معنى العين والحسد،والفرق بينهما
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معنى العين والحسد،والفرق بينهما
العين، وأصلها، من إعجاب العائن بالشيء ، ثم تَتبعه كيفية نفْسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذها بنظرها إلى المَعِين،
الحسد،هو أن يتمنى زوال النعمة من عند أخيه ،وربما كان مع ذلك سعي في إزالتها ،
وأما الفرق بينهما،
أولاً، الحسد أعم من العين،فكل عائنٍ حاسد ، وليس كل حاسد عائناً،
ثانياً،العائن أضر من الحاسد،
ثالثاً،الحاسد قد يحسد ما لم يره ويحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه ، والعائن لا يَعين إلا ما يراه والموجود بالفعل،
رابعاً، مصدر الحسد،تحرُّق القلب واستكثار النعمة على المحسود ، ومصدر العين،انقداح نظرة العين ، أو نفس خبيثة،
خامساً، الحسد لا يقع من صاحبه على ما يكره أن يصاب بأذى ، كمالِه وولده ، والعين تقع على ما يكره العائن أن يصاب بأذى كولده وماله،
قال ابن القيم،رحمه الله،والمقصود،أن العائن حاسد خاص،وهو أضر من الحاسد،لأنه أعم،فكل عائنٍ حاسدٌ ولا بد ، وليس كل حاسد عائناً ، وأصل الحسد هو، بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها،
أما حكمهما، أنه التحريم،
فقد جاء عن أبي هريره،رضي الله عنه أنه قَال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تحاسدوا،ولا تناجشوا،ولا تباغضوا،ولا تدابروا) رواه مسلم،
وكذلك في هذا الحديث ( لا تحاسدوا ) يقتضي النهي عن التحاسد،وقوله صلى الله عليه وسلم ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار،ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار )حسنه الألباني،
وأما العين ، فتحريمها من باب تحريم إيقاع الضرر على الناس،وإيذائهم،قال تعالى ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً )الأحزاب،
وقال صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) رواه ابن ماجه،وحسَّنه الألباني،
نهى النبي صلى الله عليه وسلم ، المكلَّف أن يضرَّ نفسه أو يضرّ غيره، ففيه دلالة على منع الإنسان من التعدي على نفسه،وغيره،
أما من يتعمد إصابة الناس بعينه ويهددهم بذلك، فلا شك أنه آثم، وعلى ولي الأمر حبس هذا العائن ومنعه من لقاء الناس ، والإنفاق عليه إن كان فقيراً حتى يتوب توبة نصوحاً أو يموت فيرتاح الناس من شرِّه وضرره،
ونقل عن بعض أهل العلم، أنه ينبغي للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس،وأن يلزم بيته،فإن كان فقيراً رزقه ما يقوم به،فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر رضي الله عنه بمنعه من مخالطة الناس،
وما ذكره ابن بطال من كون الإمام يمنع العائن من مخالطة الناس إذا عرف بذلك ويجبره على لزوم بيته، لأن ضرره أشد من ضرر المجذوم ومنعه من دخول المساجد ، وإن افتقر فبيت المال تكفيه الحاجة لما في ذلك من المصلحة وكف الأذى،
رابعاً،الصحيح أن العائن المتعمد يضمن ما أوقعه من ضرر على الآخرين ،حتى إنه ليُقتل بعينه،
قال القرطبي،رحمه الله، لو أتلف العائن شيئاً،ضمنه ، ولو قَتل ،فعليه القصاص أو الدية إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة ، وهو في ذلك كالساحر عند من لا يقتله كفراً ،
وقال شرف الدين الحجاوي،رحمه الله،والمِعيان ، الذي يقتل بعينه،قال ابن نصر الله، ينبغي أن يُلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالباً ، فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ويفعله باختياره،وجب به القصاص ، وإن فعل ذلك بغير قصد الجناية،فيتوجه أنه خطأ يجب فيه ما يجب في القتل الخطأ ، وكذا ما أتلفه بعينه يتوجه فيه القول
بضمانه ، إلا أن يقع بغير قصد فيتوجه عدم الضمان
[/co
اللهم ابعد عنا كل حاسد وحاقد وساحر وظالم ومنافق وقرب منا من يريد لنا الخير،وأبعد عنّا عيون الحاسدين وسحر الساحرين وظلم الظالمين والمنافقين من خلقك الذين يظهرون لنا عفتهم وفي باطنهم خبث،
اللهم أحفظنا بعينك التي لا تنام وابعد عنا كل ماهو شر لنا ياارب العالمين.
