المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعدين القصدير يدمر البيئة في جزيرة اندونيسية مدارية



أبوتركي
09-04-2007, 01:21 PM
تعدين القصدير يدمر البيئة في جزيرة اندونيسية مدارية

سونجان (اندونيسيا) - تنتهي فجأة صفوف طويلة من اشجار جوز الهند على الشواطيء الاستوائية لجزيرة بانجكا الاندونيسية لتكشف عن تضاريس قبيحة تتسم بقدر كبير من الدمار من جراء انشطة التعدين في مشهد يعيد للاذهان صورا موحشة لسطح القمر.

كما تظهر على سطح الارض في المنطقة فوهات عميقة في مساحة ملعب كرة القدم الى جانب فوهات اصغر مليئة بمياه لازوردية اللون تتلألأ تحت اشعة الشمس المدارية اما المياه فذات درجة حموضة عالية للغاية.

هنا.. مرحبا بكم في منطقة تعدين القصدير في بانجكا حيث يقوم عمال المناجم بحفر ابار عميقة بالمنطقة للتنقيب عن خام الفلز الثمين الذي يستخدم في طلاء العبوات المعدنية وتبطين الاوعية واشغال اللحام في الاجهزة الالكترونية الدقيقة.

وفي مواجهة معارك طاحنة ومستديمة مع الملاريا ومخاطر الحوادث مثل الغرق او الانهيارات الارضية يقيم عشرات من عمال المناجم معسكرات في قرية سونجين الكائنة في ادغال اندونيسيا وهم يبحثون عن مترسبات خام القصدير في مناجم مهجورة.

واسهمت ندرة القصدير عالميا وتضاؤل كم العرض الى دفع الفلز الطيع القابل للطرق في اتجاه صعودي ليبلغ سعرا قياسيا عند 14 الف دولار للطن في بورصة لندن للمعادن حيث يجري تداوله.

وفي الاونة الاخيرة لم تنتج مناجم بانجكا كميات وفيرة من هذه الثروة ولا يستطيع عمال المناجم كسب قوت يومهم الا بالكاد في هذا الفردوس الاستوائي.

واتخذ كثير من السكان المحليين من استخراج خام القصدير حرفة بديلة عن زراعة الفلفل الاسود التي هجروها بسبب تراجع اسعار هذه التوابل في الاسواق العالمية.

وقال سوهاندري وهو ينفث دخان سيجارته تحت مكان ظليل بعد ان أمضى ساعات وقد غاص في احد الحفر العميقة في سونجين بحثا عن خام القصدير "ليس لدي من النقود ما يكفي كي ابدأ عملا تجاريا جديدا. لم اكمل حتى تعليمي."

وتقف الالات الثقيلة العملاقة التي تقوم بحفر منجم جديد شاهدا قاتما على الدمار الذي يلحقه نشاط التعدين الجامح بالمناظر الطبيعية الخلابة في بانجكا الواقعة الى الشرق من جزيرة سومطرة.

وقال سوهاندري وهو اب لخمسة اطفال عمره 49 عاما "قولوا لي ما هو العمل الاخر الذي يمكنني ان ازاوله."

واندونيسيا هي ثاني أكبر دول العالم انتاجا للقصدير بعد الصين وتسهم بنحو 40 في المئة من حجم امدادات القصدير في العالم.

وكانت شركة بي تي تيماه اضخم شركات البحث عن القصدير في العالم تملك مناجم سونجين وقامت الشركة بردم الحفر بالاتربة وزرعت اشجار السنط (الاكاسيا) واشجار جوز الكاشو بعد ان اوقفت عملياتها في اوائل التسعينات من القرن الماضي.

الا ان السكان المحليين عادوا الى حفر المناجم العتيقة عام 1998 خلال ذروة الازمة الاقتصادية الطاحنة في اندونيسيا.

وبالاستعانة بأحواض مسطحة وتيار مستمر من المياه يقوم عمال المناجم باستخلاص خام القصدير الاسود الاشهب اللون بترشيحه من الرمال والاتربة التي تنقل من الفوهات. ويصبح الماء عالي الحموضة بدرجة كبيرة عند خلطه بخام القصدير المستخلص من باطن الارض.

وقال اندي البالغ من العمر 25 عاما "الفقراء مثلنا ليس امامهم من خيار." واضاف "لازلت اقوم بالتعدين الا ان عدد المشترين تراجع. لست واثقا من المستقبل."

وعبر كثير من عمال المناجم عن اسفهم لاغلاق عشرات المصاهر الصغيرة في العام الماضي بعد اتهامها بتلويث البيئة والاضرار بها بخلاف مزاولة النشاط دون ترخيص.

وادت حملة الحكومة على هذه المصاهر في العام الماضي الى الارتفاع الجنوني في اسعار القصدير في اسواق العالم الا ان هذا لم يستفد منه عمال المناجم.

واسقط في يد اندي الذي يعمل في العاصمة الاقليمية بانجكالبينانج عندما بلغه ان اسعار القصدير قد تجاوزت التوقعات.

وقال "يبدو ان الحقيقة مختلفة."

واشارت تقديرات المعهد الدولي لبحوث القصدير الى وجود عجز في انتاجه صناعيا في الاسواق يبلغ 30 الف طن في عام 2007 بسبب القيود المفروضة على امدادات الفلز.

ويمول المعهد اساسا المنتجون الرئيسيون للقصدير واصحاب المصاهر ويسعى المعهد الى دعم صناعة الفلز وتشجيع استخدامه. وقال المعهد ان الاستهلاك العالمي زاد بنسبة 8.6 في المئة في عام 2006.

وقبل اغلاق المصاهر بغرض الحيلولة دون تدمير البيئة على الجزيرة بلغ سعر الكيلوجرام من القصدير 41 الف روبية (4.49 دولار) في بانجكالبينانج.

الا ان هذا السعر هوى بعد ذلك الى 27.500 روبية للكيلوجرام بسبب المصاهر الصغيرة التي كانت تشتري الخام من المناجم. اما في الوقت الحالي فان مشتري خام القصدير في بانجكا بمقدورهم تحديد الاسعار وفق ما يرون.

ويشتري معهد بحوث القصدير الخام من المناجم المحلية ولكن من خلال وسطاء بعينهم فيما اوقف ثاني اكبر معمل للتكرير في الجزيرة ويطلق عليه اسم كوبا تن انشطة شحن الخام بعد قيام الشرطة باحتجاز ثلاثة من مديري الشركة للاشتباه بانهم قاموا بالحصول على الخام بطريقة غير مشروعة والعمل خارج المنطقة المرخصة للتنقيب.

واصدرت اندونيسيا تعليمات جديدة بهدف الحد من انشطة التعدين دون ترخيص الا ان السلطات في بانجكا تحرص على ان يتحول السكان المحليون الى قطاعات اخرى من الانشطة البشرية مثل التجارة والصيد.

وقال هودامي راني مدير بانجكا بايلتونج لرويترز بعد ان ادلى بصوته في انتخابات محلية في الاونة الاخيرة "على الناس ان يحققوا الرفاهية لانفسهم خارج نطاق انتاج القصدير."

واضاف "ستنفد مخزونات القصدير يوما ما وعلى المدير القادم ان يعرف ما يتعين القيام به."

وخسر راني في الانتخابات وسيباشر المدير الجديد لبانجكا بايلتونج عمله في اواخر شهر ابريل نيسان الجاري.