هكذا انقلب المشهد في أسواق الإمارات!
أبوظبي - من ليلى يكن: لم يبدد انتعاش اليومين الأخيرين من الأسبوع الماضي لأسواق الامارات المالية التساؤلات حول أسباب التراجع الكبير خلال الأسابيع الماضية، رغم الظروف الايجابية المحيطة بالاقتصاد والأداء القوي للشركات.
اذ رغم التطمينات من المحللين والمسؤولين والأكاديميين والخبراء الاقتصاديين بأن اقتصاد الامارات يمر بفترة انتعاش مهمة وان سوق الاسهم في أبوظبي ودبي تمران بمرحلة من التصحيح السعري بعد ارتفاعات متتالية في النصف الأول من العام,,, الا ان ذلك لم يفلح في كبح جماح الخوف من المزيد من التدهور لأسعار الاسهم، لا سيما ان الأداء الجيد للشركات والبنوك والنتائج السنوية القياسية لم تحرك الأسعار الا هبوطا مما زاد من المخاوف والارباك في أوساط المستثمرين وانعكس سلبا على أداء السوق يوما بعد آخر, رغم المؤشرات الاقتصادية الجيدة والارتفاع المستمر لأسعار النفط.
فحين يخسر السوق يوميا نحو 25 الى 30 مليار درهم في الأيام الماضية دون مراعاة لنتائج شركات مهمة مثل «إعمار العقارية» التي كانت تعتبر صمام الأمان لحماية السوق من التراجع ووقف نزيف الخسائر, جاء بمثابة هزة عنيفة تعادل أقصى الدرجات على مقياس (ريختر) السوقي حيث بالغ المستثمرون في ردود أفعالهم تجاه ما يحدث حيث يشهد السوق عمليات بيع عشوائية تعكس انخفاض الوعي الاستثماري حسب خبراء ومحللين ماليين ان السوق يعكس حالة قلق غير مبررة حيث هذه الفترة موسم التوزيعات والأرباح تعتبر قياسية بما انعكس على هذه التوزيعات حيث بعض الشركات منحت أسهما مجانية بما يعتبر عائدا استثماريا عاليا بكل المقاييس اذا ما قورنت خليجيا في الأسواق المجاورة، ولكن للأسف فهناك بيع عشوائي ومستثمرون يبيعون باندفاع لتجنب المزيد من الخسارة وكأنهم يسيرون خلف قطيع بفعل بعض الشائعات ربما بعض المحافظ الكبرى ليست بريئة من ذلك فمن مصلحتها نزول السوق أكثر للشراء بأسعار أقل من الحالية والتي تعتبر منخفضة لأنها تتضمن الأرباح السنوية.
واذا كان هناك من يحمل بعض الوسطاء مسؤولية ما يجري في الأسواق المحلية باعتبار البعض يلعب دورا سلبيا من خلال نصائح غير رشيدة سواء من حيث التوقف عن الشراء أو من حيث الاسراع في البيع والتراجع الحاد الذي خلق فرصا استثمارية مجدية في أسواق المال المحلية ولكن دون جدوى بالنسبة للكثيرين حيث السيولة جفت من السوق وقرارات الشراء أصبحت قليلة بعد ان جفت السيولة اللهم بعض المحافظ الاستثمارية الكبيرة التي ما زال بإمكانها استغلال فرصة الانخفاض في السوق.
ويظل باعتقاد الكثيرين ان وزارة الاقتصاد الاماراتية لعبت دورا مهما في انخفاض الأسواق نظرا للتوسع الكبير في خلال فترة زمنية قصيرة فقد ادرج خلال العام الماضي 24 شركة جديدة من الشركات العامة المحلية والاقليمية مقارنة بـ 35 شركة مدرجة منذ انشاء البورصة حتى نهاية عام 2004 حتى وصل عدد الشركات نحو 59 شركة, كما تم السماح لعدد كبير من الشركات بزيادة رؤوس أموالها واصدار عدد من السندات والصكوك والأدوات المالية التي تسحب السيولة من السوق وطرح مشروعات كبرى بمليارات الدولارات في المجال العقاري على الوجه الأخص الا ان هذه المشروعات مرشحة للتأخير نتيجة انعكاس أوضاع سوق الأسهم لأن غالبية هذه الشركات العقارية تتعامل مع سوق الأسهم ومنها ما يشكل العمود الفقري للسوق مثل «إعمار» في سوق دبي و«الدار» و«صروح» في سوق أبوظبي وغيرها وعلى ذلك فإن أوضاع السوق لا بد ان تنعكس على كافة القطاعات في الدولة وهناك حالة هدوء تعتبر بداية ركود واقعي رغم كل التطمينات والتصريحات من المسؤولين والخبراء حيث واقع الاقتصاد متأثر جدا بأوضاع السوق الذي يشكل الأفراد نحو 70 في المئة من المتداولين بما انعكس على الحياة المعيشية للمواطنين والمتعاملين في سوق الأسهم في الامارات وهم كثر حيث استقطت السوق في بداية هذا العام ونهاية العام الماضي أعدادا كبيرة جدا من كافة شرائح المجتمع على كافة الأصعدة والمستويات بمن فيهم الوافدون من كافة الجنسيات, وبعد ان عاشوا وفرة تمثلت في النصف الأول من العام حيث الارتفاعات المتتالية لأسعار الأسهم بما يشجع قطاعا أكبر من الدخول في السوق ليعيشوا اليوم حالة من الارباك والخسارة المؤلمة التي انعكست على كافة مناحي الحياة في الامارات, يذكر ان السوق التجاري وكافة المحال تأثرت بحالة ركود حيث القدرة الشرائية تضاءلت كثيرا عن المعتاد وأصبح التخوف سمة الموقف,,, وفي حديث مع بعض التجار في قطاعات مختلفة أكدوا ان الأوضاع راكدة جدا وليست هناك قوة شرائية كالمعتاد.
