تقرير 'ماكينزي' يحذر من مخاطر مستجدة على النظام المالي العالمي (2-2)
وسطاء المال الجدد يفرضون قواعدهم على أسواق العالم





21/11/2007 تعريب وإعداد: رزان عدنان
تعرض 'القبس' الجزء الثاني من تقرير معهد 'ماكينزي' الذي يتحدث عن نمو اربعة عوامل اقتصادية بشكل مطرد عالميا. التقرير هو خلاصة دراسة اعدت عن تأثير نمو البترودولارات والبنوك الآسيوية المركزية وصناديق الاحتياط والملكيات الخاصة على الاسواق العالمية، اذ تعمل هذه القوى الاربع على تأمين مصادر جديدة للسيولة في الاسواق على الرغم من امكان خلقها بعض المخاطر الاضافية مثل تضخم اسعار الاصول وارتفاع سعر المال. في ما يلي الجزء الثاني والاخير 'عن العوامل الاربعة الجديدة المتنامية'، على الرغم من جميع مزايا القوى الاربع الجديدة، الا ان ظهورها ايضا يفرض مخاطر جديدة للنظام المالي العالمي. وتوفر دراسة 'ماكينزي' بعض الادلة التي يجب ان تساعد على تحديد معيار النقاش العام حول هذه العوامل.
قد تساهم السيولة الجديدة التي وفرتها البترودولارات والمصارف المركزية الآسيوية في تضخم اسعار الاصول والاقراض، بصورة مفرطة.
وجد تقرير 'ماكينزي' دليلا على ان فقاعة اسعار الاصول في اسواق الاسهم، قد عكست في الغالب ارباح الشركات المتزايدة (تراجعت معدلات السعر الى الربح فعليا في الولايات المتحدة واليابان خلال الأعوام القليلة الماضية، وفي أوروبا ارتفعت بعض الشيء.
لكن القلق قد يكون مبررا بشكل أكبر في الأصول غير السائلة مثل العقارات.
وتبعا ل 'إيكونوميست إنتليجنس يونيت' فإن قيم العقارات في البلدان المتطورة زادت 30 تريليون دولار بين عامي 2000 و2005، بعيدا عن تجاوز نمو اجمالي الناتج المحلي
وقد يكون المستثمرون أصحاب الثروات البترولية قد ساهموا بهذا الارتفاع في بعض الأسواق من خلال مشترياتهم العقارية.
والاهم من ذلك، أن المصارف المركزية الآسيوية والبترودولارات ساعدت في خفض معدلات الفائدة الأقل، قرابة عشرة أعوام وحتى الفترة ماقبل شهر يوليو من العام الجاري.
التأثيرات غير الاقتصادية

المسألة الأخرى التي قد يراعيها المسؤولون في المصارف المركزية الآسيوية وصناديق الثروات السيادية التي تكونها البترودولارات هي تقديم عنصر الاعتبارات السياسية في استثماراتها.
وقد أظهر الدليل أن هاتين الجهتين ركزتا على العوائد وتصرفتا بحذر وحيطة - على الرغم من استقطاب مديري أصول من الخارج في غالب الأحيان، وذلك لتجنب تزعزع الأسعار.
ومع ذلك، اشارت بعض صناديق الثروات السيادية في المناطق المصدرة للنفط الى نيتها التحول من كونها مجرد دول مستثمرة ضخمة الى الاستحواذ على اسهم في الشركات الأجنبية بشكل أكبر.
خطر التحوط

يزيد الحجم الضخم والفعالية المالية العالية والاستثمارات غير السائلة المتزايدة لصناديق التحوط من إمكاناتها لخلق عامل مؤثر قد يسبب فشل بعض المصارف الاستثمارية الكبيرة التي تقرض هؤلاء.
ويذكر تقرير 'ماكينزي' أن بعض عمليات التطوير في صناديق التحوط قد خفضت المخاطر على مدى الأعوام العشرة الماضية لكنها لم تلغها بالتأكيد.
فمن ناحية تبنت صناديق التحوط استراتيجيات تداول اكثر تنوعا، كما بدأت بعض أكبر هذه الصناديق برفع رأس المال الدائم في أسواق الاسهم والسندات التي ستعزز من قدرتها على ملاءمة الانهيارات التي قد يتعرض لها السوق من دون ان تجبر على البيع.
الملكيات الخاصة

