جزيت خيرا اخي الحبيب العقرب
اسمح لي يا حبيبي في الله انقل هذه القصة لعلها تصل الى احد الاطباء العرب فينفر مجاهدا الى سوريا الشام فوالله ان جبهات القتال جميعها تحتاج الى الأطباء والممرضين
اتذكر اني يوما ما كنت ممرضا لأحد المصابين وكنت حقيقة لا افقه في التمريض شيئا .... ولكنها الحاجه ولا حول ولا قوة الا بالله.
قصة الدكتور صالح الليبي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أحبتي في الله سأقص لكم اليوم قصة ثانية عن الشهيد الدكتور صالح الليبي رحمه رحمة واسعة وهي كالتالي:
لقد كان نعم الرجل في أخلاقه وكان أول دكتور عربي يدخل أفغانستان ، وكان متجرّداً لله بكل ما تعني الكلمة رحمه الله رحمة واسعة ، وذهب الشمال إلى ولاية بلخ وحينما وصل اكتشف وصول الفرنسيين قبله بـ 3 سنوات بل ولقد أقاموا مستشفى كامل ، ولم يكن دكتورنا المحبوب معه أي شيء من معدات الطب الحديثة أو القديمة ، يقول : حينما رآني الناس في بلخ أصبحوا يأتون إليّ وتركوا الفرنسيين ، حتى إن الفرنسيين شعروا بأنهم قد استغنى عنهم الناس ، فهددوا المجاهدين بالذهاب والإنسحاب وتركهم يموتون من المرض والإصابات ، فقالوا لهم : ارحلوا عنا لا نحتاج لكم فلقد أرسل الله لنا طبيباً عربياً من أبناء الصحابة رضي الله عنهم ، فقال الفرنسيين : سنأخذ مستشفانا وجميع معداتنا الطبية معنا ولن نترك لكم شيئاً ، فقالوا : خذوها لا حاجة لنا بها . وفعلاً ذهبوا .. انظروا بالله عليكم أهؤلاء أطباء ؟؟ ولكن الكفر ملة واحدة ، يقول : فأصبح الناس يأتون إليّ إضافة للجرحى والمصابين وأنا لا أملك شيئاً من المعدات الطبية ، فكل المسألة بعض الأدوية فقط ، فكانت الضغوطات النفسية والعملية عليّ كبيرة فأنا رجل واحد فقط وكل هؤلاء يأتونني ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
يقول : بعدها بأيام جاءني شيخ كبير في السن يحمل ابنه على سرير ، وقال لي : هذا ابني كان مجاهد وأصيب بشظية في العمود الفقري وشل من بعدها ، وقد أخذته وعرضته على الفرنسيين فقالوا لي وأعوذ بالله من كفرهم قالوا : إن الله لا يستطيع أن يشفيه- عليهم من الله ما يستحقون- وهو مشلول منذ تلك الأيام ، وحينما سمعت بك أتيت به إليك ، يقول الدكتور صالح : وكان الرجل يبكي ويقول ليس لنا من بعد الله إلا أنت ، ثم أدخل ابنه (علي) وكان (علي) منسدحاً لا يتحرك ، فأخذت أفحصه ولاحظت أن المجاهد كان يتبول ويتبرز على نفسه وكانت معنوياته تحت الصفر كما قال الدكتور، وكانت نتيجة فحصي له هي أن العمود الفقري اخترقته الشظيه ووصلت إلى النخاع فتوقعت أنها قطعت النخاع الحبل الشوكي ، ولكني قلت له : لا لا إن شاء الله ستشفى وترجع للجهاد إن شاء الله ولا يهمك المسألة بسيطة إن شاء الله ، وفرح الشيخ المسن عند سماع كلامي له ، وأما المجاهد فكنت أحسست بأن قلبه يكاد يخرج من صدره لشدة ضرباته من الفرح ، وقلت لهم : سأبدأ العلاج ولكن ممكن يستغرق بعض الوقت فلا تخافوا ، وبدأت أعالجه بأشياء بسيطة وأدعوا له ، وإذا ما جاء الليل قمت أتهجد في الثلث الأخير وأدعوا الله عز وجل أن يشفي هذا المجاهد فلا شافي له غيرك ربنا ، وبعد أيام وإذا بالمجاهد يشفيه الله عز وجل وقام يمشي على رجليه بل وعاد للجهاد مرة أخرى ، فانتشر الخبر بين الناس وقالوا : عوضنا الله خير من الفرنسيين بدكتور من أبناء الصحابة رضي الله عنهم وقد عالج المجاهد المشلول الذين قالوا عنه ما قالوا الفرنسيين ولقد قام يمشي على رجليه وعاد للجهاد في سبيل الله ، يقول : وزاد الضغط حتى إنه كان الشيوخ يأتون بأبنائهم الصغار ويقولون لي : ليسوا مرضى ولكن نحب أن ترقيهم وتدعوا لهم فقط .