وبالعودة الى السوق أول من أمس فقد سجل تراجعا ايضا، ورغم ان المحلل المالي زياد دباس مستشار الأسهم المحلية في بنك أبوظبي الوطني قد نصح بعدم البيع العشوائي بل الشراء اذا وجدت السيولة، موضحا ان المشكلة في الشركات والمتعاملين وليست في السوق بحد ذاته.
وفسر دباس عدم الاستجابة مع أرباح «إعمار» وبعض الشركات الأخرى بأن هناك ما يسمى برأس المال المرجح حيث زيادة رأسمال الشركة تم في منتصف السنة المالية، وبالتالي لم يدخل في أعمال الشركة وبالتالي لم يدخل في أعمال الشركة وبالتالي ينبغي حساب الأرباح على أساس رأس المال قبل الزيادة وهو 4 مليارات درهم وبما ان الشركة حققت ربحا نحو 4,7 مليار درهم فـإن سعر السهم الحقيقي ينبغي ان يكون عند 23 درهما الا انه حاليا يراوح ما بين 19 - 20 درهما, وكذلك بالنسبة لعدد من الشركات التي زادت رأسمالها - وبالتالي فإن النتائج رغم جودتها لم تكن كافية وداعمة للسوق.
واعتبر دباس السوق الاماراتي يعيش حركة ذعر موضحا انه لدينا مشكلة في الامارات هو ان استثمار الأفراد يشكل 70 في المئة بينما الشركات والمؤسسات نحو 30 في المئة على عكس الدول الصناعية التي يشكل الأفراد نحو 20 في المئة والمؤسسات نحو 70 الى 80 في المئة.
ولعل هذه الجملة من العوامل التي يدخل في اطارها تباطؤ أسواق الامارات مقابل نشاط في الأسواق المجاورة وأهمها السوق السعودي باعتبار وجود العديد من المستثمرين والمضاربين السعوديين نزحوا من سوق الامارات عائدين الى سوق بلادهم بحثا عن العائد الأكبر حيث من المعلوم ان استثمارات غير الاماراتيين في السوق المحلية هي استثمارات مضاربة في معظمها وأموال ساخنة تتحرك بسرعة نحو العائد الأعلى والمخاطر الأدنى وقد كان لرحيل هذه الأموال تأثيرات سلبية على أداء سوقي أبوظبي ودبي.
ورأى دباس ان التفاعل السلبي للأ سواق المالية مع نتائج الشركات وتوزيعاتها يرجع الى التسريبات والمعلومات الداخلية قبل الافصاح عنها لبعض الشركات خلال الأسبوع الماضي مما كان له تأثيرات سلبية على أداء السوق من حيث الثقة وعدالة الحصول على المعلومات وتكافؤ الفرص بين المستثمرين بحيث أدى ذلك الى التفاعل السلبي للأسواق المالية مع نتائج الشركات وتوزيعاتها بالاضافة الى مساهمة نشر الاشاعات المختلفة بين المضاربين وبعض كتاب المنتديات الذين يلعبون دورا سلبيا في نشاط الأسواق خلال هذه الفترة من خلال ترويجهم المستمر لشراء أسهم شركات المضاربة وابتعادهم عن الترويج للشركات القيادية والتي تتميز بمؤشرات مالية قوية ومؤشرات ربحية عالية.
وأضاف دباس ان سطحية بعض المحللين الذين يظهرون على شاشات التلفزيون وبعض الصحف يلعب دورا سلبيا في حركة الأسواق سواء خلال فترات الركود أو فترات المضاربة.
ويعتقد دباس ان التراجع الذي تشهده الأسواق المالية خلق فرصا استثمارية مهمة ومتنوعة خاصة ان الأسعار الحالية تشمل جميع الأرباح التي ستوزع على المساهمين سواء الأرباح النقدية أو الأسهم المجانية، وانخفاض أسعار اسهم الشركات بقيمة الأرباح الموزعة بعد انعقاد الجمعيات العمومية سوف يسهم في ارتفاع جاذبية أسعارها من حيث انخفاض مؤشر مضاعف الأسعار وارتفاع مؤشر ريع السهم, ومن الملاحظ مراعاة معظم الشركات ارتفاع سعر الفائدة على الودائع عند اتخاذ قرارات التوزيع.