المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : &&& رد الشيخ الفوزان على سعيد رمضان البوطي حول كتابه &&&



سوبرقطري
07-04-2007, 11:04 AM
رد الشيخ الفوزان على كتاب سعيد رمضان البوطي حول كتابه (السلفية)

نظرات وتعقيبات على ما في كتاب السلفية


لمحمد سعيد رمضان من الهفوات
بقلم \ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان وردت ترجمة للكتاب في العدد ( 7 ) من المجلة ص238
لأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وسلم .
وبعد :

فقد اطلعت على كتاب من تأليف الدكتور \ محمد سعيد رمضان البوطي بعنوان " السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي " .

فاستغربت هذا العنوان لما يوحي به من إنكار أن يكون للسلف مذهب ومنهج تجب علينا معرفته والتمسك به ، وترك المذاهب المخالفة له ، ولما قرأت الكتاب وجدت مضمونه أغرب من عنوانه حيث وجدته يقول فيه إن التمذهب بالسلفية بدعة ويشن حملة على السلفيين .

ونحن نتساءل هل الذي حمله على أن يشن هذه الحملة الشعواء على السلفية والسلفيين - الحملة التي تناولت حتى القدامى منهم كشيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - هل الذي حمله على ذلك كراهيته للبدع فظن أن التمذهب بالسلفية بدعة فكرهه لذلك .

كلا ليس الحامل له كراهية البدع لأننا رأيناه يؤيد في هذا الكتاب كثيرا
(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 184)
من البدع - يؤيد الأذكار الصوفية المبتدعة .
ويؤيد الدعاء الجماعي بعد صلاة الفريضة وهو بدعة .
ويؤيد السفر لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم " وهو بدعة " .

فاتضح لنا والله أعلم أن الحامل له على شن هذه الحملة هو التضايق من الآراء السلفية التي تناهض البدع والأفكار التي يعيشها كثير من العالم الإسلامي اليوم وهي لا تتلاءم مع منهج السلف ، وقد ناقشت في هذه العجالة الآراء التي أبداها في كتابه المذكور حول السلفية والسلفيين وذلك من خلال التعقيبات التالية .
وهي تعقيبات مختصرة تضع تصورا لما يحتويه كتابه من آراء هي محل نظر ، وإذا كان الدكتور يعني بحملته هذه جماعة معينة .
فلماذا لا يخصها ببيان أخطائها دون أن يعمم الحكم على جميع السلفيين المعاصرين ، وحتى بعض السابقين منهم .
والآن إلى التعقيبات .


التعقيب الأول

قوله في العنوان : " السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي " . هذا العنوان معناه أن السلف ليس لهم مذهب يعرفون به وكأنهم في نظره عوام عاشوا في فترة من الزمن بلا مذهب .
وأن تفريق العلماء بين مذهب السلف ومذهب الخلف تفريق خاطئ لأن السلف ليس لهم مذهب ، وعلى هذا لا معنى لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ، سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين وقوله لما سئل عن الفرقة الناجية من هي ، قال : سنن الترمذي الإيمان (2641). هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي لا معنى لهذا كله لأن السلف ليس لهم مذهب . ولعل قصد الدكتور من ذلك هو الرد على الذين يتمسكون بمذهب السلف في هذا الزمان ويخالفون المبتدعة والخرافيين .


التعقيب الثاني


قوله في صفحة ( 5 ) : هذا الكتاب لا يتضمن أي مناقشة لآراء
(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 185)
السلفية وأفكارهم التي يعرفون بها ، كما لا يتضمن تصويبا ولا تخطئة لها ، ومعنى هذا أن الآراء السلفية قابلة للمناقشة والتخطئة ، وهذا فيه إجمال لأن السلفية بمعناها الصحيح المعروف لا تخالف الكتاب والسنة فلا تقبل المناقشة والتخطئة ، وأما السلفية المدعاة فهي محل النظر وهو لم يحدد المراد بالسلفية فكان كلامه موهما عاما يتناول السلفية الصحيحة المستقيمة .


التعقيب الثالث

في صفحة ( 12 ) المقطع الأول يعلل فيه أن وجوب اتباع السلف بكونهم أفهم للنصوص لسلامة لغتهم ولمخالطتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا فيه نقص كبير لأنه أهمل قضية تلقيهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلمهم منه وسؤالهم إياه ، ومشاهدتهم للتنزيل على رسول الله ، وتلقيهم التأويل عنه صلى الله عليه وسلم وهذه مرتبة من العلم لم يبلغها غيرهم وقد أهمل ذكرها وتناساها تماما ، كما أنه في آخر هذه الصفحة يقرر أن اتباع السلف لا يعني أخذ أقوالهم والاستدلال بمواقفهم من الوقائع وإنما يعني الرجوع إلى القواعد التي كانوا يحتكمون إليها .

ومعنى هذا الكلام أن أقوال السلف وأفعالهم ليست حجة وإنما الحجة هي القواعد التي كانوا يسيرون عليها وهذا كلام فيه تناقض لأن معناه أننا نلغي أقوالهم ونأخذ قواعدها فقط ، ونستنبط بها من النصوص غير استنباطهم ، وهذا إهدار لكلام السلف ودعوة لاجتهاد جديد ، وفهم جديد يدعي فيه أنه على قواعد السلف .


التعقيب الرابع

في صفحة 13 ، 14 ينكر أن تتميز طائفة من المسلمين من بين الفرق المختلفة المفترقة وتسمى " بالسلفية " . ويقول : لا اختلاف بين السلف والخلف ولا حواجز بينهم ولا انقسام .
وهذا الكلام فيه إنكار لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الإمارة (1920),سنن الترمذي الفتن (2229),سنن أبو داود الفتن والملاحم (4252),سنن ابن ماجه الفتن (3952),مسند أحمد بن حنبل (5/279). لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم .
(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 186)

وقوله صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الإيمان (2641). وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قيل من هي يا رسول الله . قال هم : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي . فهذان الحديثان يدلان على وجود الافتراق والانقسام والتميز بين السلف وأتباعهم وبين غيرهم .

والسلف ومن سار على نهجهم ما زالوا يميزون أتباع السنة عن غيرهم من المبتدعة والفرق الضالة ويسمونهم أهل السنة والجماعة ، وأتباع السلف الصالح ومؤلفاتهم مملوءة بذلك .
حيث يردون على الفرق المخالفة لفرقة أهل السنة وأتباع السلف .

والدكتور يجحد هذا ويقول : لا اختلاف بين السلف والخلف ولا حواجز بينهم ولا انقسام . وهذا إنكار للواقع مخالف لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من وجود الانقسام والافتراق في هذه الأمة وأنه لا يبقى على الحق منها إلا فرقة واحدة .


التعقيب الخامس


من صفحة 14 - 17 يحاول أن يبرر قوله بعدم وجوب الأخذ بأقوال السلف وأعمالهم وتصرفاتهم بأن السلف أنفسهم لم يدعوا الناس إلى ذلك وبأن العادات تختلف وتتطور في اللباس والمباني والأواني . إلخ ما ذكره . وهذا الكلام فيه جهل وخلط وتلبيس من وجهين :

الوجه الأول :
قوله : إن السلف لم يدعوا إلى الأخذ بأقوال السابقين وهذا كذب عليهم . فإن السلف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين يحثون على امتثال ما أمر الله به ورسوله من الاقتداء بالسلف الصالح ، والأخذ بأقوالهم ، والله قد أثنى على الدين يتبعونهم ، فقال تعالى : سورة التوبة الآية 100 وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ . الآية .
(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 187)
وقال صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية : سنن الترمذي الإيمان (2641). هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي .

وقال صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، وقال عبد الله بن مسعود : من كان مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة .
أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أبر الناس قلوبا وأغزرهم علما وأقلهم تكلفا ) .
وقال الإمام مالك بن أنس : ( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ) إلى غير ذلك مما تضمنته الكتب المؤلفة في عقائد السلف والمسماة بكتب السنة ، ككتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ، وكتاب السنة للآجري ، وكتاب السنة لابن أبي عاصم وغيرها تذكر أقوال السلف وتحث على الأخذ بها .

الوجه الثاني :
أنه جعل مسائل العادات كالمباني والأواني والملابس كمسائل العلم والعقائد والعبادات تختلف باختلاف الأزمنة والأعراف وهذا منه جهل أو تلبيس ، فإن الفرق في ذلك معروف لأقل الناس ثقافة وعلما . كل يعرف أن العادات تختلف وأما العبادات وأحكام الشريعة فهي ثابتة .


التعقيب السادس

في صفحة 19 المقطع الأخير يقول : إن السلف لم يجمدوا عند حرفية أقوال صدرت عنهم - ومراده أن السلف لا يبقون على أقوالهم بل يتحولون عنها ومن ثم لا يجب علينا الأخذ بأقوالهم .
وهذا فيه إجمال ، فإن كان مراده أقوالهم في العقيدة فهو كذب عليهم لأنهم ثبتوا على قولهم في العقيدة ولم يتحولوا عنه ، وإن كان مراده أقوالهم في المسائل الاجتهادية فهم لا يجمدون على القول الذي ظهر لهم أنه خطأ بل يتركونه إلى الصواب .


التعقيب السابع

قوله : فكل من التزم بالمتفق عليه من تلك القواعد يعني القواعد التي قال إن السلف كانوا يحتكمون إليها . والأصول وبنى اجتهاده وتفسيره وتأويلاته للنصوص على أساسها فهو مسلم ملتزم بكتاب الله وسنة رسوله .

نقول : ضابط الإسلام قد بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل وهو أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ويتبع هذه الأركان فرائض وسنن وشرائع هي مكملات للإسلام . ، فالمسلم هو الملتزم بالإسلام المقيم لأركانه ، فلا حاجة إلى هذا التعريف الذي ذكره مع تعريف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم إن تعريفه فيه إجمال وعدم وضوح فهو يتيح لكل أحد أن يفسر الإسلام بما يريد . يدل على ذلك قوله فيما بعد : نعم إن من قواعد هذا المنهج ما قد يخضع فهمه للاجتهاد ومن ثم فقد وقع الخلاف إلخ . فهل الإسلام قابل للاختلاف . كلا بل إن أصول الإسلام والعقيدة ليست مجالا للاجتهاد والاختلاف وإنما هذا في المسائل الفرعية ، فمن خالف في أصول الدين وعقيدته فإنه يكفر أو يضلل بحسب مخالفته ، لأن مدارها على النص والتوقيف ولا مسرح للاجتهاد فيها .


