بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضائل شهر الله المحرم
إن من نعم الله تعالى،على عباده، أن يوالي مواسم الخيرات عليهم ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، فما أن انقضى موسم الحج المبارك، إلا وتبعه شهر كريم هو شهر الله المحرم،
حرمة شهر الله المحرم،قال تعالى(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِعِنْدَ اللَّهِ اثنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ،مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، وَقَاتِلُوا،الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِين)
أن النبي ،صلى الله عليه وسلم،خطب في حجته، فقال(ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر بين جمادى وشعبان)متفق عليه،
قال القرطبي،خص الله تعالى،الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها،وإن كان منهياً عنه في كل الزمان، كما قال تعالى(فَلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)البقرة
أي،لا تظلموا في الأربعة أشهر الحرم أنفسكم،
فضل شهر الله المحرم
قال ابن رجب، إن الله افتتح السنة بشهر حرام وختمها بشهر حرام، فليس شهر في السنة بعد شهر رمضان أعظم عند الله من المحرم،وكان يسمى شهر الله الأصم من شدة تحريمه،
من حديث أبي ذر،رضي الله عنه،قال، سألت النبي،صلى الله عليه وسلم،أي الليل خير وأي الأشهر أفضل،
فقال،عليه السلام،خير الليل جوفه،وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم،وإطلاق النبي،صلى الله عليه وسلم،في هذا الحديث أفضل الأشهر،محمول على ما بعد رمضان،
ومما يدل على فضله ما رواه مسلم،عن أبي هريرة،رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم،وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)أي أفضل شهر تطوع به كاملاً بعد شهر رمضان شهر الله المحرم،لأن بعض التطوع قد يكون أفضل من أيامه كعرفة وعشر ذي الحجة، فالتطوع المطلق أفضله المحرم، كما أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل،
قال ابن رجب،وقد سمى النبي،صلى الله عليه وسلم،المحرم شهر الله، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، فإن الله تعالى،لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته،كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته، ونسب إليه بيته وناقته،
ولما كان هذا الشهر مختصاً بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى،فإنه له سبحانه،من بين الأعمال، ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله ،بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيام،
وفي هذا الشهر يوم حصل فيه حدث ،عظيم ونصر مبين،أظهر الله فيه الحق على الباطل، حيث أنجى فيه موسى،عليه السلام،وقومه،وأغرق فرعون وقومه،فهو يوم له فضيلة عظيمة،ومنزلة قديمة،
عن ابن عباس،رضي الله عنهما،أن رسول الله،صلى الله عليه وسلم،
قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء،فقال لهم رسول الله،صلى الله عليه وسلم،ماهذا اليوم الذي تصومونه،فقالوا(هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه، فقال رسول الله،صلى الله عليه وسلم،فنحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم،وأمر بصيامه)متفق عليه،
ولأحمد عن أبي هريرة نحوه وزاد فيه(وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكراً)
قال ابن حجر،هذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان،
وقد روى مسلم من حديث أبي قتادة،أن صوم عاشوراء يكفر سنة، وأن صيام يوم عرفة يكفر سنتين، وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام عاشوراء،
وقد قيل في ذلك ، إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم،فلذلك كان أفضل،
وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت ، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم،غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة،من كان أصبح صائماً فليتم صومه،ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه،فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار)متفق عليه،
والمحرم سمي بذلك لكونه شهراً محرماً وتأكيداً لتحريمه.وقوله تعالى(فلا تظلموا فيهن أنفسكم)أي،في هذه الأشهر المحرمة لأنها آ كد وأبلغ في الإثم من غيرها
وقال قتادة ، إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواها،وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظّم من أمره ما يشاء،
وقال،إن الله اصطفى صفايا من خلقه،
وأخرج النسائي من حديث أبي ذر،رضي الله عنه، قال،سألت النبي،صلى الله عليه وسلم،أي الليل خير وأي الأشهر أفضل، فقال(خير الليل جوفه، وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم،وإطلاق النبي،صلى الله عليه وسلم،في هذا الحديث أفضل الأشهر، محمول على ما بعد رمضان،
ولأحمد عن أبي هريرة نحوه وزاد فيه(وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكرا )
اللهم ابسط لنا في عافية أبداننا وصلاح أعمالنا وسعة أرزاقنا وحسن أخلاقنا وصلاح ذرياتنا واحفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك
اللهم إنا نسألك اللهم عيشة هنية وميتةً سوية ومرداً إليك غير مخزٍ ولا فاضح.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل سنة نبيه الكريم، وأن يحيينا على الإسلام ويميتنا على الإيمان، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى،ونسأله أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يتقبل منا ويجعلنا من المتقين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.