وصفوها بأنها مبالغ فيها.. مواطنون: السجن أرحم من الغرامات المرورية
| تاريخ النشر:يوم الخميس ,22 نوفمبر 2007 2:01 أ.م.
تصعيد المخالفات ليس الحل لمشكلة الحوادث
ناهد العلي :
في سابقة غير مألوفة، وفي حملة مشددة لضبط «المرور»، فرضت غرامات «مضاعفة»، ما زال المجتمع القطري يضج بها؛ حيث اعتبرت 79% من مشاركات استطلاع رأي أجرته الشرق أنّ «المخالفات المرورية الجديدة غير عادلة».
الشرق تفتح مجدداً الملف «الصعب»، ألا وهو المخالفات المرورية التي يـُعتقد أنها ستساهم في ضبط النظام وإنقاص عدد الوفيات على الطرق، لكنها في ذات الوقت أصبحت حملاً أضيف إلى كومة الأحجار التي تثقل كاهل المواطنين مهما كانت معاشاتهم.. فمخالفة السرعة حتى ولو بكيلومتر واحد بالساعة، هي 300 ريال، وقطع الإشارة 3000 ريال، والسير باتجاه معاكس 50 ألف ريال.. ناهيك عن الرادارات التي تملأ شوارع الدوحة دون معرفة أسماء هذه الشوارع، أما عن الطرق المحفرة التي سـدت اتجاهاتها المعاكسة فحدث ولا حرج.
ورغم ذلك فهناك شريحة تساند «الغرامات الجديدة»، لكن الأغلبية تعارضها، حيث أوضح يوسف السليطي - مواطن - أنّ «هناك مبالغة في قيمتها»، فهو يطالب بأن تكون عقوبة الاتجاه المعاكس لأول مرة خمسة آلاف أو أربعة آلاف ريال وليس خمسين ألف ريال دفعة واحدة.
مخالفات ظالمة
وأضاف «جزى الله الذين وضعوا المخالفات كل خير، لكن المخالفات الجديدة ظالمة، فمن الممكن الاكتفاء بسحب السيارة أو الرخصة أما خمسون ألف ريال فكثير جداً.. أما عن صيد الرادار للسيارات بزيادة كيلو متر واحد بالساعة عن المعدل المسموح، فيعني أنّ السائق قد يدفع في نهاية اليوم 3000 ريال ثمناً لمخالفات الرادار فقط».
وذكر أنّ «القوانين جيدة، وهو يقدرها بالنسبة للحزام والتجاوز من على اليمين وحتى السرعة ولكن دون مبالغات»، منوهاً إلى أنّه «رغم العقوبات الجديدة، استمر بعض الناس بالمخالفة، ومازال الاستهتار موجوداً، مما يؤكد أنّ تصعيد المخالفات ليس هو الحل».
وتساءل «من أين سيأتي القطري بكل هذه الأموال، هل عليه أن يبيع سيارته أم بيته ليسدد المخالفات المرورية؟!»، مضيفاً «بصراحة هذه المخالفات ظلم كبير».
حزام الأمان
وأشار إلى أنّ «النساء أكثر استهتاراً فيما يتعلق بوضع حزام الأمان، وإذا ذكرهن أحد ما بربطه نهرنه»، حسب رأيه.
الجدير بالذكر أنّ السليطي قد تعرض لعدة حوادث سيارات، أدت إلى فقدانه لأصابعه وقطع ساقه.
مجحف
من جهته، وافق محمد العتيق، رئيس الجمعية القطرية للفنون التشكيلية رأي السليطي، وقال «ما عرفناه عن قانون المرور الجديد أنّه مجحف جدا، وأعتقد أنّه مبالغ فيه جداً جداً.. ولو كل واحد غلط مرة أو مرتين، سيـسجن، سيؤدي إلى سجن كثيرين».
وأضاف أنّ «رب الأسرة قد يكون باسمه عدة سيارات.. فلو فرضنا أنّ رب أسرة ما سافر إلى السعودية ومعه أسرته، ليفاجأ أنّه ممنوع من الخروج حتى يدفع مخالفاته المرورية، مما سيخلق إشكاليات، وذلك حسبما سمعت».
وقال «أطالب إدارة المرور بتوضيح قواعد تطبيق المرور الجديد».
وأضاف أنّ منع السفر «من الممكن تطبيقه على المقيم لأنّه قد يخرج من البلد ولا يرجع، أما بالنسبة للمواطن فهذا أمر لا أحبذه، فالمواطن سيرجع إلى بلده، مما يعني أنّ دفع المخالفات مضمون ولا داعي لتحصيلها في المنافذ المرورية».
تفضيل السجن
وأضاف أنّ «بعض الناس سيفضلون السجن على دفع الغرامات المرورية لأنها كبيرة جداً، فلا يمكن أن يستطيع الجميع دفعها».
وقال «كنا نفضل تقييم المخالفات بأسلوب جمع النقاط، قطع السائق الإشارة مرة أم أكثر.. سهواً أم متعمداً.. هل سرعته زائدة ومتعمد المخالفة أم أنّ سرعته هي 85 كم بالساعة في شارع حددت سرعته بـ 80 كم بالساعة.. فهل يعقل أن يحاسب من سرعته 120 كمن سرعته 81 كم بالساعة؟!».