التعقيب الثامن

قوله : أن السلفية لا تعني إلا مرحلة زمنية قصارى ما في الأمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفها بالخيرية كما وصف كل عصر آت من بعد بأنه خير من الذي يليه فإن قصدت بها جماعة إسلامية ذات منهج معين خاص بها ، فتلك إذن إحدى البدع ( ا . هـ ) ونقول : هذا التفسير منه للسلفية بأنها مرحلة زمنية وليست جماعة تفسير غريب وباطل . فهل يقال للمرحلة الزمنية بأنها سلفية هذا لم يقل به أحد من البشر ، وإنما تطلق السلفية على الجماعة المؤمنة الذين عاشوا في العصر الأول من عصور الإسلام ، والتزموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ووصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : صحيح البخاري الشهادات (2508),صحيح مسلم فضائل الصحابة (2535),سنن النسائي الأيمان والنذور (3809),سنن أبو داود السنة (4657),مسند أحمد بن حنبل (4/427). خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم . الحديث .

فهذا وصف لجماعة وليس لمرحلة زمنية . ولما ذكر صلى الله عليه وسلم افتراق الأمة فيما بعد . قال عن الفرق كلها : إنها في النار إلا واحدة . ووصف هذه الواحدة بأنها هي التي تتبع منهج السلف وتسير عليه فقال : سنن الترمذي الإيمان (2641). هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي .

فدل على أن هناك جماعة سلفية سابقة وجماعة متأخرة تتبعها في نهجها وهناك جماعات مخالفة لها متوعدة بالنار وما ذاك إلا لضلال هذه الفرق المخالفة للفرقة الناجية . لا كما يقول فيما سبق في صفحة 20 - 21 : ومن حق صاحب أحد الرأيين أو الآراء في تلك المسائل الاجتهادية أن يطمئن إلى أن ما ذهب إليه هو الصواب ، ولكن ليس من حقه أن يجزم بأن الذين خالفوه إلى الآراء الأخرى ضالون خارجون عن حظيرة الهدى ( ا . هـ ) ونقول له : ليس هذا على إطلاقه إنما هو في المسائل الفروعية التي هي مسرح للاجتهاد أما مسائل العقيدة فلا مجال للاجتهاد فيها وإنما مدارها على التوقيف ومن خالف فيها ضلل أو كفر بحسب مخالفته ، وقد ضلل السلف القدرية والخوارج والجهمية وحكموا على بعضهم بالكفر لمخالفتهم منهج السلف .


التعقيب التاسع

زعم في صفحة 27 - 31 أن الصحابة لم يكن بهم حاجة إلى تحكيم ميزان علمي في الاستنباط . وهذا فيه إجمال ، فإن أراد بالميزان العلمي فهم النصوص ومعرفة معانيها وما يراد بها فهم أغزر الناس علما في ذلك وأقلهم تكلفا ، وأن أراد بالميزان العلمي منهج الجدل وعلم الكلام فهذا

ميزان جهلي لا ميزان علمي . وهم أغنى الناس عنه . وقد تركوه وحذروا منه وضللوا أصحابه لأنه لا يوصل إلى حقيقة ولا يهدي إلى صواب وإنما آل بأصحابه إلى الشك ، وإن زعم من ابتلي به أنه ميزان علمي ووصفوا أنفسهم بأن طريقتهم أعلم وأحكم وأن طريقة السلف أسلم ، ويصفون السلف بأنهم ظاهريون كما وصفهم الدكتور بذلك في هذا الكتاب في صفحة 31 فقال : " ومن ثم فإن الشأن فيما ذكرناه عنهم من ابتعادهم عن ساحة الرأي وعدم الخوض فيما تلقوه من أنباء الغيب وغوامض المعاني ، ووقوفهم في ذلك مع ظاهر النصوص دون تعطيل ولا تشبيه .

فهذا معناه أن طريقة السلف بدائية تقف عند ظاهر النصوص وليست طريقة علمية تنفذ إلى غور النصوص ومقاصدها ، ومعناه أيضا أن للنصوص باطنا وظاهرا يختلفان كما يقوله أهل الضلال .


التعقيب العاشر

من صفحة 32 إلى صفحة 47 ، يحاول أن يبرر مخالفة بعض الخلف لمنهج السلف باتساع بلاد الإسلام ، ودخول أجناس من البشر في دين الإسلام وهم يحملون ثقافات أجنبية وبتوسع مجالات الحياة المعيشية باختلاف الملابس والمباني والأواني والصناعات والأطعمة إلى غير ذلك مما ذكره من الكلام الطويل إلى أن قال في النهاية : فلو كانت اتجاهات السلف واجتهاداتهم هذه حجة لذاتها لا تحتاج هي بدورها إلى برهان أو مستند يدعمها لأنها برهان نفسها إذا لوجب أن تكون تلك النظرات ( يعني نظرات السلف ) المتباعدة المتناقضة كلها حقا وصوابا ولوجب المصير ودون أي تردد إلى رأي المصوبة ومعناه غير واضح . ولما احتاج أولئك السلف رضوان الله عليهم أن يلجئوا أخيرا من مشكلة هذا التناقض والاضطراب إلى منهج علمي يضبط حدود المصالح .

إلخ ما قال . ونحن نجيبه عن ذلك :

الجواب الأول :
أن السلف لم يختلفوا في مسائل العقائد والإيمان ، وإنما اختلفوا في مسائل الاجتهاد الفرعية وليس ذلك اضطرابا وتناقضا كما يقول وإنما هو اجتهاد يؤجرون عليه .

الجواب الثاني :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا باتباعهم بقوله : سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، وقال عن الفرقة الناجية : سنن الترمذي الإيمان (2641). هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي وأثنى الله على من اتبعهم ورضي عنه معهم فقال سبحانه : سورة التوبة الآية 100 وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ .

والإمام مالك بن أنس رحمه الله يقول : ( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ) .
فيجب اتباعهم والأخذ بأقوالهم لا سيما في العقيدة لأن قولهم حجة كما هو مقرر في الأصول .

سوبرقطري
07-04-2007, 11:12 AM
التعقيب الحادي عشر

في صفحة 53 - 54 وصف الكوثري بأنه محقق ونقل كلاما له ذكر فيه أن عدة من أحبار اليهود ورهبان النصارى وموابذة المجوس بثوا بين أعراب الرواة من المسلمين أساطير وأخبارا في جانب الله فيها تجسيم وتشبيه وأن المهدي أمر علماء الجدل من المتكلمين بتصنيف الكتب في الرد على الملحدين والزنادقة لعله يقصد بالملحدين أتباع السلف الذين يثبتون صفات الله التي هي في اعتباره أساطير وتجسيم وتشبيه . وأقاموا البراهين وأزالوا الشبه وخدموا الدين ) هكذا وصف الكوثري رواة الإسلام بأنهم أعراب راجت عليهم أساطير اليهود والنصارى والمجوس ، وهذه الأساطير بزعمه هي الأخبار
المتضمنة لأسماء الله وصفاته لأنها تفيد التشبيه والتجسيم عنده ؛ وأثنى على علماء الكلام الذين ردوا هذه الروايات ووصفهم بالدفاع عن الإسلام والرد على الملحدين والزنادقة ، وأما علماء الكتاب والسنة فليس لهم دور عند الكوثري في الذب عن الإسلام والرد على الملاحدة والزنادقة . وقد نقل الدكتور كلامه هذا مرتضيا له ووصفه بالمحقق - والله المستعان .


التعقيب الثاني عشر
في صفحة 63 يرى في فقرة ( 1 ) أنه يجب التأكد من صحة النصوص الواردة والمنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا كانت هذه النصوص أو سنة ونقول له :

أولا : هل القرآن يحتاج إلى تأكد من صحته ، أليس هو متواتر تواترا قطعيا ، وإذا كان يريد بعض القراءات فلماذا لم يبين ويقيد كلامه بذلك .

ثانيا : هل القرآن من فم الرسول صلى الله عليه وسلم كالسنة ، أو هو وحي كله لفظه ومعناه من الله تعالى والرسول مبلغ فقط ، إن كلامه هذا يوهم أن القرآن من كلام الرسول كالسنة وليس هو كلام الله تعالى .


التعقيب الثالث عشر

قال في صفحة 63 فقرة جـ : ( إنه يجب على الباحث عرض حصيلة تلك المعاني ( أي معاني النصوص الصحيحة ) التي وقف عليها وتأكد منها على موازين المنطق والعقل لتمحيصها ومعرفة موقف العقل منها ) ( ا . هـ ) .

ونقول : هل للعقل موقف وسلطة مع النصوص الصحيحة ، هذا لم يقل به إلا المعتزلة ومن وافقهم ، أما أهل السنة فيسلمون لما صح عن الله ورسوله سواء أدركته عقولهم أم لا ، ولا سيما في نصوص الأسماء والصفات وقضايا العقيدة ، فإن العقول لا مجال لها في ذلك لأنه من أمور الغيب . مع العلم أن الشرع لا يأتي بما تحيله العقول . لكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول ولا تدرك كنهه .
(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 193)


التعقيب الرابع عشر

في صفحة 64 المقطع الثالث يستنكر تقسيم المسلمين إلى سلفيين وبدعيين . وهذا رد للنصوص التي أخبرت عن افتراق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، والتي أخبرت عن حدوث الاختلاف الكثير وحثت على التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين عند ذلك ، وكتابه كله يدور حول هذه النقطة وهو إنكار لما هو واقع من الانقسام والافتراق في هذه الأمة فهو إنكار للواقع المحسوس .

وكان الأجدر به أن يحث المختلفين والمفترقين إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة بدلا من أن يطمئنهم على ما هم عليه من فرقة ومخالفة وبأنهم على الحق .


التعقيب الخامس عشر


في صفحة 65 - 67 يشك في صحة الاستدلال بالخبر الصحيح الذي لم يبلغ حد التواتر في الاعتقاد .
فيقول : هذا القسم لا تتكون منه حجة ملزمة في نطاق الاعتقاد بحيث يقع الإنسان في طائلة الكفر إن هو لم يجزم بمضمون خبر صحيح لم يرق إلى درجة المتواتر .

