العقار: يمرض ولا يموت .. ترنيمة قديمة يرددها العقاريون كلما أصيبت عقاراتهم بنكسة أو وكسة.. وهذه العبارة وإن خلت أحيانا من الدقة والصراحة تظل المحفز الأكثر دعما في إبقاء السوق متماسكا حتى مع انخفاض حدة التداول ( بيع / شراء ).
وسوق العقار - رغم إجراءاتها المطولة وغضاضة سماسرتها وطغيان عرضهم غالبا - تظل المكان الأكثر أمانا من نظيرتها سوق الأسهم هذه الأخيرة التي لا تخلو سريرتها من المباغتة القاصمة التي ينكسر معها ظهر البعير.
لست من أنصار العقار ولا من دعاة ترك الأسهم .. لكن العقارية تعد الأكثر شفافية وبساطة .. فهي ولا تـحتاج لقراءة قوائم أو تـحليل فني أو غيره .. فكل ما تـحتاجه لتكون عقاريا ناجحا التحلي بالصبر حتى يمل الصبر من صبرك .. وكلما صبرت تضاعفت أرباحك ... هكذا يبدو الاستثمار في العقار غالبا.
لكن ماذا عن سوق الأسهم وما ترانيمها إذا ما تعرضت لهزة .. هل سنسمع عبارة "الأسهم تمرض ولا تموت" بسبيل المثال؟! .. لا أظنك ستسمع أكثر من قول أن الأسعار متضخمة ولا تمثل القيمة الحقيقية للأسهم وما تمر به السوق لا يعدو كونه تصحيحا إيجابيا والسوق ليست أكثر من فقاعة .. وهكذا من العبارات المحبطة التي تجعلك تبيع طائعا بخسارة .. وربما كبيرة.
لاشك أن السوقين لهما ثقلهما الاقتصادي والاستثماري .. والابتعاد عنهما - في الوقت الحاضر - يعد ضربا من الجنون .. كونهما سوقين ناشئين وناميين وأمامهما مستقبل واعد والدخول فيهما يمثل فرصة العمر .. لكن ليس الدخول العشوائي أو تفضيل واحد على الأخر - فالعقارية لها نوافذها الاستثمارية المربحة وللأسهم أيضا نوافذها المماثلة وكلا السوقين توفران الفرص تلو الفرص على أطباق من فضة .. لاسيما إذا ما أحسنا دخولهما في الوقت المناسب .. ولا تنس أن تضع مليون خط تـحت عبارة "الوقت المناسب"باعتبارها الجملة الأكثر ربحية في السوقين إذا ما أحسنا استخدامها .. والعكس صحيح.
كثير من العقاريين أهملوا عقاراتهم ودخلوا على وجوههم سوق الأسهم .. لكن القليل منهم نجا من الخسارة التي لم يكن يعرفها في استثماراته العقارية .. ولعل حال سوق الأسهم اليوم يؤكد ما نذهب إليه.. فالسوق اليوم تتعرض لخسائر غير مبررة - أو مبررة إن شئت - وهذه الخسائر لم تكتف بإلحاق الأذى بالأرباح التي تم جمعها - إذا ما افترضنا وجود أرباح - لكنها أتت أيضا على جزء من رأس المال.
على كل حال لن اختلف معك إن قلت أن سوق الأسهم أسرع من نظيرتها العقارية في جني الأرباح أو أن العقارية أضمن نسبيا .. لكن اختلف معك إن قلت أن الاستثمار فيهما لا يحتاج إلى وعي استثماري .. لأن الوعي الاستثماري أهم مقومات النجاح في كل سوق وفي كل الأوقات.
وإن كنت عقاريا ناجحا فدع عنك الأسهم ومضارباتها وفكر كيف تنمي استثماراتك العقارية.. أما أن كنت محترفا وناجحا في أمور المحاسبة وقراءة القوائم المالية والأسهم .. فلا تتخلى عن الأسهم وعض عليها بأسنانك... وإن كانت أسنانك (تركيب).
علي البراهيم
منقول من شبكة الاخبار العقارية