يقول : مكثت عندهم ما شاء الله لي أن أمكث ثم رجعت وشاركت في معركة المأسدة الشهيرة في جآجي ، وكنت هناك وقابلته فلم يتغير عن معرفتي به ، فمازال هو كما هو متواضعاً زاهداً في الدنيا وما فيها ، بشوشاً مبتسم المحيّا دائماً ، وكنت أمازحه بقولي : يا دكتور صالح أتريد الشهادة في سبيل الله فيقول : نعم ، فأقول له : إني داع فأمّن ورائي ، يقول : أبشر ، فأبدأ بالدعاء هكذا "اللهم انصرنا على السوفييت الملحدين" فيقول :آمين ، فأقول :"وارزقنا الشهادة في سبيلك " فيقول : آمين ، فأقول :" إلا الدكتور صالح " ،فيقول : آمين ، ثم ينتبه ويغضب مني ويقول : اتق الله يا نجم لماذا؟؟ فأقول له : والله من حبنا لك لا نريد أن يصيبك مكروه ، يا طارد الفرنسيين ومستشفاهم ، فيستحي ويقول : لا تعود لمثلها مرة أخرى : ) وكانت المعركة على أشدها آنذاك فقال لي : يا نجم أهذا وقت المزاح ألا ترى ما نحن فيه ؟؟؟ فقلت : وما نحن فيه ، قال : ألا تعرف ؟؟ قلت : لا ، فقال : أنت مجنون مثل مجانين بغمان لا فائدة منك : ) فقلت له : إن كنت تريد الشهادة تعال معي هناك وأنا ضامن لك من أول أسبوع إن شاء الله تستشهد ، فقال لي : أما بغمان فلا ، فقلت : ولماذا ؟؟ فقال وهو يضحك يمازحني : أنا بايع عمري أروح بغمان : ) رحمك الله .
وفي هذه المعركة ذهب إلى مركز المجاهدين العرب وهناك انشغل بالجرحى والشهداء ، وقابلته بعدها بيومين والمعركة مازالت على أشدها فسألته عن الشهداء : ما أعجب ما رأيت منهم ؟؟ فقال لي : عثمان الكردي وهو من أهل المدينة المنورة ، يقول : لقد أصيب بقذيفة أطارت نصفه الأسفل كاملاً وحينما وصلت كان يتكيء بظهره على جذع شجرة والار بي جي بجانبه ، فحينما رأيته بكيت ، فسألني عثمان: لماذا تبكي يا دكتور صالح ؟؟ فكل المسألة جرح صغير في كف يدي اليمنى ، ومد يده يريني إياها فعلمت أنه لا يدري بما أصابه وإنّ الله عز وجل حجب عنه إصابته الشديدة ولا يرى ولا يحس إلا بجرح صغير في كف يده ، فقلت في نفسي : هذه والله من علامات الشهيد ، فلقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة" أو كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام ، يقول فزاد بكائي عليه وأخذت أمسح وجهه وهو يقول لي : قرّب لي الار بي جي ، وأنا أتصنع أني لا أسمع من أصوات القنابل والصواريخ ، وكنت ألقنه الشهادة فيرددها ورائي إلى أن إستشهد بين يدي .
ثم سألني سؤال فقال : يا نجم متى سنستشهد نحن ؟؟ والله لقد تعبت من كثرة ما أرى الشهداء يستشهدون أمامي ؟؟ وبكى بكاءاً مريراً حتى أبكى المجاهدين كلهم ، وكنت العربي الوحيد والباقين مجاهدين أفغان وهم لا يعرفون اللغة العربية ، فحاولت أن أهدئه ولكن لم أستطع إلا بعد أن قلت له : يا دكتور صالح أنت من قدماء المجاهدين فإذا كنت أنت قد تعبت فقل بالله عليك ماذا يقول شيخنا الدكتور عبدالله عزام ؟؟ وبعدها سكت ونسى البكاء ، وأخذ يدعو رافعاً يديه للدكتورعبدالله عزام رحمهم الله جميعاً .