ونقول هذا كلام غير سليم ولا سديد ، فإن خبر الآحاد إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب تصديقه والتسليم له والجزم بمضمونه في العقائد وغيرها ، وهذا القول الذي ذكره قول مبتدع في الإسلام . فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرسل رسله آحادا ويقبل المرسل إليه خبرهم من غير توقف ولا تشكك في صحة ما جاءوا به وكذلك الصحابة وأتباعهم كانوا يتقبلون الأحاديث الصحيحة ويحتجون بها ولا يشكون في مضامينها في العقائد وغيرها ولا يوجد هذا التفريق في كلام السلف وإنما وجد في كلام بعض الخلف فهو مبتدع .


التعقيب السادس عشر


وفي صفحة 99 ذكر الدكتور البوطي : الأصول والأحكام التي لا مجال للاختلاف فيها ، وذكر منها اليقين بأن الله عز وجل واحد في ذاته وصفاته وأفعاله ؛ وهذا الذي ذكره لا يزيد على توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون وجمهور الأمم . فالإقرار واليقين به وحده لا يكفي حتى يضاف إليه توحيد الألوهية وهو إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه . وهذا أيضا أصل لا مجال للاختلاف فيه ، وقوله في هذه الصفحة في الفقرة رقم ( 4 ) عن صفات الله أنها قديمة قدم ذاته - هذا ليس على إطلاقه إنما يقال في صفات الذات ، أما صفات الأفعال كالاستواء والنزول والخلق والرزق فهي قديمة النوع حادثة الآحاد وكذا قوله عن كلام الله ، فهو قديم ليس على إطلاقه لأنه من صفات الأفعال وهذا التفصيل معروف عند أهل السنة والجماعة .


التعقيب السابع عشر

قوله في صفحة 99 : وكل ما قد وصف الله به ذاته أو أخبر به عنها مما يستلزم ظاهره التجسيد والتشبيه نثبته له كما قد أثبت ذلك لنفسه وننزهه عن الشبيه والنظير والتميز والتجسد .
نقول : ليس في صفات الله ما يستلزم ظاهره التجسيد والتشبيه ، وإنما ذلك فهم فهمه بعض الجهال أو الضلال ولا ينسب ذلك إلى النصوص لأن لله صفات تخصه وتليق به لا تشبهها صفات خلقه . ولا يدور هذا في ذهن المؤمن الصادق الإيمان ، وكلام الله وكلام رسوله ينزه عن أن يكون لازمه باطلا .


التعقيب الثامن عشر

قوله في صفحة 101 في الفقرة ( 8 ) أن رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة لا تستلزم تحيزا في جهة معينة ( ا . هـ ) وأقول : نفي الجهة عن الله مطلقا غير صحيح . . فإنه سبحانه في جهة العلو كما تواترت الأدلة على علوه على خلقه ، وإنما ينزه عن جهة غير العلو - هذا مذهب أهل السنة والجماعة - بخلاف الجهمية ومن سار على منهجهم في ذلك وغيره .


التعقيب التاسع عشر

قوله في صفحة 101 ، 102 أن الشفاعة في حق كثير من العصاة والمذنبين ميزة ميز الله بها نبيه عن سائر الرسل . . هذا كلام غير صحيح فإن الشفاعة في عصاة الموحدين ليست خاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم ، بل ليست خاصة بالأنبياء ، وإنما الخاص به صلى الله عليه وسلم الشفاعة العظمى التي هي المقام المحمود ، فقد صح أن الملائكة يشفعون والأنبياء يشفعون والأولياء يشفعون .

وفي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صحيح مسلم الإيمان (183). فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار يقولون : ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون فيقال لهم : أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا . الحديث . وفيه : صحيح مسلم الإيمان (183). فيقول الله عز وجل : شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط إلى آخر الحديث- انظر صحيح مسلم بشرح النووي ( 3 \ 31 - 32 ) ولكن لا بد للشفاعة من شرطين - الشرط الأول : أذن الله للشافع أن يشفع ، قال تعالى : سورة البقرة الآية 255 مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ

والشرط الثاني : رضى الله عن المشفوع فيه بأن يكون من أهل التوحيد . قال تعالى : سورة الأنبياء الآية 28 وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى فالكفار لا تنفعهم الشفاعة ، قال تعالى : سورة المدثر الآية 48 فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ


التعقيب العشرون

قوله في صفحة 104 ، في المقطع الأخير ، والإسلام يستتبع آثاره مستقلا ومنفصلا عن الإيمان في الدنيا .
هذا الكلام فيه نظر فإن الإسلام الصحيح لا ينفصل عن الإيمان لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فإن انفصل عنه فليس إسلاما صحيحا ، وإنما هو نفاق والمنافق لا يسمى مسلما وإنما يسمى منافقا كما سماه الله ورسوله .
ولا يلزم من معاملته معاملة المسلم في الدنيا ، أنه مسلم حقيقة لا في الدنيا ولا في الآخرة .


التعقيب الحادي والعشرون

قوله في صفحة 107 ، والقول بأن الإنسان يخلق أفعال نفسه وهو مذهب المعتزلة ليس مكفرا ، أقول : في نفي تكفيره نظر ، لأن من قال ذلك إن كان مع هذا ينكر علم الله كما هو قول غلاة القدرية فهو كافر وإن كان لا ينكره وهو مقلد لغيره فهذا يضلل ، وإن كان غير مقلد فقد أنكر أحد أركان الإيمان وهو القدر على علم ، فكيف لا يكفر من هذه حاله . وأيضا هو قد أثبت لله شريكا في خلقه وقد قال السلف عن هذا الصنف إنه مجوس هذه الأمة .


التعقيب الثاني والعشرون

ما ذكره في صفحة 111 - 112 من أن من أضفى صفات النبوة على علي بن أبي طالب وما يعتقده بعض المريدين في أشياخهم من العصمة وما قاله للإمام الخميني من أن لأئمتهم ما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ، أن هذه الأمور تعتبر شذوذات لا تستوجب كفر أصحابها وخروجهم من الملة وكرر ذلك أيضا في أول صفحة 110 ، وقال في هامش صفحة 112 ، تعليقة رقم ( 1 ) سألت بعض الإخوة علماء الشيعة الإيرانيين . . إلخ .

نقول إن عدم تكفير من يقول هذه المقالات واعتباره أخا خطأ واضح لأنها من أسباب الردة الواضحة فكيف لا يكفرون بذلك وقد فضلوا أئمتهم على الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين وادعوا لهم العصمة وأعطوهم حق التشريع كما هو موجود في كتبهم ومقالاتهم وهذا من أعظم أنواع الردة ، فلا يجوز للمؤمن أن يحبهم ويقول : إنهم إخوانه ، قال تعالى : سورة الممتحنة الآية 1 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ
وقال تعالى : سورة المجادلة الآية 22 لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ الآية .


التعقيب الثالث والعشرون

قوله في صفحة 114 : ويقابل التعطيل التجسيم أو التشبيه وهو أن تترك هذه الآيات ( أي آيات الصفات ) على ظاهرها ويفهم منها المألوف في حياة المخلوقين والمحدثين فيفهم من اليد الجارحة التي خلقها الله فينا ويفهم من الاستواء معناه المتمثل في جلوس أحدنا على كرسيه أو سريره ويفهم من المجيء الحركة التي تتخطى حيزا ، إلى غيره وهكذا ( ا . هـ ) .

والجواب عن ذلك أن نقول :

أولا : لا بد من ترك الآيات على ظاهرها فإنه حق مراد لله سبحانه وكون بعض الناس يفهم منها فهما سيئا آفته من فهمه الخاطئ وليس ما فهمه هو ظاهر الآيات :

وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم


ثانيا : الآيات تدل على صفات حقيقية لله فله يد حقيقية تليق به ولا تشبه يد المخلوق . والاستواء له معنى حقيقي فسره به السلف وأئمة السنة واللغة وهو العلو والارتفاع والاستقرار والصعود ، وكل هذه المعاني على ما يليق بالله لا كعلو المخلوق وارتفاعه واستقراره وصعوده . تعالى
الله عن ذلك ، وكذلك المجيء هو مجيء حقيقي على معناه في اللغة العربية وكذا الإتيان كما جاء في الآيات الأخرى ولا يلزم منه مشابهة مجيء المخلوق وإتيانه . والجارحة والحيز ألفاظ مجملة لم يرد نفيها ولا إثباتها في حق الله تعالى .


التعقيب الرابع والعشرون


في صفحة 118 - 119 ، أثنى على بعض المتصوفة وبعض مؤلفاتهم كالقشيري ، وهذا الثناء في غير محله لأن التصوف أصله مبتدع في الإسلام ودخيل عليه وقد تطور إلى أفكار إلحادية ، وما زال العلماء المحققون يحذرون منه ومن أصحابه وبالخصوص القشيري فإن لشيخ الإسلام ابن تيمية ردا مفصلا على رسالته وما فيها من مخالفات وشطحات وفي الثناء عليه وعلى أمثاله تقرير بمن لا يعرف حقيقتهم .


التعقيب الخامس والعشرون

تكلم عن صفات الله عز وجل من صفحة 132 حتى صفحة 144 ، وقد حصل في كلامه أخطاء كثيرة من أهمها :

1 - اعتباره آيات الصفات من المتشابه ، وهذا خطأ لأن آيات الصفات عند سلف الأمة وأئمتها من المحكم ولم يقل إنها من المتشابه إلا بعض المتأخرين الذين لا يحتج بقولهم ، ولا يعتبر بخلافهم .

2 - ذكر أن آيات الصفات لها محملان :

المحمل الأول : أن تجري على ظاهرها مع تنزيه الله عز وجل عن التشبيه والشريك ، وقال إن هذا تأويل إجمالي لأن ظاهرها ما هو من صفات المخلوقين .

والجواب : نقول له : ليس الأمر كما ذكرت فليس ظاهرها يدل على مشابهة صفات المخلوقين ، وإنما هذا وهم توهمته أنت وتوهمه غيرك وليس هو ظاهرها لأن ظاهرها هو ما يليق بجلال الله ، وصفات الخالق تختص به وصفات المخلوق تختص به -ثم قال : والمحمل الثاني حملها على المعنى المجازى بأن يفسر الاستواء بالاستيلاء والتسلط واليد بالقوة . انتهى كلامه .

