بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعمار أهل الجنة
أعدَّ الله الجنة كرامة لأوليائه الذين أطاعوه في الدنيا،وصبروا على امتثال أمره واجتناب نهيه،قال سبحانه(وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )الزخرف،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر،فاقرؤوا إن شئتم (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين )البخاري،مسلم،
أما زيادة أعمارهم من عدمها فقد وردت أحاديث لا تَثْبُت فيها أنهم لا تزيد أعمارهم،والذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنهم لا يفنى شبابهم ) رواه الترمذي،وحسنه الألباني ،وأنهم يكونون في أكمل حال ، فهم باقون في سن الشباب دائماً وأبداً ، نعيمهم يزيد ولا ينقص ،وعيشهم يطيب ولا يُنَغًّص،
كم سيكون عمر الرجل والمرأة الدائم في الجنة
يدخل أهل الجنة الجنة على أكمل صورة وأجملها،على صورة أبيهم آدم عليه السلام وقد خلقه الله تعالى،بيده فأتم خلقه وأحسن تصويره وكل من يدخل الجنة يكون على صورة آدم وخلقته،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعاً،فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعاً)رواه البخاري،ومسلم،
أما أعمارهم فكلهم يدخل الجنة في عمر القوة والفتوة والشباب،أبناء ثلاث وثلاثين،فقد وردت أحاديث لا تثبت فيها أنهم لا تزيد أعمارهم ،والذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم (لا يفنى شبابهم )رواه الترمذي،وحسنه الألباني،
قال ابن القيم رحمه الله عن هذا السن إن فيه من الحكمة ما لا يخفى فإنه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذات،لأنه أكمل سن القوة
فعن معاذ بن جبل،أن النبي صلى الله عليه وسلم ،قال(يدخل أهل الجنة الجنة جرداً مرداً مكحلين أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين سنة )رواه الترمذي، والإمام أحمد،وصححه الألباني،من حديث أبي هريرة،
( جرداً ) الأجرد هو الذي لا شعر على جسده،
( مرداً ) الأمرد هو الشاب الذي لا لحية له،
أعمار الأطفال الذين ماتوا صغار، إذا دخلو الجنة،اتفق أهل العلم على أن مصير أطفال المسلمين، إذا ماتوا هم الجنة،كرامةً من الله تعالى لهم ولآبائهم،
أما حالهم في البرزخ،فالثابت أنهم بمجرد موتهم يُنقلون إلى الجنة،وأن أرواحهم تتنعم فيها في رعاية أبينا إبراهيم عليه السلام،
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال،أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت،فتأوي إلى قناديل معلقة في العرش،رواه ابن أبي حاتم بسنده،
فإذا قامت القيامة،وبُعث الخلق من قبورهم،بعث الأطفال أيضا على حال طفولتهم وصغرهم الذي ماتوا عليه ، فيشفعون لآبائهم ، ويدخلونهم الجنة برحمة الله لهم،
عن أبي حسان قال،قلت لِأبي هريرة،إنه قد مات لي ابنان ،فما أَنْتَ محدثي عن رسول الله بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا،قال،نعم،صِغارهم في الجنة،يتلَقى أحدهم أَبويه،فَيأخذ بِثوِبه،أَو قال بيده،فلا يتناهَى حتى يدخله الله وأباه الجنة)رواه مسلم،
ففي هذا الحديث دليل ظاهر على أن الأطفال يبقون على حال طفولتهم عند البعث والجزاء والحساب،بل حتى السقط الذي نفخ فيه الروح يبقى على هيئته يوم سقط من رحم أمه،
فإذا دخل أهل الجنة الجنة،وأخذوا منازلهم فيها،فذهب بعض أهل العلم إلى أنهم يدخلونها جميعاً،كبارهم وصغارهم،وهم أبناء ثلاث وثلاثين سنة،لا يهرمون ولا يشيخون،ويتنعمون في شبابهم أبد الآبدين،
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم،قال(من مَات من أَهل الجنة وقال من أهل العلم،من الصحابة والتابعين،إلى أن من مات من أطفال المسلمين قبل بلوغ سن الحلم،يكونون خدم أهل الجنة، يطوفون عليهم بالشراب والطعام والنعيم،وأولئك هم المذكورون في قوله تعالى(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ،بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ )الواقعة،
وقوله عز وجل( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا) الإنسان،
ويتعارف الناس في الجنة بأحب أسمائهم إليهم في الدنيا، فأسماعهم محفوظة من اللغو ومن كل ما ينغص النعيم،قال العلامة القرطبي رحمه الله(لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً)أي في الجنة،
واللغو معناه،الباطل من الكلام والفحش،
وليس في الجنة حسد ولا حقد،قوله تعالى(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ)يعني،قلعنا وأخرجنا ما في صدور المؤمنين من غش وحسد وحقد وعداوة كانت بينهم في الدنيا،فجعلناهم إخواناً على سرر متقابلين لا يحسد بعضهم بعضاً،
ومعنى نزع الغل،تصفية الطباع وإسقاط الوساوس ودفعها،
فنسأل الله العلي القدير بمنّه وكرمه أن يجعلنا من أهل الجنة،وأن يعيننا على العمل بدينه حتى نلقاه وهو راضٍ عنَّا،إنه أرحم الراحمين،
اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
