جاء في وقته، وفقا للحربي.

في حين قال المتداول محمد فرج إن إطلاق صناديق غير تابعة للبنوك له حسنات عدة، أهمها التخلص مما دعاه "تسلط البنوك على المتعاملين"، والذي سيؤدي حسب كلامه إلى احتمالين لا ثالث لهما، فإما أن تحسن البنوك خدماتها وأداءها في هذا المجال، أو تترك الساحة لتلك الصناديق، وفي كلا الحالتين فإن الفائدة تصب في مصلحة المتداولين بلا جدال.

واكتفى المستثمر عبدالله القحطاني بالقول إن سمعة الصناديق الاستثمارية لدى المتداولين غير جيدة على الإطلاق، وإن هذه السمعة لن تتغير بسهولة، إلا إذا طُويت صفحة الخسائر وفُتحت صفحة الأرباح.