والجواب نقول له : لا يجوز حمل صفات الله عز وجل على المعنى المجازي لأن هذا تعطيل لها عن مدلوها . بل يجب حملها على المعنى الحقيقي اللائق بالله ، لأن الأصل في الكلام الحقيقة ولا سيما كلام الله عز وجل ، ولا سيما ما يتعلق به وبأسمائه وصفاته - ولا يجوز حمل الكلام على المجاز ، إلا عند تعذر حمله على الحقيقة وهذا ما لم يحصل في نصوص الصفات فليس هناك ما يوجب حملها على المجاز - وكتبرير منه لهذا الباطل الذي ذكره نسب إلى بعض السلف تأويل بعض الصفات . فنسب إلى الإمام أحمد تأويل ( وجاء ربك ) بمعنى جاء أمر ربك ، ونسب إلى الإمام البخاري تأويل الضحك بالرحمة ، ونسب إلى الإمام حماد بن زيد تأويل نزول الله إلى السماء الدنيا بإقباله جل جلاله إلى عباده .

والجواب أن نقول :

أولا : ما نسبه إلى الإمام أحمد لم يثبت عنه ولم يوثقه عنه ولم يوثقه من كتبه أو كتب أصحابه وذكر البيهقي لذلك لا يعتمد . لأن البيهقي رحمه الله عنده شيء من تأويل الصفات فلا يوثق بنقله في هذا الباب ، لأنه ربما يتساهل في النقل . والثابت المتيقن عن الإمام أحمد إثبات الصفات على حقيقتها وعدم تأويلها فلا يترك المعروف المتيقن عنه لشيء مظنون ونقل لم يثبت عنه وله رحمه الله رد على الجهمية والزنادقة في هذا الباب مشهور ومطبوع وتداول .

ثانيا : وما نسبه إلى البخاري غير صحيح فقد راجعت صحيح البخاري فوجدته قد ذكر الحديث الذي أشار إليه الدكتور تحت ترجمة : سورة الحشر الآية 9 وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ولم يذكر تأويل الضحك بالرحمة ، وإنما الذي أوله بالرضا هو الحافظ ابن حجر في الفتح . والحافظ رحمه الله متأثر بمذهب الأشاعرة فلا عبرة بقوله في هذا .

ثالثا : ما نسبه إلى حماد بن زيد من تأويل النزول بالإقبال يجاب عنه من وجهين :

الوجه الأول : أن هذا لم يثبت عنه لأنه من رواية البيهقي ، والبيهقي رحمه الله يتأول بعض الصفات ولو ثبت عن حماد هذا التأويل فهو مردود بما أجمع عليه السلف من إثبات النزول على حقيقته .

الوجه الثاني : أنه لا تنافي بين إثبات النزول على حقيقته وإقبال الله عز وجل على عباده فيقال ينزل ويقبل على عباده وليس في هذا حمل على المجاز كما يظن الدكتور .

3 -نسب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أنهم قد يفسرون الوجه بالجهة أو القبلة أو الذات وظن أن هذا تأويل للوجه الذي هو صفة من صفات الله عز وجل الذاتية - وهذا الظن منه خطأ واضح فهؤلاء الأئمة لم يقصدون ما توهمه - لأن الوجه لفظ مشترك . تارة يراد به الوجه الذي هو الصفة الذاتية ، وتارة يراد به الدين والقصد ، وتارة يراد به الجهة والوجهة - وسياق الكلام هو الذي يحدد المقصود في كل مكان بحسبه . فإذا فسر الوجه في موضع بأحد هذه المعاني لدليل اقتضى ذلك من دلالة السياق أو غيره ، صح ذلك ولم يكن تأويلا - بل هو تفسير لذلك النص وبيان للمراد به . وبما ذكرنا يتبين أن ما ذكره الدكتور من جواز حمل آيات الصفات وأحاديثها على المعنى المجازي وصرفها عن ظاهرها أنه قول غير صحيح وأنه لا مستند له فيما ذكره عن بعض السلف ، إما لأنه لم يصح عنهم أو لأنهم لم يقصدوا ما توهمه .

4 -اعتمد على تأويلات الخطابي لبعض الصفات وأشاد به ومدحه من أجل ذلك .
والجواب عن ذلك : أن الخطابي رحمه الله ممن يتأولون الصفات فلا اعتبار بقوله ولا حجة برأيه وله تأويلات كثيرة والله يعفو عنا وعنه .

ثم العجيب في الأمر أن الدكتور تناقض مع نفسه حيث ذكر فيما سبق أنه يجب إثبات صفات الله كما جاءتنا مع تنزيه الله عن التشبيه والتمثيل كما في صفحة 99 ، 101 ، 113 ، 115 ، بينما نراه هنا يجيز تأويلها وحملها على المجاز . هل هذا تراجع عما سبق أو هو التناقض .


التعقيب السادس والعشرون

أنه في صفحة 138 ، يجيز مخالفة السلف في إثبات الصفات على حقيقتها فيقول : بل نفرض أن أحدا من رجال السلف رضوان الله عليهم لم يجز لنفسه أكثر من أن يثبت ما أثبته الله لذاته مع تفويض ما وراء ذلك من العلم والتفاصيل إلى الله عز وجل فإن ذلك لا يقوم حجة على حرمة مخالفتهم في موقفهم هذا حرمة مطلقة انتهى كلامه .

ونقول : يا سبحان الله ألا يسعنا ما وسع السلف ، أليست مخالفتهم وفيهم المهاجرون والأنصار والخلفاء الراشدون وبقية الصحابة رضي الله عنهم والقرون المفضلة أليست مخالفتهم لا سيما في العقيدة . بدعة وكل بدعة ضلالة . بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، والله تعالى يقول :

سورة التوبة الآية 100 وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
فتشرط سبحانه في رضاه عمن جاء بعدهم اتباعهم للمهاجرين والأنصار بإحسان والدكتور يقول : لا تحرم مخالفتهم في صفات الله عز وجل .

ألم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون ومعنى هذا الحث على الاقتداء بهم والنهي عن مخالفتهم لا سيما في أصول الدين ، ثم هل تجوز المخالفة في أمور العقيدة أليست العقيدة توقيفية لا مجال للاجتهاد والاختلاف فيها .


التعقيب السابع والعشرون

في صفحة 146 المقطع الأخير ذكر في أن من البدع القول بفناء النار وأن ذلك داخل بإجماع المسلمين في معنى البدعة ، وتعقيبا عليه من وجهين :

الوجه الأول : أنه لم يحصل إجماع على تخطئة القول بفناء النار وعده من البدع كما زعم فالمسألة خلافية وإن كان الجمهور لا يرون القول بذلك لكنه لم يتم إجماع على إنكاره وإنما هو من المسائل الخلافية التي لا يبدع فيها .

الوجه الثاني : أن الذين قالوا بفنائها استدلوا بأدلة من القرآن والسنة .

وبقطع النظر عن صحة استدلالهم بها أو عدم صحته فإن هذا القول لا يعتبر من البدع ما دام أن أصحابه يستدلون له . لأن البدع ما ليس لها دليل أصلا - وغاية ما يقال أنه قول خطأ أو رأي غير صواب ولا يقال بدعة وليس قصدي الدفاع عن هذا القول ولكن قصدي بيان أنه ليس بدعة . ولا ينطبق عليه ضابط البدعة ، وهو من المسائل الخلافية .


التعقيب الثامن والعشرون

في صفحة 149 ، قال : وتفريق الباحث في مسألة القرآن بين ما فيه من المعاني النفسية والألفاظ المنطوق بها مع ما يلحق بها من حبر وورق وغلاف - ليقول أن الأول ( يعني المعاني النفسية ) قديم غير مخلوق - والثاني حادث مخلوق أيعد بدعة محظورة لأن هذا التفريق لم يعلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن ثم يجب إطلاق القول بأن القرآن قديم غير مخلوق دون تفضيل ولا تفريق أم لا يعد بدعة وإنما هو شرح وبيان لما علمه الصحابة من قبل على وجه الإجمال . ومن ثم فلا مانع لا سيما في مجال التعليم من هذا التفريق والتفضيل - ( ا . هـ ) .

وتعقيبا عليه أقول : كلامه هذا يتمشى مع مذهب الأشاعرة الذين يفرقون في كلام الله بين المعنى واللفظ فيقولون المعنى قائم بالنفس وهو قديم غير مخلوق وهذا هو كلام الله عندهم .

وأما اللفظ فهو عندهم تعبير عن هذا المعنى من قبل جبريل أو النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخلوق - وهذا تفريق باطل وإن نسب هذا القول في صفحة 154 إلى الإمام الشافعي فهي نسبة غير صحيحة . - ومذهب أهل السنة سلفا وخلفا أن كلام الله تعالى هو اللفظ والمعنى وكلاهما غير مخلوق لأنه كلام الله تعالى وصفة من صفاته غير مخلوقة . وقوله إن الصحابة علموا هذا التفريق بين اللفظ والمعنى في كلام الله هو تقول على الصحابة ونسبة إليهم ما هم منه براء .

سوبرقطري
07-04-2007, 11:16 AM
التعقيب التاسع والعشرون


في صفحة 149 تساءل عن التوسل بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أو بجاه من عرفوا بالصلاح والاستقامة بعد وفاتهم هل هو بدعة أو يقاس على التوسل به صلى الله عليه وسلم حال حياته وهو شيء ثابت دلت عليه الأحاديث الصحيحة ومن ثم فهو ليس من البدعة في شيء ولم يجب عن ذلك التساؤل بل ترك القارئ في حيرة والتباس .

وأقول : أولا : التوسل بالجاه ليس عليه دليل أصلا لا في حياته ولا بعد موته فهو بدعة بلا شك .

ثانيا : أما التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم فهو جائز في حياته لأنه يتمكن من الدعاء فيها . ما بعد وفاته فطلب الدعاء منه بدعة ولا تجوز . لأنه لا يقدر على الدعاء ولأن الصحابة لم يفعلوا هذا معه بعد وفاته وإنما كانوا يفعلونه في حال حياته ولا تقاس حالة الحياة على حالة الموت لوجود الفوارق

العظيمة بينهما عند جميع العقلاء - وإنما يقيس هذا القياس المخرفون .

وإن كان هو يزعم في صفحة 155 أن هذا التفريق لم يعرف إلا عن ابن تيمية وأن السلف لم يفرقوا ولم تفرق الأدلة بينهما وكأنه لم يقرأ ما ذكره العلماء في هذا الموضوع وما ذكره ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة عن السلف والأئمة في ذلك ، أو أن تحامله عليه أنساه ذلك . ثم إنه نسب إلى السلف ما لم يقولوه وحمل الأدلة ما لا تحمله ، ولم يأت بدليل واحد على ما قال وأنى له ذلك .