تقف صناديق الثروات الخاصة او 'الاسهم الخاصة' عاملا وراء النمو الدراماتيكي للدين ذي العائد المرتفع في الاعوام الاخيرة، وهذا ما قد يكون خطرا ائتمانيا متزايدا في الاسواق المالية.
ويظهر هذا التحليل ان عجز هذه الصناديق وحدها قد يرفع التكلفة على المستثمرين وقد يودي ببعض الشركات لمرحلة الافلاس.
لكن صناديق الثروات الخاصة غير مرجحة لتفرض مخاطر تنظيمية للاسواق المالية.
هذا وتمثل الثروات الخاصة 11 في المائة من اجمالي قروض الشركات في الولايات المتحدة واوروبا، وحتى لو ارتفعت معدلات العجز في قروض صناديق الاسهم الخاصة الى 50 في المائة فوق المستويات التاريخية فإن الخسائر قد تمثل 7 في المائة من اصدار القروض الجماعية في الولايات المتحدة لعام 2006.
علاوة على ذلك، تتجه صناديق الثروات الخاصة للاستثمار في الشركات الثابتة نسبيا، لتحد من اثار الانهيار الاقتصادي في ادائها.
مصادر سيولة جديدة

تتمتع القوى الاربع الجديدة بمميزات خاصة، فاصحاب البترو دولارات والمصارف المركزية الاسيوية ليسوا مستثمرين، من الحجم الكبير فقط بالاسواق المالية، بل هم ايضا مصادر جديدة للسيولة.
اما صناديق التحوط والاسهم الخاصة فهي انماط جديدة للوسطاء الماليين، وتوفر تنوعا للمستثمرين من خلال السعي وراء عوائد غير مرتبطة بعوائد اسواق الدين والاسهم. وهذه القوى الاربع مجتمعة تعيد تشكيل اسواق المال العالمية بطرق خاصة.
فلكل واحدة منها تمثل مصدرا جديدا وكبيرا من السيولة مع آفاق استثمارية طويلة المدى اكثر من اصحاب الاستثمارات التقليدية.
وباستثناء المصارف المركزية الاسيوية، فان جميع القوى تسعى وراء مخاطر اعلى الى جانب عوائد اعلى.
وتلاحظ مساهمة هذه العوامل بتنويع قاعدة المستثمر وتوسيع الاسواق الخاصة لرأس المال، اضافة الى توفيرها الابتكار المالي، الذي يمكن من توزيع المخاطر بفعالية وكفاءة اكبر ونشر السيولة في آسيا والاسواق الناشئة الأخرى.
نمو المنتجات الإسلامية

يمثل المستثمرون اصحاب الثروات النفطية اكبر اللاعبين الاربعة الجدد اذ تبلغ قيمة اصولهم المالية الاجنبية ما بين 3.4 تريليونات دولار و3.8 تريليونات دولار، وهم عبارة عن مجموعة متنوعة تشمل صناديق الثروات السيادية والافراد اصحاب الثروات الخاصة والمصارف المركزية، وجغرافيا، تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الست اكبر مصدر للبترولارات حيث تبلغ اصولها الاجنبية ما بين 1.6 تريليون دولار الى 2 تريليون دولار.
لكن هناك مصدرين آخرين كبار للنفط في العالم، منهم النرويج وروسيا ونيجيريا وفنزويلا واندونيسيا وتبلغ اصولهم 1.5 تريليون دولار.
من ناحيته، عزز نمو البترودولارات من السيولة في اسواق العالم المالية، وبسبب آفاق الاستثمار طويلة المدى لهم وتفضيلهم للمخاطر فقد ساهم اصحاب البترودولارات ايضا بتعزيز نمو صناديق التحوط والثروات الخاصة. وفي الاعوام المقبلة، سيساهم نمو مستثمري البترول بتسريع تطوير الاسواق المالية ليس فقط في انظمتهم المالية المحلية، خاصة في الشرق الاوسط، بل ايضا في اسيا والاسواق الناشئة الاخرى، كما ستساهم زيادة تدفق البترودولارات في نمو سوق المنتجات المالية الاسلامية الصغيرة حاليا وتوجيه هذا النمو لاحقا.
العمالقة الجدد

