ضبط معدلات التضخم أبرز استحقاقات الفترة المقبلة
تحسين مؤشرات اقتصاد منطقة اليورو يتطلب المزيد من الإصلاح





توقع تقرير صندوق النقد الدولي عن أوروبا أن يكون مستقبل منطقة اليورو التي تضم 13 دولة هو التحول نحو الأفضل، إلا أن هناك تحديات لابد من معالجتها مع تزايد الحاجة إلى الإصلاحات لضمان تحقيق النمو على المدى الطويل، وقال التقرير إن اقتصاد منطقة اليورو يتأرجح، والنمو حالياً بنسبة 5.2% ومعدل التضخم أقل من 2%.


وقال التقرير أن الشؤون المالية للحكومات الأوروبية أفضل حالاً الآن مقارنة ببضع سنوات مضت حيث أن الشركات تتوسع ومعدل البطالة في انخفاض. وهذه النتائج هي ثمار البيئة الخارجية الصالحة وظروف تمويل مواتية وسياسات جيدة بشكل عام.


والوضع الخارجي لمنطقة اليورو يبدو جيداً أيضاً وبرغم الارتفاع الأخير في سعر اليورو فإن الصادرات سجلت أداء جيداً والحساب الجاري الحالي مع بقية أجزاء العالم متوازن، وبصفة عامة فإن الوضع الخارجي لمنطقة اليورو والعملة الموحدة في إطار يناسب الأساسيات الاقتصادية.


وتوقع الصندوق أن يستمر نمو منطقة اليورو بنسبة 5.2% خلال العام الجاري والعام المقبل وأن يصاحب ذلك مكاسب صحية على صعيد التوظيف بفضل إصلاحات في سوق العمل والرعاية الاجتماعية والهجرة، والمخاطر التي تهدد هذه التوقعات ضئيلة ويمكن حتى اهمالها.


لكن بعض المفاجآت السلبية قد تحدث على المدى القصير خاصة إذا تأثرت البيئة الخارجية بشكل غير متوقع. ورغم ذلك فإن الاقتصاد الأوروبي يسجل أداءً هو الأفضل منذ سنوات لكن الدول الأعضاء لا تزال تواجه تحديات مما لا يترك مجالاً لصناع السياسة للرضا عن الوضع الحالي.


وستكون مهمة صناع السياسات المالية العمل على استقرار معدل التضخم تحت 2%، وهذا قد يحتاج إلى رفع معدل الفائدة، ويبلغ سعر الفائدة حالياً 4% فيما يعتبر في المنطقة المحايدة. لكن متطلبات الأجور قد تؤدي إلى تراجع معدلات التوظيف. وإذا قررت الشركات تحميل التكاليف في زيادة الأجور على المستهلك سوف يتبع ذلك ظهور ضغوط تضخمية.


ويشكل توقيت وكيفية رفع معدل الفائدة لمواجهة هذه التطورات تحدياً أمام البنك المركزي الأوروبي، الذي يحدد السياسات النقدية لمنطقة اليورو، وسوف يعتمد ذلك على الأجور من ناحية ومدى تحسن المعروض من العمالة والسلوك السعري للشركات ونمو الإنتاجية.


والتحدي الرئيسي أمام السياسة المالية هو الحفاظ على قوة رفع تحسين السياسة المالية العامة. وحتى الآن فإن النتائج المالية قوية. وتوضح المقاييس أن عجز منطقة اليورو انخفض إلى 1% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2006.


وأعلن وزراء مالية دول المنطقة، النية في استغلال هذا التحسن وتحقيق أهداف الميزانية على المدى المتوسط على أن يصلوا إلى تحقيق فائض بحلول 2010 على الأقل. لكن مع مناخ التأرجح، تتزايد الضغوط لإبطاء التعديلات ويرتفع الإنفاق خاصة في الدول الرئيسية التي لم تبدأ الخطوات نحو تحقيق الأهداف المرجوة في الميزانية.


وفي ظل هذا الوضع ينبغي على صناع السياسية ان يعرفوا انه من المنطقي تكامل السياسة المالية في أوقات الرغد خاصة وان الإنفاق على السكان الذين تتزايد أعمارهم سوف يتسارع بحلول 2010. ويرجع وضع الموانئ الحالي إلى بعض الإجراءات والإصلاحات التي جرت خلال السنوات القليلة الماضية. ورغم انه تم تحقيق الكثير إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الإصلاحات التي سوف تساعد في تحقيق النمو على المدى الطويل.


من الناحية الهيكلية التحدي الأساسي هو الجمع بين رفع الإنتاجية وتوظيف مزيد من العمالة. وأدت الإصلاحات في سوق العمل إلى تحسين اداء التوظيف لكن لايزال هناك كثير من الإجراءات مطلوب لرفع مشاركة العمالة وزيادة حوافز العمل. ولايزال أداء الإنتاجية في منطقة اليورو ضعيفاً خاصة في قطاع الخدمات. ويعني ذلك ان المنافسة في الأسواق الوطنية لابد أن تأخذ نصيباً أكبر.


وورقة الخدمات في الاتحاد الأوروبي هي خطوة مهمة في هذا الاتجاه واذا تم تنفيذها بأمانة سوف تساعد الدول الأعضاء على رفع الانتاجية في قطاع الخدمات. وتحتاج الدول الأوروبية بصفة عامة إلى تنفيذ الوعود التي قطعتها في إطار أجندة لشبونة لتحسين توقعات النمو الأوروبي على المدى الطويل.


وتكامل القطاع المالي من المجالات التي تساعد في تعزيز النمو أيضاً. وكان القطاع المالي في السنوات الأخيرة يشكل نصف الفجوة في نمو الإنتاجية مقارنة بأميركا. وبالتالي سوف تكون فوائد النمو في هذا التكامل كبيرة لهذا القطاع، وينبغي على الدول الأعضاء ان تترك فرصة أكبر لقوى السوق في قطاع الخدمات المالية بالتجزئة وتزيد من تحرير أسواق المال.


وتحقيق نمو في هذا المجال يتطلب التنفيذ المتوازن لخطة عمل الخدمات المالية في أوروبا والتكامل في الهيكل المالي بين الدول الأعضاء. ولابد أن يتوازى تحرير القطاع المالي مع رؤية تكاملية أفضل لاطار الاستقرار المالي في منطقة اليورو. وقد يساعد التركيز الأكبر على المسؤولية والاعتمادية في حل مشكلات بين مؤسسات مالية في الدول الأعضاء وبعضها.


وباختصار يستطيع صناع السياسة في منطقة اليورو ان يفخروا الان والمتوقع ان تستثمر أوقات الرغد لكن الوقت الان مناسب أيضاً لحل مزيد من المشكلات العويصة في سوق العمل والخدمات والقطاع المالي حتى تكون أوروبا مستعدة لمواجهة التحديات الكبيرة من ارتفاع أعمار السكان.