والواجب أن الباحث أمثال الدكتور البوطي لا يخطئ شخصا ويتحامل عليه حتى يقرأ كلامه وينظر في مستنداته حتى يعرف هل هو مخطئ أو مصيب هذا هو الإنصاف والعدل - ولا ننسى أن الدكتور البوطي له هنات في غير هذا الكتاب حول هذه المسألة قد قام بالرد عليها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله . ثم إنه في صفحة 146 يهون من شأن هذه المسألة ويقول : هي أقل من أن تصدع المسلمين أو تجعل منهم مذهبيين . وأقول : كلا والله إنها لمسألة خطيرة تمس صميم العقيدة وتجر إلى الشرك فكيف تكون هينة .
وفي صفحة 150 ، 157 أدخل تحت بدعة التزيد في العبادة الأذان الأول ليوم الجمعة الذي أمر به عثمان رضي الله عنه لما دعت الحاجة إليه .

وهذا منه خطأ واضح فإن عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ففعله هذا يعتبر سنة لا بدعة وتزيد ، حاشاه من ذلك رضي الله عنه وأرضاه . وهذا ينسينا ما قاله في حق شيخ الإسلام ابن تيمية أنه ابتدع التفريق بين حالة الحياة والموت . إذ إن الخليفة الراشد عنده قد ابتدع وتزيد في الدين .


التعقيب الثلاثون

في صفحة 160 خلط بين علم الكلام والفلسفة وانتقد شيخ الإسلام ابن تيمية حيث أجاز مناظرة المتكلمين بمثل مصطلحاتهم مع أنه ينكر على الغزالي انشغاله بالفلسفة ، وكأنه لا يدري أن علم الكلام غير الفلسفة وأن بينهما فرقا واضحا ، وقد انتقد شيخ الإسلام أيضا في صفحة 162 ، 163 من ناحية أنه يحذر من الإقبال على علم الكلام والمنطق وهو قد تضلع فيهما وناظر بهما .

والجواب عن ذلك أنه رحمه الله يحذر من الاشتغال بذلك من هم على غير مستوى علمي جيد يمكنهم من التخلص من أضرار علم الكلام ولأن ذلك يشغل عن تعلم الكتاب والسنة ، فأي انتقاد يوجه إليه في ذلك إلا من صاحب هوى وحقد . ثم إن الشيخ رحمه الله لا ينكر على من تعلم علم الكلام والمنطق من أجل الرد على المضللين وقتلهم بسلاحهم وإنما ينكر على من تعلمهما بغير هذا القصد .


التعقيب الواحد والثلاثون

من صفحة 164 حتى صفحة 188 شن هجوما مسلحا على شيخ الإسلام ابن تيمية واتهمه أنه قال بقول الفلاسفة حينما قال إن الحوادث قديمة النوع حادثة الآحاد .
وهذه المسألة قد شنع بها خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية عليه قديما وحديثا وقالوا إنه يقول بحوادث لا أول لها . والدكتور في هذا الكتاب اتخذ من هذه المسألة متنفسا ينفث من خلاله ما في صدره من حقد على شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه شيخ السلفيين الذين يضايقونه في هذا الزمان - ولكن والحمد لله ليس له في هذه المسألة ولا للذين سبقوه أي مدخل على الشيخ وسيرده الله بغيظه لم ينل خيرا كما رد الذين من قبله . فإن مراد الشيخ رحمه الله أن أفعال الله سبحانه ليس لها بداية لأنه الأول الذي ليس قبله شيء - .

( قال رحمه الله : والتسلسل الواجب ما دل عليه الشرع من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد فكل فعل مسبوق بفعل آخر فهذا واجب في كلامه فإنه لم يزل متكلما إذا شاء ولم تحدث له صفة الكلام في وقت ، وهكذا أفعاله هي من لوازم حياته فإن كل حي فعال ، والفرق بين الحي والميت الفعل ، ولم يكن ربنا تعالى قط في وقت من الأوقات معطلا عن كماله من الكلام والإرادة والفعل - إلى أن قال : ولا يلزم من هذا أنه لم يزل الخلق معه فإنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته تقدما لا أول له ، فلكل مخلوق أول والخالق سبحانه لا أول له فهو وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن - إلى أن قال : والمقصود أن الذي دل عليه الشرع والعقل أن كل ما سوى الله تعالى محدث كائن بعد أن لم يكن ) ا . هـ .

أما كون الرب تعالى لم يزل معطلا عن الفعل ثم فعل فليس في الشرع ولا في العقل ما يثبته بل كلاهما يدل على نقيضه - هذه خلاصة ما يراه الشيخ في هذه المسألة وهل في ذلك ما يشنع به عليه كما يظنه الدكتور وأضرابه لولا أنه الهوى والحقد أو الجهل والغفلة ، فإن بين ما قاله الشيخ في هذه المسألة وبين قول الفلاسفة - فروقا واضحة هي الفروق بين الحق والباطل والكفر والإيمان .

التعقيب الثاني والثلاثون

في صفحة 191 - 192 يؤيد عقد حلقات الصوفية التي يسمونها حلق الذكر ويزعم أنه ليس هناك ما يمنع من إقامتها ويقول إن الذكر مشروع .

ونحن نجيبه عن ذلك ونقول له : الذكر لا شك أنه مشروع لكن على الصفة الواردة في الكتاب والسنة ، أما إحداث هيئة للذكر لا دليل عليها كالذكر الجماعي أو الأوراد الصوفية التي ليس عليها دليل أو ربما
يشوبها شيء من الألفاظ الشركية فهذه لاشك أنها بدعة ، وأن الذين يقيمونها مبتدعة داخلون في قوله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الصلح (2550),صحيح مسلم الأقضية (1718),سنن أبو داود السنة (4606),سنن ابن ماجه المقدمة (14),مسند أحمد بن حنبل (6/256). من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد والشيء قد يكون مشروعا في أصله لكن الصفة التي يؤدى بها إذا لم يكن عليها دليل فهي بدعة . وقد أنكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على الذين يجتمعون في مسجد الكوفة وفيهم رجل يقول : سبحوا مائة . كبروا مائة . هللوا مائة ، لأن هذه الصفة ليست من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .


التعقيب الثالث والثلاثون

في صفحة 193 - 195 ، شنع على الذين ينكرون ذكر الله بالاسم المفرد ( الله ) ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه وجه إليه قذائف غضبه ولم يصغ إلى حجج المذكورين ومنها أن ذكر الله بالاسم المفرد لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في هدي السلف الصالح علاوة على أنه لا يفيد شيئا . لأن الاسم المفرد لا يأتي بفائدة حتى يتركب مع جملة مفيدة ، وما يزعمه الدكتور أن ذكر الله بالاسم المفرد يدخل في قوله تعالى : سورة الإنسان الآية 25 وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

فنحن نسأله ونريد منه الصدق في الجواب دون مراوغة ، هل ورد في سنة من أمره الله بهذا الأمر وهو الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الله بالاسم المفرد إذ لا شك أن سنته تفسر القرآن ، أو أن هذا من محدثات الصوفية وفهمهم السقيم ، وكثيرا ما يكرر الدكتور أن المخالف في هذه المسألة وغيرها لا يضلل ونحن نقول له : إن المخالف لا يضلل إذا كان لمخالفته مأخذ من النصوص الشرعية : أما إذا كانت مخالفته ليس لها مأخذ من الكتاب والسنة فإنه يضلل لأن الله تعالى يقول : سورة يونس الآية 32 فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ

وما دل عليه كتاب الله حق وما خالفه فهو ضلال يضلل من قال به .


التعقيب الرابع والثلاثون

في صفحة 196 \ 197 يبرر اصطلاحات الصوفية التي منها تفريقهم بين الشريعة والحقيقة ولم يجد دليلا - والحمد لله - لهذا التبرير إلا أن ذلك قول كبار الصوفية كسهل التستري ، والحارث المحاسبي ، والجنيد - وهذا لا أظنه معهم ، وإن حشره معهم - ومعروف الكرخي ، فهو بهذا الاستدلال كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء حيث استدل على قول الصوفية بأنه قول الصوفية . ، ثم هل هناك حقيقة تخالف الشريعة حتى يقال الحقيقة والشريعة إلا في اصطلاح الصوفية أن الشريعة للعوام والحقيقة للخواص . وهذا إلحاد واضح ، وليت الدكتور لم يدخل هذه المجاهل المخيفة .


التعقيب الخامس والثلاثون

في صفحة 201 حتى 212 تحدث عن الصوفية وأحوالهم وأقوالهم وحاول الدفاع عنهم بكل ما أوتي من قوة والاعتذار لهم بكل ما استطاع من عبارة حتى عمن قال منهم : ما في الجبة إلا الله . وعمن قال منهم : ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك . ورغم ما تحمله هاتان العبارتان من كفر وضلال حاول تأويلهما بما لا داعي للإطالة بذكره .

لأن هاتين العبارتين تنبئان عن نفسهما ولا تقبلان التأويل ؛ فإن قول القائل : ما في الجبة إلا الله صريح في الحلول أو الاتحاد ، وقوله : ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك مخالف لهدي الأنبياء جميعا حيث وصفهم الله بأنهم يدعونه رغبا ورهبا ، ومخالف لصفة المؤمنين الذين يدعون ربهم خوفا وطمعا - ولا يعني هذا أنهم لا يعبدونه إلا من أجل الخوف والطمع . فقط بل هم مع ذلك يحبونه حبا شديدا ويذلون له كما قال تعالى : سورة البقرة الآية 165 وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ
وقال تعالى : سورة المائدة الآية 54 فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ

ولا تصح العبادة إلا باستكمال هذه الأركان : المحبة والذل والخوف والرجاء .
ثم حاول الدفاع عن ابن عربي وما في كتبه من القول بوحدة الوجود .
ففي هامش صفحة 104 - 105 قال : إنه لا يجوز تكفيره بموجب كلامه الذي فيه الإلحاد الصريح حتى يعلم ما في قلبه هل يعتقد ما يقول أو لا - ولو صح قول الدكتور هذا ما كفر أحد بأي قول أو فعل مهما بلغ من القبح والشناعة والكفر والإلحاد حتى يشق عن قلبه ويعلم ما فيه من اعتقاد . وعلى هذا فعمل المسلمين على قتال الكفرة وقتل المرتدين خطأ على لازم قول الدكتور لأنهم لم يعلموا ما في قلوبهم وهل هم يعتقدون ما يقولون وما يفعلون من الكفر أو لا .