تبلغ قيمة اصول الاحتياط الاجنبي للمصارف المركزية الآسيوية 3.1 تريليونات دولار حتى نهاية 2006.
وساهمت المحركات الاساسية في نمو اصولها عبر ارتفاع الفوائض التجارية في المنطقة ترافقها سياسات نقدية حكومية وبشكل اكبر من البترودولارات فإن اصول هذه المؤسسات تتركز في ايدي لاعبين قليلين.
ويعزى سبب النمو السريع للاصول الاحتياطية لهذه المصارف الى ارتفاع فوائض الحساب الجاري الى جانب سياسات معدل الصرف التي صممت لتمنع التقدير السريع لعملاتها، وبالرغم من ان فوائض الحساب الجاري في الصين ستنخفض بشكل واضح 180 مليار دولار في 2006 الى 61 مليار دولار في ،2012 ستبقى فوائض بنك اليابان المركزي ثانية، فإننا نرى ان الاحتياطي الاجنبي الآسيوي يزداد الى 5.1 تريليونات دولار في 2012.
واذا فرضنا بدلا من ذلك ان الفوائض الآسيوية ستستمر بالتوسع في المعدلات التي شهدناها ما بين 2000 و2006، فإن الاحتياطات الاجنبية قد تصل الى 7.3 تريليونات دولار في عام 2012.
ارتفاع أسعار النفط

تستمر اصول البترودولارات التي عززتها وبقوة اسعار النفط بمرحلة النمو المهمة حتى لو وصل سعر برميل النفط الى 30 دولارا، ويرى تقرير 'ماكينزي' ان الطلب العالمي على الطاقة يفرض قاعدة تقوم على اساس ان سعر البرميل 50 دولارا، كما في هذه الحالة قد تنمو الاصول المالية الاجنبية للبترودولارات الى 389 مليار دولار سنويا، واكثر من مليار دولار يوميا، اي 5.9 تريليونات دولار في ،2012 ومع وصول سعر البرميل الواحد الى 70 دولارا في اغسطس لهذا العام، فإن الاصول الاجنبية للبترودولارات مرجحة ان تنمو الى 2 مليار دولار يوميا لتصل الى اجمالي 6.9 تريليونات دولار في 2012.
التشريعات القانونية

اذا فرضنا عدم وجود تغيرات في التشريعات التي تحد من نمو صناديق التحوط والثروات الخاصة فإن طلب المستثمرين سيكون العامل الاكثر اهمية من حيث حجم اصول هذه الصنايق، فالبراهين الحالية، تشير الى ان طلب المستثمرين على صناديق التحوط والثروات الخاصة مرجح ان يستمر حتى الأعوام القادمة.
وهذا الحكم مبني على قاعدة ترجح نمو مستمر لثروة المستثمرين اصحاب الثروات المرتفعة، اضافة الى ان المستثمرين من المؤسسات يتجهون لزيادة حصتهم من صناديق التحوط والاسهم الخاصة في محافظهم المالية.
وتظهر دراسة حديثة ان صناديق التقاعد العالمية تنوي زيادة مخصصاتها لصناديق التحوط من 6 في المائة الى 8 و9 في المائة، كما سترتفع مخصصاتهم في صناديق الثروات الخاصة ايضا. وحتى لو بقيت حصص توزيع المستثمر ثابتة، فإن التوقعات على صناديق التحوط والثروات الخاصة قد تستمر بالارتفاع مع نمو اصول المؤسسات.
من ناحية اخرى، اذا شهدت صناديق التحوط والثروات الخاصة عوائد منخفضة على مدى اعوام عدة، فإن المستثمرين سيصبحون غير مقبلين على دفع رسوم مرتفعة على هذه الصناديق، علاوة على ذلك من المرجح ان يسبب اضطراب الاسواق المالية الذي بدأ منتصف العام الجاري هزة في الصناعتين.