وأذكر أحبتي في الله أنه من كثرة وشدة حب المجاهدين الأفغان له أطلقوا اسم جسر في جلال أباد وأسموه "جسر الدكتور صالح الليبي" ولا أدري والله كيف أصف لكم أخلاقه فلقد كان كريماً جداً ، حتى أنه يأتيني أو يرسل إلي وأنا في بغمان رسالة يقول فيها : أخي في الله نجم إعلم أنه قد ضاقت الحال بي ولم أعد أملك في جيبي روبية واحدة ، فلو كان عندك شيء فلا تنساني وأعلم أني لم أخبر أحداً بأمري إلا أنت لأني أحبك في الله ، وكما وعدتك أني إذا أحتجت أخبرك أنت أولاً إن لم تكن قد استشهدت . وكنت أعرف بقصة كرمه الشديد وكان الأخوة العرب القدماء يسمونه أبو حاتم أمثال عبدالله أنس نسيب الشيخ الشهيد عبدالله عزام رحمه الله رحمة واسعة ، وحينما وصلتني الرسالة كلمت بالمخابرة بابي وهي قرية في باكستان للمجاهدين وأخبرتهم : بأن يأخذوا كل ما في أماناتي من مال ويذهبوا للدكتور ويعطوه ، ويقولون له إذا أردت المزيد أخبرنا ، فنجم الدين أوصانا بأن نقول لك من شهيد لم يستشهد بعد إن شاء الله من بغمان أقول لك : أن وصول رسالتك لي هي فرحة لا توصف وأبشر بسعدك ولا يردك إلا لسانك وأبشر بعزك يالغالي . رحمك الله يا من وجدت فيك خصلة تكاد تتميز بها عن كل المجاهدين العرب وهي سلامة الصدر وسعته و تركك للجدال إلى درجة أنك تتراجع أحياناً عن شيء أنت تعرفه جيداً ، وكان فوق هذا كله والله العظيم أشهد له بكثرة قيام الليل وكثرة الصيام ، ولقد كان دائماً رحمه الله يحب أن ينشد هذه النشيد: ماذا تريد؟؟ أريد جيلاً قرآنياً فريد ***لا يخشى الوعيد ولا التهديد ... قدوته أسأمة بن زيد وخالد بن الوليد ***أمله الوحيد أن يموت في سبيل الله شهيد
رحمك الله يا دكتور صالح الليبي أشهد بالله أنك كنت طبيباً للبدن وللروح ، ولقد استشهد رحمه الله في جلال أباد وقد دفن في بابي في باكستان وهي قرية للمجاهدين الأفغان ولقد سار في جنازته خلق كثير من العرب والأفغان رحمه الله فلقد كان محبوباً من الجميع . وحينما انتشر خبر استشهاده في أفغانستان كلها جاءت امرأة من بغمان تسأل عن نجم الدين فأحضروها المجاهدين لي ، ولما رأتني قالت لي : هل صحيح خبر استشهاد الدكتور صىالح ؟؟ فقلت لها : نعم ،
فبكت وقالت لي : أشهدك أن أبي شيخاً كبيراً أخبرنا بأنه قابل في سمت الشمال (أقصد الشمال الأفغاني) وكان أبي يريد العودة لنا في بغمان ولكنه لا يملك المال لدفعه لقافلة يرجع معها ، فسمع عن دكتور عربي من أبناء الصحابة رضي الله عنهم اشتهر هناك بالصلاح والكرم ، فذهبت إليه وشكوت حالي له وقلت له : أريد أن أرجع لعائلتي في بغمان ولا أملك من المال شيئاً وقد تقطعت بي السبل وسمعت أنك كريم كأجدادك الصحابة رضي الله عنهم فجئتك ، فهل تساعد رجل مسن كبير يريد أن يموت بين أهله ؟؟
فقال الدكتور صالح : لا والله أنت تركب حصاناً لك ملك وليس بالإيجار، وأخذني للسوق واشترى لي حصاناً وسرجاً وخرجاً ، وقد ملأ الخرج طعام ثم أخذني للقافلة وقابل رئيسها ، وقال : بكم تأخذون من المال وتوصلون هذا الشيخ الكريم لأهله ؟؟ فقالوا : كذا وكذا من الروبيات ، فقال : أعطيكم ضعف ماذكرتوا على شرط أن تسهروا على راحته إلى أن يصل إلى أهله ، فقبلوا ، فما زال أبي يدعوا له في كل صلاة حتى توفي قبل شهر من القصف ، وأردت أن أخبرك أنه قد طلب مني أن أسمي ابناً لي مولود جديد "صالح" ، وأشهد أني قد سميته صالح .
سبحان الله حتى بعد استشهادك دكتورنا الغالي مازلت تفاجأنا بأفعالك الطيبة ، فلله درك من بطل ، وكأن الشاعر يراك حينما قال : علو في الحياة وفي الممات *** لحق تلك إحدى المعجزات
بمثل هذا العزم دعسنا بإقدامنا على ما كان يسمى بالإتحاد السوفييتي ومسحناه من وجه الأرض مسحاً ..فالله أكبر ولله الحمدكتبه : نجم الدين آزادhttps://twitter.com/najm_alden_azad