واسمع عبارته في ذلك حيث يقول : " وخلاصة المشكلة أنه ( يعني شيخ الإسلام ابن تيمية ) ومن يقلده في نهجه يظلون يأخذون ابن عربي وأمثاله بلازم أقوالهم بدون أن يحملوا أنفسهم على التأكد من أنهم يعتقدون سبحان الله ومن يعلم عقائدهم . فعلا ذلك اللازم الذي تصوروه ثم قال : أما أن يكون في كتب ابن عربي كلام كثير يخالف العقيدة الصحيحة ويوجب الكفر فهذا ما لا ريبة فيه ولا نقاش فيه ، وأما أن يدل ذلك دلالة قاطعة على أن ابن عربي كافر وأنه ينطلق في فهم الشهود الذاتي من أصل كفري هو نظرية الفيض فهذا ما لا يملك ابن تيمية ولا غيره أي دليل قاطع عليه ، انتهى . وإنما سقت هذا المقطع من كلامه لإطلاع القارئ على ما فيه من تخبط وتناقض ومناقضة لأدلة الكتاب والسنة وعمل المسلمين على كفر من قال كلمة الكفر غير مكره قال تعالى : سورة التوبة الآية 74 وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ
ويلزم من هذا أيضا أنه لا يحكم بإسلام كافر ، إذا نطق بالشهادتين حتى يعلم ما في قلبه هل يعتقدها أو لا ؟ ولوازم هذا كثيرة ، ويلزم عليه أن من دعا غير الله لا يكفر حتى يعلم ما في قلبه ، ثم اعتذر عن ابن عربي بأن في كتبه كلاما آخر يناقض كلامه الكفري ، ونحن نقول له إجابة عن ذلك هل ثبت لديك أنه رجع عن كلامه الكفري وأنه كتب هذا الكلام الذي يناقضه بعد ما تاب أو أنه كتبه من باب التغطية والتلبيس . ثم أنت لم تأت بشاهد على ما قلت من كلامه .

ثم قال : وإذا أبى ابن تيمية رحمه الله إلا أن يحملنا على تكفير ابن عربي استدلالا بالضلالات الفلسفية التي انزلق فيها ، ويعني بذلك المسألة التي سبق ذكرها وهي قول الشيخ أن أفعال الله سبحانه ليس لها بداية .

ونقول : يا سبحان الله هل وصف الرب بما يستحقه من الكمال بدوام أفعاله وكماله أزلا وأبدا وتنزيهه عن التعطيل الذي وصفه به أهل الضلال من قولهم ( إنه تعالى الله عما يقولون ) مضى عليه وقت لم يفعل شيئا ثم حدث له الفعل بعد ذلك هل هذا هو قول الفلاسفة الذين يقولون بقدم العالم وإنكار الخالق ، إن الضلال هو قول من يعطل الله من أفعاله ويضرب له مدة لا يفعل فيها شيئا كما هو قول علماء الكلام .

وإن قول ابن تيمية هو الحق وقول أهل الحق ، وأين خطؤه لو كان خطأ على فرض من كفريات ابن عربي وقوله بوحدة الوجود وأن من عبد الأصنام ما عبد إلا الله - ثم إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم ينفرد بتكفير ابن عربي بل قد كفره كثير من العلماء حتى من الصوفية واقرأ مؤلفاتهم في ذلك منها كتاب - تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للباقعي وغيره من الكتب . وللشيخ تقي الدين الفاسي رسالة مستقلة في تكفير ابن عربي وذكر من قال بذلك من العلماء وهي مطبوعة ومتداولة ، فإذا كان بإمكان البوطي أن يكفرهم فليفعل .


التعقيب السادس والثلاثون


في صفحة 236 كتب عنوانا بلفظ : ( التمذهب بالسلفية بدعة ) وهذا الكلام يثير الدهشة والاستغراب - كيف يكون التمذهب بالسلفية بدعة والبدعة ضلالة . وكيف يكون بدعة وهو اتباع لمذهب السلف ، واتباع مذهبهم واجب بالكتاب والسنة وحق وهدى قال تعالى : سورة التوبة الآية 100 وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الآية . .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي العلم (2676),سنن ابن ماجه المقدمة (44),مسند أحمد بن حنبل (4/126),سنن الدارمي المقدمة (95). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الحديث .

فالتمذهب بمذهب السلف سنة وليس بدعة ، وإنما البدعة التمذهب بغير مذهبهم . وإذا كان قصده أن التسمي بهذا الاسم حادث كما يظهر من كلامه ولم يكن معروفا من قبل فهو بدعة بهذا الاعتبار ، فمسألة الأسماء أمرها سهل والخطأ فيها لا يصل إلى حد البدعة ، وإن كان قصده أن في الذين تسموا بهذا الاسم من صدرت عنهم أخطاء تخالف مذهب السلف فعليه أن يبين هذا دون أن يتناول السلفية نفسها ، فالتسمي بالسلفية إذا كان يعني التمسك بمذهب السلف ونبذ البدع والخرافات فهذا شيء محمود وطيب . كما قرر هذا هو في صفحة 233 حيث قال عن حركة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وتسميتها بالسلفية : فقد كان الشعار الذي رفعه أقطاب هذه الحركة الإصلاحية هو السلفية ، وكان يعني الدعوة إلى نبذ كل هذه الرواسب التي عكرت على الإسلام طهره وصفاءه . هذا ما قاله عن تلك الحركة وتسميتها بالسلفية ، ولم يعب عليها هذا التسمي نظرا لسلامة أهدافها - فنقول له : وهل السلفية اليوم تعني غير ذلك .


التعقيب السابع والثلاثون

وفي صفحة 236 - 237 عبر عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالمذهب الوهابي وقال : إن الوهابية تبرموا من هذه الكلمة لأنها توحي بأن ينبوع هذا المذهب بكل ما تضمنه من مزايا وخصائص يقف عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فدعاهم ذلك إلى أن يستبدلوا بكلمة الوهابية هذه كلمة السلفية . . إلخ . . ما قال . .

والجواب أن نقول : إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس له مذهب خاص به يدعى بالوهابية ؛ لأنه في العقيدة على منهج السلف وفي الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل الذي كان عليه علماء نجد من قبله وفي عصره ومن بعده . وأتباعه لم يتسموا بالسلفية وإنما يدعون إلى التمسك بمذهب السلف ويسيرون عليه بدون تسمية ؛ لأن العبرة بالحقائق لا بالأسماء . ولأن التسمي بذلك فيه تزكية للنفس وهم لا يزكون أنفسهم ، وأنا أطلب من الدكتور البوطي أن يأتي بما يدل على ما ادعاءه عليهم من كتبهم ومقالاتهم أنهم سموا أنفسهم بالسلفية ، كما أطالبه أن يأتي بما يثبت أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أتى بمذهب جديد ينسب إليه ، وإذا لم يأت ولن يأتي بذلك فإنه مفتر على الشيخ وعلى أتباعه . والله يجزي المفترين .


التعقيب الثامن والثلاثون

في صفحة 239 - 240 تكلم عن زيارة القبر النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام فقال : ولكم اتهمنا واتهم كثير من المسلمين من أهل السنة والجماعة بالابتداع والمروق لأننا ذهبنا إلى ما ذهب إليه الجمهور من علماء السلف وغيرهم من أنه لا ضير في أن يعزم الرجل على زيارة كل من قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومسجده - كذا قال - والجواب أن نقول : إن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من غير سفر سنة وليست بدعة - ولم يقل أحد إنها إذا كانت على هذه الصفة بدعة ومروق . أما السفر لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم فهو بدعة ؛ لأنه لا يجوز السفر لأجل زيارة القبور لا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا قبر غيره من الأولياء والصالحين أو الأقارب لقوله صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الصوم (1893),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1410). لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى . وعملا بهذا الحديث لم يكن السلف والأئمة الأربعة وغيرهم من الأئمة المقتدى بهم يسافرون من أجل زيارة القبور . وقد أوغل الدكتور في الخطأ حين ادعى أن مذهب الجمهور من علماء السلف وغيرهم أنه لا ضير في أن يعزم الرجل على هذا ، فإن كان قصده العزم على السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فعلماء السلف ينهون عما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من السفر لزيارة القبور عموما . قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره .

ثم إن الدكتور خطأ شيخ الإسلام ابن تيمية في استدلاله بالحديث المذكور على منع السفر لزيارة القبور وسماه غلطا عجيبا انزلق فيه الشيخ حيث قال : ويترتب على هذا الغلط العجيب الذي انزلق فيه ابن تيمية رحمه الله أن الإنسان لا يجوز له أن يشد الرحل إلى زيارة رحم أو إلى طلب علم أو إلى انتجاع رزق ؛ لأن هذه الأشياء كلها خارج المساجد الثلاثة ، ونحن نقول له بل الغلط العجيب ما انزلق إليه فهم الدكتور ؛ لأن الحديث الشريف يعني منع السفر إلى بقاع مخصوصة لأجل التعبد فيها أو عندها غير المساجد الثلاثة ، سواء كانت هذه البقاع مساجد أو قبورا أو غيرها .

أما السفر لزيارة الرحم أو طلب العلم أو طلب الرزق فلم يدخل في مدلول الحديث أصلا .


التعقيب التاسع والثلاثون

في صفحة 241 قال عن سبب صبر الإمام أحمد على تحمل محنة القول بخلق القرآن : ( وإنما كان سبب المحنة التي تعرض لها الإمام دون غيره هو ورعه الشديد الذي منعه أن يفصل ويفرق بين اللفظ والمعنى ) .

والجواب نقول له :

أولا : لم يكن الإمام أحمد وحده الذي تعرض لهذه المحنة بل شاركه في ذلك خلق كثير من العلماء منهم من قتل في ذلك ومنهم من عذب وأوذي لكن يظهر أن الدكتور لم يقرأ التاريخ .

ثانيا : ليس هناك تفريق بين معنى القرآن ولفظه كلاهما كلام الله منزل غير مخلوق والتفريق بينهما بأن يقال المعنى غير مخلوق واللفظ مخلوق ، هذا قول المبتدعة لا قول أهل السنة . فالإمام أحمد لم يفرق بينهما لأنه كغيره من الأئمة لا يرى فرقا بينهما ولا يعتقد عقيدة الأشاعرة .


