المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموازنات السنوية الخليجية تشهد زيادة في الإنفاق للعام 2006



أبوتركي
06-04-2007, 03:36 AM
الموازنات السنوية الخليجية تشهد زيادة في الإنفاق للعام 2006


شهدت الأوضاع الاقتصادية في كافة دول مجلس التعاون الخليجي المزيد من التحسن في العام 2006، متأثرة بالكثير من العوامل، وخصوصاً زيادة الانفاق الحكومي من خلال الموازنات السنوية وارتفاع أسعار النفط لتتجاوز 80 دولاراًً للبرميل في صيف العام الماضي.

وأدى ذلك إلى زيادة الاستثمارات الحكومية، ولاسيما في مرافق البنية الأساسية والتي أدت بدورها إلى جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والخارجية، كما أدى ذلك إلى تقارب الأوضاع المالية في دول مجلس التعاون الخليجي وتحقيق فوائض نقدية كبيرة ساهمت في تجاوز بعض العقبات المالية السابقة، كالعجز في الموازنات وتفاقم حجم الدين العام الداخلي في بعض دول المجلس والذي انخفض بصورة ملحوظة في العامين الماضيين.

ويلاحظ استمرار تحقيق دول مجلس التعاون الخليجي لفائض في إجمالي موازناتها للسنة الثالثة على التوالي وذلك على رغم انخفاض حجم هذا الفائض في العام الجاري 2007 بنسبة 11.80 في المئة ليصل إلى 29.80 مليار دولار، مقابل 33.80 مليار دولار في العام 2006.

ويعتبر استمرار تحقيق هذا الفائض أمراً طبيعياً في ظل ارتفاع متوسط أسعار نفط الأوبك بنسبة 21.4 في المئة ليصل متوسط سعر البرميل إلى 59.5 دولاراً في العام 2006، مقابل 49 دولاراً للبرميل في العام 2005.

حقيقية، فإن هذا الفائض قابل للارتفاع على اعتبار أن كافة دول المجلس اعتمدت سعراً يتراوح ما بين 32 - 36 دولاراً للبرميل عند إعداد موازناتها السنوية للعام 2007 في الوقت الذي مازال سعر برميل النفط أعلى من ذلك بكثير، كما يبدو من أسعار النفط التي سادت في الشهرين الماضيين من العام الجاري.

وبما أن دول المجلس تعتمد بنسبة 80 في المئة في تمويل موازناتها السنوية على عائداتها النفطية، فإنه يتوقع أن تكون هذه العائدات أكبر من الأرقام الواردة في مشروعات الموازنات المعتمدة في بداية العام.

يبدو أن سعر 32 - 36 دولاراً للبرميل والمعتمد عند إعداد الموازنات في دول مجلس التعاون أخذ بعين الاعتبار التقلبات الحادة في أسواق النفط العالمية والتي أدت إلى انخفاض أسعار النفط من حاجز 80 دولاراًً في يوليو/ حزيران الماضي إلى ما يقارب 60 دولاراً للبرميل في الوقت الحاضر.

وتشير البيانات الإجمالية السابقة للموازنات السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي إلى زيادة الانفاق بنسبة 14.4 في المئة في العام الجاري ؛ ليصل إلى 157.7 مليار دولار، مقابل 140.27 مليار دولار في العام 2006، إذ يرجع ذلك بصورة أساسية إلى التوسع في تنفيذ المشروعات وارتفاع الاعتمادات الخاصة بالرواتب والأجور وتسديد مستحقات سابقة ترتبت على انخفاض أسعار النفط في نهاية القرن الماضي.

وفي نفس الوقت، ارتفع إجمالي حجم الإيرادات بنسبة 7.7 في المئة ليصل إلى 187.5 مليار دولار في العام 2007، مقابل 174.07 مليار دولار في العام 2006، إذ ساهم ارتفاع أسعار وبالتالي عائدات النفط في هذه الزيادة.

لقد تزامن ارتفاع الإيرادات النفطية مع زيادة الإيرادات غير النفطية في بعض دول مجلس التعاون الخليجي والتي استطاعت أن تمني مواردها غير النفطية بنسب متفاوتة، كدولة الإمارات على سبيل المثال.

ولم تتمكن دول أخرى من تحقيق هذا التنوع، بل إن الإيرادات غير النفطية في موازنات بعض هذه الدول شهدت انخفاضاً في العام 2007 مقارنة بالعام 2006، ليس من الناحية النسبية بحكم ارتفاع أسعار النفط فحسب، وإنما من الناحية المطلقة أيضا.

يشكل ذلك من الناحية الاقتصادية خللاً لا بدّ من تداركة، إذ إن تنمية الموارد غير النفطية يعتبر توجهاً استراتيجياً مهماً يؤدي إلى تنويع مصادر تمويل الموازنات السنوية وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر مهيمن في عملية التمويل هذه.

وفي هذا الصدد، يمكن لدول المجلس الاستفادة من تجارب بعضها بعضا، فدولة الإمارات تعتبر متخصصة في هذا الجانب؛ إذ تنخفض القيمة النسبية للإيرادات النفطية في الموازنة السنوية، في مقابل استمرار ارتفاع مصادر الإيرادات غير النفطية ضمن نهج ما يسمى بالتمويل الذاتي للموازنة السنوية.

يكتسب هذا التوجه أهمية استثنائية في السنوات القليلة للقبلة، فدول المجلس ستستكمل في هذا العام مقومات السوق الخليجية المشتركة لتنتقل إلى أشكال أرقى من التعاون والتنسيق الاقتصادي والتي ستؤدي بدورها إلى توحيد السياسات الاقتصادية والمالية والتي تتطلب أقصى قدر ممكن من التشابه في هذه السياسات في الوقت الحاضر.

وكافة دول المجلس تمتلك الإمكانات اللازمة لإحداث هذا التغيير في أساليب تمويل الموازنات السنوية، غلا أن ذلك بحاجة إلى تعديل بعض الأنظمة والقوانين الخاصة بالاستثمار وضخ المزيد من الاستثمارات في مشروعات البنية الأساسية وتقديم تسهيلات إضافية لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية.

تتيح الارتفاعات في العائدات النفطية وفوائض الموازنات السنوية ظروفاً مثالية لتحقيق هذا التنوع المنشود والذي يمكن أن يشكل أرضية مناسبة لتنويع مصادر الدخل القومي وتحاشي الصعوبات التي قد تنجم عن تقلبات أسواق النفط العالمية.