وأضاف «هناك كثير من الأمور غير الواضحة، فمثلاً بالنسبة للتجاوز من اليمين.. هناك سائقون يجبرون الآخرين على تجاوزهم من اليمين لأنهم يسيرون بسرعات بطيئة للغاية».
وقال إنّ «القوانين المرورية يجب أن تكون سلسة حتى يتقبلها الناس بسعة صدر، فالمفروض أننا نحب تنفيذ القوانين المرورية وليس أن ننفر منها، نريد الالتزام ولكن في القانون أشياء مجحفة تكره الناس فيه وتجعلهم عنيدين».
ميزانية المرور
وأشار أحد المواطنين إلى «اعتقاده بأنّ المخالفات المرورية الباهظة ستدعم ميزانية المرور وخزانته».
في ذات السياق، ووفقاً للإحصائيات، ومنذ عام 2001، وصلت حالات الوفاة على الطرقات إلى 85 حالة ، لترتفع في عام 2002 إلى 142 حالة و159 حالة في عام 2003 و164 بعام 2004 و206 في عام 2005 ثمّ لتنخفض بعد ذلك بسبب حملات التوعية.
وفي عام 2003، شهدت قطر 159 حالة وفاة بحوادث الطرق بمعدل 23 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص، وهي نسبة مرتفعة جداً مقارنة بالمعايير الدولية، في حين لا يتعدى هذا المعدل في بعض الدول 7 حالات لكل 100 ألف شخص، هذا فضلاً عن 3740 إصابة بمعدل عشر إصابات في اليوم الواحد.
الشريحة الشبابية
وحسبما أكدت إحدى الدراسات أن كل حالة وفاة يقابلها ثلاث حالات إعاقة دائمة وأن الفئة العمرية من 15 إلى 42 سنة تشكل 79% من ضحايا حوادث السيارات، كما أنّ قطر خسرت منذ عام 1980 إلى عام 2003 ألفاً و637 مصاباً بحوادث الطرق و2357 منهم متوفى، نتيجة وقوع 63 ألفاً و662 حادثاً مرورياً.
وحسب إحصائيات قسم الطوارىء بمؤسسة حمد، شكلت حوادث الطرق 79% من المراجعين في عام 2004، حيث استقبلت الطوارىء في هذا العام 4507 إصابات ناتجة عن الحوادث، ليحتل الشباب نسبة عالية منها، بلغت 89% من حالات الوفاة.
وعلى المستوى الاقتصادي، تخسر الدولة ملياراً و45 مليون ريال سنوياً بسبب حوادث الطرق بمعدل 1643 ريالاً سنوياً لكل فرد، ولو استمر الوضع بهذا المعدل سترتفع خسائر الدولة إلى مليار و800 مليون ريال.
عادلة
من جهته، اعتبر عبد المحسن الجلابي أنّ «الغرامات المرورية الجديدة عادلة بنسبة 200%»، مفسراً أنّه «كمواطن يهمه مصلحة البلد، لا يحب رؤية الاستهتار على الطرقات، وخصوصاً بالنسبة للشاحنات». وأضاف أنّ «الشاحنات تنتظم على طريق أبو ظبي حتى تعبر أبو سمرة إلى قطر، لتسوق بطريقة رعناء»، منوهاً إلى أنّه «على المواطنين أخذ أرقام السيارات المخالفة وتبليغ الشرطة».
ردع الشباب
وقال عن «الغرامات المالية المرتفعة إنّها يجب أن تردع الشباب، فلماذا يدخل البعض في شارع عكس اتجاه السير! وما أهمية الخمسين ألف أو الستين ألف ريال أمام ضياع حياة إنسان!». وأضاف أنّه «إذا كانت العلامات المرورية واضحة، فلماذا لا يتبع المرء النظام! وأحبذ أن تكون الرادرات في جميع شوارع الدوحة».
المواطن قبل الأجنبي
وذكر أنّ «على المواطنين تطبيق النظام قبل الأجانب، فعلى سبيل المثال عندما يخالف ابني النظام لا أعطيه مفتاح السيارة مرة أخرى». ولفت إلى «ضرورة وضع الداخلية والشرطة العلامات المرورية أولاً بأول لدى فتح شارع أو إغلاقه». وقال إنّ «شاحنة في أوائل أيام العيد، شوهدت مقلوبة على طريق الكورنيش بسبب السرعة، فلو كان بجانبها عائلة لا سمح الله.. ماذا كان مصيرهم!.. فالشاحنات يجب ألا تمر على الكورنيش وإنّما عبر طريق خاص من وراء الغرافة».
الجدير بالذكر أنّ الشرق أجرت استطلاعاً للرأي حول المخالفات المرورية حيث رأت 79% من المشاركات أنّ خمسين ألف ريال، غرامة مرورية غير عادلة، بينما وجدت 17% منها أنّها «عادلة»، لتقف 4% على الحياد.