التعقيب الأربعون وهو الأخير

في صفحة 256 - 257 استنكر الرد على كتاب الذخائر المحمدية لمحمد علوي مالكي وبيان ما فيه من الضلالات . وقال إن محمد علوي من أهل السنة والجماعة ، ولم يقرأ الناس في تآليفه وكتاباته ، ولم يروا من واقع حاله إلا ما يزيدهم ثقة باستقامة دينه وصلاح حاله وسلامة عقيدته .

والجواب أن نقول له : الواجب عليك أن تنظر محتويات كتب هذا الرجل وتعرضها على الكتاب والسنة وعلى عقيدة السلف لتعرف مدى مطابقتها أو مخالفتها لهذه الأصول . ولا تعتمد على قراءة الناس ، وإنما تنظر أنت هل المعترض عليه مصيب أو مخطئ - هذا ما يتطلبه الباحث المنصف الذي يحترم ما يقول ويكتب دون التهجم على من اعترض على علوي قبل معرفة وجهة اعتراضه . ثم هل كون الرجل من أهل السنة والجماعة ومن أهل الاستقامة هل ذلك يمنع من الاعتراض عليه إذا أخطأ .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبيا محمد وعلى آله وصحبه .



الأول قوله السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي



الثاني قوله هذا الكتاب لا يتضمن أي مناقشة لآراء السلفية وأفكارهم



الثالث قوله وجوب اتباع السلف بكونهم أفهم للنصوص



الرابع قوله لا اختلاف بين السلف والخلف



الخامس قوله السلف لم يدعوا إلى الأخذ بأقوال السابقين



السادس قوله السلف لم يجمدوا عند حرفية أقوال صدرت عنهم



السابع قوله فكل من التزم بالمتفق عليه من القواعد والأصول وبنى اجتهاده وتأويلاته فهو مسلم ملتزم



الثامن قوله السلفية لا تعني إلا مرحلة زمنية



التاسع قوله الصحابة لم يكن بهم حاجة إلى تحكيم ميزان علمي في الاستنباط



العاشر قوله لو كانت اجتهادات السلف حجة لوجب أن تكون اجتهاداتهم كلها حقا وصوابا



الحادي عشر قوله علماء الكتاب والسنة ليس لهم دور في الذب عن الإسلام والرد على الملاحدة



الثاني عشر قوله يجب التأكد من صحة النصوص سواء قرآنا أو سنة



الثالث عشر قوله على الباحث عرض المعاني والتأكد منها على موازين المنطق والعقل



الرابع عشر استنكاره تقسيم المسلمين إلى سلفيين وبدعيين



الخامس عشر تشكيكه في صحة الاستدلال بالخبر الصحيح الذي لم يبلغ حد التواتر



السادس عشر قوله صفات الأفعال كالاستواء فهي قديمة النوع حادثة الآحاد



السابع عشر قوله بالتجسيد والتشبيه لله عز وجل



الثامن عشر نفي الجهة عن الله



التاسع عشر قوله الشفاعة ميزة ميز الله بها نبيه عن سائر الرسل



العشرون قوله والإسلام يستتبع آثاره مستقلا ومنفصلا عن الإيمان في الدنيا





الحادي والعشرون قوله القول بأن الإنسان يخلق أفعال نفسه ليس كفرا



الثاني والعشرون قوله من أضفى النبوة على علي بن أبي طالب لا يكون كافرا بذلك



الثالث والعشرون قوله بأن ترك آيات الصفات على ظاهرها تعطيل



الرابع والعشرون إثنائه على بعض المتصوفة وبعض مؤلفاتهم كالقشيري



الخامس والعشرون اعتباره آيات الصفات من المتشابه



السادس والعشرون يجيز مخالفة السلف في إثبات الصفات على حقيقتها



السابع والعشرون قوله من البدع القول بفناء النار



الثامن والعشرون قوله يجب إطلاق القول بأن القرآن قديم غير مخلوق



التاسع والعشرون قوله بجواز التوسل بجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته



الثلاثون أجاز مناظرة المتكلمين بمثل مصطلحاتهم



الواحد والثلاثون اتهامه لابن تيمية بأنه يقول إن الحوادث قديمة النوع حادثة الآحاد



الثاني والثلاثون يؤيد عقد حلقات الصوفية



الثالث والثلاثون تشنيعه على الذين ينكرون ذكر الله بالاسم المفرد كابن تيمية



الرابع والثلاثون يبرر اصطلاحات الصوفية



الخامس والثلاثون دفاعه عن الصوفية الملحدين



السادس والثلاثون قوله التمذهب بالسلفية بدعة



السابع والثلاثون ادعائه بأن للشيخ محمد بن عبد الوهاب مذهب خاص



الثامن والثلاثون تجويزه السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومسجده



التاسع والثلاثون قوله سبب المحنة التي تعرض لها الإمام أحمد دون غيره هو ورعه الشديد



الأربعون استنكر الرد على كتاب الذخائر المحمدية لمحمد علوي مالكي

سيف قطر
07-04-2007, 12:53 PM
يكفينا ما قاله الشيخ صالح الفوزان جزاه الله الف خير للتوضيح

وشكرا لك اخوي ع ع قطر على النقل....بارك الله فيك

(احمد)
07-04-2007, 02:34 PM
جزاك الله خير اخي الكريم على نقلك
والبوطي معروف عنه البدع والتصوف
نسأل الله السلامه

سوبرقطري
08-04-2007, 09:40 AM
يكفينا ما قاله الشيخ صالح الفوزان جزاه الله الف خير للتوضيح

وشكرا لك اخوي ع ع قطر على النقل....بارك الله فيك
شكرا لك يالشرحي مرور مميز اخي الفاضل كعادتك

سوبرقطري
08-04-2007, 11:22 AM
جزاك الله خير اخي الكريم على نقلك
والبوطي معروف عنه البدع والتصوف
نسأل الله السلامه
كلامك في محلة

شكرا لك على المرور

سوبرقطري
10-04-2007, 11:16 AM
رسالة من الشيخ عبد العزيز بن باز إلـى الدكتور البوطي

بـــــــــــسم الله الرحمن الرحــــــــــيم



رسالة من الشيخ عبد العزيز بن باز إلـى الدكتور البوطي



*** من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى فضيلة الأخ المكرم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي وفقه الله .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :

فقد تأملت ما ذكرتم في رسالتيكم المؤرختين في 20 ربيع الآخر سنة 1406 هـ وفي 7 / 6 / 1406 هـ ، وقد سرني كثيرا حرصكم على البحث عن الحق الذي هو ضالة المؤمن ، ولا شك أن الحق لا يرتبط بالمذهبية ، كما أنه لا يعرف بالرجال وإنما الرجال يعرفون به .

أما الملاحظات التي استشكلتموها وهي :


*** الملاحظة الأولى :


ما ذكرتم في ص 144 من الكتاب وهو ( لا مانع من أن نلتمس منهم البركة والخير ) وقصدكم بذلك أحمد البدوي وأحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني وأمثالهم ، وقد أشكل عليكم أن يكون هذا من الشرك الأكبر وذكرتم ما فعلته أم سليم وأم سلمة وأبو أيوب الأنصاري من التماس البركة في جسد النبي ، ولا شك أن هذا تبرك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يقاس عليه غيره؛ لأمرين : -

الأول : ما جعله الله سبحانه في جسده وشعره من البركة التي لا يلحقه فيها غيره .

الثاني : أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك مع غيره كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم من كبار الصحابة ، ولو كان غيره يقاس عليه لفعله الصحابة مع كبارهم الذين ثبت أنهم من أولياء الله المتقين بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالجنة ، وهذا يكفي ، دليلا على ولايتهم وصدقهم وقد اجتمعت الأمة على أن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر رضي الله عنه ، كما أن من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم الشهادة لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنهم لا يعلمون حقيقة أمره وخاتمة عمله ، وما دام لا يدري ما يفعل الله به كيف يطلب منه البركة والخير كما أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مع أنه سيد ولد آدم وجاء بالخير كله من الله سبحانه ولمزيد الفائدة أذكر بعض ما قاله أهل العلم في هذه المسألة .

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في " فتح المجيد " ( وأما ما ادعاه بعض المتأخرين من أنه يجوز التبرك بآثار الصالحين فممنوع من وجوه : منها : أن السابقين الأولين من الصحابة ومن بعدهم لم يكونوا يفعلون ذلك مع غير النبي صلى الله عليه وسلم لا في حياته ولا بعد موته ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ، وأفضل الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وقد شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن شهد له بالجنة وما فعله أحد من الصحابة والتابعين مع أحد من هؤلاء السادة ولا فعله التابعون مع سادتهم في العلم والدين وهم الأسوة ، فلا يجوز أن يقاس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من الأمة ، وللنبي صلى الله عليه وسلم في حال الحياة خصائص كثيرة لا يصلح أن يشاركه فيها غيره . ومنها : أن في المنع من ذلك سدا لذريعة الشرك كما لا يخفى ) . اهـ .

ولا شك أن الشرك خطره عظيم والنفوس ضعيفة والشيطان حريص على التلبيس عليها وجرها إلى الشرك كما ذكر الله سبحانه ذلك عنه في آيات كثيرة ، ولذلك دعا إبراهيم عليه السلام ربه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام لما يعلم من عظيم خطره ودقته وضعف النفس أو غفلتها وأنه يحبط العمل مع أن الله سبحانه برأه منه وشهد له بالإخلاص واتخذه خليلا واختار ملته لهذه الأمة وهي إخلاص العبادة لله وحده والبراءة من الشرك بأنواعه ، كما أن الشرك أول ما نشأ في قوم نوح عليه السلام هو بسبب التبرك بالصالحين ، ففي صحيح البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سبحانه : ( وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا ) الآية ، قال : ( هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت ) .

وقد روى الترمذي رحمه الله وغيره بسند صحيح من حديث أبي واقد الليثي قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ونحن خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ونحن حديثو عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر إنها السنن قلتم كما قالت بنو إسرائيل لموسى ( اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) لتركبن سنن من كان قبلكم .

قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على هذا الحديث في كتابه " إغاثة اللهفان " ( فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف حولها اتخاذ إله مع الله تعالى مع أنهم لا يعبدونها ولا يسألونها فما الظن بالعكوف حول القبر والدعاء به ودعائه والدعاء عنده فأي نسبة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بالقبر لو كان أهل الشرك والبدعة يعلمون ) انتهى بحروفه . وهذا هو الأصل الأصيل في منع التبرك بالمخلوقات إلا ما استثناه الشارع - ومن ذلك التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وعرقه وغيرهما مما مس جسده استثناء - من هذا .

وقد سمى الله سبحانه وتعالى الذين يطيعون من جادلهم من أهل الباطل في حل ما لم يذكر اسم الله عليه مشركين وذلك في قوله تعالى : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) وليس هذا عبادة لهم ولا دعاء لهم من دون الله ولكنهم طاعوهم في تحليل ما حرم الله فكانوا بذلك من المشركين ، فكيف بمن يرجو البركة من الأموات ويدعوهم من دون الله أو مع الله سبحانه .

والمقصود أن الشرك بالله أمره عظيم وخطره جسيم ولذلك جاءت الشريعة بسد الذرائع الموصلة إليه من أي باب ، مثل : نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في المقبرة ، وشد الرحال لزيارة المقابر ، وتجصيص القبور واتخاذها عيدا - أي زيارتها في أوقات محددة متكررة كما يتكرر العيد - واتخاذ السرج عليها إلى غير ذلك .


*** الملاحظة الثانية :


أما ما يتعلق بعلم الغيب فلا شك أن المراقبين حين انتقدوا ما ذكره فضيلتكم عن الغيب لم يكن لهم هوى أو قصد سيئ ، لأنا نعلم نزاهتهم بحمد الله وبعدهم عن أن يقصدوا أحدا بضرر أو سوء ظن وإنما هو ظاهر عبارتكم حين قلتم ما نصه : ( فلنلاحظ كيف أن القرآن سلب الإنسان الوصول إلى مفاتح الغيب ولكنه لم يسلب عنه معرفة الغيب ذاته ) إلخ ، ولم توضحوا بعد ذلك أن الغيب في الجملة علمه إلى الله وحده ، وإنما الإنسان يستخرج بعض الغيب بالطرق التي أباحها الله كالتنقيب عن كنوز الأرض وما في البحار وكالحساب للكسوفات ونحوها حتى تبرءوا مما نسبه إليكم المراقبون ، ولا يخفى أن الله سبحانه كما أنه جعل مفاتح الغيب عنده نفى علم الغيب عن غيره فقال سبحانه في سورة النمل : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) وقال عز وجل في آخر سورة هود : ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ) الآية .

فاتضح من الآيتين وما جاء في معناهما في الكتاب والسنة أن علم الغيب على الإطلاق إلى الله وحده وإنما يعلم منه ما نص عليه الكتاب العزيز أو صحت به السنة أو استخرجه الإنسان في الطرق التي علمه إياها مولاه سبحانه وهداه إليها مما وقع في هذا العصر أو قبله ومما سيقع في المستقبل مما لا يعلمه الناس اليوم ، فأرجو تأمل ما ذكرته لكم ليتضح لكم خطأ عبارتكم ودلالتها على ما ذكره المراقبون ، ولعلكم في المستقبل توضحون ما يزيل الشك ويوضح الحق ، والهدف هو التناصح والتعاون على الخير والتحذير مما يخالف الكتاب والسنة والحق ضالة المؤمن متى وجدها أخذها .

وأما ما ذكرتم عن الفناء بشهود المكون عن الأكوان ، وما نقلتموه عن شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك من ذم هذه الحال لكنها لا تصل إلى الكفر البواح فقد فهمته ، ولكن ما ذكرته الرقابة في ذلك من أنه كفر بواح وجيه وصحيح إذا كان الفاني معه عقله ونطق بمثل ما نقل عن أبي يزيد البسطامي ( ما في الجبة إلا الله ) وكقول بعضهم : ( أنا الحق أو سبحاني ) ، أما إذا كان الناطق لمثل هذان محكوما عليه بزوال العقل كما أشار إليه أبو العباس بما نقلتم عنه فإن عذره وجيه لرفع القلم عن من زال عقله .

وقد ذكر هذا المعنى العلامة ابن القيم رحمه الله في المجلد الأول من " مدارج السالكين " من ص 155 إلى 158 ، وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم الفقه في دينه والبصيرة في حقه وأن يعيذنا وإياكم من مضلات الفتن ونزغات الشيطان إنه خير مسئول .

وأما ما أشرتم إليه من جهة الاحتفال بالموالد وأنه لا شك أنها بدعة إذا فهمت أنها عبادة . . . إلخ فأقول : لا ريب أن المقيمين لحفلات الموالد يعتقدون أنها عبادة ويتقربون إلى الله بذلك ، وبذلك يعلم أنها بدعة بلا شك . لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يفعلها ولم يأذن فيها ولم يقرها ولم يفعلها أصحابه رضي الله عنهم وهم خير القرون وأكمل الناس حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم الناس بالشرع المطهر ، وهكذا من بعدهم في القرون المفضلة ، هذا لو سلمت من المنكرات الأخرى وأنى لها السلامة مع ما غلب على أكثر النفوس من الجهل والغلو ، وقد يقع فيها من الشرك الأكبر وكبائر الذنوب ما لا يخفى على مثلكم .

ولو فرضنا أن المحتفلين بالموالد لم يقصدوا بها القربة فإنها بذلك تعتبر تشبها باليهود والنصارى في إقامة الأعياد لأنبيائهم وعظمائهم والتشبه بهم ممنوع بالنص والإجماع كما أوضح ذلك أبو العباس ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لا عملا بالأحاديث الصحيحة ومنها : ما خرجه الإمام أحمد بسند جيد عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : " من تشبه بقوم فهو منهم " فأرجو تدبر هذا الموضوع كثيرا طلبا للحق وحرصا على براءة الذمة وحذرا من الوقوع فيما حرمه الله . والله المستعان .

أما دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم في المدارس والمعاهد والكليات وفي الخطب فلا بأس بذلك بل ذلك من القربات ومن نشر العلم ، وهكذا وعظ الناس وتذكيرهم بسيرته وسنته بين وقت وآخر كل ذلك مما يعلم من الدين بالضرورة أنه مطلوب ومشروع ، رزقني الله وإياكم وسائر إخواننا المزيد من العلم النافع والعمل الصالح مع حسن الفهم عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم إنه خير مسئول .


*** خَـــــاتمة :


اطلعت على الفصل الذي أشرتم إليه في رسالتكم وقرأته بتدبر فوجدته فصلا مفيدا نافعا ، ضاعف الله مثوبتكم وزادني وإياكم من العلم والهدى وقد لاحظت عليه بالإضافة إلى ما سبق ما يلي :


1- قلتم في ص 218 ( وقد أجمعت الأمة على أن الإكثار من الصلاة على سيدنا محمد خير جلاء للقلب وأفضل طهور للنفس ) إلخ ، اهـ هذا القول فيه نظر ، ولو قلت : ( على أن الإكثار من الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من خير جلاء للقلب ومن أفضل طهور للنفس ) إلخ لكان أولى ، أما كون ذلك ( خير جلاء ) فلا يظهر لي وجهه ، والصواب : أن خير جلاء للقلوب هو ذكر الله سبحانه وتلاوة كتابه الكريم ، وإذا انضم إلى ذلك الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان خيرا إلى خير ، ومما يدل على ذلك قوله عز وجل : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) وقوله صلى الله عليه وسلم "الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله " الحديث ، رواه الشيخان وهذا لفظ مسلم ، وهكذا حديث عبد الله بن عمرو : " وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله " الحديث ، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وإنما القصد الإشارة والتذكير.


2- قولكم في الهامش ص 219 ذكر ابن حجر الهيثمي في كتابه : " الدر المنضود " نقلا عن بعض أهل العلم : ( أن المسلم إذا فقد المرشد الكامل ) إلخ . ليس بجيد بل وليس بصحيح ، فإن الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يغني عن طلب العلم بل ولا الإكثار من ذكر الله لا يغني عن طلب العلم ، فالواجب على من فقد المرشد أن لا يخضع للكسل وترك طلب العلم بل يجب عليه أن يطلب العلم من مظانه مع الإكثار من ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم . لأن الله سبحانه يعينه بهذا الإكثار على تحصيل المطلوب ، وسبق أن نبهنا أنه ليس هناك مرشد كامل على الحقيقة سوى الرسل عليهم الصلاة والسلام ، بل كل عالم وكل داع إلى الله لا بد فيه من نقص والله المستعان ، وبهذا يعلم فضيلتكم أن الأولى حذف هذا التعليق .


3- يظهر من سياق كلامكم في ص 330 - التعليق - : وهو : ( قلت لواحد من هؤلاء بعد أن انتهينا ذات ليلة من صلاة التراويح فلندع الله في ختام صلاتنا هذه . . . ) إلخ - أنكم أردتم الدعاء الجماعي ولهذا رفض ذلك الشخص الذي أشرتم إليه ، والذي يظهر لي أن الصواب معه في هذا الشيء . لأنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم فيما أعلم أنهم دعوا بعد الصلوات الخمس أو بعد التراويح دعاء جماعيا . أما الدعاء بين العبد وبين ربه بعد صلاته أو في آخر التحيات قبل السلام فهذا مما جاءت به السنة ، ولكنه قبل السلام أفضل. لكثرة الأحاديث في ذلك كما نبه على ذلك غير واحد من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم رحمة الله عليهما والدعاء الذي ذكرتم عن سعد أخبر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو به في دبر كل صلاة فيحتمل أنه كان قبل السلام ويحتمل أنه بعد السلام ، وعلى كل حال فليس فيه حجة على الدعاء الجماعي ، فأرجو تدبر الموضوع ومراجعة كلام أهل العلم في ذلك .

هذا ما تيسر لي من الجواب عما أشكل عليكم رغم كثرة المشاغل وضيق الوقت . وأسأل الله أن يمنحني وإياكم وسائر إخواننا الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن ، إنه خير مسئول .
انتهى

( الفهد )
11-04-2007, 11:08 AM
بارك الله فيك وكثر الله من امثالك

أبوتركي
14-04-2007, 03:36 AM
جزاك الله خير أخوي ع ع قطر .... بارك الله فيك

ROSE
14-04-2007, 02:29 PM
يزاك ربي كل خير

albakri
20-04-2007, 07:19 PM
جزاك الله خير اخوي

سيف قطر
21-04-2007, 05:18 PM
جزاك الله خير اخوي

سوبرقطري
23-04-2007, 02:19 PM
جزاك الله خير أخوي ع ع قطر .... بارك الله فيك
حاضرين اخوي ابو تركي